لست أدري ما هي الأسباب التي جعلت هذا الفيلم يمر مرور الكرام وبسرعة دون أن يلفت الانتباه؟ بمعنن أن ينتارك في مهرجانين متتاليين ولا يحظئ بأية جائزة علئ مجمل الفيلم أو أي عنصر من عناصره.
نعم هناك تنويه من لجنة التحيكم في مهرجان دمسق السينمائي 2008 بالممنلة
الأولئ في الفيلم (سلآف فواخرجي) ولكن لا اظن أن ذلك كافيا. ويمكن أيضا أن يطرح السؤال بطريقة أخرى.ما هي النقائص التي كانت سببا في تراجع هزآ الفيلم، رغم ألجهد الكبير المبذول فيه؟ وهل يمكن لفيلم يتكاسل كل عنصر فيه أن تكون له نتيجة نهائية سلبية؟
لا يعني ذلك أن هذا الشريطر (حسيبة) مظلوم أو أن الظروف العامة لم تخدمه فهو شريط به الكنيي من المنتكلات التي تجعله يمر دون أن تتوقف أمامه عين السينمائي المتابع للسينما، في خضم المئات من الأفلام المنتجة يوميأ والتي تتم المنتاركة ببعضها في المهرجانات السينمائية وخارج المهرجانات. يمكننا
أن نعود إلى أفلام المخرج ويمون بطرس وهي الطحالب عام 1991 تم الترحال عام (9991 وأخيرا حسيبة 2008 ، وبالطبع هناك أفلام أخرى ونائقية وقصيرة جاءت كلها مقدمات للدخول في عالم الأفلام الروائية، إن صح تعبير (مقدمات)، ذلك أن القاعدة بالنسبة إلىالمخرجين في سوريا هي أن يكون الأمر كذلك، وربما يطبق الأمر علئ المخرجين بصفة عامة.
يمكن القول بأن أفلام المخرج قد جاءت لافتة للنظر الأول بقيمة المكان العالية فيه والتاني بالمنظور الذاتي والسيرة التنخصية شبه الروائية التي تتعامل مع التاريخ الحديت للمنطقة وكذلك علاقةالامكنة بالسخصيات والشغف بالفنون مع التركيز على الخلفية العامة الدينية فى اطارها المسيحى
يقول بعض النقاد بأن المخرج لدية مشكلات درامية كثيرة ظهرت فى فيلمية السابقين
ربما تكون مثل هذه المشكلات وغيرها قد تكروت في هذا الشريط (حسيبة) وربما يكون للأمر شأن أخر. ولكن النتيجة تؤكد أن هناك رأيا ايجابيا مع هذا الشريط وفي نفس الوقت هناك رأي سلبي ومن احتكاك الرأيين يكون مفهوم ثالث ليس دائما في صالح الشريط.
لم يرفق الشريط في تقديم كل هذا الاستطراد من الجبل إلن دمشق القديمة من نهاية الثلاثينات إلن الاستقرار مع الأقرباء والحديث الطويل حول العمل والأكل وكل ذلك مقدمة ليس لها مبرر لأن الأحداث فعليا تبدأ بعد ذلك بقليل أو كثير. هناك دقة في تنفيذ المشاهد واهتمام خاص بالملابس والديكورات، ولكن هناك جلباب كبير يرميه المخرج علئ الشخصيات وعلئ الأمكنة، مع تعدد في هذه الشخصيات وبلا حدث فعلي مهم.
هذا الجلباب الكبير كان ثقلا علئ الأحداث إذ تشعر بأن الفيلمي يعتنى بهذه
التفاصيل وأحيانا تشعر بأنه لايعرف أين يسير فعليا، أو أن له مسارات مختلفة. يترك الفيلم مع اختفاء صياح الأب، فقد قرر الارتحال إلن فلسطين لخوض غمار الحرب. ان داخل الاب نوازع داخلية وهي اليقظة والاحساس بالكرامة المهدورة التي لا ينفع معها إلا علاج العودة إلن حرب أخرى. نعم هناك مقدمات دالة فقد اشترى الأب (بندقية) واستعد لذلك، لكن قرار السفر اتخذ سريا ولا أحد له علم بالحقيقة أما الإبنة حسيبة فيخامرها مجرد إحساس.
هذه هي البداية الحقيقية للفيلم، وشخصية صياح شخصية أرامية، بلا
صراع خارجي، إن صراعها مع نفسها وداخلها، وهي الشخصية التي تتكرر بعد ذلك بطرق مختلفة. أما حسيبة فهي سليلة عائلة تعرف باسم ددالجوفداردد لهآ شأن في التجارة لكنها التجارة البسيطة. ومع زواج حسيبة من حمدان تتحول هذه المرأة إلن كيان مستقل اقتصاديا فهي تعمل بالتجارة وبلا قلب يميل إلن العواطف، وعندما تضع زوجها في قلب التجارة وترغمه علئ العمل في الدكان الصغير الذي اشتراه والدها بمساعدة
أهل الحي، تجد نفسها قد تحولت إلن تاجر كبير يوما ما.
وهنا يركن الفيلم علئ نقطة ذات طابع تجاري، وهي فكرة الانتقال من التجارة الصغيرة إلن التصنيع والبيع بالجملة بما أن هناك طرحا لموضوع التحكم في السوق ونوعية البضاعة وزيادة الأسعار.
وكل تلك التفاصيل يضيفها الفيلم في مرحلة ثانية وهي مرحلة الاستقرار والزواج بالنسبة إلن حسيبة في العمل.
يتابع الشريط كل التطورات التي تحدث لهذه المرأة من البداية مع الأب، كمآ قلنا ثم مع الزوج، ومع التجار أيضا. وفي الحقيقة فإن عمل المرأة بالتجارة يعد من النوادر في دمشق القديمة. ولقد اختار كاتب الرواية هذه الشخصية لتكون مختلفة عما هو سائد.
إن معظم الأحداث تدورني البيت الدمشقي القديم. وهوبيت تسكنه حسيبة مع زوجها. وقد انتقل إليها بعد أن سعت لشراثه. وبعد موت أصحابه من الأقرباء، وتبقن الخالة (خالدية) هي المرأة المختلفة أيضا وهي تلتقي مع حسيبة وفي نفس الوقت تتقاطع معها وتختلف عنها. لقد عاشت خالدية تجارب فى الحب والزواج
أكنق من مرة تم استقر بها الحال وحيدة. إنها صورة مختلفة أيضا للمرأة ولكنها تقليدية مقارنة بحسيبة.
يركن الفيلم علئ تضاريس البيت الد منتقي القديم. إنه منزل كبير له سلالم في الوسط للصعود إلن الطابق العلوي وبه أيضا نافورة صغيرة تسمن (مجرة) ويجتمع النسوة غالبا في فناء البيت المتسع. وأظن أن الفيلم قد اهتم كنيرا بالزهور والأتنجار والماء المتدفق في جريانه واهتم أيضا بملابس النساء والأناقة الواضحة في ملابس الرجال، رغم المستوى الاقصا دي المتوسط، وكل ذلك قد اكسب التفريط ايهابا تنيقا لافتا للتطر. لكن المنتكلة تكمن في الأحدات الجزئية الكنيرة فلا يكاد يوجد حدت مهم إلا بين الحين والآخر. تم أن الأحدات المهمة لوحدها قد تكون سببا في ضعف الفيلم، حيت يطرد الحدت الحدت الآخر،
إن فيلم حسيبة له شكل بانورامي يستعرض الأحداث المتتالية، حدثا وراء أخر إلن ما لا نهاية والحقيقة أن النهاية موجودة يصل إليها المتفرج وهو مرهق بالأحداث والتفاصيل والتعاريج.
إن التفاصيل ينبغي أن تخدم حدنا ما والجزئيات تقود إلن منتكلة معينة يراهن عليها الفيلم ويتنبعها إيضاحا، ليس بالطريقة البانورامية، ولكن بالتوغل العامودي في الأحدات أو بالأحرى بالتركيز علئ حدت معين واتنباعه.
لقد تزوجة حسيبة تم أنجبت وصارت ابنتها كبيرة وننسئ كل ما كان قبل ذلك تم ها هو الزوج يكرع ما فعله الأب. يقرع الزوج السفر إلن فلسطين ليحارب هناك. وربما تستعد حسيبة
لاستقبال خبر موته. لقد أنجبت حسيبة فتاة اسمها زينب، إنها تحاول أن تتند الرجل إلن البيت والمكان لكن الرجل معها دائما علئ سفر، إنها ظروف المنطقة والزمن الذي يجعل من الرجل مسافرا والمرأة عنوانا للاستقرار. سوف نجد هجرة الرجل اجبارية أحيانا وطوعية في أحيان أخرى بسبب الحروب أحيانا وبسبب البحت عن لقمة العيتنر في بعض الأحيان ومنلما فتنلت حسيبة في منع أبيها من الرحيل بالبحت له عن زوجة يستقر معها فتنلت أيضا مع زوجها وها هي البندقية التي ظنت أنها قد خباتها عن أبيها تصبح في يد الزوج تساعد في صنع قرار الرحيل.
ان هذا الموضوع قصة أخرى صالحة لفيلم مستقل وهو يتنبه القصة الأولئ الصالحة أيضا لأن تكون موضوعا مستقلا. تكفر الفواصل الكبيرة في الفيلم ولا وجود للاختيار. في اطار هذا الصراع الداخلي، هناك أيضا ألخلفية الرئيسية للاحدات، وهي الصراع مع المحتلين والمطاردات التي تصيب بعض الأفراد، وهذه المرة تصيب أحد الصحفيين (إنه فياض) الصحفي الذي وجد نفسه في بيت حسيبة هاربا من عمليات المطاردة المتلاحقة له. وهذا البيت الذي تسكنه امرأة - تنبه أرملة لأن زوجها عاد من الحرب لكنه لم يظهر بسبب الهزيمة مرة أخرى - ومع المرأة (حسيبة) ابنتها (زينب) وقريبة لها هي ابنة خالتها ولكن الصراع العاطفي يبدأ بين الأم وابنتها لاستمالة هذا ألرجل. إحداهما فتاة صغيرة تبحت عن زوج وعلاقة عاطفية جديدة والتانية لها نظرتها المختلفة لهذا الرجل الذي يمكنه أن يعؤض الحرمان الذي تعينته.
لم يبالغ الفيلم في تصوير حسيبة باعتبارها امرأة نموذجية بل وضعها في اطار طبيعي باعتبارها أنتئ، مع الاعتماد علئ الماء للتعبير عن الحرقة الجسدية، تم إطفاء هذه الحرقة. إن الصراع بين
الآم وابنتها رغم كونه خفيا يصلح لآن يكون موضوعا مستقلا ولكن في النهاية تخسر حسيبة المعركة أيضأ، فقد فر فياض مع ابنتها زينب تاركا لها الفراغ الذي قاسته بغياب الرجل المستمر ورغم عودة الزوجين إليها، إلا أن اصرارها علئ السيطرة واخضاع الآخرين وتدبير العملية التجارية من بعيد قد أرغمت
فياض أيضا علئ الرحيل، بعد أن وجد أن القلم وحده لا يكفي، بل لابد من استخدام السلاح، إن المواجهة مع الفرنسيين تتجدد بالمواجهة في فلسطين.
تحاول حسيبة أن تبيع بالجملة وتدخل عالم التجارة الذي ظل حكرا علئ الرجال وهي تحاول أيضا أن تدخل الآلات الكهربائية بديلا للماكينات اليدوية العادية لكنها لا تتمكن من ذلك ويظل الآمل يداعبها في حفيدها الصغير (هشام) الذي يعمل في التجارة أيضا، ولكن يستخدمه أحد المهربين لبيع قطع السلاح، ويصل الآمر إلن حد السقوط في يد العدالة إلا أن الشرطة تفرج عن الصبي الصغير.
إن قصة الصراع بين الآم وابنتها حول الصحفي فياض قصة في حد ذاتها لفيلم - كما قلنا - مستقل، ومع اضافة ما تبع ذلك من الرحيل المتكرر للرجل، وهو المحور الذي ربط أجزاء الفيلم مع وجود الخط الث رامي لحسيبة نفسها.
لقد بدا ألفيلم واقعيا لآبعد الحدود ولم يرتفع إلن المستوى التعبيري رغم تيسة الرحيل المستمر والفقدان الدائم. إن المرأة حاضرة والرجل غائب، والمرأة مستقرة وعاملة والرجل دائم الرحيل والاختفاء.غير أن الهزيمة تلحق بكل من الرجل والمرأة، أحيانا تسقط المرأة ميتة، كما حدث لخالدية بين أواني الزهور التي تعيد ترتيبها باستمرار، وأحيانا تسقط في ما يشبه الجنون، كما حدث لزينب عندما رحل عنها زوجها فياض.
بالاضافة إلن كل ذلك سوف نرى تفاصيل أخرى كثيرة وجزئيات يصر المخمج ويمون بطرس علئ تقديمها، ربما كان في ذلك دقيقا ومخلصا لآحداث الرواية.
لكن الرؤية الموحدة كادت تختفي في الفيلم فلا توجد إلا مشاهد متتالية، نعم هي مشاهد مترابطة لكنها فاقدة للايحاء من جهة، وفاقدة للرؤية السينمائية من جهة أخرى. قد تبدو كلمة (رؤية سينمائية) غير واضحة المعالم لكن
النتيجة تقول بأن الفيلم يقص عليك حكايات متتالية ذات مقاطع كثيرة شيقة أحيانا غير أن الخلاصة لا تمنحنا إلا ذلك السرد الحكائي المباشر. وهذا وحده لا يكفي. ربما تمنحك الرواية حكاية متتالية، كما كتبها كاتبها خيري الذهبي لكن الفيلم لا يمنحنا ذلك، إن هناك جوانب يمكن للرواية أن تعبر عنها، لكن الفيلم لا يمكنه ذلك وعليه أن يختار معالجة
مختلفة للتعبير والتوصيل. فالاختيار أساس الاقتباس.
علئ سبيل المثال فكرة (ملك البحيرة) وهو ه لمب 
اسطوري يتردد صداه داخل بيت حسيبة بين الحين والآخر، ويقصد بذلك أن ملكا خفيا يعيش في هذه النافورة الصغيرة بالبيت العتيق وهو يورع أدوار الموت، وربما يرسل من يريد إلن الموت، وتأتيه المطالب أحيانا بأن يرفق بمن في البيت.
إن هذه الخرافة الاسطو رية، لا يركن عليها الفيلم، وهي تظهر من خلال الحوار بين الحين والآخر، لكنها تعيش في عقل حسيبة وتراها سببا فيما أصاب آبنتها من شرود، وما أصاب قبل ذلك الأب والزوج ثم زوج الابنة. وهي تخشن أن يصيب ذلك هشام الحفيد أيضا.
هذا هو التفسير الخرافي المباشر للأحداث المتتالية. وليس هنآك امكانية إلا القبول بذلك في الأوساط الشعبية حيث أن أي تفسير آخر سوف يكون رهين الوعي والسياسة ومعرفة الأحداث المصاحبة للمنطقة من منظور آخر.
لم يستطع الفيلم أن يقترب من هذه الأسطورة (ملك البحيرة) وظلت بعيدة عن ذهن المتفرج، وحتئ عندما ماتت حسيبة في الماء - ماء البحيرة - قامت نفسها قربانا لهذا الملك أو هي علئ وشك أن تكون كذلك، عسئ أن يوقف هذا القربان نزيف الرحيل المستمر ويصد لعنة الخسران.
رغم أنه يطاول فكرة متعالية، إلا أن فيلم (حسيبة) ظل متمسكا بالأرض والواقع والصورة المباشرة التي فيها الكثير من الخمول، حتئ بموسيقاه، وتمثيله ظل ملتصقا بكل الواقع ودون استقطاب لجمالياته المتعارف عليها.
هناك جهد كبير في التمثيل متفاوت المستوى لكنه جهد ظل حبيس المشهد الواحد لا الفيلم باعتباره خلاصة ذات نزوع شمولي، ومن جانب آخر فإن التفاصيل لا تقود إلن ذاتها بالضرورة لكنها تقود إلن غائية ينبغي تحقيقها قبل البحث عنها
<
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق