الأحد، 28 نوفمبر 2010





الفرد في السينما المعاصرة.. بعيدا عن الأرض وقريبا من السماء


إ
ن أكثر الأفلام نجاحا على المستوى العالمي، هي تلك التي تستمد مادتها من تقلبات الحياة والواقع، ونقصد بذلك طبعا الناحية الفنية والنقدية، وهي أفلام تعالج موضوعات وقضايا لها علاقة مباشرة بالناس، بعيدا عن الخرافات والأساطير وأفلام الكوارث والخيال العلمي، رغم النجاح الساحق لهذه الأفلام من النوعية الأخيرة.

وهكذا يمكن تلخيص واقع الإنتاج السينمائي بالنسبة للجمهور، هناك إنتاج مرغوب يعالج قضايا الواقع الاجتماعي والاقتصادي والانساني، وهناك إنتاج مرغوب أيضا يهرب منه ويبتعد عنه مسافات طويلة.

إن أفلام السياسة والحروب هي أكثر الأنواع تفاعلا مع الجمهور، لأن مادتها مستمدة من الواقع والتاريخ، وسوف نجد عشرات الأفلام التي استحقت الجوائز العالمية وهي من هذه النوعية الواقعية، مهما اختلفنا من درجة الاقتراب من الواقع أو الابتعاد عنه.

مع حرب العراق مثلا أنتجت الكثير من الأفلام، وهي أفلام أمريكية في أغلبها، وعندما نصنف هذه الأفلام سوف نجدها واقعية اجتماعية، تقترب من السياسة بدرجات مختلفة.

خذا ينطبق على مشكلات حيوية أخرى تفرض نفسها، ولعل الأزمة الاقتصادية العالمية هي أهم هذه المشكلات، وهي بالتالي استحقت اهتماما أوسع من السينما، لأن تفاصيلها تصل الى الفرد العادي، وليس فقط مجموعة معينة من الأفراد.

على سبيل المثال أعيد إنتاج فيلم "وول ستريت" ولكن بموضوع جديد، حمل اسم "المال لا ينام" ولعل الأزمة المالية وحدها التي صنعت هذا الفيلم إنتاجا، وصنعت نجاح الفيلم على المستوى التجاري.

وبالطبع تختلف المعالجة من فيلم الى آخر، حيث تظهر الأزمة المالية العالمية أحيانا جانبية، لكنها هي التي تحرك الفيلم وتقود الأحداث، ولعل الفيلم الجديد لجورج كلوني يشكل دليلا على ذلك.

إننا نقصد فيلم"عاليا في السماء"، وعندما نقول جورج كلوني، فنحن نعني الممثل وليس المخرج، فقد استطاع هذا الممثل أن يحقق نجاحات متتالية، حتى صارت تنسب إليه الأفلام ليس باعتباره نجما، ولكنه ظاهرة في التمثيل، اجتمعت فيه الكثير من الخصائص والسمات والتي تعني وانما نجاح معظم الأفلام التي يشارك فيها، ولاسيما أن المشاركات تقترب قليلا أو كثيرا من السياسة بمفهومها العام.

فيلم" عاليا في السماء" من إحراج جاسون ريتمان ولقد اشتهر بفيلم نال شهرة واسعة وهو "جونو" وقبل ذلك فيلم"شكرا على التدخين".

والمخرج يعيد في فيلمه الجديد بعض الإشارات التي سبق أن قدمها، ولاسيما ما يتعلق منها بالتركيز على المنحى الانساني وموقف الإنسان من المصاعب اليومية التي تجتاح حياته.

"عاليا في السماء" فيلم يستند على "الوظيفة" ونقصد بذلك وظيفة الفرد داخل الفيلم، فنحن نجد مثلا بعض الأفراد مهمتهم القتل وآخرين مهمتهم البحث عن العدالة لغيرهم أولا لأنفسهم.

نعم هناك وظائف مختلفة تستند عليها الأفلام، ومنها الطبيب والعميل السري والقاتل المأجور والأستاذ الجامعي وغير ذلك من الوظائف، ولكن هناك نوعية من الأفلام تقدم الوظائف الغريبة، فمثلا سوف نجد فيلم"الرسول" يختار وظيفة استثنائية وهي أن يقوم الرسول بإبلاغ أسر الضحايا بموت أحد أفراد العائلة في الحرب، والرسول يتنقل من أسرة الى أخرى بحيث يبدو وكأنه شبح الموت الذي ينفر منه الجميع.

في السينما العربية، سوف نجد في "السقامات" شخصية مميزة وظيفتها حضور المانح والمشاركة في الجنازات نظير مبالغ مالية مدفوعة، وهذا يتشابه مع شخصية الحانوتي، أو من يقوم بعملية الدفن، وهي الشخصية التي لم تقدم في السينما العربية بشكل جيد.
في بعض السينما، تظهر أيضا شخصية "الدوبلير" وأحيانا شخصية البديل وهو من يقوم بأعمال صعبة بديلا لبطل الفيلم فى السينما.

في هذا الفيلم -عاليا في السماء- نجد شخصية لها وظيفة غير مألوفة، وهي وظيفة أفرزتها الأزمات المالية التي عصفت عالميا بالشركات والمؤسسات والمصانع والمصارف وغيرها، حتى صارطرد الموظفين مسألة اعتيادية ويومية، وبالتالي صار من الضروري وجود "عميل خاص" يتصدى لهذه المهمة ويتولى أبلاغ الموظفين بعملية الفصل من الوظائف.

هذا ما يقوم "رايان بنغهام" أو جورج كلوني، إنه يطير من مكان الى آخر ومن ولاية الى أخرى، بقصد إبلاغ الموظفين بقرارات الفصل، ويتحمل هو وحده تبعات ذلك من انفعالات وشتائم وأحيانا مواقف عاطفية صعبة، تصل الى درجة البكاء.

ولقد بدأ الفيلم بمشاهد أقرب الى الوثائقية توضح ردود أفعال الناس بعد إبلاغهم بإلغاء عقودهم، بعد سنوات طويلة من الخدمة. ومن الواضح أن الاستعانة قد تمت بمجموعات تم فصلها فعليا ولم يدخل الأمر فى باب التمثيل فقط.

يسير الفيلم باتجاهين.. الأول علاقة "بنغهام" بأولئك الذين يتم فصلهم في مواجهات شخصية وأحيانا في اجتماعات موسعة، يستخدم فيها بنغهام نفس التعبيرات التي تحاول أن تراعي مشاعر الآخرين، مثل الحديث عن بدايات الرحلة وحزم حقائب السفر والتطرق الى المستقبل بقصد البداية من جديد، ولكن الكلام لا معنى له لأن من يتم فصلهم يصلون الى درجة الانهيار ولا يمكن الرفع من معنوياتهم بسهولة، بل يذكر الفيلم حادثة -عرضا -أساسها انتحار أحد الموظفين، بعد قرار الاستغناء عنه.

لا يهتم الفيلم بالمسارات الشخصية لكل هؤلاء، ويركز على الشخصية الأولى "بنغهام" وعلاقاته المختلفة مع من حوله، وهذا هو الاتجاه الثاني.

سوف نجد في هذا الفيلم شخصية نسائية أولى وهي امرأة تنتقل مع بنغهام من فندق الى آخر وعلاقتهما أحيانا تبدو رومانسية، وأحيانا علاقة جسدية مباشرة، وفي مشهد جيد نكتشف أن هذه المرأة متزوجة ولها أبناء ولم تتطرق الى ذلك طوال علاقتها مع بنغهام.

تبدو شخصية "جورج كلوني" وكأنها نموذج للحياة المعاصرة، فهو رجل لا يهتم بالبيت والأسرة وغير مقتنع بالزواج والاستقرار. إنه يطير دائما ويهرب باستمرار من شيء ما ويحاول أن ينع نفسه بهذه الآراء، بل ويقنع غيره.

هناك فتاة أخرى صغيرة السن، هي موظفة جديدة، تقدم مقترحا بديلا تقنيا، لغرض إبلاغ المفصولين عن العمل عن طريق الشبكة الدولية "الانترنيت" ويوضح الفيلم نجاح هذه الطريقة، ولكن الجانب الانساني فى محاولة المواساة يبدو ضعيفا، لذلك يأخذ بنغهام هذه الفتاة الى رحلة لكي يعلمها كيف تتعامل مع المفصولين وكيف تمتص انفعالهم وغضبهم وتفشل الفتاة في هذه التجربة، بل تتحرك المهنة نهائيا في آخر الفيلم.

من القصص الفرعية نجد مواجهة لبنغهام مع ابنة أخته والتي تسعى للزواج وهو يتدخل لكى يقنع الزود بإتمام الزواج، بعد أن قرر إلغاء المشروع، وبالفعل ينجح بنغهام في ذلك، رغم انه غير مقتنع بالأسرة والاستقرار العائلى.

يصل بنغهام الى رحلة مجموعها 10.000.000 ميل من الطيران في السماء. إنه يبتعد عن الأرض وأهلها ومشكلاتها، لكنه مجبر دائما على العودة الى الأرض، حيث المشكلات تتزايد وأهمها مشكلات البطالة والفصل عن العمل.

الفيلم يعتمد على رواية، ولكن الخط الدرامي مفقود، لذلك نجد الكثير من التفاصيل والجزئيات التي أضيفت الى الفيلم، وبذلك يلفت الفيلم الانتباه، غير انه لا يشد الجمهور ولا يؤثر فيه كثيرا، رغم حضور الجانب الكوميدي والدرامي، ولعل ذلك أحد مقاصد صناع الشريط.

الاثنين، 15 نوفمبر 2010


أيام قرطاج السينمائية.. هناك دائما من يحب الميكروفون


ما الوجه الذي ستظهر عليه أيام قرطاج السينمائية بعد عقد من الزمان؟..هذا السؤال الذي جاء في مقدمة "دليل أيام قرطاج السينمائية" في دورتها الجديدة لعام 2010وهي الدورة التي تحمل الرقم "23".

إن كل المهتمين بالسينما يعلمون جيدا أن مهرجان قرطاج السينمائي يعدّ من أقدم المهرجانات السينمائية العربية، بل هو الأقدم فعليا، فقد انطلق عام 1966، وكانت له خصوصية متميزة وحقق خلال مسيرته نجاحات كبيرة، كان لها التأثير الكبيرعلى الإنتاج التونسي والعربي والإفريقي، وكان له التأثير الواضح على الجمهور التونسى محليا أيضا.

من حق الجميع أن يطرح السؤال. الى أين يمضي مهرجان قرطاج السينمائي؟
وما هي المتغيرات التي تفرض نفسها عليه؟ وهل وصل الأمر الى مناقشة المبادىء والمنطلقات التي كانت في بداية التأسيس؟

أظن أن هناك متغيّرات جديدة تفرض نفسها، وهذه الدورة رقم "23" تؤكد ذلك، ويبدو أن الدورة القادمة للأيام ستشهد منعطفا هاما، وهو أمر لابد من طرحه ومناقشته.
تميّزت الدورة الجديدة "2010" بجملة من الإضافات الجديدة، مع الاعتماد على أسس المهرجان التقليدية المعروفة، وأهمها فيلم "الصرخة" التشادي في الافتتاح.

أيضا هناك المسابقة الرسمية للأفلام الروائية، والمسابقة الرسمية للأفلام الروائية، والمسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، ويلاحظ أن قسم أفلام الفيديو قد ألغي تماما، وتحوّلت المسابقة الى نوعين روائية قصيرة وروائية طويلة بصرف النظر عن كونها سينما أو فيديو، وللنوعين لجنة رسمية واحدة.هناك قسم جديد خاص بالأشرطة القصيرة التونسية لكنه مندمج مع قسم الأفلام الوثائقية الرسمية في برنامج واحد وله لجنة تحكيم واحدة.

كما يوجد قسم سينماءات من العالم وهو معروف ومعتاد ويحتوي على أفلام متنوعة من كل أنحاء العالم. وهناك قسم خاص بالأطفال وبه أفلام رسوم متحركة، ولكن الأفلام به قليلة جدا "ثلاثة أفلام فقط."

لابد لنا أن نشير أيضا الى أقسام المهرجان الأخرى، وهي متعددة ومنها مثلا "حصص خاصة" وقد عرضت به بعض الأفلام المهمة مثل" ميرال وفينوس السوداء"، ومن الأقسام المهمة "سينما وذاكرة" وفيه تمّ تكريم اسم الفنان الراحل محمود الجموسي وكذلك الفنان الراحل الهادي الجويني مع عرض فيلم "الباب السابع" الذي شارك الهادي الجويني فيه بنفسه.

في نفس القسم تم تكريم السينمائي الطاهر الشريعة مع عرض فيلم قصير جزئي وثائقي حول حياته ومجهوداته السينمائية.

من الأقسام التي ينبغى أن تذكر قسم اكتشافات وقسم "ملامح من السينما المكسيكية" وقسم نظرة قريبة على السينما في جنوب افريقيا وقسم أفلام من بلدان يوغسلافيا سابقا ـ البوسنة ومقدونيا وكرواتيا وصربيا وسلوفينيا.

من افريقيا تكريم الممثل الراحل"صوتيفى كوباتي"من بوركينا من خلال عرض أفلامه مثل "ماهابهارتا ـ الضباع ـ السنغال الصغيرة ـ نعر لندن".

هناك أيضا قسم خاص بتكريم المخرج الجزائري الفرنسي رشيد أبو شارب، وكذلك تكريم الممثلة الفلسطينية هيام عباس، حيث عرضت بعض أفلامها مثل "الستار الأحمر ـ الجنة الآن ـ امريكا ـ المر والرمان ـ كل يوم عيد".

ومن التكريمات نجد تكريما للمخرج اللبناني "غسان شلهب" ومن الأقسام المهمة "بانوراما السينما التونسية" وبه أفلام طويلة وقصيرة ووثائقية.

إذا عدنا الى لجنة التحكيم الرئيسية "المسابقة الرسمية" سوف نجدها تتكون من راؤول بيك من هاييت وقد اشتهر بفيلم "لوممبا" 2000 ،بالإضافة الى إخراجه لأفلام أخرى طويلة وقصيرة. أيضا هناك أنور إبراهيم من تونس وهو موسيقار وضع موسيقى تصويرية لأفلام كثيرة مثل "عصفور السطح" و"صمت القصور" و"بزناس" و"موسم الرجال" وغير ذلك من الأفلام.

من أفغانستان تم اختيار عتيق رحماني وهو كاتب ومخرج، ومن السنغال جوزيف راماكا وهو مخرج وكاتب سيناريو ومدير مهرجان. من مصر تم اختيار الممثلة الهام شاهين ومن سوريا الممثلة سلاف فواخرجي ومن فرنسا المخرجة والنتجة "ديان بارتييه".

لابد من الإشارة هنا بأن الممثلة السورية سلاف فواخرجي قد اعتذرت منذ اليوم الأول ولم يتم تعويضها بشخص آخر.

ومن الواضح أن الانتقادات التي وجهت لاختيار لجنة التحكيم كانت أقرب الى الصواب وخصوصا التركيز على النجوم وتكرار الأسماء، من المعروف أن سلاف فواخرجي كانت من ضمن أعضاء لجنة التحكيم في مهرجان أبو ظبي السينمائي وأن الممثلة الهام شاهين قد تكرر أسمها كثيرا في المهرجانات بلا مبرر لذلك.

الحضور النسائي يتكرر أيضا في لجنة مسابقة الأفلام الوثائقية ولقد حضر الممثل خالد أبو النجا من أبو ظبي مباشرة الى تونس أيضا.

هناك مسابقة أخرى موازية لكنها مهمة، خصصت بمناسبة انعقاد مؤتمر منظمة المرأة العربية وقد شكلت لجنة لهذه المسابقة يرأسها عبد الجليل خالد، رئيس المركز القومي للسينما في مصر وقد منحت اللجنة جائزتها الى فيلم قصير من مصر بعنوان"أحمر باهت" لمخرجه محمد حامد.

وفي نفس الإطار كرمت منظمة المرأة العربية في مؤتمرها المخرجة عطيات الابنودى من مصر مع تنظيم ندوة حول المرأة والسينما شارك فيها عدد من المتدخلين.

من فعاليات المهرجان، تنظيم ندوة حول النقد السينمائي بحضور اتحاد النقاد السينمائيين الدوليين "الفيربيسي" مع ندوة موازيه حول النقد السينمائي في البلدان العربية وذلك تحت إشراف جمعية النهوض بالنقد السينمائي فى تونس.

كما قلنا، فإن أفضل الأقسام كان يتمثل في بانوراما الأفلام القصيرة التونسية وكان الإقبال كبيرا على هذا القسم، كما أن العروض كانت جيدة من الناحية الفنية والثقافية، وقد شهد الجميع بأن الأفلام التونسية القصيرة قد تفوقت على الأفلام التونسية الطويلة.

كانت لأفلام المسابقة الرسمية "الطويلة" أهمية متميزة، لأنها نالت اهتماما واسعا صحفيا ونقديا، وخصوصا وأن المناقشات في دار الثقافة ابن خلدون بتونس العاصمة قد خصصت لهذه الأفلام، وفى جميع الأحوال لم يقع اهتمام واضح بمناقشتها وربما من الأفضل تغيير قاعة ابن خلدون والبحث عن بديل مناسب يغري النقاد والصحفيين بالحضور، لأن جل المشاركين لا يحضرون نقاشات الأفلام.

شاركت تونس في المسابقة الرسمية بثلاثة أفلام طويلة هي:" النخيل الجريح" لمخرجه عبد اللطيف بن عمار - والذي أحرز التانيت الذهبي- عن فيلم عزيزة في سنوات سابقة من المهرجان.

الفيلم الثاني" آخر ديسمبر" لمعز كمون والفيلم الثالث"سجل احتضار" للمخرجة عايدة بن علية. و الأفلام الثلاثة تتسم عموما بالضعف، رغم أن الموضوع الذي تم اختياره في" النخيل الجريح" مهم نسبيا وبذلك لم يحصل أيّ فيلم على أية جائزة إلا جائزة لجنة تحكيم الأطفال وهي لجنة ليس هناك ما يبرر وجودها إلا إذا كان هناك قسم خاص للأطفال به مسابقة رسمية، وهذا ما لم يتوفر في مهرجان قرطاج الى حد الآن.

شاركت الجزائر بفيلم"رحلة الى الجزائر" لمخرجه عبد الكريم بهلول صاحب" شاي بالنعناع" والفيلم جيّد على مستوى السرد وتدفق الأحداث، ولكن أطروحته يثار حولها الكثير من الأسئلة، لأنه يتودد الى السلطة الرسمية ويبالغ في ذلك تحت شعار إنصاف المجاهدين، ولقد نال الفيلم جائزة التانيت الفضي وبالطبع هناك أفلام أفضل منه كثيرا.

من مصر هناك فيلم" رسائل البحر" لداوود عبد السيد وقد أغفلت لجنة التحكيم هذا الفيلم نهائيا، ربما لأن المخرج قد نال في السابق جوائز كثيرة، ورغم ذلك فقد فاز ممثله الأول آسر ياسين بالجائزة الأولى "تمثيل رجال"، وربما كان يستحق ذلك رغم أن هناك من هو أفضل منه، مثل الشخصية الرئيسية فى الفيلم المغربي الجامع.

الفيلم الثاني من مصر وهو"ميكرفون" للمخرج أحمد عبد الله والذي يعرض له فيلم آخر على هامش المسابقة تحت اسم "هيلوبوليس". الفيلم شبابي ومتميز يعتمد تقريبا على الارتجال وهو من الأفلام الحديثة في طريقة السرد والمعالجة ولقد نال الجائزة الذهبية، وبالطبع يستحق الفيلم الجائزة ولكن المسألة تخص لجنة التحكيم وحدها، لأن من الممكن أن يتحصل عليها فيلم آخر ولا أحد ينتبه الى فيلم" ميكرفون".

من المغرب جاء فيلم"الجامع" لمخرجه داوود أولاد السيد، صاحب الجوائز الكثيرة والفيلم من أفضل أفلام المهرجان ولكن لجنة التحكيم لم تمنحه إلا الجائزة الثالثة "التانيت البرونزي".

من لبنان كان فيلم"كل يوم هو عيد" لديمة الحر وهو فيلم جيد وقد منح تنويها من قبل لجنة التحكيم وكان من الممكن منحه جائزة لجنة التحكيم الخاصة، ولكن اللجنة لم تفعل ذلك، إذ إنها لم تتوسع في الجوائز وبدون مبرر.

من أهم أفلام المسابقة الروائية فيلم "سيرلي ادامز" من جنوب افريقيا، وهو فيلم يستحق أي جائزة بما في ذلك التأنيت الذهبي، ولكن تم استبعاده واكتفت لجنة التحكيم بمنحه ممثلة الأولى دونيز نيومان جائزة التمثيل الأولى ـ نساء، وهي تستحقها دون نقاش.

هناك جائزة جديدة تعتمد على الجمهور "جائزة الجمهور" وقد فاز بها الفيلم الجزائري"رحلة الى الجزائر"ويبدو أن الجمهور من نوعية معينة، يقترب من الانفعال المباشر وفي جميع الأحوال لا تكاد تعني الجائزة الكثير.

بالنسبة للأفلام التونسية القصيرة فازت تونس بالتانيت الذهبي وكان ذلك تعويضا واضحا، والفيلم التونسي الفائز جيد جدا وهو بعنوان"عيشة" "المسابقة المحلية" لوليد الطابع. وكذلك الأمر بالنسبة للفيلم الثاني"الجائزة الثانية" فهو من تونس لحميدة الباهي. أما جائزة الفيلم الوثائقي "الذهبية" فقد فاز بها فيلم من فلسطين وهو بعنوان"اربطني"لمي راشد.

هناك جائزة باسم اتصالات تونس وهي منحة لتكملة فيلم ماليا وفاز بها المخرج التونسي نضال شطا عن فيلم قيد الانجاز وهو" السراب الأخير".
كانت المشاركة الافريقية محتشمة، ففي مسابقة الأفلام القصيرة "الدولية" فازت كينيا بالجائزة الفضية عن فيلم "بومزي" لمخرجته وارنورى كاهيو وهو فيلم يعتمد على التقنية والتصوير والجمع بين القديم والجديد، بينما فاز فيلم"صابون نظيف" بالتانيت الذهبي لمالك عماره من تونس.

اما التانيت البرونزي فقد فازت به اثيوبيا عن الفيلم القصير"ليزر" للمخرج زلالم ولد مرايام.

ومن الأفلام الافريقية الجيدة نجد الفيلم الكيني"فتى الروح" ولكنه لم يفز بأية جائزة واحتوى برنامج مسابقة الأفلام الطويلة أيضا على فيلم متواضع وهو"ايماني" من أوغندا وهو فيلم فيديو وليس سينما، وكما أشرنا فقد جمعت أفلام السينما والفيديو في بوتقة واحدة.

بالنسبة إلى الجوائز الموازية- وهي خارج المسابقة وخارج اختصاص لجان التحكيم- يهمنا كثيرا أن نذكر بأن الفيلم القصير"فيديو" وهو باسم "شراكة" قد فاز بالجائزة الأولى والتي منحها اتحاد المخرجين فىي البلدان الإسلامية، وهذا الفيلم الذي أخرجه صلاح قويدر من ليبيا قد نال اهتماما جيدا واقترحت مشاركته في كثير من المهرجانات القادمة اما الجائزة الثانية في الإطار نفسه فقد فاز بها الفيلم التونسي القصير"هوس" للمخرج أمين شيبوب.

بالنسبة لجائزة اتحاد النقاد السينمائيين العالمي فقد تم منحها للفيلم الافريقي"شيرلي ادامز" من جنوب افريقيا. ومنحت غرفة منتجي الأفلام في تونس جائزتها الى الفيلم المغربي "الجامع".

هناك أيضا ورشة المشاريع والتي وزعت جوائزها المالية لسيناريوهات قيد التنفيذ وقد وزعت الجوائز المالية بين فلسطين وتونس والجزائر والمغرب وساحل العاج والسنغال.

بعض المعلقين أشاروا إلى أن هذه الدورة "23" من أيام قرطاج السينمائية قد استهدفت المصالحة مع مصر والتي لم تفز بأية جائزة ذهبية منذ اختيار يوسف شاهين وربما كان هذا الكلام صحيحا، وكل ذلك لا يمنع القول بأن هذه الدورة تعدّ من الدورات المتميزة المليئة بالأفلام والتنويعات وهي تكشف عن أن أيام قرطاج السينمائية قادمة على تغيرات جوهرية في السنوات القادمة.

الخميس، 4 نوفمبر 2010


"سولت".. امرأة غير قابلة للذوبان


تذكرت وأنا أشاهد هذا الفيلم "سولت ""إنتاج 2010" لمخرجه فيليب نويس، أكثر من فيلم دارت أحداثه حول إنقاذ الأرض من الخراب والدمار الذي يمكن أن تتعرض له في أيّ وقت.

والواقع أن فكرة تدمير الأرض قد تجسدت على الشاشة منذ عقود كثيرة، بداية من"حرب العوالم" مثلا في صورته الأولى والثانية، فضلا عن وجود تلك الكائنات الخارجية التي تسعى دائما لضرب الكرة الأرضية، وفي أكثر الأحيان هناك من يسعى الى هذا التدمير من داخل الأرض نفسها، ولعل ذلك يعود الى اختراع القنبلة الذرية ثم النووية وهي إشارة الفزع التي لم تستطع السينما التخلص منها، ويمكن أن نذكر مثلا ذلك الفيلم الشهير لستانلي كوبريك"الدكتور سترا نجلاف ""1964"،ثم أفلام أخرى تضع الرئيس الأمريكي دائما في الواجهة مثل " يوم الاستقلال" وغير ذلك من الأفلام..

سنرى في هذا الفيلم "سولت" الكثير من التفاصيل التى سبق تقديمها، بل هو إعادة لبعض هذه التفاصيل، وهذا هو حال السينما في اختيار موضوعاتها، في تقارب وتباعد وتكرار أحيانا ولكن بمعالجات مختلفة يقبلها الجمهور ويقبل عليها بدون إثارة أية أسئلة أو شكوك، بل هي لعبة التسلية ولا شيء غيرها.

هذا ما حدث مع فيلم "سولت" الناجح جماهيريا، رغم أنه لا يخرج عن كونه تكرار لبعض الوقائع والأحداث المتداولة، مع إضافات أخرى سبق للجمهور أن تابعها لنفس بطلة الفيلم "انجيلينا جولي"والتي اشتهرت بأفلام الحركة في مرحلة أخيرة.

وكانت أن قدمت فيلم "لارا كروفت" في جزئين ثم قدمت أفلام أخرى مثل"مطلوب" والفيلم المعاد إنتاجه "السيد والسيدة سميث" والحقيقة أن هذه الممثلة قد ظهرت فى صورة أخرى مختلفة ناجحة مثل الخطيئة الأساسية – بيوولف – الاسكندر" ولكن أفلامها الأخيرة، أكدت نجاحها في أفلام الحركة والعنف والمغامرة، وقد ساعدها على ذلك رشاقة جسدها، وشكلها الخارجي، وأيضا الوجه الذي يجمع بين الجمال والوحشية في نفس الوقت.

في فيلم"سولت" هناك تركيز واضح على التفاصيل المذكورة، لأن جسد الممثلة هو الذي يملأ الشاشة في أغلب الأحيان، ولذلك تظهر بوضوح الجزئيات القريبة، مثل الشفاه والخصر والذراع وكذلك الشعر والعيون ولكن لم يسقط الفيلم في الاستعراض الجسدي، واهتم بجوانب أخرى لها علاقة بموضوع الفيلم نفسه وتفاصيله الدقيقة.

في أول الفيلم نرى مشهد تعذيب في كوريا الشمالية، للفتاة نفسها "سولت" وهي تؤكد تحت التعذيب بأنها ليست عميلة أمريكية،وبالفعل تخرج من المعتقل ويتم مبادلتها بسجين كوري لتعود الى بلادها أمريكا.

وسوف لن نجد لهذا المشهد أية أهمية، لأنه مجرد مقدمة للتعريف بهذه الجاسوسة، ولن يستفيد الفيلم مما قدم في تتبعه لباقى الأحداث – حيث لا علاقة لكوريا الشمالية بقصة الفيلم، إلا من باب إدماج هذه الدولة في لعبة العداء لأمريكا والاقتراب من التحالف الذي يهدد العالم.

مثلما تصورنا مسبقا بأن هناك بعض الكائنات تحاول أن تندمج داخل المجتمع الأمريكي بغاية تدمير الدولة وأحيانا تدمير العالم، وهي كائنات معادية قادمة من الفضاء الخارجي وتمثل من حلقات الشر، حسب التصور الامريكي، سوف نرى في هذا الفيلم كائنات روسية شبيهة بذلك.

إنها خلايا متفرقة تقوم على أفراد أمريكان، تم تجنيدهم في عقود الحرب الباردة بعد أن نقلوا من بلادهم وتدربوا مع مرور الوقت، ليصبحوا جنود أقرب الى الأشباح أو بالأصح عملاء نائمون، يمكنهم ان يستيقظوا فى أي وقت لاقتناص الفرصة وأحداث الكارثة الكبيرة. يقول الفيلم بأن الفتاة "ايفلين سولت" إنها إحدى ضحايا التجنيد الروسي للعملاء من الأمريكان.

فقد جندت وهي صغيرة وخضعت للتدريب تحت إمرة إحدى القادة الروس وهو" أورلوف"، وتبدأ الأحداث فعليا عندما يحضر هذا القائد الى أمريكا هاربا ويبلغ دوائر المخابرات الأمريكية بأن" سولت" والتي تعمل في هذه الدوائر إنما هي جاسوسة روسية، ولم تستطع "سولت" هذه أن تقنعهم بأنها عميلة مزدوجة، وظلت تحاول طوال مدة الفيلم إقناع الآخرين جميعا بأنها ليست جاسوسة روسية أو مجندة نائمة، لكنها أمريكية تخدم لمصلحة دائرة الاستخبارات المركزية تحت إدارة رئيسها المباشر "تيدونيتر" والذى يقوم بدوره الممثل "ليف شرايبر".

هناك مشهد داخلي تحاول فيه "سولت" الخارقة اقتحام الأخطاربمفردها وتنجح في ذلك، لتبدأ بعد ذلك سلسلة المطاردات بحثا عن سولت. وهي مطاردات تحدث في الشوارع، حيث السيارات والطرق الواسعة والعربات الكبيرة.

ومن الواضح أن البطولة هنا تصل الى درجة المبالغة المطلقة، حيث تقوم "سولت" بكل المعجزات لكي تتمكن من الهرب، ومن ذلك القفز من أعلى العربات وتسلق الجدران في العمارات العالية، وكل ما يمكن أن ينسب الى أبطال الأفلام الأخرى المعروفة مثل"توم كروز "مثلا في سلسلة أفلام "مهمة مستحيلة" أو الممثل "مات ديمون" فى سلسلة أفلام"الهوية بورن"، ويمكن القول بأن بطولة الفيلم كانت على قياس ممثل "رجل" لكنها تحولت مع بعض الإضافات الجديدة الى بطولة امرأة خارقة.

بصرف النظر عما إذا كانت المشاهد مقنعة أو غير مقنعة، فالفيلم ومن خلال التنفيذ الدقيق يبدو جيد الصنع، وليس ذلك بغريب على المخرج "فيليب نويس" الذي له تجارب كثيرة في أفلان المغامرة والحركة"الأكشن"، ومن ذلك مثلا فيلم "القديس" 1997 وفيلم "سيلفر" 1993 وفيلم "جامع العظام"، مع نفس الممثلة 1999 وفيلم "الأمريكي الهادىء" 2002.

وهكذا تسير أحداث الفيلم بهدوء وتسلسل مونتاجي مريح للمتفرج، ويأتي التشويق، هو سيد الموقف دائما، فلا توجد لحظات فراغ في الفيلم، في بيت سولت مثلا، تستطع الفرار من متابعيها، ولاسيما وهي تكتشف أن زوجها قد تم القبض عليه، ثم أطلق سراحه، لتلتقي ببه من جديد، ومن الواضح أن دور الزوج "مايك" ليس له ضرورة بالنسبة للفيلم، لأن من شروط العمل بالنسبة للجاسوسة ألا تكون متزوجة.

يدفع الفيلم بالأحداث نحو المزيد من الحركة وممارسة القتل، فكل حدث يؤدي الى حدث أكثر عنفا، حتى الوصول الى مبنى القداس الديني الخاص بجنازة نائب الرئيس الامريكي. يقول الفيلم بأن الرئيس الروسي، سوف يشارك في جنازة صديقه نائب الرئيس الامريكي، وأن هناك معلومات تكشف بأنه سيتعرض لمحاولة اغتيال، وفعلا تتم المحاولة عن طريق سولت ورغم نجاحه في ذلك إلا أن الرئيس الروسي لا يقتل.

عند لقاء سولت مع معلمها الروسي "اورلانوف" تمرّ بتجربة امتحان، لكي يتم إثبات صدقها وإخلاصها لتحقيق الأهداف الروسية، وتتمكن بعد ذلك من قتل معلمها، لتكمل دائرة الانتقام التي تعيشها، حيث نعلم وعن طريق لقطات الرجوع للخلف "فلاش باك" وبشكل سريع بعض تفاصيل حياة سولت وهي في روسيا، صغيرة السن، ومن هذه التفاصيل قتل أسرتها لإجبارها على العمل جاسوسة وعلى الحياة بشكل منفرد وإخضاعها لنظام صارم من التعليم، ثم زواجها من مهندس معماري ضد رغبة الجهات الاستخباراتية.

وهنا تبدو لقطات "الفلاش باك" وكأنها محاولة لشرح بعض الجزئيات من حياة سولت، فهي أولا لا تتكلم كثيرا، ولا يوجد ما يبرر تصريحها بجوانب من قصة حياتها، رغم وجود الراوي أحيانا في مرحلة مبكرة.

مثل كل لقطات الفلاش تستخدم للتفسير والتعليل، وبذلك تبدو" سولت" وكأنها مدفوعة للانتقام من الروس، فهي موالية لهم شكلا وعدوة لهم فعليا، حيث أظهرها الفيلم في النهاية باعتبارها المخلص الامريكي لكل الشرور التي يمكن أن تصيب العالم.

في هذا الجانب وغيره يسير الفيلم نحو عدة اتجاهات.. أولا العودة الى ما يسمى بالحرب الباردة بين أمريكا وروسيا، ولا شك أن التقارير الحقيقية البحثية التي تقول بعودة النفوذ الروسي أو الخوف من عودته، تؤكد على هذا المنحى، فالتوقعات كثيرة بالنسبة لإمكانية نهوض روسيا من كبوتها السياسية، بأن تصبح الطرف المناوىء لأمريكا.

ثانيا: هناك اتجاه آخر يربط الفيلم بالمتغيرات الجديدة بعد أحداث 11سبتمبر/أيلول، والمقصود بذلك محاولة تشويه الدور الامريكي، كما تدعى دوائر الإعلام الأمريكية. ونهاية الفيلم تكشف عن كل ذلك، وما تقوم به سولت يبرز وجه أمريكا الايجابي، لأنها تدخلت لإيقاف تدمير بعض المدن الإسلامية مثل طهران ومكة. وكذلك 9 مليون مسلم كما يقول الفيلم.

ثالثا: مثل أكثر الأفلام الأمريكية، لا تظهر السياسة صريحة ومباشرة، فنحن إزاء فيلم مليء بالمغامرات غير المنطقية، ويعتمد على الفردية المطلقة في البطولة، ويتواصل مع الجمهور اعتمادا على ذلك، ولا مانع من أن تظهر بين الحين والآخر بعض "الموتيفات" السياسية التي تخدم الفيلم ليس إلا، وليس لها علاقة مباشرة بالواقع السياسي ومجرياته.

عندما يقترب الفيلم من نهايته، تتدخل "سولت" وتتمكن من التسلل الى البيت الأبيض وتعمل على إيقاف الصواريخ في اللحظة الأخيرة لانطلاقها ونكتشف بأن رئيسها في العمل مخبر أيضا في العمل لصالح روسيا، فهو أحد الأشباح التي يقدر لها أن تظهر بين الحين والآخر، ولقد استخدم الفيلم كلمة "سولت" لتدل على معنى ذوبان هؤلاء العملاء في المجتمع الامريكي بحيث لا يشعر بهم أحد. رغم أنه اسم علم على أية حال.

فى آخرالفيلم تسعى "سولت" لتقل العميل "تيد وينتر" ويتم القبض عليها لكن زميلها "بيبودي" يطلق سراحها بعد اقتناعه ببراءتها، ولتبدأ مهمة البحث عن باقي العملاء الآخرين.

مثل العادة يظهر الأمريكي هو المنقذ من كل الأخطار التي تواجه أمريكا أو تواجه غيرها من الدول فى يوم الحسم والذي ساماه هذا الفيلم اليوم المجهول.

أما لماذا تم اختيار "مكة وطهران" باعتبارهما أهداف عسكرية لضربة يقودها عملاء روس وأدوات وأجهزة أمريكية، فذلك يرجع الى محاولة إبراز أمريكا وكأنها في حالة دفاع عن الإسلام من خلال "السنة والشيعة" والحقيقة أن الدعاية في هذا الفيلم تصل الى حدودها القصوى، ونقصد بذلك الدعاية السياسية "البربقاندا"، ولولا نسبة الخيال العالية لاعتبر هذا الفيلم مجرد استمرار لما أنتج في السابق من أفلام حاولت فيها هوليوود أن تكون بوقا سياسيا لما يعرف باسم مظاهر التفوق العنصري بالادعاء، حيث لم تسلم منها أية جنسية غربية و شرقية.

فى آخر الفيلم تتحول حركة الممثلة" أنجيلينا جولي" الى ما يشبه الأسطورة وهي تخرج من الماء بعد سقوطها من الطائرة وتظهر بين الأشجار وراء خلفية موسيقية اوبرالية، وكأن ما قامت به أحد المستحيلات وذلك لإضفاء مظاهر القوة والتأثير على هذه الشخصية تمهيدا لإبرازها في دور آخر جديد بنفس الشخصية والاسم"ايفلين سولت" وباعتبار الفيلم يقوم على شخصية امرأة، فلم تبرز إلا "أنجلينا جولي" في الفيلم. ولكن لابد من الإشارة الى الممثل "ليف شرايبر" والذي لعب دور العميل "تيدوينتر"، فهو الشرير الذي يطرحه الفيلم في مواجهة المرأة الغارقة سولت. أما باقي الأشرار فهم نائمون الى حين يطلب منهم الاستيقاظ وهو ليس ببعيد على كل حال
.