الخميس، 30 أكتوبر 2014




سينما العالم في كتاب جديد

 


عند العودة إلى بعض الإصدارات السينمائية السابقة ، سوف نجد أن الناقد السينمائي محمد رضا قد أصدر بعض الأعداد من سلسلة كتبه ( دليل السينما العربية والعالمية ) أو كما كان يسميه كتاب السينما ، ربما خمسة أعداد في السابق أو أكثر . وهاهو يصدر في سنة 2012 دليلاً جديداً بنفس الاسم وبنفس المعطيات والمنهج مع اختلاف الظروف والأفلام .
لم يهتم أي ناقد سينمائي عربي  بمثل هذه النوعية من الكتابات ، ونعني بذلك متابعة النشاط السينمائي العربي والدولي في سنة معينة ولا يشبه ذلك إلا بعض الكتب الخاصة لمتابعة للإنتاج السينمائي في مصر والتي أصدرها الناقد كمال رمزي وكذلك الناقد عبدالمنعم سعد مع الكثير من الاختلافات بين الأطراف كافة .
والواقع أن الجهد الموسوعي للناقد السينمائي محمد رضا يتضح في اهتمامه بالسينما في أي مكان ، ولا يعني ذلك الانصراف عن النقد المباشر للأفلام على حده والتركيز فيه ، ولكن فكرة الموسوعية تبقى الشغل الشاغل لمحمد رضا، ونلمس ذلك ليس في كتبه فقط ولكن أيضاً في مدونته الشهيرة" ظلال وأشباح" .
الناقد السينمائي محمد رضا من أشد النقاد المخلصين للسينما ، وقد عاش كل حياته في ظلالها وأجوائها ، ومن الطبيعي أن تصغر أيقونة السينما أحياناً لتتمثل في السينما اللبنانية وبدرجة ثانية السينما العربية ، وكذلك العالمية ولكن اهتمام محمد رضا بالسينما أوسع يتضح فعلياً من خلال متابعته للمهرجانات العالمية من ناحية واهتمامه بالسينما الأمريكية من ناحية أخرى وهي السينما الأهم في العالم .
بعد الإهداء لكل من العالم حسن بن الهيثم والمخرج لويس لوبرنيس ، تأتي كلمة ناشر الكتاب ، ومن الطبيعي أن تكون التحية جليلة للناشر عبدالله الشاعر من الإمارات ، لأن هناك مجازفة واضحة في الإقبال على نشر مثل هذا الكتاب بسبب تكلفته الورقية العالمية ونوعيته ، إذ يقال بأن الإقبال على شراء الكتب السينمائية ضعيف من قبل القراء ، رغم أن الإقبال على مشاهدة الأفلام لم يزل نسبياً كبير بأشكال مختلفة .
 

يتكون كتاب(دليل السينما العربية والعالمية)من عدة أربعة فصول، الفصل الثاني مخصص للسينما العربية الروائية التسجيلية والقصيرة من خلال عام 2013 .
 الفصل الثالث مخصص لأهم أفلام السينما العالمية بمختلف أنواعها ، والفصلان المذكوران بهما وضوح شديد من حيث الاختيار ، وبقدر ما يبدو انسجام هذين الفصلين ، سوف نجد أن الفصل الأول موزع الاهتمامات ، فهو يتضمن تقارير حول أهم أفلام المهرجانات ، بالإضافة إلى تقييم الأفلام ومنح جوائز باسم الكتاب وإضافة بعض الدراسات السينمائية .
الفصل الرابع يتضمن قسما باسم المفكرة ، وهو تنويعة سينمائية تشمل اهتمامات لم تجد لها طريقاً في باقي الفصول .
من الواضح أن هناك مشاغل كثيرة حاصرت الناقد محمد رضا فجعلته مدفوعاً لإصدار كتاب من هذا النوع ، كتاب يعتمد فكرة الرصد السينمائي لما تحتوي عليه سنة كاملة من أفلام السينما ، ونقصد بذلك سينما العالم . ومن الطبيعي أن يكون ذلك منطقياً منذ أكثر من ربع قرن ، حيث يتابع الناقد وقائع العالم السينمائية بما فيها من إنتاج وأحداث وموت وحياة في سنة كاملة .
ولكن يبدو أن الوصول إلى النموذجية مسألة صعبة في هذا الأوان ، وذلك لصعوبة متابعة كل الأحداث والإنتاجات ، وخصوصاً ونحن نعلم أن أفلام كثيرة لم تدرج في الدليل ، ربما لأنها غير معروفة ، وكذلك نسبة عالية من المهرجانات لم تذكر ، وما قدم بالطبع جهد رائع من حيث محاولة حصر المعلومات وترتيبها . إلا أن هناك تداخل بين الجانب النقدي والجانب الإخباري ويتضح ذلك في فصول الكتاب الأربعة .
لنعترف بأن الجهد الجامع للناقد محمد رضا قد وصل غاياته ، فلم يصدر كتاب باللغة العربية مشابه لهذا الكتاب ، ولعل متابعي السينما يدركون أهمية مثل هذا السفر ، لأنه مهد إليهم الطريق لمعرفة ما يمكن متابعته من أفلام عربية وعالمية والأهم التعريف بأسماء المخرجين والممثلين والمنتجين وأهم أعمالهم السابقة.
لنقل ذلك بوضوح !
لكن الجهد النقدي لمحمد رضا ناقداً سينمائياً يضيع أحياناً في زحمة الرصد الإخباري العام ، كما أن هناك جهد إضافي في الدليل يركز على المقدمات (تقارير ـ اتجاهات ) ، وهذا أمر طبيعي لأن كل موضوع مستقل يحتاج إلى مقدمة وبذلك تتعدد المداخل والمقدمات .
نشير إلى بعض الدراسات التي تبرز محمد رضا ناقداً ، ومن ذلك مثلاً ترنس مالك ( رحلة المخرج) ... حيث تتعرض الدراسة للأفلام على حدة ولرؤية المخرج الشاملة ، وللمخرج الأمريكي سبعة أفلام أشهرها(الخيط الأحمر الرفيع ـ 1988) والفيلم الفائز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان 2010(شجرة الحياة) .
 


نشير أيضاً إلى دراسة مطولة حول أفلام(هاري بوتر) وهي دراسة لا يكتبها إلا الناقد محمد رضا ، لأنها تعتمد على الرصد وجمع المعلومات ومقاربة شباك التذاكر ، فضلاً عن اقتراب الناقد من السينما الأمريكية ، ولنعترف بأن هذا النوع من السينما الشعبية لا تشغل بال النقاد العرب كثيراً ، بصرف النظر عن تقييم ذلك وهل هو من السلبيات أو الايجابيات .
بنفس الطريقة يتابع محمد رضا اهتمامه بالحدث السينمائي العالمي ، فيرصد أفلام (جيمس بوند) المتعددة ، احتفالاً بمرور خمسين عاماً على ولادة أول فيلم وهو ( الدكتور نو)) إنتاج عام 1963.
ومن جانب آخر يركز الناقد على الإحصائيات ، فيذكر مثلاً أهم الممثلات وأهم الممثلين وأهم المخرجين الذين تداولوا على أفلام(جيمس بوند) ، وربما يقول قائل بأن هذه المعلومات من السهل الحصول عليها في شبكة الانترنت ، وهذا أمر ينطبق على أكثر من موضوع ، ولكن نضيف بأن الكتب الموسوعية الورقية ما زالت تصدر ومرفقة بالكثير من الإحصائيات ، والتي تكاد تخلو تقريباً من الأخطاء ، بحيث يمكن الاعتماد عليها عند التوثيق بعكس ما يورد في شبكة الانترنت من معلومات تشوبها بعض الأخطاء أحياناً .
في تقرير مختلف عن أهم الأفلام العربية وضمن مواد الفصل الأول يذكر الناقد أهم الأفلام العربية الروائية ، ومن ذلك مثلاً فيلم (أسماء) من مصر وفيلم (أنا بضيع يا وديع) وفيلم (إنسان شريف) وفيلم (بقايا بشر) وفيلم (بعد الموقعة) وفيلم (أيدي خشنة) وفيلم (بيروت بالليل) وفيلم (موت للبيع) وفيلم ( تاكسي البلد) وفيلم (التائب ) وفيلم(تورا بورا) وفيلم (تقاسيم الحب) وفيلم(ديما براندو) وفيلم ( حرّاقة بلوز) وفيلم( الجمعة الأخيرة) وفيلم (حبيبي راسك خربان) وفيلم (وجده) وفيلم (خيل الله) وفيلم ( مانموتش) وفيلم (هلا وين) وفيلم (يما) وفيلم (الشتا اللي فات) .
سوف نرى أن كل الأفلام تقريباً قد عرضت في مهرجانات سينمائية مثل : كان وفينيسيا ودبي وأبوظبي والخليج .
على نفس النسق هناك أفلام تسجيلية مهمة مثل فيلم(البحث عن النفط) وفيلم (الرمال) وفيلم (أمل) وفيلم (عمو نشأت) وفيلم (في أحضان أمي) وفيلم (كما لو أننا نمسك بالكوبرا) وفيلم ( طفل العراق) .
هناك أفلام روائية قصيرة أيضاً يذكر منها الناقد فيلم(هنا لندن) وفيلم ( الأركان) وفيلم (سبيل) وبعض الأفلام الأخرى .
وخارج نطاق الفيلم الروائي الطويل لا يذكر المخرج أفلام تسجيلية عربية كثيرة وأفلام روائية قصيرة ، ولعل هذه الاختيارات تتوافق مع المعلومات التي يملكها المخرج ، ولا ننسى أن أفلام كثيرة قصيرة وتسجيلية من المغرب وتونس والجزائر ومصر قد حققت نجاحاً جيد وفازت ببعض الجوائز ، وبالطبع لا نستطيع أن نطالب صاحب الكتاب بالنظر إلى كل الأفلام ومتابعتها ، حيث غابت مهرجانات كثيرة عن الاختيار ومنها مهرجانات عربية معروفة ، وبالتالي فإن شبه الموضوعية لا يمكنها أن تكون عالية في أعداد هذا النوع من الكتب ، وتبقى الظروف مرهونة بذات الكاتب واختياراته ونوعية المعلومات التي يتعامل معها .
قلنا بأن الناقد لا يحضر في الكتاب إلا في موضوعات قليلة ومنها مثلاً مقالة حول فيلم(حصان تورينو2011)ثم مقال حول فيلم(حب2012)الفائز بجائزة مهرجان كان السينمائي ومقالة حول الفيلم التركي(حدث ذات مرة في الأناضول) إلا أنه يجدر القول بأن بعض الاختصارات حول الأفلام الفيلم الروسي(إيلينا)ـ تبدو مركزة وهي تصلح مدخلاً لمقالات أوسع يمكن أن توصف بأنها نقدية . كما أن بعض الملاحظات تبدو أحياناً سريعة وجدت من أجل التعريف بالفيلم .
وهكذا جاءت موضوعات الدليل لخدمة القارئ العام وأحياناً المتخصص وصفه الدليل هنا مهمة ، لأن في ذلك إشارة واضحة على أن الكتاب هو مدخل أولي يقود نحو البحث والتنظيم والمتابعة وليس هناك هدف يقضي بالحسم النقدي ، رغم وجود علامات التقييم على الطريقة الأمريكية .
أظن ولا شك أن هناك مقالات أخرى قد كتبت خارج الدليل حول بعض الأفلام التي ورد ذكرها هنا ، ولاسيما وأن الهدف هنا هو تقديم معلومة فقط حول الفيلم بما في ذلك سرد أحداثه في مختصر مفيد . وكما قلت فإن بعض الاختصارات هي مقالات بشكل أو بآخر كما في قراءة الناقد لفيلم (فاوست) لمخرجه (الكسندر سوخوروف) وأيضاً موضوعه حول فيلم (القيصر يجب أن يموت2012) إخراج الأخوين (تافياني ) والقراءة النقدية لفيلم (الأحفاد 2011) للمخرج ( الكسندر بارني) . وكذلك فيلم ( آلات سماوية) إنتاج فرنسا 2012 .
بالرغم من كل ذلك أجد توفيقاً جيداً من قبل محمد رضا في تعامله مع أغلب الأفلام حتى في حالة الاختصار ، وربما تكون هناك أفلام لم يشاهدها وقد أدرجها بحكم حضور هذه الأفلام في الساحة السينمائية العالمية .
أغلب الأفلام المختارة في الدليل أمريكية بالدرجة الأولى وأفلام بريطانية بدرجة ثانية ثم باقي الأفلام من أوروبا والهند وأمريكا اللاتينية ، وكما قلنا تحظى الأفلام العربية باهتمام بالغ ومنها أفلام منتجة بيد عرب في أوروبا وأمريكا .
احتوت المفكرة على أفلام قديمة ولكنها متميزة فنياً ، ومن ذلك فيلم ( الهاوية ) وهو صامت من الدنمارك  إنتاج عام 1910 .
أيضاً الفيلم المعروف (مولد أمه) لغريفت إنتاج عام 1915 ، ويضيف الناقد أيضاً فيلم معروف وهو ( مغامرات الأمير أحمد) إنتاج عام1926 وهو من أوائل أفلام التحريك .
هناك أفلام أخرى قديمة وجدت لتعريف القارئ بها ، ومن ذلك فيلم (مسدس للإيجار ) وفيلم (أمنا الهند) وفيلم لورنس العرب) في نسخته المطولة 3.5 ساعة وفيلم (سواق الأوتوبيس) من مصر وفيلم (القطة الفرنسي) وفيلم (جرونيمو) الأمريكي .
ويضيف الناقد عنوانين لأفلام في نسخة DVD تم توزيعها مؤخراً في السوق ، كما أن هناك كشفاً بأسماء من ودعتهم السينما من العرب والأجانب .
وسوف نلحظ من خلال الاختيارين الأخيرين حرص الكاتب على أن يكون الكتاب دليلاً سينمائياً لكل شيء تقريباً ، فلا يكاد يترك الناقد شاردة أو واردة إلا ذكرها ، عدا ما يخرج عن معلوماته وهي معلومات تتصف بالذاتية طبعاً ، وهذا أمر طبيعي لأن الكتاب يخص مؤلفه ولا أحد غيره .
أظن أن الجهد الذي قدمه الناقد محمد رضا كبيراً ، فالكتاب فيه الكثير من الإمتاع ، وربما لا يهم الدليل أولئك النقاد الذي لهم معرفة بالمهرجانات وأفلامها وما ينتج في العالم سنوياً ومن يعيشون عن قرب في بلاد يتوفر فيها نشاط سينمائي ملحوظ ، ولكن تزداد أهمية الكتاب بالنسبة لمتابعي السينما من الجمهور .
لا نريد أن نناقش خصائص النقد السينمائي لدى الكاتب فلذلك مجال آخر ، ولكن يتضح في ثنايا الكتاب بعض الجوانب ، وأهمها عدم وضوح بعض الأفكار ، ربما بسبب أسلوب الكتابة ، وما يهمنا أن لغة الكتاب الدليل ينبغي أن تكون صريحة وواضحة ، غير أننا نلحظ بأن الناقد محمد رضا ينساق أحياناً نحو كتابة تبدو مغلقة ولا تكاد تفهم إلا بعد إعادة قراءتها أكثر من مرة ولقد لاحقت ذلك بالتجربة العملية .
في النقد بشكل عام يقولون بأن هناك ناقد للغابة وناقد للشجرة والمقصود أن الناقد الأول يهتم بالنظرة العامة ، أما الناقد الثاني فهو يركز على الشجرة داخل الغابة ، بمعنى الوحدة الفردية الضيقة أحياناً .
الناقد محمد رضا من نقاد الغابة الذين ينظرون إلى السينما بمعناها العالمي الواسع ومن خلال منظور عام جداً .
نأمل أن نقرأ له مستقبلاً ومن باب التنويع ذلك النقد السينمائي الذي يركز على الفيلم وحده بكل معطياته وجوانبه ، مع أن الحرص يبدو شديداً مجمع كل الأشجار في غابة واحدة !






الاثنين، 20 أكتوبر 2014

عيون الحرامية" في مهرجان القاهرة السينمائي





"عيون الحرامية" في مهرجان القاهرة السينمائي
بحضور سعاد ماسي
  ينفرد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي،في دورته السادسة والثلاثين (9 - 18 نوفمبر 2014) بالعرض الأول في العالم العربي وأفريقيا للفيلم الفلسطيني "عيون الحرامية" تأليف وإخراج نجوى نجار،في تجربتها الروائية الطويلة الثانية بعد ""المر والرمان"،الذي كتبت له السيناريو،وعُرض عام 2008.
  "عيون الحرامية" يُعرض في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي،بحضور بطلته المغنية الفرنسية العالمية الجزائرية الأصل سعاد ماسي،وبطله الفنان المصري خالد أبو النجا بينما يشارك في بطولته :ملك ارميلة،خالد الحوراني،إيمان عون،إلياس نيقولا،نسرين فاعور وإميل أندريه. وقد اختير لتمثيل فلسطين في مسابقة الأوسكار 2015؛حيث ينافس على أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية .
  الفيلم صور بالكامل،وعلى مدى 25 يوماً،في فلسطين المحتلة (منها 21 يوماً في مدينة نابلس والمناطق الريفية المحيطة بها) ويعتمد على قصة حقيقية  وقعت أحداثها في ذروة الانتفاضة الفلسطينية عام 2002،من خلال "طارق" الذي يكتنف حياته الكثير من الغموض،بما يؤكد ما يقال إن "كل شخص لديه أسرار بعضها أكثر خطورة من غيرها"؛حيث يعاني من جروح في جسده تدفع بعض الراهبات إلى مساعدته في الهرب،ونعرف أنه سبق له أن اعتقل بواسطة جنود الاحتلال الإسرائيلي،وبعد الإفراج عنه يعود إلى بلدته ليقتفي أثر ابنته "نور"،التي تركها طوال سنوات السجن التي امتدت زهاء العشر سنوات،ويبدأ في تفقد المكان الذي طرأت عليه تغييرات كثيرة،وامتلأ بإسرار عدة،وتصبح الفرصة مهيأة لكشف الماضي الخفي للبطل "طارق"،والمزيد من الأسرار المثيرة،مع تسليط الضوء على طبيعة المجتمع الفلسطيني من الداخل،وخيارات البقاء والمقاومة، ليس للفلسطينيين وحدهم،وإنما للمنطقة العربية ككل.
المركز الصحفى
  مهرجان القاهرة السينمائى الدولى