الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

مهرجان الشرق الأوسط السينمائي------------------اخبار السينما







أبو ظبي أكملت استعدادها لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي
‏‏

أنهت العاصمة الإماراتية أبو ظبي استعداداتها لانطلاق الدورة الثانية من
مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي يوم 10 تشرين الأول المقبل على مدار
عشرة أيام.‏‏

وقالت إدارة المهرجان في مؤتمر صحفي إن أفلاماً من 35 دولة ستتنافس على
جوائز "اللؤلؤة السوداء" التي تزيد قيمتها عن مليون دولار أميركي وقد
اختارت اللجنة الأفلام المشاركة بعد مشاهدة أكثر من ألف فيلم.‏‏

وقررت اللجنة تكريم المخرج التونسي ناصر خيمير احتفالاً بعيد مولده الستين
مع عرض خاص لفيلمه "طوق الحمامة المفقود"، وتكريم الممثلة الأميركية
الحاصلة علي جائزة الأوسكار جين فوندا والممثلة الأميركية سوزان ساراندون
والفرنسية كارول بوكية.‏‏

ومن جانبها أعلنت مديرة المهرجان نشوى الرويني أن الدورة الجديدة سوف تطلق
أيضاً مبادرة "المسلمون على شاشة السينما والتلفزيون" باللغة الإنجليزية
بالتعاون مع مركز الصبان للسياسات الشرق أوسطية بمعهد بروكينز في واشنطن.‏‏

وتهدف المبادرة إلى "إعداد مركز ثقافي لتوفير المصادر القيمة والمفيدة
والمعلومات الأساسية عن الإسلام والمسلمين لمجتمع الترفيه الأميركي، وتسعى
إلى تلبية الاحتياج المتزايد للتفاهم بين الجانبين في مثل هذه الأوقات
المشحونة بالتوتر والترقب".‏‏

كما سيطلق المهرجان أيضا دائرة أبحاث صناعة الأفلام العربية والتي تعنى
بتغطية وضع السينما العربية الحالي في الشام ومصر والخليج وشمال أفريقيا.‏‏

ويستضيف المهرجان علي هامش فعالياته ندوة عن قدرات النساء في مجال صناعة
الترفيه سيتم الإعلان عن تفاصيلها في الأيام القليلة القادمة.‏‏

ولأول مرة سوف يخصص المهرجان قسما للتركيز علي الأفلام البيئية بالإضافة
إلى عروض الأفلام الوثائقية التي تلقي الضوء علي الستين عاما الماضية
وبخاصة منذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين.‏‏


أخبار المهر جانات ----------مهرجان الشرق الاوسط السينمائى الدولى




مهرجان الشرق الاوسط السينمائي الدولى فى دورتة الثانية

اعلنت ادارة مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أن مسابقة الأفلام الطويلة في الدورة الثانية التي تنعقد من 10 إلى 19 أكتوبر القادم تتضمن 23 فيلماً من 18 دولة من الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأفريقيا والعالم العربي وقال محمد خلف المزروعي نائب رئيس مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي أن الأفلام 15 روائيا و8 تسجيليا، وتم استبدال جائزة أحسن فيلم تحريك طويل لتكون جائزة خاصة باسم لجنة التحكيم لفيلم روائي أو تسجيلي بنفس القيمة المالية وقدرها 125 ألف دولار . واضاف بذلك تكون هناك ثلاث جوائز للأفلام الروائية (أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل ممثلة) وجائزة لأفضل فيلم تسجيلي، وجائزتين مشتركتين للروائي أو التسجيلي طبقاً لقرارات لجنة التحكيم، هما جائزة لجنة التحكيم الخاصة وجائزة أفضل إسهام فني، ومجموع الجوائز الست 700 ألف درهم ومن جانبها قالت نشوة الرويني مدير المهرجان أن التوازن تام بين الأفلام الأجنبية والعربية، فهناك 15 فيلما أجنبيا و8 أفلام عربية هي (زمن الرفاق) للمغربي محمد الشريف الطريبق و(حسيبة) للسوري ريمون بطرس و(دخان بلا نار) للبناني سمير حبشي و(هينا) للإماراتي صالح كرامة و(عيد ميلاد ليلى) للفلسطيني رشيد مشهراوي. أما مصر فيمثلها فيلمان طويلان هما (خلطة فوزية) لمجدي أحمد علي و(زي النهار ده) لعمرو سلامة إضافة إلى الفيلم التسجيلي الطويل (نجيب الريحاني) لمحمد كامل القليوبي. ، والتوازن متحقق أيضاً بين الأفلام الأجنبية: 3 من الولايات المتحدة الأمريكية و9 من أوروبا وفيلمين من آسيا وفيلم من أفريقيا وقالت الرويني أن هذة الدورة سوف تشهد حضور كبار نجوم السينما العرب في أفلامهم الجديدة مثل سلاف فواخرجي في "حسيبة"، وإلهام شاهين وغادة عبدالرازق وهالة صدقي وفتحي عبدالوهاب وعزت أبوعوف في "خلطة فوزية"، وسيرين عبدالنور وخالد النبوي في "دخان بلا نار"، والنجم الفلسطيني العالمي محمد بكري وعرين عمري في "عيد ميلاد ليلى"، إلى جانب مجموعة من الوجوه الجديدة الطالعة مثل بسمة وأحمد الفيشاوي وآسر ياسين في "زي النهاردة من جهتها قالت مديرة المهرجان إن هناك أفلاماً رائعة تسابقت فى مهرجانات السينما العالمية، والآن ستكون متاحة للجمهور والمتخصصين ضمن هذا العرس السينمائي الذي يسعى لعرض تشكيلة فريدة من أهم تلك الأفلام الحائزة على تقدير النقاد والتي حصدت الجوائز العالمية فى المهرجانات الكبرى عام 2008، ومعظم الأفلام المشاركة فى هذا القسم حازت على جوائز إما عن طريق إشادة النقاد أو عن طريق إقبال واستفتاءات الجماهير، مؤكدة أن المشاهد سواء كان يسعى إلى ما يفضله الجمهور من أفلام، أو إلى تلك التي يثنى عليها النقاد فإنه حتماً سيجد ضالته فى هذا البرنامج. ومن الملاحظ أن ما يقدر بنصف عدد الأفلام الـ 24 التي ستعرض ضمن هذا البرنامج تم ترشيحها أو نالت جوائز عالمية خلال هذا العام في مهرجانات سينمائية عالمية كبرى في فرنسا وألمانيا وإسبانيا والسويد والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية وغيرها. وتمثل الأفلام التي ستعرض ضمن البرنامج عدداً من الدول والثقافات مثل كندا وبلجيكا وألمانيا وإسبانيا والنمسا وكوريا الجنوبية والهند وإيران، أخرجها مخرجون موهوبون استطاعوا كسر حدود الثقافة المحلية والانطلاق إلى عالمية الثقافات، كما أن بعض الأفلام تمثل إنتاجا مشتركا بين عدد من الدول الأمر الذي من شأنه أن يغني تنوع الثقافات في عصر العولمة، كما أن موضوعات هذه الأفلام والقضايا التي ناقشتها تتنوع بشكل كبير وإن كانت السمة الغالبة عليها هي الطابع الاجتماعي. ومن بين الأفلام التي ستعرض فيلم "حصان بساقين" وهو إيراني من إخراج سميرة مخملباف ويحكي قصة ولد أفغاني يستأجر ولدا فقيرا ليحمله من مكان إلى آخر كأنه حصان. وفيلم "رائحة التفاح" وهو فيلم عراقي ألماني مشترك من إنتاج العام 2007 من إخراج ريتشي ميهتا حول مجموعة من الأفراد يعيشون في كردستان العراقية ويعانون من تبعات هجوم بالغاز السام شن عليهم قبل 20 عاما. كما يعرض فيلم "إجراء عملياتي معتاد" وهو فيلم أثار جدلا كبيرا عند عرضه للمخرج إيرول موريس يدور حول الصور التي تم التقاطها في سجن أبو غريب والتبعات التي نشأت عن نشرها، إضافة إلى فيلم روسي "حقل بري" للمخرج ديكوي بولي والذي يتناول حكاية طبيب روسي شاب يعيش في قرية منعزلة وغيرها الكثيرمن الأفلام.

انتصار الإسلام من الافلام الدينية


" انتصار الإسلام " شريط في الذاكرة

كان لنجاح الشريط الديني الأول الذي أنتج عام 1950 وعرض في العام الذي يليه ، الدافع الكبير نحو الاهتمام بالشريط التاريخي الديني ، وبلا شك كان تحقيق الربح المادي من الدوافع الأساسية ، ولكن لم يكن هذا هو الدافع الوحيد ، فهناك طرق كثيرة لكسب المال وفي مجال إنتاج الأشرطة نفسها تسمح بالكسب السريع ، وما اختيار الشريط الديني إلا اعتماد على منطلقات ذاتية تعود إلى المنتج نفسه وكذلك الأمر بالنسبة للمخرج .

ولقد جاء في الأخبار الفنية أن المنتج " محمد شلتوت " قد قرر الدخول في مغامرة إنتاج الأشرطة الدينية ، بل إنه سيتخصص في ذلك مدفوعاً بعدة عوامل ، أهمها الصيت الاجتماعي والدعاية الطيبة وحسن استقبال الجمهور لهذه النوعية ، كما حدث في شريط " ظهور الإسلام ".

وربما لو نجح هذا الشريط الجديد " انتصار الإسلام " لنفّذ هذا المنتج وعوده بإنشاء " أستوديو ومعمل للتحميض ، وكذلك استيراد آلات خاصة بالتصوير والتوليف والتركيب ، وهو أمر ربما ساعد على ازدهار وتطوير الشريط المنتج في مصر .

لكن الشريط لم ينجح ولم يكمل هذا المنتج سيرته الإنتاجية متخصصا وفي الإنتاج بشكل عام .

أما المخرج الذي جاء جديدا على الحقل السينمائي فقد أخرج بعد هذا الشريط شريطين آخرين من نفس النوع وتوقف بعد ذلك رغم أن تجربته العملية ودراسته في فرنسا وإيطاليا ، كانت كفيلة باستمراره في مجال الإخراج ، ولا سيما في تلك الفترة ، وربما توجه المخرج أحمد الطوخي بعد ذلك إلى الإذاعة فقدم العديد من المسلسلات الإذاعية .

أما عن الممثلين ، فقد تم اختيار الفنانة ( ماجدة ) وهي بعد لم تزل في بداياتها الأولى ، فقد تم تقديمها سينمائياً عام 1949 ولكن تعددت أدوراها الأولى حتى وصلت إلى حوالي عشرة أشرطة ، فكانت بالتالي جديدة وفي نفس الوقت معروفة .

ولقد شارك " ماجدة " أيضا كل من محسن سرحان وعباس فارس وفريد شوقي وهند رستم في التمثيل ، بينما قام بالتصوير المصور المعروف " أوهان " الذي عمل في أكثر من شريط ، وقام بعدة إضافات جديدة من اختراعه لكي يمكن له تصوير الأشرطة وخصوصاً المشاهد الصعبة فيها .

ولكن كل ذلك الاستعداد المالي والتقني لم يجد نفعاً ، فلم يحقق الشريط الربح المتوقع ، وخصوصاً وأن الأحداث السياسية التي حدثت خلال عام 1952 قد غيرت من اختيارات الجمهور ، ولكن الشريط رغم ذلك عرض في معظم البلاد العربية ، ومن المتوقع أنه قد استرجع كامل مصروفاته الإنتاجية .

ومن ناحية أخرى تم عرض الشريط في القنوات المرئية في السنوات الأخيرة .

ولا شك أن الموزعين قد استفادوا من وجود هذا الشريط ، بصرف النظر عن وضعية ذلك المنتج والذي لم تسمع عنه الخيالة العربية أية أخبار بعد هذا الشريط .

تأتي إلى أحداث الشريط ، مع العلم بأن المحصلة النهائية لم تكن إيجابية بما فيه الكفاية ، مقارنة بالشريط السابق " ظهور الإسلام " وأيضا الأشرطة اللاحقة الأخرى .

اعتبر الكثير من النقاد هذا الشريط من النوع البدوي الصحراوي وليس له علاقة بالشريط التاريخي أو الديني ، والسبب في ذلك يرجع إلى عدم وجود دلائل تاريخية أو إشارات تدل على التاريخ المقترن ببداية ظهور وانتشار الإسلام .

إن كل الشخصيات التي وردت في الشريط هي من النوع المتخيل ، كما أن القصة لها علاقة مباشرة بالمغامرة ، كما أن اللغة المستخدمة هي أيضاً بدوية صحراوية ، فلا أحد يعرف عمرو أو جميلة أو قاسم ، وهم الثلاثي الذي تقوم عليه القصة .

إن الشريط يمكن اعتباره من أشرطة المغامرات الصحراوية ولا توجد به أية إشارة دينية إلا من خلال بعض الكلمات والآيات التي تتردد بين الحين والآخر ، وبالتالي من الصعب اعتبار هذا الشريط من الصنف الديني أو التاريخي .

ورغم أنه من الممكن صياغة قصة خيالة لها أرضية وخلفية دينية ، إلا أن الشريط التاريخي لابد أن تكون له مرجعية حقيقية متمثلة في بعض الشخصيات والوقائع ، وهذا ما لم نجده في شريط " انتصار الإسلام " .

ولا زال المشاهد يذكر تلك الصورة المكررة النمطية للشرير الذي يقوم بأعمال السلب والنهب ، ويتعرض لمواجهة من قبل أحد الشخصيات ، حتى يتم القضاء عليه في النهاية ، وهذا الصراع هو الذي تجسد بين عمرو وقاسم أي بين محسن سرحان وفريد شوقي .

أما جميلة فهي الفتاة التي يدور حولها الصراع منذ البداية إلى النهاية ، ومع مرور التقلبات والمصاعب والحروب بين القبائل ، يصل بنا الشريط في الختام إلى نهاية سعيدة كما هو متوقع .

وهكذا تبدو أحداث الشريط بعيدة تماماً عن الصراع الديني ، وحتى إذا وجدت بعض المواقف التي تم التعبير عنها بكلمات دينية ، مثل الآيات القرآنية أو تكسير الأصنام أو غير ذلك من المشاهد ، فإن ذلك ليس له علاقة بالتاريخ أو بالذين باعتباره حدثاً مجسداً ومقبولاً .

وهكذا يمكن اعتبار هذا الشريط دينياً لبعض الأسباب والمبررات ويمكننا اعتباره شريطاً بدوياً لأسباب ومبررات كثيرة جداً ، إنه لا يختلف كثيرا عن شريط " ابن عنتر " مثلاً و(عنترة وعبلة) وشريط " صراع في الصحراء " وشريط " الصقر " . وهي أشرطة حققت نجاحاً كبيراً بسبب طابع الفروسية والمغامرة الذي سيطر عليها .

ورغم أن بعض الأشرطة لها وقائع حقيقية تستند عليها ؛ إلا أن شريط " انتصار الإسلام " يخلو من ذلك ، فلا يعرف المشاهد تاريخ الأحداث ولا وضعية المسلمين في تلك المرحلة ، بل وفي أي عصر أو سنة تدور وقائع الشريط و لا توجد قرينة يمكن أن نستدل بها عن التاريخ .

بالإضافة إلى ذلك احتوى شريط " انتصار الإسلام " على عدد من الصور النمطية التقليدية المتعارف عليها في أشرطة المغامرات ، مثل وجود أغنية طويلة لها مبرر أو ليس لها مبرر ووجود بعض الرقصات مع غناء جماعي يسمح بإطالة الشريط ، فضلاً عن المعارك الفردية والجماعية والتي يتطلبها الصراع من أجل المال أو المرأة ، وفي أحيان كثيرة الأرض الخصبة أو الماء الذي يندر وجوده في الصحراء .

لقد جاء شريط " انتصار الإسلام " ليربط الجمهور بالشريط الديني وإن كان الأمر لا يعدو أن يكون إطاراً عاماً يغلب عليه الجانب الإعلامي والدعائي ، ولقد استفاد الشريط من الحسي الديني لدى الجمهور الذي يعتبر هذه النوعية عن الأشرطة معادلاً مهماً لباقي الأشرطة الكثيرة التي تقدمها الخيالة العربية ويغلب عليها الطابع التجاري .

كما أن هذه النوعية من الأشرطة تسمح لبعض الكتاب بالتواجد والحضور والتعامل مع فن الخيالة وهم كتاب يجدون في الشريط الديني والتاريخي ضالتهم المنشودة ، ولكن يتطلب ذلك كله أن يكون الشريط التاريخي الديني في المستوى الفني والموضوعي المطلوب ، وهذا الأمر لم يتحقق بصورة قريبة أو بعيدة في هذه الشريط الذي تسلل الضعف إلى مشاهده ، فلم ينل اهتماماً بالملابس واللغة والتصوير الخارجي ، وأهمل الأحداث الدينية الأصلية ، حتى أن بعض النقاد اعتبروا أن الشريط قد صور بالأساس خارج النطاق الديني ، ثم حسبت عليه بعض المشاهد المضافة لكي يراهن على مشاعر الجمهور الدينية ، ولكن النتيجة أكّدت في النهاية عدم جدوى هذا الرهان ، وبالتالي انتظار محاولة أخرى جديدة ربما يكتب لها النجاح ، وقد تجسدت هذه المحاولة في إنتاج شريط جديد حول مؤذن الرسول " بلال بن رباح " وكان وراءها نفس المخرج " أحمد الطوخي " . وهذا ما سنحاول التعرض له في الحلقة القادمة .

نوراي. .رواية من أريتريا






يصعب على القارئ وهو يلج عالم هذه الرواية المسماة "نوراي" لكاتبها الإرتري أحمد عمر ريا شيخ، أن يتوحد مع تفاصيلها وأجزائها بكل سهولة ويسر، كما أنه يجد صعوبة بالغة ولا شك في أن يدرك أبعادها للوهلة الأولى ومن خلال قراءة وحيدة.
يصعب على القارئ، ذلك ونحن لا نقصد بقولنا هذا أن نمرر رأيا تقييميا، ولكن من الواضح أن الشكل الفني للرواية بمعناه التقليدي المألوف قد تعرض لمحاولة اهتزاز، بطريقة فنية وباللغة العربية، في وقت بدت فيه الانقسامات العرقية تسير نحو خدمة لغات أخرى، خارج الثقافة العربية، وهي مشكلة تعاني منها الحياة الثقافة في أرتريا بشكل خاص.
من متطلبات القراءة النقدية في التعامل مع النص الروائي، أن تكون مشحونة بشيء من التمرس، والذي لا يتأتى إلا بواسطة ممارسة عملية القراءة نفسها بوعي وبصيرة نافذة ناقدة.
هذه الحالة لابد من استدعائها عند التعامل مع رواية مثل "نوراي" لأن عملية القراءة يفترض فيها أن تكون غير عادية. وهو أمر ربما ينطبق على كتابة هذه الرواية أيضا.
إن رواية "نوراي" ذات الحجم الصغير والتي تقع على 120 صفحة تخفي أكثر مما تظهر، وتوحي بومضاتها أكثر مما تسهب في الشرح، في احتواء لرموز لها دلالة، وبجمل قصيرة متقطعة، تبرز بعض المعاني، في وصف له إيقاع سريع وأحداث مكثفة.
إن زمن الرواية يلهث بين الماضي والحاضر والمستقبل، بين العودة إلى البلاد – إلى مدينة مصوع – والهجرة إلى الخارج، ولكن الأحداث متقاربة والوقائع متلاحقة في أمكنة متعددة، ومن خلال شخصية وحيدة هي "نوراي". إن هذه الشخصية تعود لتختفي بعد ذلك في تداخل مع الراوي حينا وفي انفصال عنه في أحيان أخرى.
إن أهم ما يلفت انتباهنا في هذه الرواية العربية الأرترية، هو استخدامها للغة العربية بطريقة مشرقة ذات مقاطع متباعدة، أقرب إلى لغة الشعر الحديث، وفي نثر يبدو أحيانا أنه ينفصل عن السرد ليعود بعد ذلك ليتلاحم معه من جديد.
هذه اللغة تستند إلى مرجعيات ثقافية متنوعة تغنى منها، بما تتضمنه من اقتباسات شعرية ودينية، تعكس بشكل أو بآخر توجهات النص ودلالاته المرتبطة برؤية الكاتب وانعكاس معارفه على النص الذي يكتب.
في هذا السياق، لابد من الانتباه إلى التيار الذي يستخدم اللغة العربية باعتبارها وسيلته السياسية للتعبير الأدبي والثقافي في أرتريا، وهو تيار يؤكد اختيارا له مبرراته التاريخية والسياسية والجغرافية المرتبطة بالثقافة العربية الشاملة.
يتضح ذلك من خلال استخدام الكاتب لمقاطع شعرية لكل من فايز خضور ومحمود درويش، في افتتاحيات مفاصل الرواية، بالإضافة إلى ذكر أبيات شعرية ومقاطع من التراث الشعري العربي.
لقد حملت هذه الرواية معها وفي طياتها، بالإضافة إلى اشتباكها ثقافيا مع الموروث الثقافي العربي – اقتباسات من الشاعر المتنبي، واستفادة من الآيات القرآنية الكريمة، وشحذت من الهواجس الفردية والاجتماعية، والتي عبر عنها الواقع المحلي في أرتريا بكل التناقضات التي يحويها، رغم أن هناك نزعة تميل إلى تغليب الاتجاه الواحد الذي يحمل "نوراي" خصوصياته فيما يشبه حالة من الانسجام الكلي البعيد عن الصراعات ، لكن "نواري" يحمل في ذاته بذور التناقض الذي ربما يكشف عن وجهه الحقيقي في أي وقت.
إنه في الحقيقة انسجام شكلي بين الشخصيات ، فجميعها قد استسلمت لهذا الرمز الذي يحمل اسمه "نوراي" – من النور – لعل ذلك يكون حافزا لتأسيس وطن مستقر فيه الكثير من الماضي البعيد، ومع وعي بالحاضر، وتطلع إلى المستقبل.
في الرواية تبرز ثقافات متشابكة، يكر عليها "نوراي" وأغلبها هي فضاء يحمل خصوبة الأرض، فالشخصيات النسائية المتعددة الارترية والحبشية والعربية والسودانية والايطالية الأصول، هي محطات يمزجها "نوراي" مع بعضها، من الطفولة إلى الحاضر لتتوحد معه في حلم مستقبلي قادم لا يعرف له وجه حقيقي.
هذه الثقافات المتشابكة و المتداخلة، ومع حضور المسجد والكاتدرائية والأحياء الشعبية القديمة، من عهد العثمانيين إلى السوق الايطالية والأساطير القديمة القادمة من أفريقيا، من الأسماء " التقرية" إلى العربية والايطالية والإفريقية، ومن الألوان والأجناس والقوميات واللغات واللهجات. من كل ذلك يبدو التمازج أمرا صعبا لكنه ليس مستحيلا، بل هو مسؤولية لابد من الوعي بها.
لا يبقى "نوراي" الى اللحظات الأخيرة ليكشف لنا عن نفسه، بل يختفي فجأة، تاركا أوراقه ومذكراته في مهب الريح، وهي نفسها تضيع أيضا، ليصبح "نوراي" شخصية تعيش في الذاكرة، تروي وتحكي قصته من خيال الناس وتطلعاتها وتطلعاتهم وأحلامهم وذكراهم، ومن ماضيهم البعيد القريب.
لقد توحد فضاء الرواية بخصوصية الأمكنة وحضور الشخصيات، ومن هنا اتضحت المحلية ولمعت، نابعة من الفضاء والكلمات والأجواء، التي تحيلك مباشرة إلى ألفة المكان ورائحة الأرض الجنوبية بأصولها العربية المتحركة في التاريخ عمقا وحضارة.
تعبق رواية "نوراي" بأنفاس حارة وشخصيات كثيرة أغلبها عارض ومساند لشخصية "نوراي" الرئيسية، ولا سيما عندما يختص الأمر بالعلاقات الجنسية المتعددة التي يباشرها "نوراي" مع أكثر من امرأة ومن أرومات مختلفة، وذلك ما يعكس أهمية خاصة لأنه رمز للوطن العابر من الماضي إلى الحاضر ومن الحاضر إلى المستقبل، فهو ينقل ثمار الخصوبة والتلاقح والتجدد مع كل عبور وتنقل وترحال، ترتبط عودة "نواري" بعد هجرة طويلة، مع الاستعدادات لتأسيس الوطن المنشود بصورته الجديدة، ومجيئه كان في الموعد، لأن هناك من يرحل، وهناك من يعود، ولا أحد يعلم تماما من من هؤلاء على صواب.
إذا عددنا الأسماء المحلية في الرواية نجد: فاطمة، قنت، ترحاس، أمونة، مسعودة، نصرة، جواهر، مارتا.. وكلها أسماء لشخصيات نسائية، ومن أسماء الأمكنة نجد: أخريا، ماركتو، عداقة، حطملو، قزابرهانو، أكلي قوازي، سراي، امباسويرا، رأس دميرا، راس قيصار، سقالت قطان.. وغير ذلك من الأسماء.
وسوف لن نذكر أسماء الأغاني والرقصات والأدوات وأنواع المشروبات وغيرها، حيث نخلص إلى أن الرواية تحضر فيها الأسماء وتختفي الأحداث، لأن الأسماء تعلن عن هوية وطن، عن خصوصية ما. أما الأحداث فهي مجهولة ومعلقة ولا يكشف عنها إلا المستقبل فقط.
تنقسم الرواية إلى عدد من المفاصل وبالعدد 12 مفصلا، يبدأ من المفصل الابتدائي وينتهي بمفصل الراوي. مع إهداء خاص وكلمة خارج النص الروائي. وهذا التقسيم لا يخلو من صنعة مبالغ فيها، لم يكن في صالح النص الروائي.
جاء في الافتتاحية: "يقال في "التقري" – لغة أكثر سكان أرتريا – إن الأم هي التي تطلق علي وليدها هذا الاسم "نواري" وهو مشتق من النور، وينتشر في المنخفضات الارترية على الرغم من ارتباط الشخصية في النص بالبحر كدلالة رمزية للعبور.. العبور إلى الوطن ومحاولة القبض على تفاصيل الصورة.. يظل الارتباط ومحاولة الالتحام بالمرأة – السعي المحموم للوصول إلى نقطة التلاقي ولو بشكل متوتر – متحفظ – نافر".
في نفس الافتتاحية "خارج النص" إشارة إلى شخصية "نواري" الذي يتوجه إلى الماضي وليس الحاضر، وهو إرث من الماضي، ظهرت عليه بوادر الاحتفاء، لسبب غير واضح ، ولكن استمرار ظله في الحياة يتحول الى حركة تتجدد مع مطلع كل يوم جديد.
إن شخصية "نوراي" فيها شيء من الخرافة والأسطورة والحضور والغياب، إنه وكما يقول النص الروائي "واحد منا، هو نحن، أو هو لا أحد".
وفي الحقيقة إن "نوراي" هو جميع الشخصيات المذكورة، فهم الشعاع الذي يسري في الأجساد الانثوية، فتتخطى أنواره الربوع، ثم يباشر في الاختفاء بعد ذلك.
من هنا تتضح أبعاد الشخصية الخرافية الحقيقية، بكل ما فيها من أصالة وتراث، وأسطورة لتبقى جزءا منها وفي صميم الحياة الاجتماعية الموغلة في الماضي والحاضر، باعتبارها معنى وليست جسدا، فقط اليوم وغدا.
إن المؤلف يستخدم ضمير المتكلم ليسرد حالاته المتعددة، لكننا لا نقول بأن ما كتبه هو جزء من سيرة ذاتية، أو هي مقاطع منفصلة كليا عنها، لأنه مع استخدام ضمير المتكلم في السرد يبدو التداتخل واضحا بين كل من يسرد وهم: الكاتب المختبئ في ركن من الأركان، والذي يلجم نفسه بعدم الظهور أولا، ثم الروائي المتمثل في "نوراي" ثانيا والأخير هو الذي يسرد علينا زياراته لأمكنة مألوفة لديه ووجوه كان يعرفها جيدا، قبل أن يهاجر من موطنه للعمل في الخارج مثله مثل غيره.
ثالثا الراوي الحقيقي للأحداث، الذي يتضح لنا بأنه يصيغ رواية "نوراي" حسبما التقطه من معلومات، جمعها من هنا وهناك، بعد ضياع كل المذكرات الخاصة بهذه الضخصية. والراوي هو في الحقيقة مجرد صحفي له علاقة بالمناهج التعليمية ومهنة التأليف والكتابة.
وفي المفصل الأخير للرواية، محاولة للخروج بالرواية من الدائرة الصغيرة التي ألجمت نفسها حولها، وهي دائرة التنقل بين ربوع الوطن وإعادة سرد الذكريات، ونحن نتحسس التراب من خلال أجساد النساء اللاتي ينتظرن هذا الفارس ولا ينتظرن غيره، مع الأخذ بعين الاعتبار تقديم معلومات خارجية عن أرتريا الوطن والجغرافيا والحياة الاجتماعية والسكانية.
ولولا هذا المفصل الأخير والذي عنوانه "الراوي" لكان لهذا النص الروائي شأن أقل ودلالة شكلية لا تكاد تلفت الانتباه.
لا نريد أن نضع ملفات الرواية في بوتقة واحدة تم التفاضل بينها، لأن الرواية تتمسك بالشعر، وتهمس بالتفاصيل دون صخب، وهي تسري بهدوء ينسجم مع الإفصاح وعدم الافصاح عن أشياء معينة تبقى طي الكتمان. لقد ارتبط اختفاء ضخصية "نوراي" بإعلان الاستقلال السياسي، كما تم توضيح ذلك في مفصل "اليوميات" الخارج عن الأحداث، وذلك فيما يشبه عملية دفن للماضي، والبدء من جديد مع تغيير الاحوال والأوضاع.
لكن يمكن القول بأن هذا الاختفاء المعلن لشخصية "نوراي" يمكنه أن يخفي ولعا جديدا بهجرة أخرى نحو الخارج ، تحمل في معانيها الكثير من الاحتمالات المفتوحة.

* صدرت هذه الرواية عن مكتبة النافذة – أسمرا – أرتريا للكاتب أحمد عمر شيخ إصدارات 2006.

الاثنين، 29 سبتمبر 2008

( رابعة العدوية بين شريطين )






من الاشرطة الدينية التاريخية رابحة

في عام 1963 ف عرض شريط ( رابعة العدوية ) من إخراج نيازي مصطفى ، المخرج الذي أخرج العديد من الأشرطة البدوية وأشرطة المغامرات والمرح وغيرها من الأنواع ، لكنه لم يقترب من الشريط الديني التاريخي إلا في هذا الشريط الذي كما قلنا عنوانه (رابعة العدوية ) .

أما لماذا هو شريط ثانٍ فيرجع ذلك إلى وجود شريط أول عرض قبل هذا الشريط بأقل من سنة ، وكان يحمل اسماً مختلفاً :- " شهيدة الحب الإلهي " . غير أن ذلك مجرد عنوان ظاهري لأن القصة واحدة والشخصية واحدة والمعالجة تكاد تكون واحدة .

إذن ما السبب في إخراج شريطين لموضوع واحد ، خصوصاً وأن الموضوعات الدينية كثيرة والشخصيات الإسلامية متعددة ؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال ولكن يبدو أن شهرة رابعة العدوية قد بلغت شأوا كبيراً بإذاعة مسلسل إذاعي عنها قامت فيه الممثلة سميحة أيوب بدور رابعة وغنت فيه أم كلثوم بصوتها .

وإزاء النجاح الذي حققته أكثر الأشرطة الدينية التاريخية ، يبدو أن الفكرة قد راودت بعض المهتمين فصاغوا قصصاً حول رابعة العدوية ، بل وظهرت مجموعة من الكتب حولها، وهذا يعنى حضور هذه الشخصية في الفضاء الثقافي في مصر .

لا نريد أن ندخل في تفصيلات بداية العمل في الشريط الأول الذي أخرجه عباس كامل في تجربة غريبة عنه لأنه من المخرجين الذين اشتهروا بالأشرطة المرحة الخفيفة وحدها ، ولكن ما يهمنا هو الشريط الثاني الذي أخرجه نيازى مصطفى عن قصة للكاتبة سنية قراعة نشرتها مسلسلة في إحدى المجلات ، واختيرت القصة لتكون أساساً تستند عليه أحداث الشريط .

وتؤكد أكثر الكتابات النقدية على الشريط المهم هو الشريط الثاني " رابعة العدوية " وليس الأول " شهيدة الحب الإلهي " لعدة اعتبارات ، أهمها أن الشريط الثاني كان متقنا إلى حد ما ويعتمد على أسماء لامعة في مجال التمثيل ، كما أن حضور التصوير والملابس والديكورات من العناصر قد ساعدت على تقديم شريط مقبول من الناحية التجارية والفنية.

أيضاً كان الشريط ملوناً ، بعكس الأول ، مما أتاح إمكانات جيدة للمشاهدة . يبدأ شريط ( رابعة العدوية ) بانتقال رابعة إلى مدينة البصرة ، بحثاً عن الشهرة والمال ولكن وفي أجواء المغامرات وقطاع الطرق والتجار الباحثين عن الجواري لبيعهن لمن يدفع أموالاً أكثر ، في أجواء تلك الصراعات والتي يتقن إبرازها المخرج ( نيازى مصطفى ) يبدأ الشريط ، ولقد انتقلت رابعة من مكان إلى آخر ومن تاجر إلى تاجر ، ولكنها كانت ترى في التاجر عصام الرجل المنتظر ، غير أن أزمة مالية عارضة عصفت بتجارته فتخلى عن رابعة إلى تاجر آخر ، ووصلت رابعة إلى بيت خليل ، حيث صارت مطربة شهيرة .

الشريط يحتوى إذن على قصة عاطفية متخيلة بين عصام ورابعة . ولكنها غير مكتملة بسبب اغتيال عصام على أيدي قطاع الطرق من جماعة خليل .

ومن الواضح هنا أن نصف الشريط الأول يدور في أجواء تسمح بإبراز المطاردات وعوامل التشويق وكذلك الرقص والغناء ، وكل ذلك من أساسيات الشريط التجاري المعتاد .

وتبدأ قصة رابعة فعليا مع النصف الثاني من الشريط ، عندما تتعرف رابعة على الشيخ "سومان " فيؤثر في حياتها ويغيّر من أسلوبها في الحياة الذي يعتمد على اللهو والغناء والرقص في بيت خليل مع بقية الجواري ، فتعلن عن تخليها عن كل حياتها السابقة وتنفرد لوحدها متعبدة ما يجعلها تعاني العذاب بسبب السجن والتعذيب وما لاقته من خليل من ويلات لكي يثنيها عن عزمها ويجعلها تعود إلى حياة اللهو والرقص والغناء ، ولكن لا فائدة .

يقدم الشريط ، إشارات دالة على اختيار رابعة لطريق الزهد والتعبد فهي تلجأ إلى مكان معزول لتبتعد عن مخالطة الآخرين وتنفرد بعبادة الله .

كما أن الشريط يجعل من رابعة امرأة لها كرامات صغيرة ، مثل وجود نور حولها في السجن منبعث من قنديل لا وجود له ، كما أن اللص الذي حاول سرقة منزلها المتواضع في الصحراء يصاب بالشلل التام .

ولكن وبشكل عام فالشريط لا يبالغ كثيراً في هذا الجانب ، بل يعطي مساحة ضيقة للمرحلة الأخيرة من حياتها .

ومن جانب اعتمد الشريط على صوت أم كلثوم التي غنت نفس أغنيات المسلسل ومن أشهر الأغاني التي أعادها الشريط " حانة الأقدار وعرفت الهوى وأوقدوا الشموع " . أما أشهر المقاطع التي تكررت في الشريط فهي تقول فيها على لسان رابعة العدوية :-

عرفت الهوى مذ عرفت هواك : وأغلقت قلبي عمن عداك

وقمت أناجيك يا من ترى : خفايا القلوب ولسنا نراك

أحبك حبين .. حب الهوى : وحبا لأنك أهل لذاك

فإما الذي هو حب الهوى : فشغلي بذكرك عمن سواك

وأما الذي أنت أهل له : فكشفك بذكرك الحجب حتى أراك

فما الحمد في ذا ولا ذاك لي : ولكن لك الحمد في ذا وذاك .

أما عن تجسيد الشخصيات ، فقد تم اختيار وجه جديد في تلك الفترة وهي نبيلة عبيد لتقوم بدور رابعة في أول دور رئيسي لها ، كما شارك في التمثيل كل من فريد شوقي وعماد حمدي وحسين رياض .

ومن جانب آخر يذكر أن المخرج شادي عبد السلام قد اعد الديكورات وصمم الملابس وهذا كان له الدور المهم في تكوين أجواء مناسبة لسير الأحداث .

أما عن توزيع الشريط نفسه فقد حقق نجاحاً كبيراً ،" ليس فقط داخل مصر ولكن في أقطار عربية وإسلامية كثيرة وخصوصاً في ماليزيا واندونيسيا وتركيا ، ولازالت القنوات المرئية تعرض هذا الشريط بين الحين والآخر .

· من الأشرطة التاريخية الدينية ------- ظهور الاسلام



من الأشرطة التاريخية الدينية

ـ ظهور الإسلام

رغم أن السينما العربية قد بدأت مبكراً نسبياً ، إلا أن الانتظار قد طال حتى جاءت سنة 1951 لتقترن بإنتاج أول شريط ديني متكامل .

إنه شريط " ظهور الإسلام " لمخرجه إبراهيم عزالدين ، المعتمد على كتاب " الوعد الحق " للدكتور طه حسين الذي نشر سنة 1950 ، وكان الكتاب محاولة قصصية لكتابة التاريخ الإسلامي بالتركيز على بعض الشخصيات ، وبالأخص شخصية " عمار بن ياسر " ، ومما أضاف للكتاب أبعاداً درامية مشجعة الخلفية الاجتماعية والثقافية التي تتحرك من خلالها الشخصيات ، والتي جعلت المخرج الجديد القادم من أمريكا يختاره لكي يكون الأساس لعمله السينمائي الأول وهو أيضاً عمله الأخير مخرجاً ومنتجاً .

إن شريط " ظهور الإسلام " قد شكّل البداية الفعلية للشريط الديني ، بعد تجارب في الشريط التاريخي قامت بها السينما المصرية ، وبسبب هذا الشريط واعتماداً عليه تكررت الكثير من المشاهد التي عرفها الجمهور بعد ذلك حتى أنها تشابهت وتداخلت بسبب الأحداث المتكررة التي صاحبت ظهور الرسالة المحمدية ، ومن ذلك مثلاً : التركيز على إبراز وضع العرب قبل الإسلام وفي قبيلة قريش تحديداً ، وإظهار العادات السلبية والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي متمثلاً في وجود طبقة من العبيد تشترى وتباع ، بالإضافة إلى جفاف الحياة وعدم وجود مثل عليا نبيلة يتطلع إليها الأفراد وسط انتشار عبادة الأصنام ، وكل تلك الجزئيات والتفاصيل التقط الشريط بعض جوانبها ، مما جعله يقترب من كتاب " الوعد الحق " مسقطاً بشكل أو بآخر البعد الدرامي للموضوع .

في جانب آخر من الشريط ، تم التركيز على بداية انتشار الدين الإسلامي ، وخصوصاً عند العبيد من الضعفاء ، وما حدث بسبب ذلك من تعذيب سادة قريش لهؤلاء العبيد ، كما حدث لعمار بن ياسر الشخصية شبه الرئيسية في الشريط ، وكذلك بلال الحبشي وغيره من الشخصيات ولقد اظهر الشريط بشكل واضح المواجهة بين بلال بن رباح وأمية بن خلف ، ومواجهات أخرى حادة مع ابي جهل ، مع اهتمام خاص ببعض الأدوار على حساب أخرى ، وذلك لكي لا تظهر الحاجة إلى تقديم شخصيات معينة مثل عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق وعلي بن طالب ، وهي الشخصيات التي ليست هناك موافقة لظهورها على الشاشة .

والواقع أن معظم الأشرطة الدينية التي جاءت بعد شريط " ظهور الإسلام " قد نسخت عنه معظم المشاهد المذكورة من حيث كيفية التقديم ، ومن ذلك الاهتمام بكيفية تحرر بلال الحبشي ومشاهد التعذيب بصفة عامة بل إن مشهد تسلق بلال للمئذنة في المدينة وشروعه في إشهار الأذان الأول ظل متكرراً بنفس الطريقة في أكثر من شريط بعد ذلك وما أكثر أهمية هو أن طريقة بناء الديكورات قد صارت شكلاً منقولاً من هذا الشريط في أغلب الأشرطة التي تتشابه معه في الأحداث .

من أهم ما يميز شريط " ظهور الإسلام " تناوله لسيرة بعض النساء المسلمات ممن اخلصن للدعوة الإسلامية ، وخصوصاً سمية زوجة ياسر بن عامر وسهيلة بنت سهيل وكذلك الأميرة الحبشية زوجة رباح وجميعهن من الضعفاء الذين ركز عليهم الشريط ، وربما كان ذلك من أهم خصائص شريط ظهور الإسلام .

وبشكل عام ومع استمرار الأحداث الخاصة بالهجرة ثم الصراع مع سادة قريش وفتح مكة ، وصل الشريط إلى نهايته معتمدا على الراوي الذي يتدخل أحياناً لشرح بعض الأحداث ، وخصوصاً المعارك الحربية التي لم يهتم بها الشريط بشكل جيد .

أما عن الحوار فقد كتبه وصاغه الدكتور طه حسين ، ولذلك جاء مليئاً بالاستشهادات القرآنية والنقاشات المطولة ، بالإضافة إلى افتتاحه للشريط بمقدمة صوتيه اقترنت بالتحية والتقدير لهذه التجربة ، وربما كانت هذه إضافة تجارية ساعدت على انتشار الشريط والذي قيل بأن افتتاحه كان رسمياً وبنجاح لافت للنظر استمر لما يزيد عن ثمانية أسابيع متتالية .

كما أنه عرض ببعض البلاد الإسلامية ، ومما تذكره الصحف بأن الجمهور كان يكبر ويهلل داخل القاعة ، وأن المشاهدين اندونيسيا كانوا يخلعون أحذيتهم قبل دخولهم للقاعة التي تعرض الشريط .

يبقى التقييم النقدي للشريط في خلق الأحداث الصحفية ، لأن الاستقبال العام الجيد قد غطى على كل الأحداث والتفاصيل ، وبسبب عدم عرض الشريط بصورة منتظمة بعد ذلك ، فقد اعتبر النقد المرتبط به في نفس الدرجة من التهليل والذي لا يمكنه أن يخفي الضعف الواضح من الناحية الدرامية والتقنية وكذلك الدرامية ، رغم الجهد المبذول في التصوير داخل أستوديو مصر وفي الأماكن الخارجية وجهد التمثيل الواضح ولا سيما عند ممثلين مثل عماد حمدي وأحمد مظهر وكمال ياسين وتوفيق الدقن والممثلة المصرية كوكا .

لقد كلّف الشريط بضعة آلاف من الجنيهات المصرية وقدمت له مساعدات من أطراف عامة وخاصة وتمت الاستفادة من مدير التصوير الأمريكي ( والترهاجوب) ، ورغم أن المخرج قد وجد تشجيعاً كبيرا من قبل الجميع واشترى بعض الآلات الجديدة لاستخدامها في أعماله القادمة إلا أنه توقف عن ممارسة النشاط السينمائي لاعتبارات كثيرة ، بعضها له علاقة بالأحداث السياسية في مصر ولم يعرف أنه قد دخل في أيه مشروعات إنتاجية سينمائية في داخل مصر أو خارجها ، وظل شريط " ظهور الإسلام " هو الشريط الأول والأخير له .