الخميس، 29 يناير 2009

قراءة فى فيلم الطريق الثورى






احلام لم تكتمل

المخرج (سام ماندس) انجليزي لم يعرف عنه الاهتمام بوقائع مجريات الحياة في بريطانيا، بقدر ما عرف بتحليل الواقع الأمريكي، وباعتباره من خارج المجتمع الأمريكي فقد أكسبه ذلك حيادا انعكس علئ قدرته التحليلية لهذا المجتمع من الداخل والخارج أيضا.

لقد اتنتهر (سام ماندس) بفيلم نال (خمس جوائز أوسكار) وهو فيلم (الجمال الامريكي) وفيه يمضي نحو تحليل أعمق لبنية المجتمع الامريكي الداخلية، وكيف يمكن أن تكون حقيقة هذا الجمال الظاهري، والذي عندما يكنف عنها نواها في مستواها الحقيقي بعيدا عن اللمعان الذي يبرق من حين إلى أخر فيغوي من ليس له دراية حقيقية بالواقع الفعلي.



ان فيلم الجمال الأمريكي) هو اول أفلام المخرج ( 1998 وقد نال عنه جائزة الأوسكار للاخراج. أما الفيلم التأني فقد جاء بعنوان (الطريق إلىالهلاك) 2002 ، وهو فيلم يمكن أن يعد من أفضل أفلام المخرج لأنه يجمع بين النزعة التجارية الظاهرية وكذلك التحليل العميق لواقع حياة العصابات ورجالها والصراع النفسي والاجتماعي لظواهر سائدة في مجتمع يهتم كنيرا بهؤلاء الرجال. مع وجود سمة دينية تغلف الأحدات وتكسبها مستويات متعددة، يفصح عنها الفيلم ببنية مركبة ومعقدة.

الأمر نفسه تكرر في فيلم أخر وهو (جارهيد) انتاج عام 2005 وهو عن حرب العراق والمعاناة النفسية والاجتماعية للعسكريين الأمريكيين.

هذا الفيلم الجديد (الطريق الثوري) انتاج 2008 هو فيلمه الرابع. إنها حصيلة قليلة من الافلام لمخرج عرف عنه التردد والحساب الدقيق لما يقدمه من أعمال فنية سينمائية.. بما في ذلك الأفلام التي شارك فيها باعتباره منتجا منفذا.

ليس من الضروري أن نربط كل تلك الأفلام ببعضها ..فكل فيلم له تجربته الخاصة ولكن تبدو واضحة الجدية التي يتعامل بها المخرج (سام ماندس) والحرص الشديد علئ أن يكون كل فيلم في موقعه الحقيقي من السينما الكاشفة عما يحدث وراء المظهر الخارجي المزيف، مع تركيز خاص علئ تحليل آلبنية الاجتماعية الأمريكية عبر مراحلها المتعددة..

ووفق تنوع شخصياتها بما تحمله من أراء وأحلام ورغبات وصراعات اجتماعية متداخلة تقود نحو السلوك الذي يمكن أن يوصف بأنه خارج عن المعيار الاجتماعي

أو مرتبط به. في هذا الفيلم (الطريق اللا تقليدي) لا يعدو العنوان إلا أن يكون اسما دالا علئ مكان معين، منلما حدت في فيلم (الطريق إلى الهلاك انه .. مكان خارج المدينة نسبيا، يقع في سهل منخفض وبه مساكن معدة بشكل جيد مع حدائق كبيرة حولها، واشجارو ربما غابة من الاشجار. هذا المكان مخصص للعائلات التي يرتفع دخلها المادي لتستقر بعيدا عن باقي الطبقات المتوسطة، وتقترب من بعضها بنتيه من التمييز في الحياة الاجتماعية الأمريكية المرفهة.

إن الاستقرار والعيش في هذا المكان (الطريق اللا تقليدي) حلم امريكي يدخل ضمن منظومة الاحلام الأمريكية في الحياة، كما ينبغي أن تكون وتعاش. وبالفعل فإن الزوجين (فرانك وابريل) ومعهما أولادهما ينتقلان للعيش في هذا

المكان النموذجي، وكأنهما بذلك يحققان أكبر حلم يمكن أن يتحقق في حياتهما الزوجية الاجتماعية.

لكن هذا الحلم سرعان ما يتبدد فهذا المكان يقود إلى الملل والضجر، ويدفع إلى التفكير في هدف جديد مختلف، ألا وهو مغادرة أمريكا إلى الخارج حيت يمكن العيش في مدينة باريس، بكل الحيوية التي فيها.

تقع أحدات الفيلم في عام 1950 ، سنوات ما بعد الحرب العالمية، وعصر الجاز وموسيقى الفيس بريسلي. وحيت الجميع يتصور أن أمريكا هي المكان النموذجي لتحقيق الأحلام الفردية والجماعية. يبدأ الفيلم بتعرف فرانك (ليونار دو دي كابريي) علئ ابريل (كيت وينسلت) في مرقص. تم الانتقال مباشرة إلى مشهد ما بعد الزواج التقليدي وفيه نرى الزوجة ابريل تفشل في التمثيل عندما يبدو الجمهور ساخطا علئ العرض المسرحي الذي قدمته، وهو ما يقود إلى خلاف حاد مع زوجها فرانك والسبب الظاهري هو مطالبة اصدقاء العائلة بدعوة المربية إليهم. أما فعليا فإن هناك بوادر لتوتر وضجر من العلاقة

الزوجية المستقرة والتي كانت نتيجتها وجود طفلين فتاة وولد.

في منتهد عودة إلن الخلف تتذكر الزوجة ابريل كيف انتقلت عن طريق (هيلين) - والتي تعمل في بيع وتأجير المنازل - إلن المنزل الجديد بالتنا رع

التوري، حيت يمكن للحلم بالاستقرار والبهجة أن يتحقق بامتياز السكن الذي يجعل من الزوجين مختلفين عن باقي الناس.

لعدة أسباب إذن ينظر إلىالزوجين علئ أنهما نموذج مثالي في الاستقرار والسعادة ولكن كل ذلك ليس إلا وجها ظاهريا مصقولا يخفي الكثير من المتا عب التي تتراكم ويمكنها أن تنفجر في أي لحظة. علئ هذا الأساس يبدو الفيلم هادئا ومشاهده محددة بدقة، وهي مشاهد طويلة نسبيا. وكل مشهد له طريقة سردية معينة في السياق الدرامي. إننا نلحظ ذلك مثلا في مشهد الخلاف بين الزوجين، وهو خلاف مبدئي يبدأ بعده الفيلم بأحداثه المتتالية فعليا إثر ظهور العنوان.

في المشهد المقصود يبدو فرانك عصبيا ومتوترا، يضرب بيديه هيكل السيارة بينما تطلب الزوجة ابريل الهدوء وتلجأ إلى الوقوف في الشارع العام مكتفية بالتدخين والصمت.

سوف نلحظ أن ذلك يتكرر إثر كل خلاف . حيث لكل زوج مسلكه وطريقته في التعبير، وهو أمر يتفق تماما مع اختلاف نوعية كل منهما من حيث رسم الشخصية بكل دقة ووضوح.



بالطبع لا ننسئ أن الفيلم قد اقتبس عن رواية بنفس العنوان للكاتب ريتشارد يايتس وقد نشرت عام 1961 ‏. ورغم العقود التي أبرمت لتحويلها إلى فيلم سينمائي إلا أن انجازها لم يتم إلا في سنة 2008 عن طريق المنتج والمخرج سام ماندس. ولهذا السبب الروائى الدرامي، كانت الشخصيات واضحة المعالم، الرئيسية منها والثانوية، مع تقديم خلفية مكانية لكل شخصية. سوف نلحظ أن فرانك هو زوج مثابر في عمله لكنه لا يشعر بالراحة أو المتعة في العمل . مندوب للبيع لشركة (نوكس)

المتخصصة في مجال الاكترونيات . والحقيقة أن الفيلم لا يقدمه إلا وهوجالس وراء مكتبه الصغير ومعه مجموعة من العاملين ولا يقع الاهتمام بطبيعة عمله فعليا رغم أن أجواء العمل قد ظهرت في أكنر من مناسبة، وبالطبع فإن طبيعة العمل نفسه تنعكس علئ نوعية القرارات التي انشغل بها موضوع الفيلم.

ليس هناك ود بين فرانك ورئيسه ولكن هناك استلطاف مع موظفة يقود إلى علاقة جنسية سرية، ليس لها تأثير علئ تطور الأحدات إلا عند اعتراف الزوج، أما الزوجة فيقدمها الفيلم باعتبارها ربة بيت فقط توقف حلمها بأن تصبح ممثلة مسرحية وصارت تكرس وقتها لأعمال المنزل وللزوج وللطفلين وللعلاقات مع الجيران. مع الاشارة إلى اختفاء أسرة كل من الزوج والزوجة بصفة نهائية، وبالتالي فإن كل القرارات تتحملها كل شخصية دون مرجعية عائلية.

هناك عائلة مجاورة (شيب وميلي) وهناك هيلين مع زوجها وأيضا ابنها

(جون) والتي ترى انه يمكن أن يشفى من الاضطرابات النفسية التي يعاني منها عن طريق التعرف علئ الزوجين النموذجيين.

في البداية تبدو ابريل مخلصة بعكس الزوج فرانك ففي يوم عيد ميلاده يحرص علئ اصطحاب عشيقته

إلى فندق ما بينما الزوجة تنتظره مع الولدين للاحتفال بعيد الميلاد.

وفي الحقيقة فإن الأمر لا يخلو من عرض فكرة معينة يقوم علئ أساسها الفيلم إنها فكرة تدعم الخروج من حالة الرتابة واليأس والضجر، بالسفر والاستقرارفي مدينة باريس، ومثل العادة يطرح الفيلم مقدمات للمشاهد الرئيسية التي يعتمد عليها. فهذه الزوجة (ابريل) تجد صورة لزوجها وهو يقف أمام برج ايفل ويكون ذلك مقدمة لطرح موضوع السفر إلى باريس للاستقرار بها حيت لم يحقق لهما المكان الحالي ما يصبوان إليه من بهجة ومتعة وهما بيحثان عن الجديد والمختلف في فرنسا تحديدا .

يمكن اعتبار الفكرة مجرد تنفيس ذاتي من قبل الزوجة التي تشعر بالظلم واليأس من عدم تحقيق أي نجاح. ولكن الفكرة تخدم الزوج أيضا لأنه سيترك العمل الذي لا يحبه والذي انتقل إليه علئ نفس خط والده الذي قضى ثلاثين عاما في هذا العمل.

من الناحية الأخرى تطرح الزوجة (ابريل) الموضوع بحيت تصبح فيه هي المرأة التي سوف تعمل سكرتيرة أو مترجمة في باريس. أما الزوج فسوف يختار ما يناسبه من عمل.

إن الزوجة تريد أن تنتقل من الهامش إلى المركز.

يوافق الزوج فرانك بعد فترة حيت ليس لديه ما يخسره ورغم أن مشكلة الأطفال لم تطرح إلا أن الاستجابة من الزوجين صارت واضحة بحتا عن التغيير والحياة المختلفة.

ولكن كيف للنموذج الأمريكي الزوجي أن يغادر المكان النموذجي؟

لا يستجيب لهذه الفكرة شخص من الأصدقاء والجيران، ولا نجد إلا (جون) الذي يدعم هذا الاقتراح. لكن الشركة التي يعمل بها فرانك تطرح عليه مكافأة اضافية ليعمل بها في نفس عمله.. ويؤكد له رئيسه في العمل أن فرصة النجاح لا تأتي إلا مرة واحدة وأن عليه أن يستغلها.. فيتراجع عن قرار السفر بعد أن تم تحصيل التذاكر واجراء ما يلزم من

اجراءات قامت بها الزوجة علئ عجل.

وفي لحظة أخرى متجددة يتنامى الخلاف بين الزوجين من جديد وبنفس الطريقة السابقة ..وخصوصا أن الزوجة قد اكتشفت أنها حامل، وربما تفكر في الاجهاض بغرض تحقيق الرغبة في السفر. في هذه المرة تندفع الزوجة في علاقة سريعة جنسية مع الجارساعدت عليها ظروف انتهاء الحفلة الراقصة الجماعية

وكأنهاترد لزوجها الصفعة التي وجهها إليها بتغيير رأيه والعدول عن فكرة السفر.

يبرز من جديد (جون) الذي يقف ضد الزوج وهو أيضا من يدافع عن فكرة التغيير والبحت عن جديد، وقد أوجد الفيلم هذه الشخصية لتكون ذكية من ناحية (دكتوراه في الرياضيات) ويعاني في نفس الوقت من مرض نفسي يتلقى بسببه ضربات كهربائية للعلاج.

إنه أيضا شخصية رافضة ومختلفة عن غيرها ولقد كان الزوجان في مرحلة معينة يشبهان جون لكنهما صارا بعد ذلك مختلفين عنه. هذه الشخصية الاجتماعية المهمة هي لسان حال الواقع كما ينبغي أن يكون، وهو الصوت الذي ينتقد السلوك الاجتماعي التقليدي وسوف نرى أمثاله يتكر رون في أفلام أخرى قريبة من هذا الطرح. إن جون إذن مجنون وعاقل في نفس الوقت، وفي الحقيقة فإن المجتمع هو الذي لم يستوعبه ولم يعمل علئ ادماجه لأنه مختلف مثلما لم يوافق المجتمع الصغير علئ فكرة سفر الزوجين والتضحية بالهدوء والراحة التقليدية.

تصل الزوجة إلن نقطة اللاعودة، وتلجأ إلى الاجهاض بقصد ..مع تدبير من جانب واحد لكي يكون الاجهاض طريقة للانتحار البطيء والذي كان النزيف المستمر سببا فيه ليعجل بنهاية الزوجة. انها تموت وهى تتطلع الى الطريق الثورى شارع الاحلام سابقا

لم تتجه ابريل لكي تكون مثل نورا في مسرحية ابسن (بيت الدمية) تترك بيتها وزوجها ..ولكنها اختارت الانتحار بمعنى ومبرر وحيد يعبر عن التضييق الاجتماعي الذي حاصرها ويحاصرهاحتئ بعد موتها لأنها اختارت طريقا مختلفا.

إنها تحترق بدل أن تحرق غيرها.

بالطبع أتاح الفيلم للممثلين فرصة حقيقية للنجاح وخصوصا كيت ونيسلت

زوجة المخرج. وبوضوح مدهش ينجح دي كابريو في تجسيد الشخصية الرئيسية، وكذا الأمر بالنسبة إلى باقي التنخصيات ولا غرابة في ذلك فالفيلم فيلم شخصيات أولا وأخيرا .

الثلاثاء، 27 يناير 2009

قراءت سينمائية ---- الفاشية والسينما


السينما والفاشية



كتاب «السينما والفاشية» لمؤلفه ستيفن ريتشي هو كتاب عن السينما الإيطالية

وعلاقتها بالمجتمع خلال سنوات 1922-1943، أي في ظل النظام الفاشي الذي

أقامه الدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني.

»السينما هي سلاح الأقوى». هكذا قال موسوليني نفسه ذات يوم، وينقل عنه

ستيفن ريتشي هذا القول لكي يبيّن الدور الكبير الذي لعبه هذا الفن في ترسيخ

الثقافة الشعبية «الفاشية». ويؤكد في نفس السياق أن النظام الفاشي الإيطالي

«استثمر» كثيرا في هذا الميدان وجهد من أجل تطويره باعتباره «عاملاً ثقافياً»

فاعل ينبغي تنشيطه وإخراجه من الأزمة العميقة التي كان يعاني منها في مطلع

عقد العشرينات من القرن الماضي. تتمثل مسيرة السينما الإيطالية في ظل

النظام الفاشي، كما يقدمها المؤلف، بثلاث مراحل أساسية. المرحلة الأولى تخص

سنوات العشرينات، أي السنوات الأولى من حكم الفاشية، حيث كان الفن

السينمائي خاضعا لـ «الرقابة» الصارمة. ولم تتردد السلطة آنذاك من إيجاد

مؤسسة تابعة للدولة مهمتها تنفيذ تلك الرقابة.

وتميزت تلك الفترة أيضا بعدم الاهتمام «الفعلي» بهذا الفن. لكن الأمر تغيّر

منذ مطلع سنوات الثلاثينات حيث وضعت الدولة يدها بشكل مباشر على الصناعة

السينمائية الإيطالية وسعت إلى صبغها هي أيضا بالإيديولوجية الفاشية كي

تقوم بدور دعائي مباشر للنظام. ثم المرحلة الثالثة منذ نهاية سنوات

الثلاثينات ومطلع الأربعينات حيث ظهرت بعض ملامح «المقاومة» السينمائية

للفاشية مع بدايات موجة «الواقعية الجديدة» والتشكيك بالنظام الفاشي عبر

الفن السينمائي.

يدرس الكتاب في واقع الأمر «العلاقات المعقدة» بين النظام الفاشي والسينما

الإيطالية ويتم التأكيد بهذا الصدد على أن الفاشية كانت لها «تناقضاتها»

حيال السينما، مثلما حيال ميادين النشاط الفني والثقافي الأخرى. ولم يكن

«الهامش» الذي تركه ذلك النظام الشمولي «التوتاليتاري» للسينما سوى أحد تلك

التناقضات. لكن هذا لم يمنع ستيفن ريتشي عن أن يتحدث أيضا عما أسماه

ب»السنوات العشرين السوداء» للسينما الإيطالية في ظل الفاشية.

ورغم وصف تلك السنوات ب»السوداء» فإن ما يتم التأكيد عليه أيضا هو أن

النظام الفاشي الإيطالي حرص كذلك على تشجيع الثقافة الشعبية التي تشكل

السينما أحد أدواتها، وذلك في منظور تحسين صورة النظام نفسه. وتتم في هذا

السياق الإشارة إلى بناء «المدينة السينمائية، سيني سيتا» عام 1936 في أحد

الضواحي القريبة بجنوب شرق روما.

وأنشئت في المدينة «استديوهات» للتصوير وغيرها تضاهي ما كان قائما في

هوليود. وقد قال فيما بعد المخرج الإيطالي الشهير فريديريكو فيلليني: «في

المرة الأولى التي سمعت فيها باسم هذه المدينة السينمائية سيني سيتا- فهمت

أنه هذه هي المدينة التي أريد الإقامة بها وأنها قد تصبح جزءً من حياتي.

بالنسبة لي كان ذلك هو المكان المثالي منذ بداية الكون». وفي هذه المدينة

جرى فيما بعد تصوير أفلام إيطالية شهيرة مثل «دولسي فيتا» و»بن- هور».

ما يؤكده ستيفن ريتشي بأشكال عديدة هو أن مؤرخي السينما قد أهملوا كثيرا

الفترة الفاشية من حياة السينما الإيطالية. ويضيف في هذا السياق أنه يريد

أن «يسد هذه الثغرة» دون أن يكون «فريسة» المواقف المتطرفة حيال النظام

الفاشي، فاهتمامه ينصّ على الأفلام نفسها. ويؤكد أنه كانت هناك أشكال

ل»القطيعة» ولـ «الاستمرارية» بين فترات ما قبل الفاشية والفاشية وما بعد

الفاشية، في السينما.

ومن أهم إجراءات الفاشية فرض ترجمة «دوبلاج» الأفلام الأجنبية إلى اللغة

الإيطالية. وما عنى «إعادة كتابة حوار الأفلام». بكل الحالات حاول موسوليني

بمختلف الوسائل استخدام السينما من أجل «لمّ شمل» الشعب حوله عبر إعطائه

«الوهم» بازدهار البلاد وسعادة الإيطاليين، كما أظهرتهم السينما. تبقى

الإشارة إلى أن غلاف الكتاب الأول هو الملصق الإعلاني لأحد أفلام الفترة

الفاشية «ماشيست».

يمهّد ستيفن ريتشي لتحليلاته بتقديم لمحة عن تاريخ الفاشية نفسها في

إيطاليا. وكان بينيتو موسوليني قد وصل إلى رئاسة الحكومة الإيطالية في شهر

أكتوبر من عام 1922، وجمع بعد أسابيع فقط كل السلطات بيده بتفويض من مجلس

النواب ومجلس الشيوخ. ثم قام بتعديل الدستور كي يعطي لحزبه «الحزب الوطني

الفاشي» الأغلبية البرلمانية. باختصار أقام سلطة دكتاتورية «شخصية». وأعطى

موسوليني لنفسه لقب «الدليل»، «المرشد». وكانت السينما، إلى جانب الإعلانات

في الشوارع والإذاعات والصور، أحد سبل تمجيد شخصيته.


الكتاب: الفاشية والسينما

تأليف: ستيفن ريتش

الناشر: جامعة كاليفورنيا 2008

الصفحات: 248صفح

القطع: المتوسط

Cinema and fascism

Stephen Ricci

University of California2008

248 P

- صحيفة البيان