الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

هند رستم رحل الجسد وبقيت الافلام



ملكة بلا تاج


لا شك أن أهم ما تميزت به السينما في مصر في مرحلة طويلة من مراحلها ، أنها سينما تقوم على النجوم. هل هذا يعد من الأمور السلبية أم الإيجابية ؟
أنها سينما الصناعة والتي تكونت وأقيمت وازدهرت لتكون مثل السينما الأهم ونقصد بذلك سينما هوليوود، السينما الصناعية والتجارية أولاً وأخيراً ولا ضير أن تكون هناك مئات الأفلام المهمة التي تنتج خارج وداخل هذه الصناعة .
السينما المصرية قامت منذ بدايتها الأولى 1927 بفيلم (ليلي) لتكون صناعة أساسها التجارة وميزان شباك التذاكر ، وهذا ليس مسألة سلبية كما يتصور البعض ، بل مسألة إيجابية ، إذ لولا هذه الصناعة والتجارة ما ازدهرت هذه السينما وسيطرت على الأسواق والأذواق لفترات طويلة مستمرة إلى الآن .
هذه المقدمة قد لا تكون ضرورية ، لأن النجم هو أساس صناعة السينما بالإضافة إلى عوامل أخرى ثقافية ومهنية وتسوقيه ، ومن هنا جاء التداخل بين السينما والنجم حتى قيل بأن النجم نفسه عبارة عن صناعة. في أكثر من موقع وموضع سوف نجد المنتجين والمخرجين في حالة بحث عن النجم الجديد ، ولذلك جاءت الأسماء متتالية ، حيث تكتشف النجوم بطريقة الصدفة أو بالاستقصاء والتفتيش الملح.
لقد امتازت السينما المصرية بوجود وجوه مختلفة ومتعددة ومتنوعة وألبون شاسع بين صباح مثلاً وليلي مراد ومديحه يسري وليلي فوزي وفاتن حمامة وماجدة وشادية وراقية إبراهيم ونعيمة عاكف وتحية كاريوكا وسامية جمال ونادية لطفي ومريم فخر الدين وليلي طاهر وسعاد حسني ونبيلة عبيد ، تم جاءت أجيال أخرى وبنمط آخر مختلف من النجومية .
هند رستم ، الممثلة التي رحلت منذ أسابيع ، هي أحد هؤلاء النجوم
أنها نجمة متميزة ، لها صورتها المتفردة ، لذلك كان النجاح حليفها منذ بدايتها الأولى ولو بشكل متدرج .
لقد ظهرت هذه الممثلة في فترة نشط فيها الإنتاج وكان لا بد من البحث عن نجوم للعمل وإرساء قاعدة للنجاح التجاري. في عام 1947 كان أول أفلام هذه الممثلة وهو بعنوان (أزهار وأشواك) للمخرج محمد عبد الجواد ، ولا شك أن دور هند رستم في الفيلم كان صغيراً ، حيث كانت الأهمية لبعض النجوم مثل مديحة يسري وشادية .
في عام 1947 كانت انطلاقة أكثر من فنان وفي سنة أخرى تالية أزدانت السينما ببعض النجوم مثل كمال الشناوي وفريد شوقي وشكري سرحان وفاتن حمامة وغير هؤلاء ، إلا أن هناك من شرع في البطولة للوهلة الأولى ، ومنهم من لازم الأدوار الثانوية لفترة طويلة ومنهم هند رستم .
ولدت هذه الفتاة في القاهرة عام 1939 ودرست في مدرسة فرنسية تم حاولت العمل في السينما وطرقت أبواب عدة شركات إنتاج وبالفعل قبلت في فيلمها الأول من قبل شركة الأفلام المتحدة .
عملت هند حسين مراد رستم وهذا أسمها الكامل في عدة أفلام وفي أدوار صغيرة أو ثانوية ، ومن ذلك مثلا ((الروح والجسر والتضحية الكبرى والعقل زينة والملاك الظالم والمحتال في جحيم الغيرة وبنات حواء وانتصار الحب وطريق السعادة وقلوب الناس واعترافات زوجة وبنات الليل )) ولا ننسى أن المخرج يوسف شاهين قد أختارها لتشارك في فيلمه الأول (بابا أمين) عام 1950 .
أما النقلة الرئيسية بالنسبة للممثلة هند رستم ، فقد كانت مع المخرج حسن إمام وبفيلم نجم نجح نجاحاً كبيراً ، وهو الجسد عام 1955م، ومن الأفلام التي اشتهرت تجارياً (أبن حميدو) لمخرجة فطين عبد الوهاب ويبدو لي أن صورة هند رستم قد تشكلت بالتدريج لتصبح ممثلة إغراء من الدرجة الأولى ، ولقد ساعدها في ذلك تكوينها الجسماني وصوتها واستفادة بعض المخرجين من حضورها ، ولو في أدوار ثانوية ، كما في فيلم (أنت حبيي) للمخرج يوسف شاهين وكذلك فيلم رد قلبي لمخرج عز الدين ذو الفقار وفي مرحلة لاحقه فيلم (بابا الحديد ) للمخرج يوسف شاهين إنتاج عام 1958 .
إن دور هند رستم في هذا الفيلم ( هنومة) من أجمل الأدوار التي قدمت في السينما العربية ، وليس لأن هذا الفيلم متميز فقط ، ولكن لأن الدور جمع بين مسارات متعددة (بنت البلد – الإغراء الطبيعي التلقائي – الجاذبية – حضور المرأة في منطقة تجارية ) .
يمكننا أن نذكر أفلام كثيرة مهمة لهذه الممثلة ، من ذلك فيلم ساحر النساء لفطين عبد الوهاب وفيلم الأخ الكبير لنفس المخرج، ومن أشهر الأفلام أيضاً (بين السماء والأرض) ، وبالطبع يبقى فيلم صراع فى النيل من أشهر أدوار الممثلة ، وهو للمخرج عاطف سالم ، ورغم نجاح هند رستم في أدوار البطولة المطلقة ، كما في أفلام (الحب الأخير – لو كانده المفاجأت – رجال في عاصفة ) إلا أنها تعود لتقديم دوراً ثانوياً في فيلم إشاعة حب ، مع عمر شريف وسعاد حسني .
يمكننا بالطبع ذكر أفلام أخرى مهمة ، مثل (إمرأة على الهامش – وشفيقة القبطية – والراهبة – والوديعة – وشياطين الليل ) إلا أن فيلم (سيد درويش) يعد أيضاً من أشهر أدوارها / مع حضور خاص في فيلم (الخروج من الجنة) والذي جمعها مع المطرب فريد الأطرش .
النموذج التي اشتهرت به هند رستم باعتبارها الفتاة الشعبية التي يتسابق عليها الرجال وتتصف ببعض الميوعة والجرأة في حدود الأغراء المقبول. هذا النموذج كما ظهر في باب الحديد والجسد وأبن حميدو وإسماعيل ياسين في السجن وبعض الأفلام الأخرى، لا ينفي وجود نموذج آخر مفتوح مثل الراهبة والوديعة وشفيقة القبطية وملكة الليل ومدرستي الحسناء .
هناك الكثير من الأفلام الإضافية والتي أكدت نجومية هند رستم مثل الحلوة عزيزة – العريس الثاني – تفاحة آدم – كلمة شرف – ولا تخلو القائمة الفلمية الخاصة بها من أفلام متواضعة ، وجدت من أجل العمل والانتشار ..
أما آخر أفلامها كان الجبان والحب ، تم فيلم حياتي عذاب .
كما قلنا تبقى الراحلة هند رستم نموذجاً لا يكاد يتكرر ، يذكرنا ببعض الممثلات في السينما العالمية ، مع لمسة شرقية تفرض نفسها .

ليست هناك تعليقات: