الخميس، 23 أكتوبر 2008

عندما يتحدث المودوفار عن حياته وأفلامه













السينما بوصفها رغبة صعبة المنال

الكتب التي تعتمد على الحوارات المطولة لا تعرفها المكتبة العربية كثيرا، وخصوصا بالنسبة للسينما والمسرح وباقي الفنون، غير أن هذه الظاهرة نجدها منتشرة كثيرا في عقود سابقة ولاسيما في فرنسا، حيث مازلنا نذكر الحوار المطول الذي نظمته مجلة كراسات السينما الفرنسية مع هيتشكوك وصدر في كتاب مستقل بعد ذلك، وكذلك حوارات أخرى مع ألمع المخرجين.
هناك ايضا بعض الاصدارات التى نشرت بمناسبة تنظيم المهرجان القومى للسينما فى مصر بشكل سنوى، وهى إصدارات تحتوى على حوارات مطولة مع الشخصية صاحبة التكريم، مع قراءات أخرى إضافية، كما أن بعض النقاد قد جمعوا بعض اللقاءات وأصدروها فى كتب قليلة، مثل حوار مع السينما العالمية لسمير فريد.
وتبقى رغم ذلك الكتب الحوارية الثقافية قليلة، وان وجدت فهى لا تناقش الأعمال الفنية بقدر ما تناقش قضايا ثقافية عامة.
هذه الكتاب الصادر ضمن سلسلة الفن السابع السورية هو من هذا النوع، فهو كتاب يعتمد على حوار مطول، مع المخرج الاسباني بيدرو المودوفار وقد جاء بعنوان (سينما الرغبات)، ولقد أعده فرديرك ستروس وترجمة فجر يعقوب، وكان الإصدار الأصلي للكتاب ضمن مطبوعات (مجلة كراسات السينما الباريسية).


نواقص واشارات: ـ
لا يوجد بالكتاب تعريف بمن أجرى الحوار ولا توجد أيضا فيلموغرافيا واضحة للمخرج، كذلك لا يوجد تعريف للمترجم ولا تقديم خاص لهذه الطبعة، ولا موقع هذا الكتاب من السلسلة التي تصدرها "مجلة كراسات السينما"، وكل تلك النواقص تعد شائعة وملازمة لسلسلة الفن السابع، والتي نأمل أن تنجح في تدارك كل هذه النواقص لتصل إلى درجة أفضل من حيث المستوى الثقافي والفكري لكل إصداراتها.
في مقدمة الكتاب يشير المترجم فجر يعقوب إلى الاسم العربي لهذا المخرج الاسباني وهو (المظفر) وتكتفي المقدمة بهذه الإشارة، مع تركيز على القراءة الذاتية التي ليس فيها أي تصريح واضح لمقولة معينة، بقدر ما تسير الكتابة نحو إنشاء ضبابية تحتفي بالكتابة في حد ذاتها، وليس كل ذلك من غايات المقدمات التي وجدت لتوضح مرامي معينة تشكل مدخلا ضروريا للتفاعل مع المخرج والمحاور المناقش ومع الأفلام والسينما الاسبانية بشكل عام.
من الصعب اعتبار محتويات الكتاب مجرد حوار يقوم على السؤال والإجابة، لكن المحتوى أقرب إلى النقاش، حيث تنبني الأسئلة على الاستمرارية وتقود إجابات المخرج الى المزيد من الأسئلة.


سؤال وجواب:ـ
الحوار بين فريدرك ستروس والمخرج المودوفار مقسم وفق تسلسل الأفلام من الناحية التاريخية، حيث يأتي الفصل الأول بعنوان: عندما تكون الحياة مجرد كوميديا ! ويشمل الفيلم الأول للمخرج وهو بعنوان: بيبى، لوسي، بوم، وبقية فتيات الحي، ثم كذلك الفيلم الثاني وهو متاهة الرعشة.
لكن المودوفار يتطرق أيضا إلى البدايات الأولى، إلى عام 1972 عندما حاول ان يصنع فيلما قصيرا بكاميرا من قياس 8 ملم، ونجح في ذلك، ثم توالت هذه النوعية من الأفلام مع زملاء له تحت تأثير حركة (موفيرا) التي نمت في نهاية السبعينيات في اسبانيا وكان تأثيرها الثقافي فاعلا على السينما والموسيقى وكذلك الرسم والأزياء.
ولكن مثل هذه الموجات الثقافية، بما فيها (الاندر قراوند) لم تحصر المودوفار في إطار محدد، وخصوصا وأنه يتجه الى تقديم الحكايات التقليدية، ولذلك كانت اختيارات المخرج تفرض عليه البحث عن الفيلم الروائي الطويل خارج إطار الدوائر الفكرية التي جاءت متمردة في المرحلة الانتقالية بين حكم فرانكو والتحولات الجديدة بفعل المتغيرات الديمقراطية.
أهم ما تمكن الإشارة إليه، بالإضافة إلى تعلق المخرج بالقراءة ومحاولة كتابة الرواية، ثم تعلم الموسيقى، هو ذلك التأثر الواضح بالأفلام الهوليودية، ونجد بالكتاب أمثلة كثيرة على ذلك، وخصوصا على مستوى الممثلات ونذكر منهن (مارلين مونرو ـ كارول لومبارد ـ اودرى هيبون). أما المخرجين فهم كثر وخصوصا المخرج الأمريكي "برستن ستردجز" والمخرج (بيللا وايلدر) بالإضافة إلى المخرجين الايطاليين (بازوليني فيسكونتي ـ انطونيونى).
أما الأفلام التي تأثر بها المخرج فهي كثيرة ومن ذلك شريط (المغامرة) وشريط (مرحبا أيها الحزن) وشريط (الينبوع) وأشرطة أخرى لهيتشكوك وفاسبندر.
ومع وجود تجارب في التمثيل، تعتبر قليلة، وكذلك كتابة بعض السيناريوهات الكوميدية في بعض المجلات، صار الاقتراب من الفيلم الكوميدي ممكنا، وبالتالي فقد جاء الفيلم الكوميدي الأول متأثرا بعدد من المعطيات، ولاسيما الأفلام الأمريكية.
وهنا لا تبدو الأسئلة التي يجيب عنها المودوفار محصورة في الفيلم الأول أو الثاني إذ نجده يتحدث عن أفلام أخرى بحسب الضرورة ومن ذلك فيلم (كعوب عالية) وخصوصا عندما يتم التطرق إلى المحقق السري الذي يظهر في بعض أفلامه متابعا لجريمة القتل الرئيسية.


صور وأفلام: ـ
من الفيلم الأول الذي صور بكاميرا 8 ملم إلى الفيلم الثاني (متاهة الرعشة) وهو كوميدي، ولكن من نوعية مختلفة.
في حالة (متاهة الرعش) الأشياء تبدو أقل تعقيدا. الوحدة العضوية تجيء من واقع أن البطلين مختلفتان، والقصة بأكملها مختلفة تماما، وهي فانتازية تقريبا، ولكن بعض العناصر فيها تقدم وثيقة عن مدينة مدريد من تلك الحقبة".
ورغم أن بعض الأسئلة التي أوجزها فردريك ستروس قد ذهبت بعيدا في عالم الطفولة ـ نقصد طفولة المخرج ـ إلا أن المودوفار لا يعتبر أفلامه معبرة عن تجربته الذاتية وكثيرا ما نجده يذكر أفلاما كثيرة تأثر بها وصورا مستقاة من الواقع المعاش فى اسبانيا المعاصرة، ومما يذكره المخرج أيضا استفادته من بعض أفلام برايان دى بالما، ولاسيما طريقه إبرازه للأطفال: "أنهم أطفال يعيشون في عالم عنيف وأنا نفسي كنت طفلا مختلفا وغير مفهوم، وأذكر أنني وعيت شخصيتي بشكل مبكر، فعرفت ما أريد ومالا أريد وهذا سمح لي أن أستفيد من الأشياء من دون مضيعة للوقت".
الفصل الثاني من الكتاب يتطرق إلى ثلاثة أفلام هي: في العتمة 1983 ـ ماذا فعلت كي استحق هذا؟ 1984 ـ ماتادور 1985.
وبطريقة السؤال والجواب تتضح أكثر بعض المعالم حول عمليات الإنتاج والإعداد لهذه الأفلام، ففي الفيلم الأول كان هناك اتجاه لكي يكون فيلما مصورا من أجل بطلة الفيلم المقترحة وهى الممثلة (كريستينا باسكوال) ولكن تغيرات طارئة سارت بالإعداد نحو مسارات أخرى، مع المحافظة على نفس الخط الدرامي والذي يميل إلى نقد الاكليركية الدينية في اسبانيا.
وهذا الفيلم أيضا يعود بالصورة الرئيسية إلى فيلم أمريكي آخر وهو (فينوس الشقراء) والذي قامت ببطولته مارلين ويتريش وأخرجه "فون شتيرنبرغ" عام 1922.


تواصل بين الناس: ـ
رغم حضور الاهتمام التقني ولاسيما تصوير اللقطات المقربة فى فيلم (في العتمة) وكذلك إجابات المخرج المتعددة حول استخدامه للملابس وأنواعها وتعددها والوظائف الدالة عليها، إلا أن (القيمة) الرئيسية هي دلالات الدين، كما يظهر في أفلام تالية مثل: قانون الرغبة ـ تعال وأحكم وثاقي) بالإضافة إلى فيلم (في العتمة).
يقول المودوفار: "في كل الأمثلة التي سقتها تعاطيت مع الديني حتى اعكس مشاعر إنسانية خالصة، والذي يهمني ويخطف لبي ويثيرني في الممارسة الدينية وخصوصيتها هو أنها تعطى ذلك التواصل بين الناس، وحتى بين شخصيتين تحبان بعضهما ومن أهم الأسئلة الموجهة إلى المخرج المودوفار ما يتعلق تحديدا بتعامله مع الممثلات، وهى أسئلة تتكرر داخل الكتاب، ولعل أهم ممثلة أسبانية نالت اهتماما خاص من حيث طرح الأسئلة والإجابة عنها، الممثلة "تشوس لامبرايفا" والتي شاركت مع المخرج فى أكثر من فيلم، كما أنها عملت مع مخرجين آخرين مثل (ماركو فيريرى) وإجابة المخرج تدخل ضمن سياق (إدارة الممثل) وهى مسألة يهتم بها المخرج كثيرا.
والحقيقة تبدو الترجمة واضحة المعاني، تصل إلى هدفها من اقصر الطرق ولقد بذل المترجم جهدا كبيرا في نقل الإيضاحات الخاصة بالأسئلة وكذلك الأجوبة، ولكن تبقى بعض الكلمات الأسبانية التي لم تترجم ونعني بذلك أسماء بعض الأشرطة.
يمكننا أن نذكر بعض الأسئلة الدالة على تفاعل النقاش بين المخرج من جهة والمحاور من جهة أخرى:
ـ هناك مشهد قوي في شريط "في العتمة" .. مشهد النمر الذي تعتني به الراهبة، هذا النمر ليس له دور حقيقي في القصة.. يخيل إلي أنه مادة ديكور فقط، وإنك صورته من أجل مظهره القوي فقط؟
ـ في أفلامك الأخرى نكتشف لوحات طبيعية خالصة، ويبدو أنك تنزع إلى أحداث صدمة بصرية، لكننا نكتشف أنها لوحات ترتبط بالدعاية والترويج للفيلم مثل النمر الذي يستخدم في أفيش "في العتمة" ومثل الرجل صاحب الكاسيت في "تعال واحكم وثاقي" ما الذي يجيب عنه استخدام الشخصيات؟
ـ فيلم "ماذا فعلت كي أستحق هذا؟" يعتبر كوميديا مزيفة إلى حد كبير لو قارناه بفيلم "في العتمة" إنك تضحك كثيرا وتشاهده، مع أن كارمن ماورا شخصية تراجيدية.
ـ "ماتادور" هو أغرب فيلم في مجموع أفلامك، بل هو الفيلم الوحيد حسب رأيي من حيث القيمة التي تبدو أقرب إلى الانبهار بالموت، وهي قيمة هنا أهم من الحكاية التي تروى، هل هذا صحيح؟

موجات خارجية:
في هذا يبرز تأثر المخرج بالموجات الخارجية الأمريكية والأوربية في السينما ولاسيما أفلام الموسيقى والكوميديا، بالإضافة إلى أفلام الويسترن والأفلام البوليسية السوداء وكذلك أفلام الموجة الجديدة والواقعية الجديدة الإيطالية ، ولا ينفي المخرج تأثره بذلك بل يعترف بأنه يعيد إخراج بعض المشاهد من أفلام شهيرة لبعث الحياة في أفلامه كما حدث في فيلم "كيكا" وفيلم "نساء على حافة انهيار عصبي".
تتوالى فصول الكتاب.. سؤال وجواب وتقسيم فيلموغرافيا المخرج إلى وحدات أو أقسام، تنفصل وتتحد بحسب التطور الفني وتجدد الأفلام.
في الفصل الثالث يأتي فيلم شهير للمخرج المودوفار وهو قانون الرغبة ولقد تم تخصيص فصل لهذا الفيلم لأنه قد انتج بواسطة شركة أسسها المخرج نفسه مع شقيقه وكانت مغامرة إنتاجية خطيرة ، لأن الأكثرية وقفت ضد هذا الفيلم ولم ترغب في توزيعه أو تمويله، لكن النجاح في النهاية كان هو المحصلة فلقد نجح الفيلم تجاريا وكان بذلك خطوة نحو نجاح اسم المخرج تجاريا.
تذهب الأسئلة نحو الإنتاج والشركة الجديدة والعلاقة مع الأخ أوغسطين ثم تحليل لشخصيات الفيلم وخصوصا فيما يتعلق بمعالجة الشعور الانساني بأن يكون الانسان مرغوبا وهذا يولد طاقة حركية نجدها عند بطل الفيلم وبوضوح شديد يذكر المخرج مشهدا من الفيلم الشهير "صراع تحت الشمس" لمخرجه كينغ غيدور - انتاج 1947.


وحدات رئيسية: ـ
أهم ما يمكن أن يذكر هو العودة دائما إلى الممثل فهو الوحدة الجوهرية التي يركز عليها المخرج، رغم شغفه بالكوميديا وتقديم الأغاني، وفي هذا الفيلم قانون الرغبة يبرز كل من الممثلين : كارمن ماورا وأنطونيو بانديراس ولقد خصص المخرج المودوفار أكثر من صفحة للحديث عن اكتشافه للممثل انطونيو بانديراس والذي انطلق للعالمية بعد ذلك.
وإذا كان هناك من تعليق حول الإجابات الواردة ولاسيما في هذا الفصل فهو يدور حول بعض المبالغات التي يركز عليها المخرج ، ومن ذلك الاهتمام بالصوت ونقصد أصوات الممثلين، ومثل كل الجزئيات الأخرى فإن هناك نوع من الادعاء من قبل المخرج لأنه يبالغ في تصوير نفسه باعتبارها مهتما بكل شيء وهو في هذا يذهب إلى اعتبار المخرج خالق أول، رغم أن الفيلم يقوم على تفاصيل أخرى مهمة ، مثل التصوير والديكور والموسيقى وهي تقنيات ينسبها المخرج إلى نفسه دائما.
في فصل جديد يتم التعرض إلى فيلمين هما: نساء على حافة الانهيار العصبي وفيلم آخر هو تعال واحكم وثاقي، وهما من أفلام الاستوديو وفيما يبدو الأول كوميديا يقترب من (الصوت الانسانى) لكوكنو، يأتي الفيلم الثانى أقرب الى المسرحية، حيث الفضاء الضيق والذى يحكم على الشخصيات بالعزلة.

ثقافات متعددة: ـ
لابد للقارئ أن يلمس أن الجوانب التقنية قد بدأت تتكشف مع اسهامات المخرج المتعددة فى استخدام التصميمات الغرافيكة، والتكوينات البصرية، والاستفادة، من الاغانى بطريقة أفضل، وتعدد استخدام الألوان بكل دلالتها. وهنا يظعهر شكل آخر من أشكال المبالغة لدى المخرج وخصوصا فيما يتعلق بالتركيبة الكونية التى يسبغها على نفسه، فهو يتنقل بين ثقافات العالم مستفيد امنها، ليعود فى بعض الأحيان الى حياته وعلاقته بأمه وبالمنطقة التى عاش فيها (لامانشا).
أما أهم ما يمكن أن يتوسع فيه المخرج من المجالات الفنية، فهى دائرة العمل مع الممثل، إلى الاسباني أولا وأخير، مع الاحتفاظ ببعض الملاحظات المستندة على الأفلام الأمريكية والفرنسية.
في الفصل المعنون باسم (الجانب المعكوس فى الخديعة) يتطرق الحديث عن فيلمين، هما: ـ كعوب عالية 1991 أولا ثم كيكا 1993 ثانيا. ومن خلالهما يدخل المخرج الى عالم المخاوف والرغبات والكوابيس وهو يقول اعتمادا على ذلك: "لقد تملكني الرغبة كثيرا لأن أصور فيلم رعب، ولكنني لا أعرف حتى اللحظة ما اذا كنت سأتمكن منه، فاهتمامي الخاص بهذه الموضوعة يرتبط بأشياء معينة، فسينما الرعب لا تقدم مخاوفنا، بل أكثر الأشياء عتمة فينا، فهذه الأفلام تتعامل مع الجسد الإنساني بوصفة مادة بدائية ولكن من منظور سوريالي بالكامل تقريبا، فالجسد مشوه ومقطع، وهو المنظر الطبيعي للفيلم، حيث يحدث كل شيء فيه تقريبا، وهذا مثير للاهتمام، ذلك أن هذه القيمة مفتوحة بالكامل وبمعنى من المعاني نحو الكوميديا، وهي تعز على بالي بقوة.".
وعند الوصول إلى هذين الفيلمين، يمتد الحديث أو الحوار الثاني ليشمل بعض الأفكار المتعلقة بالمونتاج والتصوير، فيذكر المخرج على سبيل المثال أن الادعاءات لديه تتكرر لاختيار الأفضل ومن زوايا نظر مختلفة، كما أنه يستخدم طريقة المونتاج أثناء التصوير، ومع تكرار الأغاني في الأفلام، فإن أنواع هذه الأغاني وإيقاعاتها والأصوات التي تؤديها تشغل حيزا مهما من الحوار.

جوانب خفية: ـ
لقد شمل الحوار أيضا مبررات الاستعانة بشقيقه وأمه في التمثيل، وإذا كانت اسماء بعض المخرجين قد ذكرت سريعا فإن التوقف الفعلي كان أمام شخصية في حجم المخرج هيتشكوك ولاسيما فيما يتعلق بالعلاقة المتفاعلة مع بطلات الأفلام، وبصورة أفضل كان الوضع أكثر إيجابية مع مخرج آخر وهو الألماني فاسبندر.
الفصل التالي بعنوان "عش في مدريد" ويركز على فيلمين هما: زهرة سرية 1995، ولحم حي 1997.. في الفيلمين خروج إلى الطبيعة حيث يوقظ التصوير الخارجي الكثير من الأسرار الداخلية.
يصل الكتاب إلى خاتمته بفضل خاص حول فيلم "كل شيء عن أمي 1999" من حيث القضايا التي أثارها وكذلك عرضه بمهرجان كان السينمائي وحصوله على جائزة الإخراج وليس غيرها.
وبالطبع نال المودوفار الكثير من الجوائز ومنها أفلام لم يسجلها الكتاب لأنه صدر قبل إنتاج هذه الأفلام الأخيرة، وكما قلنا يثير النقاش الطويل الكثير من التساؤلات والتي تكشف عن جوانب خفية لمجمل إنتاج بيدرو المودوفار، وهذه الجوانب ليس بإمكان النقاد الوصول إليها من خلال التعامل مع الأفلام مباشرة، ولكن رغم ذلك فإن الحاجة إلى الرأي النقدي تبدو مهمة، وخصوصا أن الكتاب يتبنى آراء المخرج بالضرورة، وهو أقرب إلى السيرة الذاتية التي تقربنا من الأفلام، لكنها لا تطمح إلى أكثر من ذلك، فيما يحتاج القارئ إلى وجهة النظر المغايرة لاكتشاف ما هو مختلف.

ليست هناك تعليقات: