مهرجان دمشق السينمائي.. الصورة تغني عن الكلام
دورة جديدة لمهرجان دمشق السينمائي الدولي تحمل رقم "18" وبالطبع ليست هناك دلالة لهذا الرقم ولا احتفال خاص به، لكن يسجل المهرجان بوضوح شديد المزيد من الإتقان فى العمل، من حيث الاستعداد والتنظيم، والأهم حسن اختيار الأفلام المشاركة، وهذه مسألة مهمة، بسبب كثرة المهرجانات السينمائية في المنطقة وتنافسها على اختيار ما هو أفضل من الأفلام.
بالطبع يختص مهرجان دمشق السينمائي الدولي بتركيزه على الافتتاح الجيد، فهو الأفضل دائما من حيث تقديم وإخراج برنامج الافتتاح والذي يتميز باستغلال الأفلام المشاركة والإعلان عن الأقسام والاحتفاء بالنجوم والضيوف، والأهم اختيار العرض الموسيقي الراقص، وهذا ينطبق أيضا على حفل الاختتام حيث اختارت إدارة المهرجان فيلم الافتتاح من عروض المهرجانات العالمية لسنة 2010 وليس هناك أفضل من الفيلم التركي "عسل" الفائز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي لهذه السنة وهو للمخرج التركي "سميح كابلا نوغلو".
وهذا العرض يدخل أيضا ضمن قسم الاحتفاء بالسينما التركية المعاصرة، حيث تعرض في هذا القسم مجموعة من الأفلام التركية وهي: "انجذاب في محله" لمخرجه محمد اريبلماز إنتاج 2007 وفيلم "بانتظار الجنة" للمخرج درويش زعيم وأفلام أخرى ناجحة مثل: "مناخات ـ والدي ابني ـ ثلاثة قرود ـ ذات الوشاح الأحمر ـ مسافة ـ بيض ـ غيوم مايو".
اما عن لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية فقد اختيرت بعناية وبمشاركة المخرج الروسي "فلاديمير منشوف" رئيسا وعضوية كل من" نجدة أنزور" من سوريا والممثلة" آنا ماريا مارنيكا" والكاتب محمود عبد الواجد من سوريا والممثلة الايطالية" آنا بونايوتو" والمخرج الألمانية" هيلما برانز" وكاتب السيناريو الفرنسي"جاك فيسكي" والمخرج والكاتب التركي"كريم أيان" والمخرجة مفيدة التلاتلي من تونس والمخرجة"ساندر نشأت" من مصر والباحثة الفرنسية"نيكول غويمي" والممثلة اللبنانية ورد الخال، وبالطبع سوف نلحظ أن عدد المحكمين يصل الى "دستة" من الأعضاء وهو رقم كبير نسبيا، وقد جاءت الأخبار تقول بأن كل من نجدة أنزور وساندر نشأت قد انسحبا من اللجنة.
هناك لجنة ثانية للمسابقة الأفلام القصيرة يرأسها المخرج السوري ريمون بطرس وبعضوية كل من:"مارتيسا تيدتشي" من ألمانيا و"أوليفه جيكار" من بلجيكا و"بيرنيلي مونك" من الدانمارك و"أليس خروبي" من فرنسا.
بالإضافة الى ذلك هناك لجنة تحكيم أفضل فيلم عربي وهي برئاسة الممثل السوري أسعد فضة وعضوية المطرب الممثل اللبناني إحسان صادق والمخرج منير راضي من مصر والممثلة نادين خوري من سوريا والممثلة نادين الوافي من المغرب والممثلة زهرة مصباح من ليبيا.
من ضمن الإضافات الجديدة للمهرجان الاعتماد على قاعة حديثة للعرض وهي "سينما سيتي" وتتضمن قاعتين رئيسية وفرعية، ولا شك أن مثل هذه القاعة-التي هي أقرب الى المجمع السينمائي- تعدّ رافدا مهما للمهرجان، لأنها تعتمد على التقنية الحديثة، بينما باقي القاعات لا تتوفر فيها هذه التقنية.
وبنفس الاتجاه استمرت قاعة الأسد في استقبال حفلي الافتتاح والاختتام وكذلك العروض الرئيسية "المسابقة الرسمية" بينما تعرض القاعة الجانبية عروضا أخرى موازية، وتحتاج قاعة الأسد الى نظام جديد للعرض صالح لعرض أفلام السينما، فهي قاعة للعروض المسرحية والفنية الراقصة، ومازالت الشكوى قائمة بالنسبة لنظام الصوت والصورة.
ومن الواضح أن المهرجان يتطوّر في هذا السياق، لأن مستوى العرض وظروفه من أهم خصائص نجاح أيّ مهرجان، وذلك ما تؤكده الدورات القادمة.
احتوت المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة على عدد من الأفلام، فقد شاركت اليابان بفيلم "ما يخص شقيقها" لمهرجه يوجي يامادا. ومن اسبانيا نجد فيلما من إخراج دانيال مونزون وهو بعنوان الزانزنة 121. وتشارك الصين بفيلم "كونفوشيوس" لمخرجته هومي. وتشارك سلوفينيا بفيلم ثعالب للمخرجة ميرا فورنا يوفا، وتشارك روسيا بفيلم "كيف أمضيت الصيف؟" لمخرجه اليكسي بوبوعز يبسكي، ومن رومانيا فيلم "إذا أردت أن أصفر فسوف أفعل" لمخرجه فلورين سيربان.
ومن تركيا نجد فيلما بعنوان "كوزموس" لمخرجه ريها ارديم ومن ايطاليا فيلم "حياتنا" لمخرجه دانييل لوشيتي ومن فرنسا "أميرة وموبنسية" لمخرجه جيرتران تافرنييه ومن المغرب فيلم الجامع لمخرجه "داوود أولاد السيد" ومن أوكرانيا وهولندا فيلم "سعادتي لمخرجه سيرجي لوزنيسا" ومن بريطانيا فيلم "لا تدعني أرجل" لمخرجه مارك رومانيك، ومن البوسنة فيلم "على الممر" لمخرجته ياسميلا زاباينش، ومن إيران فيلم "يرجى عدم الإزعاج" لمخرجه محسن عبد الوهاب ومن الدانمارك فيلم الغواصة لمخرجه توماس فننتربيرغ ومن مصر فيلم الوتر لمخرجه مجدي الهواري.
ومن ألمانيا فيلم مصففة الشعر لمخرجه دوريس دورى، ومن فينزويلا فيلم "فينيزيا" للمخرج هايك غازريان ومن تونس فيلم آخر ديسمبر لمخرجه معز كمون ومن سوريا فيلم حراس الصمت لمخرجه سمير ذكرى وأيضا فيلم مطر أيلول لمخرجه عبد اللطيف عبد الحميد. ومن الإمارات توب الشمس لمخرجه سعيد سالمين ومن الجزائر فيلم "الخارجون على القانون" لمخرجه رشيد بو شارب ومن قطر فيلم عقارب الساعة لمخرجه خليفة المريحني.
ويبدو واضحا من العرض السابق أن الجهد الذى بذل كان كبيرا في سبيل الحصول على أفلام شاركت في مهرجانات عالمية مثل الفيلم الروماني والفرنسي والجزائري كما ان المهرجان عرض فيلما من الإمارات وعرض أيضا أول فيلم سينمائي قطري.
بالإضافة الى قسم المسابقة للأفلام الطويلة، نشير أيضا الى المسابقة الخاصة بالأفلام القصيرة وقد عرض بها الكثير من الأفلام من سوريا ولبنان وفرنسا والدانمارك وايرلندا وايطاليا وبلجيكا واليونان واليابان وتونس واستراليا ومصر والبحرين والهند والعراق. كما أن هناك تنوعا في هذه الأفلام القصيرة ومع مرور دورات المهرجان يزداد تطور تظاهرة الأفلام القصيرة، رغم أن الأفلام الروائية الطويلة تنال اهتماما خاصا ومتميزا على حساب الأشرطة القصيرة.
