مجلة السينما والثقافة magazine of cinema and culture ---- المحرر رمضان سليم s_ramadan53@yahoo.com
الاثنين، 6 أكتوبر 2008
يوسف شاهين ------------ صورةالمخرج الباحث عن ممثل
البحث عن يوسف شاهين
فى فيلم من الأفلام العربية وهو(إاسماعيل ياسين فى الطيران) ظهر هذا الممثل وهو يؤدى دور كومبارس بديل يضرب فى مكان البطل، ويتكرر ذلك فى عدة مشاهد على سبيل الاضحاك، ولكى يضمن الفيلم تعاطف الجمهور مع هذه الشخصية (اسماعيل ياسين) ويكون ذلك باعثا ومحركا للدخول فى الطيران الحربى. لقد انتج هذا الفيلم عام 1955 وهو للمخرج فطين عبد الوهاب، وقد ظهر المخرج يوسف شاهين فى دور المخرج الذى يطلب اعادة مشهد السلالم أكثر من مرة، وفى كل مرة يتكرر الضرب وبقسوة أشد.
• صناعة قائمة:
لم يكن الهدف من اختيار يوسف شاهين، إلا أن يكون صاحب الدور مخرجا فعليا وهذا ما تكرر ايضا من محمد خان وخيرى بشارة وغيرهم.
لكن الأمر بالنسبة للمخرج يوسف له وضعية مختلفة، فهذا الدور يحقق له طموحا مركبا ظل يراوده لفترة طويلة، طموح ان يكون ممثلا ويعمل فى السينما، وفي الأفلام الغنائية الراقصة على وجه التحديد.
ولكن لاعتبارات كثيرة، أهمها طبيعة التكوين الجسمانى بشكل عام، واختيار النجوم على نسق معين وبمواصفات لا تتوفر فى يوسف شاهين وعدم وجود المخرج الذي يقبل به ممثلا، كل ذلك كان سببا دافعا له للتركيز على الاخراج، ولا سيما بعد السفر الى امريكا والدراسة والتدريب فى معهد (باسيدينا)، حيث يبقى المخرج نجما وراء الكاميرا، بل هو الذى يصنع النجم. إنها نجومية بطريقة أخرى مختلفة.
ولكن لم يستطع هذا المخرج ان يتعامل مع صناعة السينما القائمة، الا بحسب ما تفرضه من شروط، ورغم ذلك، فإن الفيلم الأول للمخرج (بابا أمين = 1950) قد جاء مختلفا فى موضوعه، محتفظا بالنجوم الذين يتطلبهم السوق وبالتالى سوف نجد فى الفيلم اسماء مثل فاتن حمامة وكمال الشناوى وحسين رياض وفريد شوقى وغيرهم.
اما الفيلم الثانى (ابن النيل – 1951) فقد سار على نفس المنوال، مع اضافة جديدة للمثل شكرى سرحان والذى كا نجما متواضعا ليتحول الى بطل له خصوصية معينة، يسنده كل من يحيى شاهين وفاتن حمامة.
• متطلبات الانتاج:
ان التعامل مع النجوم التقليديين قد استمر فى باقى اشرطة يوسف شاهين حيث تبقى متطلبات الانتاج هى المتحكمة فى الاختيار ولهذا كان التعامل مع يوسف وهبى فى المهرج الكبير 1952 – والتعامل مع ليلى مراد فى سيرة القطار – 1952 – ثم فيلم (نساء بلا رجال – 1953 والذى اجتمع فيه كل من عماد حمدى وهدى سلطان وكمال الشناوى وزينات صدقى، إلا أننا سوف نلحظ أول ظهور للمخرج فى أفلامه من خلال دور صغير، وهذا يمكن أن ينظر إليه على أنه مسألة عابرة، فأكثر من مخرج يظهر فى أفلامه فى لقطة جانبية، إلا أن يوسف شاهين يختار لنفسه دورا فى الفيلم، وهذا ما سوف يتكرر بعد ذلك بطرق مختلفة.
• وجوه جديدة:
فى عام 1954 قدم يوسف شاهين وجها جديدا، كان قد تعرف عليه اثناء الدراسة فى كلية فيكتوريا بالاسكندرية، وعملية البحث عن الممثل الجديد ليست هاجسا بالنسبة لكل المخرجين، بل نجد أن أهم المخرجين فى السينما المصرية يستهلكون النجوم التقليديين ومن النادر أن يجازف أحدهم بتقديم الوجوه الجديدة، وهذا ما حدث مع صلاح أبو سيف مثلا، وكذلك كمال الشيخ ونيازى مصطفى، وهم جميعا يركزون علىالنجوم بدرجات متفاوتة، ومع بعض الاختلافات بالنسبة للمخرج حسن الأمام، وقضية اكتشاف الوجوه الجديدة يمكن ان تنسب الى أصحاب شركات الانتاج الذين يبحثون عن المغاير كما حدث لاحقا مع المنتج رمسيس نجيب.
لقد جاء فيلم (صراع فى الوادى – 1954) مختلفا بالنسبة ليوسف شاهين، لأنه يشير الى الصراع الاجتماعى فى الريف بين الفلاحين والباشاوات، واذا كان الرهان على ممثل جديد وهو عمر الشريف، فإن هناك اسماء تقليدية راسخة، كانت حاضرة وعلى رأس هؤلاء زكي رستم وفاتن حمامة وفريد شوقي وعبد الوارث عسر. وبالطبع يجسد الفيلم صراعا دراميا عائليا، مع توفر عنصر المكان المختلف، والذى اضاف للفيلم أبعادا جديدة غير معتادة.
• عملية تعويض:
كان البحث عن الممثل فى داخل يوسف شاهين هو الهاجس، وكانت صورة الممثل الجديد هى التعويض لنجومية التمثيل والتى تكاد أن تفر من بين يديه، وحتى فى ظل الاخراج، فإن يوسف شاهين دائم البحث عن الممثل، ثاني أفلام عمر الشريف كان بعنوان "شيطان الصحراء 1954" وهو من أفلام المغامرات الصحراوية البدوية التي لم يكررها يوسف شاهين، ومثل هذه الافلام كانت منتشرة وتلقى اقبالا جماهيريا واسعا، أما بالنسبة للمخرج، فإن الأمر يبدو وكأنه تأثر بافلام امريكية، اختارت الفارس العربى نموذجا لها، وهو تأثر كانت له سوابق فى الافلام الاولى للمخرج، كما فى فيلم (ابن النيل) المقتبس عن شريط امريكى، وربما ايضا (بابا امين) الغريب من نوعه.
• دراما كوميديا:
فى عام 1956 جاء شريط (صراع فى الميناء) وتدور احداثه حول احتكار الصيد البحرى من قبل جماعات معينة، ومحاولة الخروج من هذا الاحتكار، وقد يبدو هذا الفيلم مشابها لفيلم (رصيف الميناء) الامريكى للمخرج ايليا كازان، لكن النجاح فى ابراز الطابع المحلى يبدو واضحا، ونلحظ هنا بان اقدام الممثل عمر الشريف قد ترسخت، بجوار كل من فاتن حمامة واحمد رمزى وتوفيق الدقن وحسين رياض. ولا يختلف موضوع الفيلم عما هو سائد من موضوعات والتى تدور حول الروابط الفعلية والواهية التى تربط بين الاغنياء والمالكين مع الفقراء، بصرف النظر عن طبيعة الحياة نفسها ونوعية العمل، هل هى الزراعة أم الصيد البحرى.
بعد ذلك يقدم يوسف شاهين فيلمين للمطرب فريد الاطرش وهما: ودعت حبك – 1956 – وكذلك (أنت حبيبى – 1957) بالاشتراك مع شادية وعدد من الممثلين المعروفين، ومازال الفيلم الثانى يحظى بالنجاح الكبير، ومن الصعب ايجاد علاقة مباشرة بين المطرب والمخرج، ولكن يهتم يوسف شاهين كثيرا بالافلام الغنائية، وتشكل بالنسبة إليه أهمية خاصة، لأنها تربطه بعالم التمثيل والرقص من خلال الفيلم الامريكى الذى يحقق بالنسبة إليه حلما يراوده باستمرار.
فى عام 1958 حقق يوسف شاهين هدفه، فى أن يكون ممثلا، وفى دور يتناسب معه، فهو بالطبع قد ادرك بأنه لا يمكن له أن يكون ممثلا مثل باقى النجوم وأن الفرصة مواتية فى الأدوار المعقدة والقليلة.
وسوف نجد أن بحث يوسف شاهين عن هذا الدور قد مر بمراحل معينة، أهمها استبعاده للممثل شكرى سرحان بعد أن تم الاتفاق معه على تمثيل شخصية قناوى، كما أنه استبعد ايضا الممثل (محمود مرسى) والذى كان من المفترض أن يؤدى شخصية أبو سريع فى محاولة من المخرج لتقديم وجه جديد، وتم اختيار الممثل فريد شوقى وفى صورة مختلفة وكأنه يقدم بطريقة جديدة وفى صورة غير معتادة.
• صورة مغايرة:
لا شك أن أحد أساليب المخرج يوسف تتمثل فى محاولته لتقديم الممثل التقليدى فى صورة ربما تكون مغايرة، كما حدث سابقا مع ليلى مراد ويوسف وهبى وفريد الاطرش.
كان يوسف شاهين مناسبا لدور (قناوى) الاعرج بائع الجرائد، المحروم والهامشي، خصوصا من حيث التعبير بالوجه واختيار الملابس، لكن عبد الرحمن، والذى بدا مقبولا من البداية، إلا أن موهبته فى التمثيل ضعيفة نسبيا، وحيث أن سنوات طويلة قد مرت ولم يقدم فيها المخرج أى وجه جديد، فها هو يجازف بهذا الممثل، وسوف نجد أن الاصرار على اشراك هذا الوجه فى باقي الأفلام، لم تكن مسألة ناجحة، ولهذا السبب نقول بأن اكتشافات يوسف شاهين لم تكن كلها ناجحة. وقياسا على هذا الفيلم فإن الاهتمام سوف ينصب على الممثلات بالدرجة الاولى وأن الادوار بالنسبة للممثلين سوف تتباعد ويتحول الممثل فى أكثر الاحيان الى مجرد أداة فى يد المخرج يصنع به ما يشاء.
بالنسبة لفيلم الأرض 1970، وقد كان من انتاج مؤسسة السينما فقد بدا مختلفا فيه الكثير من الكلاسيكية، لأن هناك نصا روائيا أولا وثانيا هناك انتاج عام، ولهذا جاء التمثيل متميزا فى هذا الفيلم، وخصوصا بالنسبة للممثل محمود الميلجى الذى قدم فى صورة مختلفة سويلم كما أن هناك اكتشافا لوجه جديد (على الشريف) والذى سوف يعمل مع يوسف شاهين فى أشرطة أخرى، وهذا الممثل يعتمد على سليقته وموهبته الطبيعية أكثر من اعتماده على تنفيذ تعليمات المخرد.
تبدو فكرة استخدام الممثل واضحة فى ذهن يوسف شاهين، فهو بالقدر الذى يهتم فيه بالممثل، لا نجده كذلك ايضا، حيث يبقى الممثل مجرد صورة للممثل الذى يتمنى أن يصنعه المخرج، فإذا كان الدور لا يصلح أن يقوم به المخرج، فإن تغيير الممثل يصبح هدفا فى حد ذاته.
لقد عرض شريط الاختيار على المطرب عبد الحليم حافظ وعرضه كذلك على الممثل محمود ياسين ولقد فكر المخرج أن يقوم به بنفسه، ولكن الانتاج كان عاما ورسميا ومن المجدى البحث عن ممثل مختلف فكان اخيرا عزت العلايلى الذى تعاون معه فى شريط الارض وفى الدور الرئيسي – عبد الهادى.
• استخدام الممثل:
ان الأمر سيسير على نفس النسق فى افلام أخرى مثل الناس والنيل 1977 – (العصفور 1974) عودة الابن الضال 1976) وهى أفلام فها رؤية سياسية لكنها خارج تجربة يوسف شاهين الفعلية، ولا توجد أسباب واضحة يمكن أن نعود إليها لتوضح مبررات عدم ظهور يوسف شاهين فيها وهو الباحث عن التمثيل دائما، فى مثل هذه الافلام، إلا إننا يمكننا القول بان المخرج صار نجما بعد كل هذه التجربة، وصار المتحدث باسم افلامه والمعلق عليها، وهو موجود قبل النجوم، فهو نجم ولكن بطريقة مختلفة، ان هاجس الممثل يتوارى قليلا عندما يلمع وجه المخرج.
تظهر المشكلة عمليا مع النطق، حيث يعجز يوسف شاهين عن التعبير الصوتى، وخصوصا وأنه لم يبذل مجهودا واضحا فى ايجاد طريقة معينة تعبر عن العجز في الكلام.
لقد عرض باب الحديد فى الخارج ونال المخرج، تقديرا جيدا بصفته مخرجا وممثلا ولكن فى الداخل (داخل مصر) لم يعتد الجمهور أن يشاهد مثل هذه الافلام وخصوصا بالنسبة لدور فريد شوقى (ملك الترسو) والممثل الشعبى الذى يتصرف دائما باعتباره بطلا ضد الآخرين.
يمكن القول بأن شخصية (قناوى) قد حققت الرضى المطلوب بالنسبة للمخرج، الى جوار شخصية هنومة (هند رستم). واذا كان الاخراج قد كان هو الطريق الى التجاوز وتحقيق النجاح المدفوع دائما من قبل العائلة، فإن التمثيل كان حلما يستقر تحت ايهاب الجلد ويبحث له عن حالة يتشكل فيها.
بعد ذلك جاءت أفلام ذات طابع رومانسى، وتعد من السينما التقليدية مثل (حب الى الابد – 19599 وكذلك (بين ايديك 1960) إلا أن الشريط المهم كان (جميلة الجزائرية – 1958) بالاضافة الى (نداء العشاق – 1960) ثم (رجل فى حياتي – 1961) وسنجد في هذه الأفلام الاهتمام الزائد بالممثلين والتنوع فى اختيارهم، فقد عملت مع المخرج نادية لطفى وسميرة أحمد وبرلنتي عبد الحميد وماجدة. ولقد جمع فيلم (الناصر صلاح الدين – 1963) أكبر تجمع للممثلين وخصوصا أحمد مظهر وليلى فوزى ونادية لطفى وصلاح ذو الفقار ومحمود المليجى) وكان الفيلم الأهم بالنسبة ليوسف شاهين.
• التجربة الثانية:
فى عام 1965 جاءت التجربة الثانية فى التمثيل، من خلال فيلم (فجر يوم جديد) مع سنا جميل وسيف عبد الرحمن، ولابد أن نلحظ هنا بأن الانتاج هو لمارى كوينى وقد وجد يوسف شاهين ضالته فى دور ربما يتناسب معه، فهو ليس دور بطولة، حيث أن البطولة موزعة على عدد من الشخصيات والتى تعيش حالة من العزلة والانكماش، حيث نجد أن الزوجة انان قد انفصلت عن زوجها لتبدأ مشكلاتها مع اخيها ومع صديقها الشاب الجامعى وكذلك علاقتها بالعمل والاجواء الاجتماعية الجديدة والمختلفة والتى فرضتها الحركة الاجتماعية المصاحبة لما حدث فى مصر من متغيرات بعد 23 يوليو 1952.
ان (فجر يوم جديد) هو البداية الفعلية للتغيير فى الشكل الفني لما سيقدمه يوسف شاهين من أفلام، وفى هذا الفيلم قدم وجه جديد هو سيف لقد تعزز كل ذلك بالرباعية السينمائية، رغم أنها ليست كذلك، وهى (اسكندرية ليه – 1979) حدوتة مصر – 1982 – اسكندرية كما وكمان 1990 – اسكندرية نيو يورك 2004) هذا بالاضافة الى أشرطة تاريخية مثل: (المهاجر – 1994) – (المصير 1997) قبل ذلك أفلام تاريخية مثل (الوداع بونابرت – 1985 وكذلك اليوم السادس 1986).
فى جميع الأشرطة المذكورة، صار يوسف شاهين هو الممثل الرئيسي فعليا، رغم انه لم يقم بأى دور عدا فيلم (اسكندرية كمان وكمان) وهو فيلم يقترب من التسجيلية وتصوير اليوميات، مع رافد مهم وهو تصوير الاوبريت الغنائى المطول الذى له طبيعة تاريخية.
وهكذا صارت الافلام تدور حول شخصيته الذاتية أحيانا وفى بعض الأحيان معبرة عن وجهة نظر بطريقة مباشرة، والحقيقة أن حديث يوسف عن أفلامه يضيف إليها أبعادا جديدة، رغم أنه يركز على نقاط معينة ليست احيانا جوهرية داخل الفيلم.
• وجهة نظر:
لم يقم يوسف شاهين بتمثيل دوره فى حدوتة مصرية وترك الأمر للممثل نور الشريف، كذلك فعل فى فيلم اسكندرية نيو يورك فقد ترك الدور لمحمود حميدة وقبل وخلال ذلك قدم المخرج وجها جديدا فى البداية، وهو عمرو عبد الجليل فى شريط اسكندرية كمان وكمان) ولكن الممثل لم يستمر رغم نجاحه فى الدور، بينما استمر ممثل آخر وهو محسن محيي الدين، رغم أنه لم ينجح كثيرا، بينما نجح ممثل آخر وهو (هانى سلامة) الذى تعامل معه فى شريط المصير وباقى الافلام، وكان الاهتمام منصبا على الممثل (خالد النبوى) فى شريط المهاجر ثم المصير، والحقيقة أن علاقة الممثل مع المخرج يوسف شاهين يشوبها الكثير من الذاتية، فالبحث عن الممثل الجديد دائما يمثل تجديدا للذات الباحثة عن الابداع بل ربما كان الممثل تعبيرا عن الحلم الذى يصبو المخرج الى تحقيقه، ولم يستطع وهو يسعى وراءه بلا كلل أو ملل، وربما ايضا يشبع هوى فى نفس المخرج، أما من الناحية النفسية فإن أفلام يوسف شاهين صارت تنسب إليه وهذا ما يطلق (سينما المؤلف)، ولقد انطبق ذلك على أفلام كثيرة، كان التمثيل فيها واضحا مثل (المصير) وايضا الآخر وكذلك الفيلم الكوميدى (سكوت هنصور). والفيلم الاخير هذا يشير الى فكرة الزج بالممثل بطريقة المغامرة، حيث يأتى الاسم أولا ثم الدور، ولذلك اختار المطربة الفرنسية داليدا سابقا لدور (الأم) فى فيلم اليوم السادس والذى ظهر فيه يوسف شاهين فى مشهد سريع رغم انها غير مناسبة للدور وكانت نقطة من نقاط الضعف. ايضا تكرر الأمر مع المطربة لطيفة فى فيلم سكوت هنصور والمطربة ماجدة الرومى فى فيلم عودة الابن الضال، حيث لا يتناسب وجود الاغانى مع نوعية الشريط. ولا ننسى أن المخرج قد سبق له تقديم شريط لفيروز (بياع الخواتم) قد اعد لها سلفا. ايضا قدم المطرب عبد الوهاب الدوكالى فى فيلم بعنوان رمال من ذهب.
والحقيقة أن اهتمام يوسف شاهين بالادوار النسائية كان أوضح خلال مسيرته السينمائية فقد تحولت هنومة مثلا الى نموذج وقريبا من ذلك جاء دور "مانويلا" فى المصير ودور نجوى ابراهيم فى فيلم الارض. أما بالنسبة للممثلين الرجال فهم مجرد شخصيات ابعد ما تكون عن النموذجية، فالنموذج المعترف به والذى يقود إليه الفيلم هو المخرج فقط ومهما كانت نوعية البحث سوف تجد شخصية مثل قناوى أو سويلم وهما لا يصلان الىمستوى (بهية) فى فيلم العصفور أو الأم الخائفة على ابنها فى فيلم اليوم السادس.
• تأكيد الذات:
إن البحث عن الممثل فى داخل يوسف شاهين لا يكمن في اكتشافه للوجوه الجديدة فقط، بل فى تقديم عدد من المخرجين، ومنهم يسرى نصر الله وكذلك، خالد يوسف ولقد تأثر به كل من داوود عبد السيد وايضا عاطف الطيب وعلى بدر خان وقبل ذلك المخرجة اسماء البكرى.
وعندما نرجع الى تصريحات يوسف شاهين نجدها تعبر عن رغبته فى التمثيل فى أفلامه، حتى أنه فكر أن يقوم بالدور الرئيسي فى فيلم الاختيار وكذلك المصير، وهى افكار تجد انتقادات من الخارج فيتم التراجع عنها، وهى ايضا تكشف عن رغبة جامحة نحو العمل فى التمثيل، حتى في حال النجاح الدائم للمخرج وباعتباره نجما مختلفا يتجاوز الواقع المحلي إلى آفاق أوسع حرص على تبنيها المخرج ببواعث اساسها العلاقة مع الآخر ومعرفة اللغات الأجنبية وتأكيد الذات الفردية وتجاوز ذلك إلى محاولة الدخول في دائرة الفكر والتعبير عنه، كما في شريط الآخر، وكذلك اسكندرية نيويورك، بالإضافة إلى تحويل الأفلام إلى مقولات فكرية كما في المصير والمهاجر ، وربما كان هذا الجانب قد أضعف مستوى الأفلام من الناحية الفنية لمصلحة الرغبة في ممارسة الدور الاجتماعي للمثقف تعبيرا عن الداخل "فيلم هي فوضى" وارتباطا بالخارج في أكثر من حالة، ومن هنا جاءت المراوحة بين دور الفنان ودور المثقف وكيف يمكن أن ينتصر أحدهما على الآخر أو يتفقا على السير في خط واحد.
إن فكرة المشاركة تبرز أحيانا بوضوح عند يوسف شاهين ويعتبرها محاولة لإدماج الشخصيات الواقعية في السينما مثلما حدث بالنسبة لشريط اسكندرية كمان وكمان عندما استخدم إضراب الفنانين بنفس الأسماء تقريبا كما أنه أشرك معه المخرج محمد ملص في لقطتين في شريط المصير، بعد أن عرف محمد ملص باعتبار مخرج الجوائز في مرتين متتاليتين بمهرجان قرطاج في تونس.
أيضا بدأ شريطه الآخر بمشهد للمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد بلا مبرر.. وكان آخر الأفلام التي ظهر بها يوسف شاهين فيلم "ويجا" لخالد يوسف وهو من ساعده في إخراج آخر أفلامه "هي فوضى" .
إن رحلة يوسف شاهين ممثلا تنعكس على تعامله مع الإخراج، وكانت مجمل أعماله انعكاسا تفاعليا لما يقوم به الممثل على الشاشة، وهو الحلم الذي سار معه إلى نهاية حياته النابضة بالأفلام التي لا تموت.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق