الخميس، 11 يونيو 2015

الأربعاء، 20 مايو 2015

 



المتغيرات في مدونة السينما التونسية



قليلة هي الكتب عن السينما التونسية، قليلة رغم كثرتها نسبيا، والسبب في ذلك أن أغلبها أو كلها قد صدر باللغة الفرنسية، ولا ضير في ذلك بالطبع، لأن الفرنسية لغة رئيسية في تونس وبلدان المغرب العربي ولبنان وأطراف أخرى عربية تعيش بين فرنسا وبلجيكا وبعض الدول الأوروبية.

ولكن هذه الكتب المعنية لا تكاد تصدر باللغة الانجليزية أو العربية، وبالتالي تظل حبيسة فضاء ثقافي معين، وعلى سبيل المثال لم يترجم كتاب "عمار الخليفي" والذي كتب بالفرنسية وبعنوان "تاريخ السينما التونسية". كذلك لم يترجم كتاب عبد الكريم قابوس والذي جاء بعنوان "الصمت.. الكاميرا تدور" وهناك كتب أخرى مثل "سينما تونس" للناقد فيكتور باشي.

القائمة قد تطول ومثلما حدث في السنوات الأخيرة، وكما يشير الناقد الهادي خليل، فإن هناك أطروحات جامعية سينمائية حول السينما التونسية أو حول موضوعات داخل السينما التونسية لم تترجم بعد، والترجمة هنا نقصد بها الترجمة الى العربية أولا ثم الى الانجليزية ثانيا.


في جميع الأحوال، توجد مرجعية صحفية وارشيفية  للكثيرين من الأفلام التونسية، ويمكن الوصول الى معلومات دقيقة حول الكثير من القضايا المتعلقة بالسينما التونسية ورغم ذلك يمكن القول بأن المكتبة العربية ينقصها كتاب شامل وموسع حول السينما التونسية، من الجانب التاريخي والنقدي وربما الاجتماعي السياسى أيضا.

ومثل هذا العمل ربما لا تتصدى له إلا مؤسسات معينة بالبحث وجمع المعلومات والتدقيق فيه.

هذا الكتاب "من مدونة السينما التونسية... رؤى وتحاليل" هو أحد الكتب التي يمكن اعتبارها معينة بالسينما التونسية، ليس وفق منهج تاريخي شامل، ولكن وفق منهج انتقائي، يعتمد بالدرجة على ذائقة الناقد واختياراته
. وبحكم أن التجربة السينمائية التونسية محدودة من حيث كمية الإنتاج، لذلك سوف نجد أن اختيارات الناقد الهادي خليل تشمل أكثر الأفلام المنتجة، وسوف نجد أن الأفلام المستبعدة من العرض والتحليل ضعيفة المستوى، أو أنها ذات صبغة كوميدية خفيفة، وأحيانا خارج السياق السينمائى التونسى المتعارف عليه.

الكتاب "من مدونة السينما التونسية" صدر عن المركز الوطني للترجمة ومترجم الى العربية عن الفرنسية، بقلم الكاتب الهادي خليل نفسه، ولذلك سوف يشعر القارىء بأن الكتاب بسيط وتلقائي من حيث اللغة، بل لعله الكتاب النقدي السينمائي الأول الذي يعتمد على لغة عربية مشكلة لغويا، فضلا عن فصاحة البيان ودقة التعبير، رغم أنه- الناقد - يدخل بالكتاب الى مناطق صعبة التلقي أحيانا، ويعبّر عن ظلال أفكار لا تأتي الى الذهن طيعة، والكتابة نجدها على الأرجح مفتوحة تسير مع تفاصيل الفيلم وجزئياته، مفسرة أحيانا مع ميل الى التاؤيل الذي لا يدرك بسهولة.

ومن البداية يعلن الناقد بأن كتابه ليس شاملا ولا يسعى الى الت
أريخ للسينما التونسية، لذلك يقع الكتاب في دائرة الاختيار، وفكرة استبعاد بعض الأفلام التونسية الردئية إن صح التعبير- ليس لها ما يبررها نقديا اذ ليست السينما التونسية كلها بستان جميل، ولعل الناقد يصل الى هذا المعنى عندما يخصص فصلا بعنوان "السينما التونسية... المشاكل والصعوبات".


وفي جميع الأحوال لا يكترث الناقد كثيرا بإصدار أحكام نقدية على الأفلام التونسية، لكنه يتتبع مساراتها وتشعباتها من خلال المخرجين والممثلين، أي من خلال الشخصيات داخل وخارج الافلام وهى التي تأتي فى المقام الأول من حيث الأهمية.

لذلك، يفرد  الكاتب فصلا عن هاته الشخصيات، فيسمى أسماء معينة بقيت في الذاكرة، وهو أمر يخص الناقد، والذي لا يهتم كثيرا بتقديم الدلائل والشواهد لكي يقنع القارىء، بل يسير على قاعدة الإعجاب السريع، والأمر ينطبق على أفلام بعينها مثل "سجنان" و"خليفة الأقرع "و"تحت مطر الخريف" وغير ذلك من الأفلام، وهو أمر كما أسلفنا ينطبق على شخصيات من الأفلام "ممثلين" مثل رؤوف بن غيلان وسلوى محمود ووسيلة شوقي وجليلة بكار ومحمد بن عثمان وغير هؤلاء، وربما شخصيات من الأفلام القديمة بصفة خاصة

في آخر الكتاب جاء الفهرس. أما في أوله فهناك تنويه ومقدمة، ولقد اختار المؤلف التسلسل التاريخي شكلا لتدرج الكتاب، فنجد في الجزء الأول، فترة التأسيس، وهي تشمل الستينات والسبعينات، والعنوان المختار كان أقرب فعليا إلى مبدأ الرهانات والتحديات.
وسنلحظ هنا أن هناك ربطا بين هذه البدايات وحسن استخدام فن السينما على المستوى السياسي، كما تمثل ذلك في استخدام الرئيس السابق الحبيب بورقيبة للصورة في إيصال غايات خطابه السياسي، فقد اعتبرالمؤلف الجريدة الناطقة "النشرة المصورة" هي المدخل للسينما التونسية، أو لفهم هذه السينما. وبالفعل فقد صدرت "الوقائع التونسية" عام 1968 مع افتتاح مركب قمرت السينمائي.

لسنا ندرى على وجه التحديد هل استغلال السينما سياسيا وبعد ذلك التلفزة، كان له دورا في توجيه هذا التأسيس، بصرف النظر عن براعة الرئيس بورقيبة في التمثيل واستخدام الاكسسوارات المتنوعة، ولاسيما وأن المؤلف لم يرد نصوصا أو مقتبسات في خطب فيها إشارة الى السينما في تونس أو غيرها.

والواقع ان هذا المدخل اللافت للنظر لا يعبر عن ظروف نشأة السينما التونسية والتى جاءت بعد الاستقلال 1956 ومتأخرة نسبيا، لأن أول فيلم كان "الفجر" لعمار الخليفي عام 1966.


ويبدو لي أن الظروف كانت تسمح ببداية مبكرة أفضل، وربما بفيلم أو أكثر ليس لهما علاقة مباشرة بالفكرة السياسية التي تركز على فكرة التحرر الوطني والاستقلال متماهية مع حضور الرئيس بورقيبة نفسه باعتبار صورته الطاغية على الأحداث كما حدث فى أفلام عمار الخليفي عندما كانت كانت  هناك نخبة معينة بالسينما، وكما يذكر المؤلف، فإن هناك جمعية للسينما قد تأسست عام 1949، ولا ندري بالطبع مدى حضور الجانب الفرنسي فيها، لكنها تعد جمعية مبكرة من الناحية التاريخية، ورغم ذلك فإن الإنتاج الروائي الطويل قد تأخر كثيرا.
 كان هناك فيلم "مجنون القيروان 1939" وكان هناك فيلم "جحا "إنتاج 1958.

وقد كانت البداية بأيدى فرنسية، لكنها الإشارة الأولى التي كان بإمكانها أن تولد انتاجات تونسية مبكرة، فضلا عن الأفلام الوثائقية والتي استبعدت من هذه المدونة.

من الأفلام المبكرة التى يركز عليها المؤلف "فيلم مختار للصادق بن عائشة إنتاج عام 1968" وفيلم "حميدة" للفرنسي جان ميشوستيان إنتاج 1965.


والمؤلف ينتقل بين الأفلام لطرح وجهة نظره ولا يتقيد كثيرا بمناقشة فيلم معين دون سواه، كما أن الجزء الأكبر من الكتاب مخصص للتعامل مع بعض المخرجين في بعض أفلامهم المتفرقة، كما عند نوري بوزيد وفريد بوغدير والناصر خمير والجيلاني السعدي ومحمود بن محمود وغيرهم.

يعتبر المؤلف، بطريقة أو بأخرى أن فيلم "مختار" هو البداية الأولى الفعلية للسينما في تونس "لأنه فيلم تونسي قلبا وقالبا"، يعيد الثقة للسينمائيين التونسيين ويسهم فى شق طريق ممكنة للتعبير والاختلاف، وهي مهمة صعبة شاقة والأهم أنه فيلم لا يقع في الدائرة الرسمية السياسية.

من الأفلام التى يقف المؤلف عندها "خليفة الأقرع" لحمودة بن حليمة، إنتاج 1968 وهو مصور بمقاس 16 مم ومقتبس عن أقصوصة للبشير خريف.



كما أنه – المؤلف – يقف أيضا أمام شريط "تحت مطر الخريف" لأحمد الخشين، وهناك أفلام أخرى إضافية مثل سجنان لعبد اللطيف بن عمار وفيلم وغدا لإبراهيم باباي إنتاج 1972.

ان كل تلك الأفلام السابقة. عدا بعض الجوانب الجزئية منها، ليس لها قيمة فنية كبيرة، وسوف نجد أن المؤلف يعجب بها ومن ناحية فردية وشخصية، ومن الطبيعي أن تكون مثل هذه الأفلام صالحة باعتبارها مقدمات تخدم سباق تطور السينما، إلا أنها متواضعة في قيمتها، وتبقى تفسيرات الناقد غير صريحة، لا تخلو من الغموض كما أن الإعجاب يبقى خاصا ومبرراته لا تكاد تصل الى القارىء.


يتوقف المؤلف أمام فيلم" السفراء" للناصر القطاري انتاج مشترك 1975 ويقول عن الفيلم:"
من بين مزايا فيلم السفراء تقطنه الى تشعب ظاهرة الهجرة، واهتمامه بخطابات مختلف الأطراف المعينة، منتقدا اتفاق المسؤولين اللفظي، والممارسات العنصرية تجاه العرب والأفارقة المهاجرين."
ولعل ما يكتبه الهادي خليل عن هذا الفيلم من أفضل الكتابات، وخصوصا في لمسة لتشعبات الفيلم السياسية والأيدلوجية المباشرة منها وغير المباشرة
ومن المخرجين الذين يتوسع بالنقد معهم بنجاح المخرج نوري بوزيد فى كل أفلامه تقريبا. أيضا يهتم المخرج بالناصر خمير وأفلامه المتميزة، وبعض أفلام فريد بوغدير ومحمود بن محمود مثل "عبور "وكذلك أفلام مفردة مثل السامة لناجية بن مبروك و"رقية "للفيتوري بلهيبة و"السيدة" لمحمد الزرن.


هناك أيضا موضوعات عامة حول الاقتباس من الأدب وحول التعامل مع المؤسسة الجامعية والعلاقات العاطفية والضحك والكوميديا.

من آخر الأفلام التى أنتجت ما أخرجه الجيلاني السعدي ونالت أفلامه اهتماما خاصا من المؤلف، وكما قلنا هناك استبعاد لبعض المخرجين، مثل الطيب الوحيشي وعلى العبيدى وعدم اهتمام بالأفلام الأخيرة لإبراهيم باباي، ونلحظ أحيانا بعض التداخل بين الأفلام الروائية القصيرة والطويلة، كما في تناول لفيلم "العتبات الممنوعة" وهو فيلم قصير وكذلك فيلم" فيزا".

كما قلنا، يأتي الكتاب بعيدا عن الاختيار الموسوعي الشامل، ومن مهمة نقاد آخرين إضافة اختيارات معينة لم يتم إدراجها فيه وبالطبع نتعرف على مثل هذا الإصدار بعد سلسة من الكتب للمؤلف مثل "العين الشغوف 1994" – العرب والحداثة السينمائية 1996– رمية النرد 1999 وفي المقابل فإن الكثير من المشكلات التي صاحبت السينما التونسية كما عرضها المؤلف قد تجسدت بشكل واضح في الانتاجات السينمائية الأخيرة، وهي انتاجات ضعيفة المستوى بشكل عام، ولو أراد المؤلف "الهادي خليل" أن يقرأ بنفس طريقته بعض هذه الأفلام، فلن يجد منها حتى القليل.

الأربعاء، 13 مايو 2015



وجوه




نادية لطفي ذات النظارة السوداء
نادية لطفي أو بولا محمد لطفي هي إحدى أهم ممثلات  السينما في مصر وهي تجمع بين التمثيل والنجومية في آن واحد ، حتى أنها ظهرت في عشرات الأدوار المتنوعة التي تؤكد موهبتها .
كانت من أجرأ الممثلات ، ولقد أخفى عليها شكلها وقاراً وهيبة  بالإضافة إلى جمال هادئ ، استطاعت التحكم فيه لمصلحة نادي لطفي الممثلة وليست النجمة فقط.
1-       ولدت عام 1938 في حي عابدين بالقاهرة . الأب محاسب من الصعيد والأم من الشرقية . أما الاختيار السينمائي فقد جاء بالصدفة وحدها ، ذلك أن الاختيارات العملية بالنسبة لنادية لطفي كانت متعددة فقد كانت تجيد الرسم والكتابة والتصوير الفوتوغرافي ولها مشاركات في كل هذه الهوايات .
وقفت على خشبة المسرح وهي صغيرة ولكنها لم تكمل لأنها لم تحفظ دورها بشكل جيد .
خدمها صديق العائلة المنتج (جان خوري) فقد عرّفها على بعض المخرجين ولا سيما بعد فوزها في مسابقة اختيار أجمل مصطافة على شاطئ الإسكندرية ، ويتحدث الراحل سعد الدين وهبة عن ذلك ، ويجمع على أن نادية لطفي كانت تستأثر باهتمام الشباب في تلك الآونة وقبل أن تكون ممثلة معروفة .
جمالها الهادئ ذو الطبيعة الأوروبية ، كان مدخلا للنجاح ، ولكن وحده الجمال لم يكن كافياً ، فمن يعرف أدوار نادية لطفي يدرك جيداً أنها خرجت عن إطار المرأة الجميلة لتؤكد حضوراً غير مسبوق في السينما المصرية ، وخصوصاً وأن باق ممثلات جيلها كن على قدر كبير من الموهبة والجمال مثل برلنتي عبدالحميد وسعاد حسني وزبيدة ثروت وسميرة أحمد وغيرهن الكثيرات .
2-       يقولون بأن الاسم نادية لطفي جاء من رواية (لا أنام) لإحسان عبدالقدوس ، فقد كان من المتوقع أن تقوم بالدور ، ويقولون أن الكاتب قد رفع دعوى قضائية ضدها بسبب اختيار هذا الاسم .


أما التوجه إلى التمثيل فقد جاء بعد الطلاق والفشل في تجربة الزواج الأولى . فقد كانت الزيجة من ضابط من البحرية ،والزواج الثاني كان فاشلاً أيضاً ، والتجربة الثالثة كانت أكثر فشلاً لأنها لم تستمر إلا شهوراً ، وعبر هذه الرحلة مع الزواج لم تنجب نادية لطفي فيها إلا طفلاً واحداً من زوجها الأول . التقت بيوسف شاهين منذ البداية وكان اللقاء عائلياً ضمن تشاور الأسر المسيحية فيما بينها ، ووعدها بفيلم ، وبالفعل شاركت فيه وكان بعنوان (حب إلى الأبد) مع محمود المليجي وأحمد رمزي ، وكان الفيلم له طبيعة عاطفية واجتماعية . لكن المخرج نيازي مصطفى كان هو الأسبق ، فقد وافق على اختيارها في دور صحفية في فيلم ( سلطان) 1958 مع فريد شوقي وبرلنتي عبدالحميد ورشدي أباظه . وعرض الفيلم فعلاً وشهد نجاحاً كبيراً بحكم أن شخصية (سلطان) كانت أقرب إلى الحقيقية ولأن أفلام نيازي مصطفى كانت مليئة بالتشويق والحركة . والفضل كله للمنتج رمسيس نجيب صاحب الاكتشافات المهمة .
توالت الأفلام .. الفيلم الثالث جاء بعنوان(حبي الوحيد) للمخرج كمال الشيخ وكان ذلك عام 1960 بمشاركة كل من عمر الشريف وكمال الشناوي . وإلى هذه اللحظة يعتبر هذا الشريط من العلامات المتميزة في السينما المصرية وخصوصاً وأنه يتناول العلاقة الثلاثية (الزوج والزوج والحبيب) من منظور جديد ومختلف ، بالإضافة إلى عناصر الإمتاع التي يتحلى بها أسلوب كمال الشيخ والذي يقترب من الطريقة البوليسية في المعالجة . تقوم نادية لطفي بدور منى والتي تقف حائرة بين رجلين إلى لحظات التضحية في النهاية.
3-       من الأفلام الوطنية الحربية(عمالقة البحر) للمخرج سيد بدير وأفلام أخرى عادية مثل (السبع بنات) و( مع الذكريات) و(عودي يا أمي) ، وكلها تدخل من باب الرومانسيات المتعارف عليها في السينما المصرية .
في عام 1961 تشترك نادية لطفي مع أكبر عدد من الممثلين في فيلم( لا تطفئ الشمس) إخراج صلاح أبو سيف ، وهي تجربة كبيرة بالنسبة لهذه الممثلة ، ولا سيما وإن حضورها كان جذاباً مع كل من فاتن حمامة وعماد حمدي وشكري سرحان وأحمد رمزي وليلى طاهر وغير هؤلاء الكثير .
أما الفيلم الأكثر نجاحاً على المستوى التجاري فقد كان (الخطايا) للمخرج حسن الإمام ، أمام عبدالحليم حافظ ، وهذا الفيلم يؤكد نجاح نادية لطفي في الأدوار العاطفية الرومانسية التي اعتادت عليها .
تستمر الأفلام ونذكر منها (قاضي الغرام ـ مذكرات تلميذة ـ من غير ميعاد ـ أيام بلا حب) .
في عام 1962 تؤدي نادية لطفي دورا مختلفاً في فيلم ( صراع الجبابرة) للمخرج زهير بكير ، ونعني بذلك دور الفتاة ليليان اليهودية والتي تنتمي للمقاومة وتدعمها ويساعدها في ذلك عملها راقصة في أحد الملاهي ، إلا أنها تموت في النهاية.
الفيلم يعتمد على بعض المعلومات التي توفرت بعد حرب 1948 وكذلك العدوان الثلاثي على مصر 1956 .
ولابد أن نذكر هنا بأن الممثلة ليلى فوزي كانت من أكثر الممثلات إجادة لدور الأجنبية وسوف نلحظ أن أدوار نادية لطفي في هذا الصدد متحركة وليست نمطية.


4-       على نفس النسق وبعد فيلمين أقرب إلى أفلام الكوميديا الاجتماعية ، وهما(حياة عازب ) و( جواز في خطر) يأتي الدور المعروف لنادية لطفي ، ونقصد به دورها في فيلم (الناصر صلاح الدين) للمخرج يوسف شاهين عام 1963 ، فقد قامت بدور الفتاة الأجنبية (لويزا) والتي عاشت قصة حب مع عيسى العوام أحد رحالات صلاح الدين .
لن تتكرر تجربة اللقاء الفني بين يوسف شاهين ونادية لطفي بعد ذلك ، ولكن دخل على الخط العديد من المخرجين ومن أهمهم حسام الدين مصطفى ، وحسين كمال وحسن الإمام وكمال الشيخ وغيرهم .
في عام 1963 ، جاء الفيلم الشهير(النظارة السوداء) لمخرجه حسام الدين مصطفى وهو فيلم بدا وكأنه يسير على منوال فكرة التحرر والبحث عن الحرية بالنسبة للمرأة ومع تداخل وتلاحق كل الأجيال ، ويوضح الفيلم في نفس الوقت الحدود التي تفرض نفسها أمام المبالغة في التحرر الاجتماعي .
ولقد حققت نادية لطفي بشخصية (ماجي) نجاحا واسعاً جعلها نجمة سينمائية متفردة تختلف عن بنات جيلها .
5-       كما قلنا هناك أفلام اجتماعية وذات طبيعة رومانسية كثيرة في حياة نادية لطفي، ومن ذلك (سنوات الحب) و(حب لا أنساه)و ( دعني والدموع) و ( هارب من الحياة) وجميعها أفلام تؤكد على استقلالية الشخصية ، فهي في الغالب الفتاة التي تدعو إلى التحرر وتقف ضد التقاليد القديمة ، ولكن طبيعة الإنتاج لا يسمح كثيراً بأفلام خارجه على النمط السائد ، من الأفلام المعروفة فيلم بعنوان(ثورة البنات) لمخرجه كمال عطية 1964 وهو يتطرق إلى شخصيات نسائية يبحثن عن الزواج ويرفضن الطريقة القديمة ، بل أن إحدى الفتيات تعتزم التقدم لخطبة الرجل دون انتظار لمن يخطبها .
مكننا أن نشير أيضاً إلى فيلم معروف ، يعرض في القنوات الفضائية بكثرة ، وهو فيلم (للرجال فقط) وهو من إخراج محمود ذو الفقار ، وقد جمع الفيلم بين نجمتين وهما سعاد حسني ونادية لطفي .
يصور الفيلم ثورة البنات من خلال التنقل إلى الصحراء للعمل مثل الرجال ، ولا سيما وقد قمن بارتداء أزياء الرجال ، إلا أنه يتم اكتشافهما ، ولكن بعد قصص ناجحة تكلل بالزواج .


بعد فيلم مدرس خصوصي وقبل ذلك حب ومرح وشباب ، يتم الانتقال أحيان من الأفلام المرتبطة بالشباب ولا سيما بالنسبة للمرأة التي تقبل على العمل في محاولة لإثبات ما لديها من كفاءات لا تقل عن الرجل ، وهذه الاختيارات كانت موضع نقاش ومعايشة فعالية من مطلع الستينيات في مصر .
6-        لابد لنا أن نصل إلى عام 1965 ، وهو العام الذي عرف إنتاج فيلم جديد لمخرج جديد وهو حسين كمال ، القادم من فرنسا ، والذي اقترب من التجارب الجديدة في السينما الأوروبية ، ولذلك جاء فيلمه المستحيل يحمل لمسات هذا الأسلوب المقترن بالسينما الجديدة في فرنسا .
جمع الفيلم عدة ممثلين ومنهم كمال الشناوي وصلاح منصور وسناء جميل وبالطبع كانت نادية لطفي على رأس هؤلاء عندما قامت بدور الفتاة ناني التي تعيش تحت وطأة العادات .
تتعدد أفلام نادية لطفي ولقد كان ظهورها يتسم بالدقة ، فكثيراً ما يشير شكلها إلى البراءة ولكن صوتها الأجش وضحكتها المكشوفة تمنحها فرصة للخروج من إطار هذه الشخصية ، وهذا ما حدث في أفلام كثيرة جاءت مع استمرار نجاحها السينمائي .
لابد لنا أن نشير إلى فيلم (الخائنة) إنتاج 1965 وهو من إخراج كمال الشيخ وبمشاركة الممثل محمود مرسي ، وكذلك فيلم( عدو المرأة) والذي يسير في سياق التحرر الاجتماعي للمرأة .
يمكننا أن نذكر أفلام كثيرة ، مثل (الباحثة عن الحب ) و( مطلوب أرملة ) و(الحياة حلوة) ، إلا أن التوقف الواضح سيكون مع شخصية(ريري) في فيلم (السمان والخريف) إنتاج1967 وإخراج حسام الدين مصطفى ، عن رواية بنفس الاسم للروائي نجيب محفوظ .
ربما كانت هذه الشخصية من أبرز ما قدم في السينما المصرية ، لأنها شخصية من قاع المجتمع ولها مواصفات وسمات وخصائص معينة ، جاءت من خلال الماكياج والملابس ، كما أن للشخصية بُعد إنسانياً يظهر في نهاية الفيلم .
7-       ربما كانت هذه التجربة من أفضل ما قدمت نادية لطفي بمشاركة محمود مرسي . وحتى إذا كانت هناك ملاحظات حول الفيلم فإن دور نادية لطفي يظل من مزايا الفيلم . ولعلي أقول بأن دورها كان الأفضل على مستوى تقديم نساء الليل في السينما المصرية .
وفي فيلم آخر يأتي في نفس السنة تقدم نادية لطفي فيلما مختلفا ، وهو (قصر الشوق) ثاني ثلاثية نجيب محفوظ ، بعد فيلم (بين القصرين) وقبل فيلم(السكرية) ، المخرج حسن الإمام ولذي قدمت معه نادية لطفي أفضل أدوارها ، وكان من المستغرب منح دور العالمة زوبة إلى هذه الممثلة ، فهي كما يقولون تقترب في شكلها من المرأة الإفرنجية وتبقى بعيدة عن راقصات شارع محمد علي وباقي العالمات الشهيرات في مصر .


وكما قلنا فإن من مزايا نادية لطفي أن جسدها يسمح لها بالعمل في عدة أدوار كما أنها تندفع في الدور بطريقة غير محدودة ، وتصل إلى الحد الأقصى وبلا تراجع ، ولهذا نجدها تنجح في معظم أدوارها .
الأمر لا يختلف كثيراً ، عن فيلم(جريمة في الحي الهادئ) إنتاج عام1967 وهو للمخرج حسام الدين مصطفى ، وتدور أحداثه بعد الحرب العالمية ، في مصر عندما عملت عصابة شتون الصهيونية على القيام بمحاول قتل الوزير البريطاني المقيم في القاهرة (اللورد موين) والذي كان منزعجاً من تسلل إسرائيل وزيادة نفوذها والمحاباة التي تلقاها من قبل بريطانيا .
تفشل محاولة الاغتيال ، ولقد لعبت نادية لطفي دور الراقصة الأجنبية التي تساعد بعض الأطراف على تنفيذ جريمة الاغتيال ، ويختلف الأمر هنا لأن الراقصة غير شرقية ، بل تؤدي رقصات أجنبية في أحد الملاهي الليلية .
لابد من الإشارة إلى بعض الأفلام ، حتى إذا كانت ضعيفة المستوى ، ومن ذلك فيلم(بنت شقية) وكيف تسرق المليونير ونشال رغم أنفه والرجل المناسب ، وهو تجربة إنتاج سورية مع دريد لحام ونهاد قلعي .
هناك أفلام أيضاً متواضعة مثل (سكرتير ماما) و(الظريف والشهم) و(الطماع)، كما أن هناك تجربة كررتها السينما المصرية أكثر من مرة  ونقصد بها تقديم ثلاث قصص في فيلم واحد ، الفيلم الخاص بنادية لطفي جاء بعنوان(5 ساعات) عن قصة ليوسف إدريس وأخرجها حسن رضا ، وهي ذات طابع نضالي تصور محاولة طبيب إنقاذ أحد أبطال النضال ضد الإنجليز .
8-       باقي القصص هي( دنيا الله) لإبراهيم الصحن وإفلاس خاطبة لمحمد نبيه . يجرنا موضوع النضال السياسي إلى ما ارتبطت به نادية لطفي من اهتمام بالقضايا السياسية ، وما زلنا نذكر لها كيف عاشت في بيروت فترة لمواجهة الحصار الإسرائيلي لبيروت ، ولقد صورت أشرطة كثيرة تغطي معظم أحداث تلك المرحلة .
قبل الدخول في عالم السينما ، كان لنادية لطفي مواقف أثناء الاعتداء الثلاثي ، فقد عملت ممرضة في مستشفى القصر العيني أيضاً صورت ساعات طويلة تسجيل شهادات الأسرى أثناء لاعتداءات الإسرائيلية على القرى المصرية بعد نكسة يوليو 1967 .
ولقد عملت نادية لطفي بالإنتاج ولم تنتج إلا فيلماً واحد تسجيلياً حول كنيسة سانت كاترين ، أما المسرح فقد عملت في مسرحية واحدة وهي(بمبة كشر) .
طبعاً هناك أفلام متميزة ، ومن ذلك دورها في فيلم(أيام الحب) عام1969 ، ومن أفلامها الشهيرة أيضاً(كانت أيام) مع صباح ورشدي أباظة .
9-       مع محرّم فؤاد قدمت فيلم (عشاق الحياة) ، ولكن هذا الفيلم لم ينجح مثل الفيلم الأول(أبي فوق الشجرة) الذي جمع الممثلة مع المطرب عبدالحليم حافظ ، في فيلم غنائي استعراضي عاطفي ، حقق أكبر الإيرادات في تلك الفترة وهو أحد التجارب الناجحة مع المخرج حسين كمال ومن إنتاج عام 1969 .
وعلى الرغم من تعاون الممثلة مع مخرجين مخضرمين إلا أنها شاركت أيضاً مع بعض الممثلين الجدد ومنهم محمد راضي في تجربته المتميزة (الحاجز) عام 1972.


أيضاً ظهرت نادية لطفي وهي صامتة في دور قصير ، ولكن في فيلم يعد من أهم الأفلام المصرية ونقصد بذلك فيلم(المومياء) للمخرج شادي عبدالسلام ، ولقد صارت اللقطة التي ظهرت فيها بلباسها الأسود الفضفاض أيقونة وعلامة سينمائية تفرض نفسها .
10-  هذا الأمر انطبق أيضاً على تعاونها مع يوسف فرنسيس في فيلم(زهور برية) ، وكذلك في فيلم (الأقمر) لهشام أبو النصر .
ولقد قدمها المخرج حسام الدين مصطفى في فيلم شهير وفي دور امرأة شعبية فقيرة وكان ذلك في فيلم(قاع المدينة) عام1973.
بينما قدمها نفس المخرج في دور امرأة لاهية وعابثة ، وكان ذلك في فيلم (الإخوة الأعداء) .
من أشهر أدوارها المختلفة( بديعة مصابني) للمخرج حسن الإمام وقد قامت بدور راقصة أو عالمة من أشهر عوالم مصر ، فضلاً عن إنها ممثلة مسرحية وكان لها دور في الحركة الفنية في مصر.
يمكننا أن نذكر أفلام كثيرة ، مثل (على ورق السلوفان) و(أبداً لن أعود) و(الزائرة)و(رحلة داخل امرأة)و(سقطت في بحر العسل) ومن أفلامها ذات الإنتاج المشترك(أين تخبئون الشمس) للمخرج عبدالله المصباحي ، إنتاج (المغرب/ ليبيا / مصر) .
أيضاً هناك فيلم بعنوان(رحلة داخل امرأة) وكذلك فيلم(الأب الشرعي)وهو آخر أفلامها ، كما إنها عملت مع بعض المخرجين الشباب ، كما حدث في فيلم (الأقدام الدامية) عام1982 مع المخرج خيري بشارة .
من أهم الخطوات التي قامت بها نادية لطفي أنها قد تركت التمثيل في وقت مناسب ولم تعد إليه ، فقد اكتفت بفترة الشباب والنضج ولم تستمر في باقي مراحل العمر . أيضاً اختارت هذه الممثلة العزلة والابتعاد عن الأضواء لكنها حاضرة دائماً من خلال الأفلام التي تعرض على الشاشات الصغيرة .