الأربعاء، 12 أكتوبر 2011





كلاسيكيات عالمية

مدينة بلا أبواب

1. يشكل النقاد كثيراً في هذا الفيلم ، فهناك قسم كبير منهم يراه فيلما دعائياً يتناسب مع أطروحات سياسية ودعوات بدأت في الظهور مبكرا مع إعلان هتلر عن نفسه بوصفه الزعيم المنتظر لألمانيا ومحقق عظمتها ، بل ومنقذها الذي لا بديل له . والحقيقة أن هذا الإدعاء لا يتماشى مع الواقع ، فقد أنتج هذا الفيلم عام1925 وفي ذلك الوقت لم يكن يتصور أحد أن هتلر سوف يصل إلى السلطة وبل كان شخصية غير معروفة ، ومن غير المناسب القول بأن فيلم كامل قد أنتج ليكون مجرد دعاية لأقواله ، ولا سيما إذا كان المخرج هو فرتيز لانغ والذي أشتهر بأفلامه الناجحة وأهمها فيلم (الدكتور مابوز) في جزئين طويلين عام 1922 وقبل ذلك في عدد من الأفلام الصامتة .

إنه فيلم(متروبوليس) لمخرجه فرتيز لانغ ، والذي يُعدُ من أهم الأعمال السينمائية في عصر السينما الصامتة والذي اعتبر أيضاً من أهم روائع السينما .

لقد أخرج فرتيز لانغ عدة أفلام في ألمانيا ومنها فيلم ( الملعون ذو العلامة) عام 1931 وقد كان فيلما مليء بالتشاؤم لأنه يعتمد على فكرة الترويع والخوف ضد الشباب والأطفال ، ومما يعكس وجهة النظر الإيجابية ، أن الفيلم يصور فرقة نازية وهي تخيف الناس في مشاهد تميل إلى السواد وكأن الرعب القادم سيكون كبيراً وأشد قسوة .

2. من أفلام فرتيز لانغ أيضا ( غضب ـ 1935) وهو فيلم أخرجه في أمريكا بعد فراره من ألمانيا ، هناك أيضاً فيلم شهير وهو ( إنك تعيش مرة واحدة 1936) وفيلم (وزارة الرعب ـ إنتاج 1944 ) ، وكذلك فيلم ( الجلادون يموتون أيضاً 1943) وهو فيلم تعاون فيه مع الكاتب المسرحي بيرتولد بريخت ويعد من أفضل الأفلام السياسية .

أما من حيث الجاذبية فلا يوجد فيلم يتشابه مع (الشارع القرمزي 1945) فهو يشكل البدايات الأولى لأفلام الجريمة السوداء ، وهذا ينطبق أيضاً على فيلم (الحرارة الكبرى 1953) وهو من أوائل الأفلام التي تتعرض إلى فساد رجال الشرطة .

بالطبع لابد من ذكر ذلك الفيلم الفلسفي الغامض(بيت عند ضفة النهر 1949) وهو يعتمد في قصته على الأطفال ، كما حدث في الفيلم السابق (الملعون ذو العلامة ).

إن للمخرج فيرتز لانغ أفلام كثيرة وقد ارتبط باسمه بذلك النوع الذي عرف باسم (سينما نوار) أو الفيلم الأسود ، وقد توصل إلى ذلك بعد عمل دؤوب في المسرح والسينما وفي عواصم كثيرة بداية من برلين إلى باريس وفيينا وهوليوود ومن السينما الصامتة إلى السينما الناطقة .

وإذا تحدثنا عن فيلم (متروبوليس) ،، سوف نجد أن التأويل هو سيد الموقف ، ذلك أن الفيلم من النوع الصامت ولا توجد به إلا لوحات تظهر بين الحين والآخر ، مع موسيقى تعبّر عن المشهد ولا تفسر ما فوق ذلك .

يعتبر الفيلم على الديكورات وعلى تصميم هذه الديكورات بفضل هندسة المناظر ولو تلك المشاهد التي تظهر عظمة المدينة ما كان للفيلم تأثير كبير ، فضلاً عن أن العنوان نفسه يعني المدينة الضخمة ، وهو أمر أظهر الفيلم بجلاء واضح .

في داخل هذا البناء الضخم توجد فئة مسيطرة بارزة تقود مجتمع متروبوليس ويدير شؤونها العقل المدبر جون فريدسون ، وهو نفسه والد الشخصية الرئيسية (ميتليد) والذي يكشف بأنه يعيش في جنة ممتعة ، بينما هناك أشقياء يعيشون في أسفل المدينة ، أنهم العمال الذين يستفاد منهم ويدعمون بعملهم كل نشاط اقتصادي ولكنهم لا يلقون إلا البؤس والحرمان .

3. يعشق ميتليد فتاة من هذه الطبقة (ماريا) تعيش في العالم السفلي ، وتتيح له أن يرى بنفسه الواقع الصعب ، ويهدد أباه بالانفجار ويصل الطرفان إلى الشقاق ، وفي الآخر تقوم ثورة ضد الأب يشارك فيها الابن وقودها فتاة تدعى (ماريا) ، نجدها من ناحية فتاة فعلية تدعوا إلى الثورة الإيجابية ، بينما صورتها الشريرة الأخرى تدعوا إلى التدمير والخراب .

في النهاية يرتبط العقل مع اليد بواسطة القلب ، وتتحكم المحركات البشرية الثلاث في تسيير المدينة نحو الأفضل ، بعد أن كادت أن تسير نحو الهاوية .

كما قلنا التفسير يمكنا أن يمضي سياسياً واقتصادياً ويمكن أن يفسر بحسب الواقع الذي كانت تعيشه ألمانيا ، كما أن البعد الفلسفي يقف ماثلا في ما تقدم السينما من أعمال فنية أو أدبية .

إن الفيلم عمل فني تظهر فيه الصورة واضحة ونقية ، بعد أن أعيد ترميم الفيلم ، وهو فوق ذلك فيلم يقوم على المشاهد الكبيرة والبراعة في التمثيل وفي الانتقال الخفيف والرشيق بين المشاهد ، فضلا عن تصوير الأحجام بشكل متباعد ومتقارب طبقاً لعمق الشخصية وقوتها ثم سقوطها وانهيارها .

ليست هناك تعليقات: