الخميس، 13 أغسطس 2009

خمير...يسعى لالتماس الحقيقة وراء الظاهر



*ناصر خمير .. أقدم أفلاما تنتمي للحضارة الإنسانية

*

كرم المخرج التونسي البارز ناصر خمير في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول

البحر المتوسط. وقال الخميري, الذي كرم في مهرجانات بالعالم العربي وخارجه,

إنه فوجئ بتكريمه لكن السينمائيين المصريين لم يدهشوا لهذه الحفاوة إذ

أشادوا بأعماله منذ فيلمه الأول عام 1984.

وقال المخرج التونسي في ندوة عقب عرض فيلمه (بابا عزيز) إنه يحكي بالكاميرا

أو يعيد ترتيب الحكايات القديمة أو الجديدة غير مبال بتداخل الأزمنة أو

رموز من الحضارات لأنه يريد أن يقدم أفلاما تنتمي إلى الحضارة الإنسانية.

وأضاف أنه يتعامل مع السينما بنوع من العشق وروح الهواية رغم ما تعرضه له

من خسارة مادية إذ أنفق من ماله نحو 100 ألف دولار لكي يخرج (بابا عزيز)

وأنه لا يكسب عيشه من السينما إذ يقيم في فرنسا ويعمل كاتبا ومحاضرا ومصورا

ونحاتا وهذا أحد أسرار اهتمامه باللون ودرجته وحساسيته في تكوين كل مشهد

بأفلامه التي يعتبرها كثير من النقاد لوحات تشكيلية.

والمهرجان الذي اختتمت دورته الخامسة والعشرون الاثنين عرض ثلاثية خمير وهي

(الهائمون) و(طوق الحمامة المفقود) و (بابا عزيز) التي أنجزها في نحو 20 عاما.

واعتبره نقاد عرب وأجانب "صاحب مكانة وعبقرية وتفرد... إنه علامة فارقة في

تاريخ السينما العربية محققة موقعا جديدا لها إلى جانب (المصري) الراحل

شادي عبد السلام صاحب (المومياء)" كما قال الناقد والمخرج المصري سيد سعيد.

وقال سعيد الذي أدار الندوة في دراسة طويلة شغلت 65 صفحة في كتاب أصدره

المهرجان بمناسبة تكريم خمير إن المخرج التونسي في هذه الثلاثية كان "ينصت

إلى صوت داخلي ملحاح يقف على مشارف إشراقات صوفية ذات طبيعة جمالية حسية

ومعرفية...إنها أفلام تسعى إلى تأسيس عالم جديد جوهره الحب" مستشهدا على

ذلك بمفاتيح لقراءة الأفلام منها أن "الطريق إلى الله متعدد بعدد نفوس

الخلائق" وهي جملة يصدر بها فيلم (بابا عزيز) الذي كتبه عام 1993 ولم يتمكن

من إخراجه بسبب ظروف الإنتاج إلا بعد نحو عشر سنوات.

و

قال خمير في مقدمة الكتاب إن خياله منذ الصغر امتد في مساحة بين قطبين هما

الحكاية والسينما التي استوعبت كل العناصر والفنون "ووفقت بين الجسم والروح

في نفس الوقت...لقد جعلت مني الحكاية إنسانا بلا حدود...قررت أن أكون راويا

سعيا إلى مقاومة نسيان."

ولكنه في الندوة نفى أن يكون صوفيا وإنما يصنع فيلما إنسانيا يمكن أن

يتلقاه مشاهد عربي أو غربي أو من الشرق الأقصى كأنه يخصه وهذا ما لمسه من

ردود أفعال المشاهدين أينما تعرض أفلامه.

وقال إن جمهور أفلامه "أي شخص تتواصل معه هذه الأفلام.. فانتمائي إلى

الإنسان.. إلى الجماليات التي تتجاوز حدود الثقافة المحلية" مضيفا أن

الثقافة العربية تدعي أنها تمتلك الحقيقة ولم تعد حضارة سؤال.

وشدد على أنه يسعى لالتماس الحقيقة وراء الظاهر وأن كثيرين لا ينتبهون إلى

دلالات كثيرة في حكايات قديمة ضاربا المثل بحكاية المرأة التي ذهبت إلى

مصور في بغداد طالبة أن يرسم لها صورة للشيطان فقال إنه لن يستطيع لأنه لم

يره فخرجت وقابلت الجاحظ وعادت به إلى المصور وقالت له.. "مثل هذا" وانصرفت

ولم يفهم الاديب العراقي إلا بعد أن شرح له المصور ما طلبته المرأة.

وقال خمير إن الذين رووا الواقعة وشرحوها ركزوا على أمور ليس منها مكانة

المرأة العربية والموقف الحضاري منها في تلك الفترة المبكرة التي كان يوجد

فيها مصورون يعملون بأجر.

وأضاف أنه كتب فيلما عن الأندلس ويتمنى أن يصور في الهند "التي تتشابه مع

الأندلس في كثير من الوجوه أكثر من كثير البلاد العربية" على عكس ما يظن البعض.

وشدد على خلود الفن وزوال ما سواه متسائلا "هل يذكر أحد الوزير الأول (رئيس

الوزراء) في مصر حين كتب طه حسين (الأيام).. ومن يذكر الباي (الحاكم) في

تونس حين كتب أبو القاسم الشابي (الخيال الشعري عند العرب

ليست هناك تعليقات: