أساطير خلف الشاشة وأمامها
اسمها الحقيقي "ماريا ماجدولين ديتريتش" ولدت في مدينة شو نبرج بألمانيا، ودرست في مدرسة أوغست فيكتوريا الدراما والشعر والعزف على الكمان، على أمل أن تكون مطربة لكنها اتجهت إلى المسرح، ومن هنا جاء تعرفها على المخرج "ماكس رينهارت " الذي قدمها في أدوار سينمائية ومسرحية صغيرة .
كما أنها عملت في مسارح مختلفة، وفي بعض مسرحيات شكسبير، مثل حلم ليلة صيف، ومسرحيات برنارد شو، مثل "زواج فاشل" إلى أن اتجهت إلى السينما بدور صغير، لكنه مهم في شريط "المقهى الإلكتروني" عام ١٩٢٦ مسيحي، وبعد ذلك كان سطوعها في أشرطة المخرج ماكس فون سترنبرج، حتى ترشيحها للأوسكار عن شريط مراكش عام ١٩٣٠مسيحي.
أغنية الأغنيات
الانطلاقة الثانية لهذه الممثلة كانت مع المخرج "روبين مامولين" عام ١٩٣٣ والذي أخرج لها شريط " أغنية الأغنيات " وهو يصور قصة فتاة قروية تصبح نموذجا لنحات، ولكن هذا النحات لايهتم بها عاطفيا .. فتتزوج من رجل غني له حياته الخاصة التي لاتناسبها فتنحدر إلى مستوى اجتماعي أقل وتصبح مطربة، وتعود إلى النحات من جديد بعد أن تحطم التمثال العاري الذي رسمه لها.
أعيد هذا الشريط مرتين عن راوية للكاتب "هيرمان سودرمان".. وسوف نلاحظ هنا أن معظم الأدوار المختارة تتناسب مع هذه الممثلة، حيث يستفاد من حضورها البسيط وباعتبارها نجمة في المجتمع وكذلك مطربة تبدأ من النجاح وتتراجع إلى السقوط.
في عام ١٩٣٩، أنتج لها المخرج "ارنست لوبيتش" شريطا بعنوان "الرغبة"، إخراج "فرانك بورزاج" ولقد لعبت فيه دورا مختلفا، حيث تظهر سارقة للجواهر، تسافر بعد سرقتها لعقد ثمين من فرنسا إلى أسبانيا، حيث تتعرف السارقة مادلين على توم مصمم السيارات الذي يقوم برحلة سياحية، لتبدأ سلسلة من الأحداث الكوميدية التي أبرزت الممثلة مادلين ديترتيش في دور عصري وجديد بالنسبة إليها، رغم أنها غنت في هذا الشريط أيضاً.
وأشهر هذه الأغاني كانت بعنوان "اليقظة في الحلم".
غموض وجاذبية
الشريط التالي هو "حديقة الرب" إنتاج عام ١٩٣٩، وهو من النوع الرومانسي الذي تدور أحداثه في صحراء الجزائر، ورغم أن الممثلة مادلين ديترتيش قد ظهرت بصورة أنيقة وجذابة، إلا أن القصة كانت مصطنعة، وكما يقول النقاد فإنها أقرب إلى ذلك الغرام المشتعل في الصحراء بشخصيات من الكارتون.
تدور الأحداث حول شخصية من النبيلات "دومني" تنطلق إلى الصحراء بعد وفاة والدها، بتوصية من كبيرة الراهبات بعد معاناة ومشقة، تتخلص على إثرها من الارتباط بالدير، لتتعرف على راهب آخر في الصحراء ترك الدير أيضاً، وتتزوج به بعد أحداث كثيرة في الصحراء، أهمها وجودها في مكان مليء بالشغب يسمى "قبيلة بني مرة" وأثناء تعرفها على موقع عسكري، يكتشف المشاهد بأن الضابط العسكري له معرفة بماضي هذه الفتاة، وهو ماضٍ يسبب لها مشكلات مع زوجها.
رغم أنه شريط ضعيف نسبيا، إلا أنه قد ترشح لعدة جوائز أوسكار وأهمها للتصوير والإنجاز الفني والمساعدة في الإخراج.
التجربة التالية كانت مع المخرج الشهير "ارنست كوبيتش" وكان من المتوقع أن تكون التجربة كبيرة المستوى، إلا أن الشريط جاء متواضعا يغلب عليه التصنع خصوصا وأنه يعتمد في قصته على الخيانة الزوجية التقليدية وفي أوساط عدد من الدبلوماسيين بين لندن وباريس.
وإذا افترضنا أن هذا الشريط يختلف كثيرا عن أشرطة المخرج لوبيتش التي تقوم على المثلث العاطفي، إلا أنه لم يضف الكثير للممثلة مارلين ديترتيش.
من أشهر الأشرطة التي أنتجت عام ١٩٣٩، كان هذا الشريط والذي اشتركت فيه مارلين ديتريتيش مع جيمس ستيوارت والإخراج لجورج مارشال وهو من نوع أشرطة الغرب "الويسترن" والذي جسدت منه الممثلة دور "فرنشي" المرأة اللعوب الضعيفة ولكنها صاحبة قلب من ذهب.
مشكلات عاطفية:
لقد التقت مارلين ديترتيش بأغلب الممثلين، وفي هذا الشريط تلتقي بالممثل "جون واين" في شريط بعنوان "الخاطئون السبعة" وهو من إخراج "تاي قارنيت" عام ١٩٤٠.
تدور أحداث الشريط بالقرب من البحار الجنوبية "المحيط الهادي" حيث تلعب مارلين دور مطربة في ملهى تشتهر بأنها مثيرة للمتاعب والصراعات وأحداث الشغب، ولذلك تهرب مع سفينة تهبط بها إلى استراحة بحرية بها مقهى يدعى "الخاطئون السبعة، تتعرف فيه علي الضابط البحري "بروس ويدنى" الذي يعمل على حل كل المشكلات العالقة بسبب هذه المرأة.
جاء عنوان الشريط "شعلة نيو أورليانز" ورغم أن مارلين قد بدأت جذابة ومسلية إلا أن السحر الذي ارتبط بشخصيتها قد بدأ بالاختفاء تدريجيا.
هناك بعض الأشرطة التي مرت سريعا ولم تكن مؤثرة، وربما نقول بأنها قد نالت من اسم هذه الممثلة، رغم أنها قد جعلت حضورها مستمرا كيفما كان المستوى، ومن هذه الأشرطة نجد "القوة البشرية" للمخرج راؤول وليش وإنتاج عام ١٩٤١، وقصته تدور حول صراع صديقين على امرأة تمتهن السرقة.
أيضاً هناك شريط بعنوان "السيدة والطفل" وهو إنتاج عام ١٩٤٢، وإخراج "ميتشيل ليزن
.
صراع بين رجلين:
من الأشرطة التي يتذكرها الجمهور جيدا، شريط "المفسدون" وهو إنتاج عام ١٩٤٢ والإخراج لراي انرايت.
مع العلم بأن هذا الشريط قد أعيد إنتاجه عام ١٩٥٥ بعنوان "حلم شرقي" كما أنه قد سبق تقديمه من قبل في عام ١٩٢٠ وعام ١٩٣٠، الإنتاج كان عام ١٩٤٤والإخراج لولبام ديترل.
سوف تترك بعض الأشرطة مثل "القرط الذهبي" إنتاج عام ١٩٤٧، وكذلك شريط …الغرفة العلوية" إنتاج عام ١٩٤٦، ونتطرق إلى شريط مهم وهو "المسألة الخارجية" إنتاج عام ١٩٤٨ وإخراج المخرج "بيلي وايلدر" وأحداثه تدور حول شخصية فيب فورست المرأة التي ترسل إلى ألمانيا للبحث في قضية تخص معنويات الجنود الأمريكان في برلين، وتتداخل الأحداث مع شخصية أخرى هي "أيريكا" وهي مطربة تغني عدة أغنيات، وهو الدور الذي قامت به "مارلين ديترتيش" في شريط خفيف ومرح بطريقة بيلي وإيلدر، لكنه يفتقد للكثير من المتعة والتشويق، رغم وجود عدد من الممثلين وعلى رأسهم الممثل "جون لود".. ومثل العادة يشتعل الصراع بين امرأتين حول رجل واحد في الشريط داخل أمريكا وخارجها.
لمسة مختلفة:
من الأشرطة التي ينبغي أن تذكر شريط "حالة اضطراب" إنتاج ١٩٥٠، وإخراج الفريد هيتشكوك، وتدور أحداثه مثل العادة حول تداخل الواقع والوهم، عندما تقوم فتاة "إيفى جيل" بدور تحري خاص لغرض تشتيت قضية معينة بغرض عدم الوصول إلى القاتل الحقيقي.
من الأشرطة الكبيرة التي شاركت فيها هذه الممثلة "حول العالم في ٨٠ يوما" إنتاج عام ١٩٥٦، وإخراج "مايكل اندرسون" وهو المقتبس عن رواية شهيرة للكاتب جون فيرن.
أما آخر أشرطتها الجيدة فقد كان فعليا هو "محاكمة نورمبرج" للمخرج تتانلي كرامر إنتاج عام ١٩٦١، وهو الشريط الوحيد الذي اشتركت فيه مع الممثل المعروف "سبنسر تداسي".
ويذكر أن الممثلة قد انعزلت بعد عام ١٩٨٤، واختارات الصمت والانزواء بعيداً عن الأضواء، بعد أن عاشت معظم حياتها في قلبها، وكأنها احترقت فيها واختفت بسببها إلا من أشرطة تعرض بين الحين والآخر ويتبادلها الجمهور في خجل لا يكاد يتوقف أبدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق