الأحد، 29 مارس 2009

«اختطاف» فيلم جديد وقديم في نفس الوقت





عندما تتشابة الافلام وتختلف


لا بد لأي متابع للإنتاج السينمائي بطريقة أو بأخرى، أن يعود في بعض

الأحيان إلى تلك الأفلام التي توصف بأنها من نوعية أفلام الحركة، والسبب

يعود إلى أن هذه الأفلام كثيرا ما نراها طاغية ومسيطرة على الجمهور، بصرف

النظر عن مستواها الفني، وهي مكملة لأفلام أخرى من نوعيات مختلفة تروق

للجمهور كثيرا، مثل نوعية أفلام الرعب والخيال العلمي وأفلام المغامرات

وأفلام الكوميديا. والحقيقة أن الفيلم الجيد يفرض نفسه، ليس على مستوى

النوع، لكن على مستوى الإنجاز الفني، والقيمة الفنية، وطريقة المعالجة.

وتاريخ السينما الطويل نسبيا يؤكد ذلك، بل يمكن القول بأن الذي صنع السينما

فعليا، تجارة وصناعة وفنا، هو محاولة الاقتراب أكثر من الجمهور، والتعامل

مع كل الأنواع، في إطار مفتوح بعيدا عن أي تخصيص أو تضييق، ينعكس بطريقة

سلبية على استمرار حركية الإنتاج السينمائي نفسه.


أفلام الحركة


من الأفلام التي توصف بأنها من أفلام الحركة فيلم "اختطاف 2008" وهو فيلم

عرض في أوروبا أولا وصادف نجاحا كبيرا، ثم استيقظ نجاحه في أمريكا أيضا،

وعاد إلى الصدارة في منافسة مع أفلام أخرى تعد هي الأفضل سنة 2009.

مخرج الفيلم هو الفرنسي "بيير موريل" الذي سبق أن أخرج فيلما بعنوان

"المقاطعة 13". أما منتج الفيلم والمسهم في الإعداد فهو لوك بيون الفرنسي

الذي استقر منذ سنوات في هوليوود وقدم إخراجا وإنتاجا الكثير من الأفلام

الناجحة وأهمها العنصر الخامس.

يمكن اعتبار الفيلم فرنسيا إذن لكن لغته انجليزية وهي اللغة التي يعتمدها

المنتج في أفلامه، والتي تكفل الرواج التجاري للفيلم عبر العالم.

البطولة أيضا أمريكية وإن كانت لممثل ايرلندي هو "ليام نيسون"، وهو ممثل لم

يعرف بأفلام الحركة والمغامرة. ويعد هذا الفيلم إضافة إلى باقي أدواره رغم

أنه دور ليس له قيمة فنية كبيرة. غير أنه يقربه للجمهور أكثر، باعتباره

بطلا متميزا يعبر عن الفرد القادر على حل كل المشكلات التي تعترضه، فهو

بالتالي لا يكاد يختلف عما جسده باقي الممثلين من أدوار مثل تشارلز برونسون

مثلا أو هاريسون فورد، ولا نقول بروس ويلز أو ستيفن سيجال.

كما هي العادة في أفلام الحركة، وخصوصا البسيط منها، نجد أنفسنا أمام حالة

من الاستقرار النسبي في البداية، ثم تحدث مشكلة معينة تهدد هذا الاستقرار

لتتم في النهاية العودة إلى الحالة الأولى، مع إضافة بعض المتغيرات، بعد

تجربة حملت الكثير من ملامح التغيير عن الأفراد.

ومثل الكثير من الأفلام، فإن المشكلة التي تواجه رجل البوليس أو التحري أو

عميل الاستخبارات، هي شخصية في الغالب، لها علاقة بأسرته، فكأن طبيعة عمله

متناقضة مع متطلبات حياته الأسرية، ولذلك نجده في صراع مع زوجته أو في خلاف

مع الأم أو الأبناء، وهو شخص فاشل أسريا بقدر نجاحه في عمله وهو يحتاج

دائما إلى إثبات كفاءته الاجتماعية والانسانية.


صراع داخلي


في هذا الفيلم "اختطاف أو المختطفة" الكثير من الإشارات إلى هذه الفكرة، بل

إن موضوع الفيلم نفسه يقوم على هذا التصور وفي ذلك نجده قريبا من فيلم تحت

الحصار. في المشاهد الأولى للفيلم، يتم تقديم شخصية "بريان" التي يقوم بها

ليام نيسون على أنها تعاني من فقدان الابنة "كيم"، فهي منذ أن كانت صغيرة

"خمس سنوات" تمثل حالة إحباط بالنسبة إليه. إننا نراها في عيد ميلادها مع

أمها لينور ومع عدم حضور الأب، بسبب وجوده في العمل بشكل مستمر، وهذا يؤدي

إلى طلاقه من زوجته. وهذا يعني أن تأخذ معها الابنة الصغيرة لتعيش مع زوج

الأم "ستيوارت" رجل الأعمال وصاحب المصانع. الرجل الغني الذي صار الأفضل

بالنسبة إلى الزوجة السابقة وربما أيضا بالنسبة إلى الطفلة الصغيرة، حيث

كان من ضمن الشروط أن يبتعد الأب عن ابنته ويتركها تعيش حياتها الجديدة

المستقرة.

من أحد المشاهد التالية، تقول الزوجة السابقة لزوجها بأنها لم تعرف ماذا

يعمل طوال حياتها معه وهو لم يحضر أي عيد لابنته.

أب نموذجي

هذه العقدة "السينمائية" هي التي دفعت عميل الاستخبارات إلى الاستقالة من

عمله لكي يكون قريبا من ابنته قدر الإمكان، ولكن دون جدوى، فقد ظل باقي

حياته يجتمع مع رفاقه ليعدّ لهم الأكل على الطريقة الصينية أو يقوم بإعداد

الشواء، لتبقى ابنته دائما هي الشوكة في حياته، لأنه لم يستطع أن يثبت لها

أنه جدير بأن يكون الأب النموذجي.

في مشهد آخر نجده يقلب صورها المأخوذة من حفل عيد الميلاد. قبل أن تبلغ

"17" سنة ويضع الألبوم جانبا بعد ذلك، وهو أيضا الذي يقوم بشراء مجلة حديثة

ليقدمها لابنته هديّة في عيد ميلادها الذي تحول بفضل غنى أسرتها الجديدة إلى

حفلة كبيرة، وحين اندفع إلى داخل الحفلة، تم اعتراضه وكأنه غريب، فتقدم

مسرعا للاقتراب من زوجته التي تدعوه إلى وضع الهدية على الطاولة والخروج

بسلام. إنه أب مطرود من جنة الأبوة، ومطالب بأن يكفر عن خطاياه السابقة مع

أسرته. بل إن الابنة نفسها "كيم" تستقبله في البداية بكل ترحاب وعفوية

وتستلم هديته بفرح، فقد كانت تريد أن تكون مطربة ولازالت، وهذه المجلة هي

جزء من هذه الرغبة التي تعبر عن الماضي عندما كانت مع والدها وكان عمرها

خمس سنوات فقط.

رغم هذا الفرح الظاهري، فإن الأب الجديد "زوج الأم" يحضر معه فرسا حقيقيا

ويقدمه لها هدية، فتترك هدية الأب الفعلي تحت القدمين وتهرع إلى احتضان

الهدية الجيدة غالية الثمن.


طفلة مراهقة


لقد قدم الفيلم الفتاة باعتبارها طفلة تستجيب لمزاجها، رغم أنها أكبر قليلا

من أن تكون كذلك، فهي في مرحلة المراهقة التي استبعدها الفيلم نهائيا. ولكن

تم التأكيد على العمر "17" سنة، لكي تكون فتاة قاصرا، تحتاج إلى توقيع

الأبوين عند سفرها إلى الخارج، وهذا هو المنطلق الثاني الذي يقوم عليه

موضوع الفيلم.

للتأكيد على أن "بريان" مازال في عنفوان قوته وله قدرة قتالية شخصية هائلة

تطلب منه جماعته المتقاعدة أيضا أن يتعاون معها لحماية مطربة، أي العمل

"بودي قارد" وبالفعل يتم ذلك ويستعرض الفيلم المشاهد الخاصة بحماية هذه

المطربة عندما تغني وعندما تخرج إلى الشارع، وعملية حمايتها ممن يريد

الاعتداء عليها عندما تفتح الأبواب ويختلط الحابل بالنابل.

هذا المشهد ربما كان مجانيا، لكنه يؤكد إمكانات بريان القتالية، كذلك يوضح

فكرة وجود الأشرار التي يطرحها بريان مع ابنته، وكذلك يسمح بالتعاطف مع هذه

المطربة لأن ابنته كانت تريد أن تكون كذلك مطربة، إنه يسعى للتواصل مع

ابنته من خلال الاقتراب من هذه المغنية، وعندما يسألها كيف يمكن أن يصبح

شخصا مطربا ناجحا، لا تجيبه في البداية، وبعد أن قام بحمايتها من الاعتداء

المفاجئ، أجابت عن سؤاله، بل وافقت على تعليم ابنته الموسيقى بواسطة مدرس

تدفع المغنية أجوره المالية.

مطربة تغني

في آخر الفيلم يسأل بريان ابنته كيم هل مازالت تريد أن تكون مطربة؟ فتجيبه

بلا، والحقيقة أنها لا تريد أن تكون كذلك، لكن بريان الأب مازال يعيش في

حلم قديم، عندما كانت ابنته صغيرة وتعيش معه وتتطلع إلى أن تكون مغنية. إنه

لا يعرف ابنته بعد ذلك.

يذكرنا هذا الفيلم من حيث علاقة الأب بابنته بفيلم "المصارع" 2008، حيث نجد

أن المصارع "رام" يعيش نفس التجربة مع ابنته. إنه أب فاشل ويحاول أن يسترد

علاقته بابنته ولكن دون جدوى.

يختلف هذا الفيلم "اختطاف" قليلا لأن الأب يستطيع أن يثبت وجوده في النهاية

وينال اعتراف الفتاة الحقيقي، بل اعتراف الزوجة السابقة، وهذه مسألة مهمة،

إن الأبوة هنا لها علاقة بالابنة والأم، أي الزوجة السابقة في نفس الوقت.

تقرر الفتاة كيم أن تسافر مع صديقتها أميندا إلى باريس، وهي تحتاج إلى

توقيع أبيها، الذي يتردد كثيرا في الموافقة، والسبب يعود إلى أن هناك مخاوف

تطارده، فهو بحكم عمله يميل إلى تغليب الجوانب المظلمة التي ترى في البشر

ما هو شر. إن سبب الرفض يعود إلى أن هناك أشرارا في العالم. إن هذا التصريح

أقرب إلى تصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق بوش. وخصوصا عندما نعلم من هم

هؤلاء الأشرار! يتردد الأب ثم يوافق وخصوصا أنه يريد أن يستميل ابنته إليه

ولا يبحث عن أسباب أخرى لإثارة غضبها.

توقيع وموافقة


تقول الزوجة السابقة لينور إلى بريان إننا نحتاج إلى توقيعك فقط، لأن

ستيوارت زوج الأم قد قام بشراء وتدبير كل شيء وحتى بعد أن علم بريان من

خلال الخريطة التي مع ابنته بأنها لن تذهب إلى باريس فقط، بل إلى عدد من

المدن الأخرى، يضطر إلى الموافقة، وخصوصا أن الرحلة قد شارفت على البداية

والفتاتان على وشك السفر. ليس هناك أي شرط إلا أن تتصل به باستمرار ويعطي

بريان ابنته من أجل ذلك هاتفا نقالا خاصا.

يسرع الفيلم في الوصول إلى النتيجة، وهو فيلم سريع فعلا ومتدفق وحيوي، به

قدر كبير من التشويق.

في المطار تتعرف كل من كيم وصديقتها على شاب متطفل وهو بيتر، يجتمعون في

سيارة أجرة واحدة لتخفيض المصاريف، ولكن هذا الشاب كان هدفه التعرف على

عنوان سكن الفتاتين، ويعلم بأن أقرباء أمندا ليسوا في البيت، وهو أمر أصاب

كيم أيضا بالكدر، لأنها قد سبق لها أن أكدت وجود عائلة في انتظار قدوم

الفتاتين، أكدت ذلك لوالدتها ولوالدها. لقد قدم الفيلم مشهد اختطاف

الفتاتين بطريقة جيدة ومشوقة، حتى كأنك تشاهد فيلما من أفلام هيتشكوك.

تعد الفتاة أمندا بأن الطابق الخامس بكامله لأقربائها، ولذلك نجد أن كيم

تترك صديقتها التي تبدو مزعجة وهي تستمع إلى الموسيقى الصاخبة وتلهو وربما

تفكر في الإتيان بأعمال أخرى في الطريق، وهي- كيم- عندما تتصل بأبيها

لتطمئنه، بعد أن وصلت إلى باريس ولم تتصل به تعمل قدر الإمكان على الابتعاد

عن الموسيقى القوية فتقف في الطرف الثاني للشقة والفاصل هو حاجز من الزجاج

الخاص، وهي من بعيد تشاهد عملية اختطاف أمندا وتروي ذلك لأبيها عبر النقال

فيدعوها إلى الاختباء في غرفة أخرى تحت السرير وترك النقال يعمل لوحده

بعيدا عنها، وفعلا يتم ذلك، ولكن يقبض على كيم كذلك ويتم اختطافها ومع وجود

مكالمة هاتفية توضح ذلك لفترة معينة يتحطم فيها النقال إثر ذلك.

إنقاذ الإبنة

هنا يكون على الأب واجب السفر إلى باريس بسرعة لإنقاذ ابنته بتدبير سريع من

ستيوارت يمنحه طائرة خاصة، حيث أمام بريان مدة لا تزيد عن 96 ساعة لتخليص

ابنته دون توضيح أهمية هذا الرقم إلا من خلال ما تركه رفاق بريان من

المتقاعدين وما جاء في المكالمة الهاتفية، حيث بعد مضي مائة ساعة تصبح

الشخصية المختطفة مفقودة تماما.

لا يوجد دليل يمكن تتبعه إلاّ إعادة سماع الشريط الذي سجله بريان وتصور

العملية نفسها "عملية الاختطاف" كما تمت في الشقة بعد وصوله إلى باريس، تم

الحصول على النقال المهشم والاستفادة من الذاكرة لعرض الصور التي سجلتها

كيم أثناء اختطاف صديقتها. ومن ذلك مباشرة إلى المطار، حيث يحاول بيتر أن

يكرر ما يعمله كل يوم من اصطياد للفتيات القادمات إلى باريس. لكن بيتر يموت

أثناء مطاردته من قبل بريان، لنعرف أن الأطراف التي قامت بالاختطاف من

المهاجرين الألبان وهم جماعة خطرة كما يقول المفتش الفرنسي المنتدب

للمساعدة وهو "جون كلود" والذي قدم له بطاقة مزورة تحمل اسمه وظل يرافقه من

بعيد.

عند هذه النقطة يفتقد الفيلم الكثير من المنطق، فتكثر المطاردات ويزداد عدد

القتلى ويصبح بريان أقرب إلى جيمس بوند ولكن دون شرعية قانونية.

يحاول التعرف على الألبان ويستعمل أحد المترجمين لهذا الغرض ويجد نفسه

منساقا وراء أوكار الجنس، باحثا عن ابنته وسط أعداد كبيرة من الفتيات

المختطفات اللاتي يتم استخدامهن باعتبارهن رقّا أبيض، ولأغراض جنسية، كما

يتم بيعهن إلى من يدفع أكثر. إن الفيلم يستحضر بعض الصور التاريخية القديمة

ويدمجها في الحاضر.

يقدم الفيلم مشهدا مثيرا وفي أمكنة تصوير مختارة بعناية وفي أجواء مظلمة

نسبيا ولا يتحصل بريان إلا على سترة ابنته مع إحدى الفتيات التي يقودها إلى

الخارج ويفر بها مستخدما سيارة يطارد بها السيارات الأخرى والتي تنفجر

واحدة بعد أخرى ومع تساقط العديد من القتلى من الفتيات وأفراد العصابات من

المختطفين والقوادين الذين يعملون في الدعارة.


مزاد علني


تعوز الفيلم المنطقية الضرورية أحيانا، فلا تفسير لما يحدث ولا يتدخل

البوليس الفرنسي أو يعترض على ما يقوم به بريان من جرائم لغرض الوصول إلى

ابنته المختطفة.

تقوده الفتاة إلى اسم منطقة معينة، يسيطر عليها "الحوت الكبير" أوماركو

الذي يعمل في الاختطاف والدعارة وبيع النساء أيضا في مزادات علنية. يكتشف

بريان أن صديقة ابنته قد ماتت بعد أخذها جرعة كبيرة من المخدرات تحت الضغط

والعقاب البدني. وفي سبيل الوصول إلى ابنته، يدخل في صراع مع المفتش

الفرنسي نفسه، فهو متعاون ومستفيد من الألبان ويقتل له زوجته ليتحصل منه

على بعض الأسماء مهددا ومتوعدا بتحطيم برج إيفل.

يستخدم بريان الكهرباء والصدمات الكهربائية ضد المختطفين ويعيدها بشكل

متكرر، فبالنسبة إليه لا توجد رحمة أو شهامة، ولعله قد قتل في سبيل هدفه

أكثر من سبعين ألبانيا عدا الآخرين.

في النهاية يصل إلى مزاد في إحدى البنايات، وكانت آخر من يقع عليها المزاد

ابنته كيم التي يعمل على بيعها مع غيرها شيخ عربي، ولكن بريان يتمكن من

تخليصها لوحده ودون مساعدة من أحد ليعود بها إلى أسرتها التي تشكره على ما

قام به من جهد، ولعل الأم ترى فيه زوجا سابقا جديرا بأن يحترم وتحترم مهنته

في وكالة الاستخبارات الأمريكية وهي المهنة التي كانت سببا في تدمير

الأسرة، وهي أيضا كانت سببا في عودة الابنة إلى أهلها.

نهاية معروفة

أما الابنة كيم فتقول له بـ"إنك أخيرا وصلت لإنقاذي" وكأنها تنتظر منه أن

يقوم بذلك في أقرب فرصة ممكنة. أيضا هي لم تعرف مهنة والدها الحقيقية، فهو

كما قال لها مرة بأنه مانع للشر وهي مهنة أهل الخير ضد الأشرار.

يسقط الفيلم في فكرة الأنماط القديمة التي تعاملت معها هوليوود في سنوات

فائته وهي قد تخلصت منها في بعض الأفلام- إلا أنها فكرة مازالت مسيطرة

وتستقدم بين الحين والآخر. حتى لو كانت خالية من المنطق.

إن الأشرار الذين يعنيهم بريان هم خليط من الألبان والعرب، ولا يتوقف الأمر

عند هذا الحد لأن المفتش الفرنسي منهم أيضا لأنه يتحصل على رشاو من هؤلاء

الذين يتاجرون بالنساء في إعادة لبعض صور التاريخ القديمة كما قلنا سابقا.

هناك أيضا أشرار آخرون من الأمريكان، ولكن خارج النمط، وتبقى الشخصية

العربية وحدها داخل هذه التغطية لنرى من جديد بعض الشيوخ وهم يشترون النساء

ويقيمون عليهن المزاد، وكما جاء في الفيلم فإن القديس كلير وهو مجرد اسم هو

الذي استولى على الفتيات العذراوات ومنهن كيم لأن لان ثمنهنّ أكبر.

إن شخصية الأوروبي الشرقي تظهر من جديد "الألبان"، وكل ما قدمه الفيلم لا

يخدم إلا أغراضا تجارية بالاعتماد على بعض الأساطير والخرافات التي تشبعت

بها السينما لفترات طويلة ولم تعمل على غربلتها بشكل نهائي إلى حد الآن،

وكل ذلك قد أضعف نسبيا هذا الفيلم.


نجاح بالمصادفة


في جميع الأحوال هو فيلم من أفلام المغامرة الخفيفة والبسيطة، وهو لا يلفت

الانتباه ولكن هناك جملة من الظروف أحاطت به فجعلته مشوقا ومسليا، وهذا ما

يحدث أحيانا لأكثر من فيلم.

لا يبرز في الفيلم إلا الممثل ليام نيسون، فهو حاضر في كل مشهد تقريبا، وهو

يتصف بالبرود إلى حد كبير، كما أن مشاهد الحركة التي قام بتنفيذها كانت

جيدة وهذا يعني أن هذا الممثل يمكنه أن ينجح في أفلام أخرى من هذه النوعية،

ويغادر نوعية الأدوار التي اعتاد أن يقدمها مثل "أزواج وزوجات- مايكل

كولينز- قائمة شيندلر- إيفرست- البؤساء- الرجل الكبير- عودة الرجل الوطواط-

مملكة السماء" وغير ذلك من الأفلام.

أغرب ما يمكن قوله حول هذا الفيلم أنه يخلو من قصة حب، وما أقل الأفلام

التي تستبعد الجوانب العاطفية، والسبب ربما يعود إلى محاولة إكساب العلاقة

بين الفتاة وأبيها أبعادا أقوى وأشد. فهذه العلاقة هي من نوعية عاطفية

أيضا. ومن الأفضل على مستوى السيناريو أن تبقى وحيدة دون تنافس مع علاقة

غرامية ربما ستكون صبيانية بالمقارنة. ويبدو أن المنتج والمخرج لوك بيسون

الفرنسي وراء كل الفيلم، وربما زرع فيه أشياء من عنده لكنه في جميع الأحوال

كان أمريكيا أكثر من الأمريكان أنفسهم.