احتوت الدورة الجديدة لمهرجان دمشق السينمائي على أقسام أخرى ومنها القسم الرسمي الذي عرض مختارات من أهم الأفلام العالمية المتحصلة على جوائز ومنها مثلا الفيلم التايلاندي "العم بونمي يتذكر حياته السابقة" للمخرج ابيشا تبونغ ويراسثياكول، والفا بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي 2010، وقد عرض في ختام مهرجان دمشق السينمائي.
ومن الأفلام المهمة نذكر "وفي مكان ما" لصوفيا كوبولا والسر في العيون من الأرجنتين والكاتب الشبح لرومان بولانسكي وأفلام أخرى مثل "شعر" من كوريا الجنوبية والنبي من فرنسا والراحلون وغير ذلك من الأفلام.
هناك أيضا قسم خاص بالسوق اعتاد المهرجان أن يقدّمه للجمهور ويتضمن مختارات من أفلام لها علاقة بالسوق وهي أمريكية على الأرجح ومن الأفلام المعروضة قلب مجنون وسايروس والجميع رائعون والرحلة الأخيرة وشنغهاي وغيرها.
هناك أيضا تظاهرات خاصة ببعض المخرجين، فقد عرضت بعض أفلام المخرج اورسون ويلز من قسم خاص ومن ذلك المواطن كين وسيدة من شنغهاي وعطيل والسيد اركادين والقصة الخالدة والمحاكمة والغريب ولمسة الشيطان.
هناك تظاهرة أخرى للمخرج أميركو شوريتسا عرضت فيها أهم أفلامه، مثل: حلم اريزونا ـ الحياة معجزة ـ تحت الأرض ـ مارادونا ـ زمن الغجر.
أيضا هناك تظاهرة المخرج الفرنسي الراحل ايريك رومير ومن أهم أفلامه المعروضة، حكاية صيف ـ حكاية شتاء ـ حكاية خريف ـ حكاية ربيع ـ زوجة الطيار ـ ركبة كلير ـ يولين على الشاطىء ـ العميل الثلاثي.
ومن أهم التظاهرات، ما قدّم من عروض للمخرج رومان بولانسكي، مثل القمر المر والبلدة الصينية والعذراء والموت وسكين في الماء وماكيت وغيرها.
ومن التظاهرات السينمائية داخل فعاليات مهرجان دمشق الرئيسية، تظاهرة للمخرج ديفيد لينش، فقد عرضت له أفلام مثل مخمل أزرق والكبتان وإمبراطورية اينلاند والاتوستراد المفقود والرجل الفيل وقصة مستقيمة.
بالإضافة الى ذلك عرض المهرجان تظاهرة للمخرج ريدلي سكوت، ومن بين الأفلام المختارة غزو الفردوس وسنة جديدة وهانيبال وغريب والمطر الأسود والمصارع والأسطورة وروبن هو وتيلما ولويزو والمتبارزان.
أعاد المهرجان أيضا عروض بعض الأفلام فى قسم خاص يسمى "الدرر الثمينة" كما اهتم بالممثلين وخصص تظاهرة للمثل مارلون براندو وكذلك الممثلة ساندرا بولوك الفائزة بأوسكار أفضل ممثلة لعام 2010.
هناك تظاهرة للسينما الدانماركية وتظاهرة أخرى للسينما السورية، وهكذا يبدو مهرجان دمشق مزدحما بالأفلام، فقد وزعت العروض على قاعات كثيرة ويعتبر الإقبال جيدا نسبيا ، ولكن كثرة العروض لا تسمح بالمتابعة المستمرة، حيث تنال أفلام المسابقة الرسمية وأفلام السوق وأفلام القسم الرسمي الاهتمام الرئيسي.
من الناحية الإعلامية استمرت نشرية "المهرجان" في الصدور بشكل يومي ومجلة انيقة وعدد صفحات مناسبة وتحتوي على حوارات ومعلومات حول الأفلام وأحيانا دراسات حول هذه الأفلام، ولكن تعيد النشرية أحيانا ما ورد في دليل الأفلام، كبير الحجم، والأفضل أن تخصص النشرية لما هو جديد.
بالنسبة للندوات، كانت هناك ندوات لبعض الأفلام وليس كل أفلام المسابقة، ومن ذلك ندوة للفيلم السوري حراس الصمت والفيلم الاماراتي ثوب الشمس والفيلم المصري الوتر. كما انتظمت ندوة رئيسية حول المهرجانات السينمائية ودورها في توزيع وانتاج الافلام شارك فيها العديد من النقاد ومن بينهم سمير فريد وعدنان مدانات وبشار ابراهيم وصلاح سرميني وفتحي الخراط ورمضان سليم وحمادلا كروم.
أيضا انتظمت ندوات لبعض المكرمين، ومنهم الممثل حسن يوسف من مصر، اما الذين كرمهم المهرجان في هذه الدورة فهم الممثل سلوم حداد والناقدة ديانا جبور والممثلة كاريس بشار والمخرج مأمون البني والممثلة سلافة معمار والمخرج ناصر خمير والباحث محمد ناصر السنعوسي والممثلة ماجدة من مصر والممثلة الايطالية آنا بونايتو والممثل الايطالي فابيوتيستي والممثلة التركية توركان شوراي والمخرج الروسي فلاديمير مينسشون والممثلة الهندية شارميلا طاغور والمخرج الجورجي أوتار ايوسلياني ويلاحظ بالطبع كثرة المكرمين، حتى أن كتيبا صغيرا قد صور ليشملهم جميعا خارج نطاق دليل المهرجان.
فى ختام المهرجان والذى استمر لمدة أسبوع اعتبارا من 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2010أعلنت لجنة التحكيم الدولية عن جوائز المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة وكانت كالآتي:
- الجائزة الذهبية للفيلم الجزائري "الخارجون عن القانون" لرشيد بو شارب الجائزة الفضية للفيلم الإيراني "يرجى عدم الإزعاج" للمخرج محسن عبد الوهاب الجائزة البرونزية للفيلم السوري "مطر أيلول" للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد.
- جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الايطالي حياتنا.
- جائزة مصطفى العقاد للإخراج للتركي ريها ارديم عن فيلم كوزموس
- جائزة أفضل ممثلة لغابرييلا ماريا شميد عن فيلم مصففة الشعر.
- جائزة أفضل ممثل لجورج بيميترينو عن الفيلم الرومانى إذا أردت أن صفر فسأفعل.
وقد بدا واضحا أن الجوائز فيها الكثير من التنسيق رغم اعتراض أكثر من ناقد على فوز الفيلم الإيراني بالجائزة الذهبية، لأنه من الأفلام العادية.
أما بالنسبة للأفلام القصيرة فقد فاز بالذهبية فيلم الارجوحة من بلجيكا وفاز بالفضية الفيلم السلوفاكي جدارة وفاز بالبرونزية الفيلم التونسي موجة.
أما أفضل فيلم عربى فهو الخارجون عن القانون من الجزائر بينما حصل فيلم حراس الصمت من سوريا على تنويه خاص له علاقة بالتشجيع نحو استفاد السينما من الرواية.
ومثلما هي العادة، فقد أصدر المهرجان مجموعة من الكتب السينمائية، تميز ببها مهرجان دمشق السينمائي، بعضها له علاقة بالتكريم مثل الكتاب الذي صدر عن المخرج ريدلي سكوت والممثلة ساندرا بولوك والمخرج أمير كورستاريتسا وآخر عن ديفيد لينش، بينما لم تصدر كتب عن السينما التركية أو مارلون براندو أو رومان بولانكسي أو ايريك رومير، وهو أمر يمكن أن يتحقق في دورات لاحقة من المهرجان.
يمكن القول بأن مهرجان دمشق السينمائي يؤكد حضوره الفاعل بالاختيارات الجيدة وهو يعتمد على خصوصيات ومزايا لا تتوفر إلا فيه وحده، رغم اللمعان الزائف لمهرجانات أخرى تعقد في مناطق تبتعد عن السينما وتبتعد السينما عنها ولا مجال للالتقاء بينهما، لأن المال وحده لا يصنع المهرجانات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق