عندما تبحث الشخصية السينمائية عن التاريخ
الممثل شارلتون هيستون،أحد وجوه هوليوود البارزين في عقود أربعة متتالية بدأت منذ الخمسينيات،ومهما يكن الاختلاف في قيمته الفنية،فقد نجح في عدد من الأدوار التي قدمها،واعتبر في فترات معينة أقرب إلى نموذج الرجل المتفوق الذي يقدم أشرطة ذات طابع بطولي متميز،ولكن تختلف الآراء حول هذه القيمة الفنية،فهو ممثل يعتمد على شكله العام وحضور مسيرة،قبل أن يكون ممثلاً معبراً عن حساسية الأدوار من الداخل أو بواسطة التعبيرات الخارجية،وهناك أكثر من ممثل أقرب إلى هذه النوعية وهم ناجحون جميعاً رغم عوامل الضعف التي تكثف حضورهم الفني،بدأ شارلتون العمل مبكراً،في شريط بعنوان "بير بينت"وهو من نوع 16 مم،كما عمل في المسرح ولاسيما في مسرحية"انطوني وكيلوباترا" عام 1947واستفاد أيضاً من تجارب الاسترديو في دراما مرئية متنوعة.
ينتمي هذا الممثل إلى أسرة ترجع إلى أصول إنجليزية واسكوتلاندية"ولعل ماورثه فعلياً من الأسرة التي ليست لها علاقة بالفن،هو طول قامته التي وصلت إلى مترين،وكان لذلك دورً كبيرً في اختياره للتمثيل ولاسيما في الأعمال التاريخية التي تظهر فيها الشخصيات بأحجام كبيرة،حتى تكون مؤثرة وواضحة أمام المتفرجين.
الشريط الثاني المهم كان بعنوان "يوليوس قيصر"في نسخته الناطقة الأولى عام 1949لمخرجه "دافيد برادلي".
بعد الحرب العالمية الثانية وزواجه وعمله في المسرح والتلفزة،ولمعانه في دراما مرئية بعنوان "مرتفعات ويدرنج"وهي الرواية الشهيرة،حيث قام بشخصية "هتر كليف"ثم قيامه بدور ما كبت"في مسرحية شكسبير على مسارح برودواى اتجه إلى هوليوود بشريطه الأول الرئيس وهو "المدينة المظلمة"عام 1950إخراج "ويليام ديتريل"وكان دوره في هذا الشريط أول بطولة مطلقة،مما جعل المخرج المعروف "سيسيل دى ميل"يختار لدور مهم في شريطه والذي جاء بعنوان "أعظم عرض على الأرض"عام 1952.
:-بهذه البداية تكوّنت طريقته في التمثيل،بوجه صارم وجامد وتغلب عليه الكآبة،وكأنه يخيف خصمه دائماً،وقد تعامل الجمهور معه على أنه جزء من احتياجات النبل والاستقامة وفي نفس الوقت القوة،وهذه الشخصية هي التي صدرتها هوليوود إلى العالم،لأنها تعبّر عن الأمريكى كما يراد له سياسياً أن يكون،وأغلب الممثلين في تلك المرحلة ينتمون إلى هذه المدرسة،مثل جون واين وغارى كوبر.
ولقد قام بعد ذلك بعدد من الأدوار في أشرطة متتالية منها "المتوحش"عام 1952رأس شريط "ثم السهم"عام 1953لمخرجه "تشارلز ماركيز"ثم شريط "كلنا أشرار"عام 1953لمخرجه "ايرفنج راير"وفيه يجسد شخصية شخص مثالى،وهو أمر يتكرر في أول أشرطته التاريخية عام 1953بعنوان "امرأة الرئيس".وكان أول أشرطة الخيال العلمي التي عمل فيها بعنوان "الغابة العمارية"لمخرجه "بايرون هاسكن"عام 1954.
أفق بعيد:-بعد ذلك قام الممثل شارلتون هيستون بأدوار متعددة أغلبها له طابع المغامرة والحركة،ومن ذلك "أسرار اينكاس"الأفق البعيد-النبيل المحظوظ-حرب الجنرال بنسون"،وفي عام 1956اختير لكى يلعب دور البطولة في الشريط المعروف "الوصايا العشر"لمخرجه سيسل دى ميل الذى رشح لجوائز أوسكار عديدة،نال منها جائزتي الأوسكار......مؤثرات خاصة،وكذلك جائزة الإخراج الفني،وكان ذلك عام1956.ولكن مثل هذه الدور الذي قام به في شريط "الوصايا العشر"لايتكرر باستمرار،ولذلك قام الممثل بالتمثيل في أدوار أخرى مختلفة مثل:"ثلاثة رجال قساة"المدينة الكبيرة-وهما شريطان من أشرطة الغرب الأمريكي،يلي ذلك شريط "القرصان"عام 1958،وهو الشريط الوحيد الذي أخرجه انطوني كوين
من جانب آخر اشترك هذا الممثل في شريط يتيم مع المخرج"أورسوف ويلز"وكان بعنوان"لمسة الشر"عام 1958وقام فيه بدور غريب عليه نسبياً
،وهو دور "رامون ميغويل" المحامي المكسيكي وكما قال النقاد،فإن شارلتون هيستون لم يكن مناسباً لمثل هذه الأدوار،لكنها كانت مجازفة ومغامرة من المخرج.
ولقد قيل الكثير حول هذه الجائزة تحديداً،ولكن بالطبع كانت غمرة الحماس للشريط بشكل عام قد ساعدت على الفوز بعدد من الجوائز. ولاننسى أيضاً أن نجاح هذا الممثل قد اقترن بالشخصيات التاريخية،حتي صار معيارا لمن يقوم بأية شخصية تاريخية بعد ذلك،من حيث حزمة التعبير وطول الوجه والقامة الطويلة الممشوقة،ولاشك أن صناع الأشرطة قد وجدوا في هذا الممثل مادة خاما ليس لديه عادات معينة في السلوك،وهو شخصية مطواعة،ومن هنا جاء نجاحه في الأدوار التاريخية بالدرجة الأولى،وبذلك كله اقترنت الأوسكار.
الرجل السيد:-بعد شريط بعنوان "حطام السفينة مارى"عام 1959،جاء شريط تاريخي آخر يعتمد على "ملحمة السيد"الاسبانية وهي تناول خروج المورسيكين من اسبانيا في القرن الحادي عشر،ولقد أخرج الشريط المخرج"انطوني مان"عام 1961.وفيه لعب الممثل شارلتون دور السيد.
هناك أشرطة كثيرة جاءت بعد ذلك،ومنها"الرأس الماسية والحمام الذي اخضع روما-55يوما في بكين".
في عام 1965جاء شريط مهم آخر للممثل وكان بعنوان"اللوعة والنشوة"وهو من إخراج"كارول ريد"وقد قام فيه الممثل بدور الرسام الإيطالى ميكائيل انجلو،ومن خلال تجربته في رسم تاريخ البشرية في السقف الداخلي للكنيسة في روما أيام البابا يوليوس الثاني 1504.ولم يحقق الشريط النجاح المتوقع،كما أنه ترشح لعدة أوسكارات ولم يفز بالجائزة إلا مصمم الديكور "داريوسيمونى".
من ضمن أشرطة الممثل أيضاً "القصة التي تستحق أن تروى"عام 1965وسيد الحرب عام 1965وشريط "خرطوم"عام 1956لمخرجه "بازل دريدن"،يلى ذلك شريط "تحت كوكب القردة"وهو من أشرطة الخيال العلمي الناجحة لمخرجه "تيدبوست"عام 1970ولقد حقق نجاحاً جيداً على المستوى التجاري.
آخر رجل:-هناك أيضاً شريط "يوليوس قيصر"عام 1970وشريط "آخر رجل في العالم"عام 1971وشريط "الفرسان الثلاثة"عام 1974وشريط آخر وهو "الرجال الشجعان"وشريط "رجال الجبال" عام1980،ومن آخر أشرطته "مسألة نيروبي"عام 1984لمخرجه مارفين شومسكى،ومن أشرطته التي نالت تقديراً نقدياً جيداً،الشريط التاريخي "رجل لكل العصور"،وهو يمثل تجربته الثالثة في الإخراج السينمائي بعد انطوني وكيلوباترا وشريط آخر الكنوز العظيمة.
لاشك أن هذه الممثل قد عمل طوال أربعة عقود متتالية من أجل فن السينما وبإخلاص شديد،ولذلك تجعله هذه السينما حاضرا دائماً بما يعرض له من أشرطة سوف لن يتوقف عرضها مهما تغيرت المعايير واختلفت الأذواق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق