ليس من الضروري أن نطرح دائما.... مواجهة مصطنعة بين القديم والحديث سينمائياً ولا سيما فيما يتعلق بالأدوات والوسائط فنحن زاء آلة تتطور مع الزمن ومن الصعب التحكم في تطورها والذي لا نهاية له وكلنا يعلم بأن آلة التصوير عندما اخترعت لم يكن يقصد بها أن تؤدي إلى فن السينما ولكن جاء الاختراع متوالياً لأن كل تطور يؤدي إلى آخر عن قصد أو بلا قصد.
ليس من الضروري ذلك فالمقارنة التي نقصد بها تبجيل الماضي تضر بالحاضر أما الانتقاص من الماضي فلا يقدم أو يأخر لأنه مضى ولا يعود وهذا ما يحدث في عالم السينما فوجود مجموعة كبيرة من الوسائط لا تنفي متعة السينما التقليدية بدار العرض الواسعة والشريط التقليدي والتي مازال العمل جارياً به إلى الآن.
أما استخدام الوسائط والوسائل والأدوات العصرية فقد اتاحت الفرصة أمام الجمهور للتعامل مع السينما وكلنا يعلم بأن الجمهور الكبير الذي يتابع الأشرطة السينمائية هو الذي يصنع السوق وهو الذي يكفل استمرار صناعة السينما إلى حد الآن.
معطياتاخرى
لقد تغيرت معطيات كثيرة فقد كانت هناك دار العرض التجارية ومازالت، وهناك دور العرض المتخصصة التي تعرف باسم نوادي السينما أو الجمعيات السينمائية وكلها تعرض الأشرطة التي يصعب عرضها تجارياً لأنها كما يقال لا تحقق الأرباح الكثيرة لقد قامت الجمعيات السينمائية بدورها في الخمسينيات والستينيات وكذلك في العقود اللاحقة وأكثر من مخرج تعّرف على الأعمال الجيدة عن طريق هذه القنوات وخصوصاً في بلدان مثل مصر وتونس ولبنان والمغرب وأحياناً سوريا والجزائر ولكن تحت مسميات مختلفة.
ربما لا يوجد مبرر لهذه النوادي الآن،، وبالفعل لم يعد أحد يشعر بوجود الجمعيات السينمائية إلا من حيث جمعها للنقاد مثلاً أو حشدها لكتاب السيناريو أو باقي المهن الفنية الأخرى ولكن العروض نفسها صارت قليلة رغم أن المراكز الثقافية الأجنبية لها دور كبير في هذا المجال.
إن القنوات السينمائية المتخصصة هي تعويض عن تلك النوادي ووجود عشرات القنوات المرئية التي تعرض الأشرطة يومياً هي البديل الواضح لتلك الجمعيات والنوادي ورغم أنها مستمرة إلا أن هذه القنوات المرئية صارت هي الأصل ولا سيما من حيث تعددها.
إننا في البداية أمام قنوات مرئية عامة تعرض الأشرطة بشكل يومي تقريباً وهناك قنوات أخرى متخصصة تعرض الأشرطة بشكل مستمر من الشريط إلى عشرة أشرطة في اليوم الواحد تقريباً.
هناك أيضاً قنوات سينمائية مشفرة تعتمد على نظام الاشتراك الفصلي أو السنوي وهي تعرض الأشرطة بحسب تخصصها الحديث أو الكلاسيكي أو الأسود والأبيض أو بحسب النوع.
هناك أيضاً قنوات خاصة منزلية بحسب الطلب ولكن الطلب يكون أحياناً في حدود المتاح فقط ولا شك أن هناك قنوات متخصصة أخرى تعرض الأشرطة الحديثة نسبياً وقنوات تعرض أشرطة الموجات والتيارات السينمائية وهذا التعدد في القنوات لم يكن متوفراً بحسب الطرائق القديمة التقليدية.
عدد محدود:
إننا نجد أنفسنا نتحدث عن الأشرطة الأجنبية بالدرجة الأولى فالخيالة العربية محدودة نسبياً والرقم الذي يدور في السوق لا يتجاوز (٣٠٠٠) شريط سينمائي البعض منها من إنتاج عربي (غير مصري) وهو لا يعرض إلا في حدود ضيقة والتجربة الوحيدة هي التي قامت بها قناة أوربت عندما عرضت بعض الأشرطة والتي يغلب عليها المنظور التجاري وتبقى الأشرطة المغربية والجزائرية بعيدة عن المتناول.
أما الأشرطة المنتجة في مصر فهي تعاد باستمرار ولا شك أن تكرار هذه الأشرطة ومع تعدد القنوات سوف يلقى نفوراً من الجمهور وهو أمر قادم لا محالة ولا سيما وأن بعض القنوات السينمائية المتخصصة تعبث بهذه الأشرطة عندما تستخدمها خلفية لبعض الأغاني وهو أمر لا يوجد في أي مكان في العالم كما أن هذه القنوات غير جادة بسبب الدعاية لنفسها واستهلاك الأشرطة بلا مبرر أو سبب واضح إن الحل يكمن في دمج الأشرطة العربية بالاجنبية ونقصد بالأجنبية ، ليست الأمريكية ، ولكن الأوروبية ، الإيطالية والفرنسية والألمانية والأسبانية والدانماركية والبولندية وغيرها .
كذلك هناك تجارب كبيرة معروفة في العالم ، مثل الخيالة البرازيلية والارجنتينية والكوبية ، وهناك إنتاج قادم من اليابان والصين والهند وبلدان أخرى كثيرة .
عروض عامة:
وأن مهمة القنوات السينمائية المتخصصة (العربية) هو أن تقترب من الخيالة في كل مكان ، حيث نجد الأشرطة المتعددة الجنسيات ، ولايتوقف الأمر على الاشرطة المنتجة في مصر وأمريكا وفي أفضل الحالات الهند إلى حد الآن لم تقم القنوات المتخصصة بدورها ، رغم الخدمة الجيدة لقنوات كثيرة ، لم تنفتح على الأشرطة العالمية، كما أنها تكتفي بالعرض فقط ، ولاتضع في أعتبارها مجال النقد السينمائي ، والحاجة تبدو كبيرة لتسليط الضوء على (فن السينما) من الناحية الفنية ، بواسطة برامج نقدية معدة أو مترجمة .
من جانب آخر ، تدخل السياسة أحيانا من الباب الثقافي وهو مدخل مشروع على أية حال ، فالقنوات الأوروبية سوف تنفتح على الجمهور العربي وباللغة العربية ، وربما وجدنا أكثر من قناة تسعى لكى تعرض ثقافتها على قنوات مترجمة إلى العربية ، ومن ذلك الأشرطة الأوروبية المتنوعة ، ولقد نجحت القناة الفرنسية (تي في سانك) في التعريف بالأشرطة الفرنسية ولكن ضمن أختيارات عامة وليس مخصصة للمشاهد العربي على وجه التحديد.
وسيط وحيد:
كما قلنا لم تعد دار العرض هي الوسيط الوحيد المتاح لمشاهدة الأشرطة وخصوصاً في ظل تراجع الإقبال على هذه الدور أحيانا ، وضعف الإستيراد السينمائي في الكثير من الدول . لقد صارت هناك وسائط أخرى ومنها الاقراص المرنة التي توزع عالميا ومن السهل الحصول عليها ، وخصوصاً في بعض البلدان المنفتحة ثقافياً على العالم مثل لبنان ودبي وقطر وغيرها ، كما صار من الممكن شراء هذه الأقراص مباشرة ومن الخارج وجلبها إلى داخل أية دولة ، متى سمحت التشريعات بذلك وتعتبر الأقراص المرنة السوق البديل لدور العرض ، فهي سهلة التداول كما أن سوقها تشمله ظاهرة القرصنة ، وهي ظاهرة في طريقها إلى الحل بشكل طبيعي عندما تصبح الأقراص قليلة الثمن ، من مصدرها الرئيسى ، كما أن التقنيات الحديثة تسمح بتوفر سبل الحماية لهذه الاقراص بشكل مضمون ومستقر.
إنتاج مختلف:
لايجب أن نستصغر من هذه الظاهرة ، لأن السينما المعروفة باسم (نار وود) وهي في نيجيريا ، تنتج أكثر من (٥٠٠) شريطاً مصوراً بالفيديو وهو عبارة عن دراما تباع بواسطة هذه الأقراص وتوزع في الكثير من البلدان الأفريقية بأسعار قليلة ولهذه السينما نجومها وأسواقها ومهرجاناتها وهي تحقق أرباحاً عالية رغم أن القرص الواحد لايتجاوز دولاراً واحداً وكما أن هناك تجارب بسيطة أخرى في أكثر من دولة .
بالإضافة إلى دور العرض والقنوات المرئية العامة والمتخصصة وكذلك الأقراص المرنة بأنواعها المختلفة ، هناك أيضا شبكة الإنترنت وهي من المصادر التي يمكن الأعتماد عليها في متابعة الأشرطة، وتعد من أحدث الوسائط ، حيث من الممكن متابعة القنوات المرئية المتخصصة في السينما وكذلك مشاهد وتحميل الأشرطة وذلك حسب الطلب وهذه ميزة مهمة لاتتوفر كثيراً في الوسائط الأخرى .
ولكن شبكة الانترنت مازالت بعد جديدة ، وخصائصها في بعض البلدان التي تدفع من تكلفة المشاركة فيها ، حيث تسيطر الشركة الواحدة احياناً بطريقة احتكارية وتفرض السعر الذي تريد ، ورغم أن بعض الدول قد جعلت من الاشتراك في الانترنت مسألة مجانية ، إلا أن هناك دول أخرى مازالت تضع التعقيدات وتفرض الأسعار العالية بقصد الكسب السريع أو تضع موانع رقابية مبالغ فيها .
ولكن بالطبع تفرض المتغيرات الجديدة أسلوبها على الواقع ، بحيث لا تستطيع المؤسسة الرسمية أن تحد من أنتشار الظواهر السابقة الذكر، وهذا الأمر يتعلق بالتطور التقني العالمي الذي لايضع فرصة للأختيار غير أن هناك محاوير ثقافية عامة تتعلق بالأفراد وعلاقتهم بالثقافة القادمة من خلال هذه الوسائط وهو الأمر الذي أصطلح على تسميته بالعولمة الثقافية !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق