قليلة هي الأفلام العربية التي تتكون من عدد من الاجزاء، بل ربما نادرة،
فمن حين لآخر يظهر فيلم يعتبرونه جزءا ثانيا يلحق بالجزء الأول، وفي الغالب
يستفيد من نجاحه التجاري ولا نقول النجاح الفني.
من آخر الأفلام التي اعتمدت على جزئين فيلم "عمر وسلمى2" وهو الجزء الثاني
من فيلم سابق يحمل نفس العنوان "عمر وسلمى" والأمر لا يخلو من مخاطرة
تجارية، ذلك أن الجمهور قد يتوقع أشياء لا يجدها في الجزء الثاني، أو قد
يحدث أن يتم تكرار الاحداث بحيث يتشابه الجزءان وخصوصا مع تواجد نفس الممثلين.
شعبية مطرب
لقد اعتمد الفيلم الأول على شعبية المطرب تامر حسني، مع وجود قصة خفيفة،
يمكن اعتبارها قصة حب بسيطة، تقوم بين شاب وفتاة، ومن الطبيعي أن تجد هذه
القصة العراقيل من أطراف كثيرة، منها وجود امرأة أخرى، وما أكثر القصص التي
تصور هذا الموضوع! ولكن من القليل أن تنجح أى معالجة، إلا اذا توفرت جملة
من المعطيات، ويظهر أن هذه المعطيات قد توفرت لفيلم عمر وسلمى أو ربما لم
تتوفر، فالمهم أن الفيلم الأول قد نجح لاعتبارات تخص الجمهور وحده، ولهذا
كان التفكير في انتاج الجزء الثاني الذي عرض في 2009 وصادف نجاحا ايضا،
ربما يقل عن الفيلم الأول ولكن بالمقارنة بالافلام الأخرى التي عرضت معه في
موسم واحد، يمكن القول بأن هذا الفيلم المتواضع "عمر وسلمى 2" من افضل
أفلام الموسم على مستوى العائدات المالية.
ليس هذا بالأمر الغريب، فقد نجحت أفلام على نفس الشاكلة تقريبا، ولكن تلك
الأفلام كانت ذات طبيعة كوميدية وابطالها من فرسان الكوميديا في الوقت
الحاضر مثل محمد سعد ومحمد هنيدي وهاني رمزي وغيرهم. أما نجاح الجزء الثاني
من "عمر وسلمى" فيعود الى الكوميديا ايضا، ولكن الأهم وجود مطرب له جمهور
كبير، بصرف النظر عن وجهة النظر في طبيعة ونوع الغناء الذي أشتهر به.
ليس الأمر بجديد فقد حققت أفلام المطربين نجاحا في السينما، رغم أن معظم
الأفلام في الوقت الحاضر تعتمد على الاغنيات الخفيفة، ولكن حضور المطرب
نفسه له مذاق خاص، ورغم ذلك ليس كل مطرب يمكن أن يحقق نجاحا فعليا، وتاريخ
السينما العربية الغنائية لا يضع في المقدمة إلا عددا قليلا من المطربين.
قصة فيلم
ان قصة فيلم "عمر وسلمى 2 " تتصل بالقصة السابقة وتبدأ مع الزواج، وفي مشهد
كله صراخ نسائي يضع عمر وسلمى في عربة الشراءات ويجري بها الى مستشفى
الولادة لتضع مولودها الأول في حالة ضجيج غير مقبولة فنيا.
يعتمد المشهد على أسلوب المبالغة ولاسيما داخل المستشفى اعتمادا على تصرفات
الزوجة العتيقة مع الطاقم الطبي، وفي النهاية يكون المولود أنثى.
يتكرر المشهد ايضا في المولود الثاني. إنه انثى ايضا بعكس رغبة الأب، وربما
كان هذا مدخلا للخلافات بين الزوجة والزوج حيث يستفيض الفيلم في شرح الكثير
من التفاصيل الخاصة بين الزوجين.
من جانب آخر يعتمد الفيلم على الغيرة بين الزوجين، فعمرو له علاقات عاطفية
متعددة وتحاول سلمى أن توحي لزوجها ايضا بأن لها صداقات كثيرة مع الرجال،
بالاضافة الى تدخل الأب "عزت أبو عوف" الذي يعاني من ضعف جنسي يحاول أن
يعالجه مع زوجته صغيرة السن، لكن دون جدوى، وقد بالغ الفيلم، ايضا في
العلاقة الصريحة بين الابن والأب، وكأن الفيلم اجنبي وليس مصريا، وكل ذلك
لغرض جلب أكبر كمية من الاضحاك وبأي ثمن.
ان القصة لا تحكي، لأنها مجرد تفاصيل تعتمد احيانا على علاقة الأب عمرو بكل
من الفتاتين الصغيرتين، وأحيانا تعتمد العلاقة على التوتر بين الزوجين،
واهمال الزوج لبيته وعائلته، مع الاشارة هنا الى أن عمل الزوج غير واضح.
تلقائية ولكن
رغم ان هناك مشهدا يظهر فيه وكأنه يعمل في شركة والده.
هناك ولا شك عدم افتعال وتلقائية تحتاجها الافلام الكوميدية، وربما شكل كل
من تامر حسني ومي عز الدين ثنائيا ناجحا في المشاهد التي تجمعهما، رغم أنه
لا توجد أسماء لامعة تقف في الصف الثاني عدا الممثل الذي يقوم بدور ناظر
المدرسة.
لابد من التوضيح بأن الفيلم يحتوي على جانب من المباشرة والخطابية من خلال
المواعظ الخاصة بالتعليم وغيره، ولكن لا يتوقف الفيلم كثيرا إزاء ذلك لأن
مشاهده سريعة وخفيفة وغير مرتبكة والمزايا تعود الى الممثلين بالدرجة
الأولى بحسب توجيه المخرج.
إن مخرج هذا الفيلم هو غير مخرج الجزء الأول، إنه احمد البدري الذي بدا
الآن وكأنه صاحب تجربة جيدة في الافلام الكوميدية.
اننا لابد أن نذكر بعض أفلام المخرج، بصرف النظر عن تقيمنا لمستواها، ومن
ذلك فيلم "لحمة رأس – كامل الاوصاف – عليا الطرب – حبيبي نائما – نمس بوند"
ومن الواضح أن افلام المخرج تعبر عن مرحلة الكوميديا الحالية، التي تعتمد
على تعود المشاهد وتنوعها بعيدا عما يطرحه الفيلم من موضوعات، هي في الغالب
مسطحة واحيانا ساذجة الى أبعد الحدود.
لهذا السبب دون غيره رأى أكثر من ناقد بأن فيلم مثل عمر وسلمى 2 لا يمكن
اعتباره فيلما متكاملا، لأنه يقوم على التهريج من حيث الكلمة والحركة حتى
يخيل اليك احيانا بأن ما تراه أمامك هو أقرب الى الارتجال.
وعلينا هنا أن ندرك بأن أفلاما كثيرة جادة وغير جادة لا تحقق النجاح الذي
حققه فيلم عمرو وسلمى بجزئيه، لأن مفتاح الكوميديا دائما هو التلقائية وعدم
التصنع وهو ما توفر في هذين الفيلمين.
أفلام أخرى
لا نستطيع أن نقارن مثل هذا الفيلم بأفلام فطين عبد الوهاب مثلا في تعامله
مع الممثل اسماعيل ياسين أو غيره من الممثلين، كما لا يقارن بأفلام كوميدية
متميزة مثل الذي قدمها شريف عرفة أو محمد عبد العزيز أو رأفت الميهمي أو
حتى بعض المخرجين من الجيل الجديد، لا نستطيع أن نقارنه، لأن هذا الفيلم
"عمر وسلمى 2" ينتمي الى موجة من الافلام السائدة، صنعها المتفرج نفسه،
الذي يميل الى تقبل السطحية والمباشرة ويفضل التعامل بكسل ذهني، هروبا من
الجدل مع قضايا حيوية تطرح اسئلة متتالية باحثة عن اجابات.
وهكذا ايضا في هذا الفيلم الى افلام كثيرة مثل خالتى فرنسا – يا أنا يا
خالتي – سيب وأنا أسيب – كده أوكيه – على سبايسي – حمادة بيلعب – صباح كذب
– أسد وأربع قطط – أنا مش معاهم" وغير ذلك من الأفلام.
يصل الفيلم الى نقطة اللاعودة في العلامة الثنائية، فتطالب سلمى بالطلاق
الذي كان في البداية مجرد تهديد، ثم يتحول الى حقيقة تفرضها الظروف، ورغم
أن الفيلم قد أعتبر بأن السبب انما يعود الى فتاة معينة تربطها علاقة بعمرو
ارادت افشال الزواج، إلا أن الأمور بحكم طبيعتها لم تتغير، وخيانة الزوج
عمرو واضحة، والفيلم تقليدي في دعوته الى المرأة الزوجة بأن تكون مخلصة
ومتسامحة تغفر لزوجها كل خياناته، كما عليها أن تتحمل كل شيء في سبيل
اسرتها وبيتها ولذلك نجد الزوجة "سلمى" تعود الى بيتها خلسة، بعد مغادرتها
البيت، لكي تقوم بواجبها مع اولادها.
أغاني الأفلام
في الفيلم مثل العادة أغان كثيرة، بصوت المطر نفسه، مع إن الدور لا يتطلب
وجود مطرب معين، وهذا شىء طبيعى لأن الجمهور يرغب في سماع الاغانى المعروفة
بصرف النظر عن موقعها فى الفيلم وضرورتها، ولا يختلف تامر حسني عن غيره من
المطربين كثيرا الا بنجاحه في الأفلام المتتالية التى اشترك فيها، وهذا لم
يتحقق لغيره من المطربين.
لقد كانت اول افلام المطرب "حالة حب 2004" ولم يكن فيلم بطولته، لأن
البطولة ذهبت الى كل من هانى سلامة وهند صبرى وشريف رمزى أما الاخراج فهو
لسعد هنداوي.
الفيلم الثانى كان بعنوان "سيد العاطفي 2005" وهو من اخراج على رجب، ويعد
أول بطولة مطلقة للمطرب تامر حسني، وفيه يقوم بدور مطرب يحب الغناء ولذلك
أطلق عليه لقب سيد العاطفى، تعمل أمه "عبلة كامل" سائق تاكسي وهو يحاول
استعادة ميراث أبيه من عمه، كما إنه مطرود من الجامعة وهو يسعى الى العودة
اليها، ويحقق كل ذلك في النهاية، ربما يشمل انتهاء علاقته العاطفية ايجابيا.
الفيلم الثالث للمطرب هو "عمرو وسلمى 2007" وهو من اخراج اكرم فريد ويشارك
في التمثيل: مي عز الدين وميس حمدان وعزت أبو عوف ومروة عبد المنعم أما
القصة فهي تدور حول عمرو الشاب الذى يتنافس مع أبيه في عشق النساء، وعندما
يتعرف على سلمى، متصورا أنها مثل باقي الفتيات يكتشف انها مختلفة وبعد أن
يهجر خطيبته الأولى "فرح" يقرر أن تكون علاقته مع سلمى حقيقية لتأخذ طريق
الزواج، ولكن سلمى مصابة كما يدعي الفيلم بعقدة الشك في الآخرين لاسباب
تعود الى أمها وأبيها، فهي تظن أن عمرو مستمر فى خياناته فترفضه، ثم تقتنع
بعد ذلك، وهنا نلحظ بأن الجزء الثانى من الفيلم لا يركز كثيرا على هذه
العقدة، وحتى اذا كانت حقيقية، فإن علاقات عمرو حقيقية ايضا ولا يطولها الشك.
نجاح وفشل
من الأفلام الناجحة للمطرب تامر حسنى فيلم "كابتن هيما" انتاج 2008 واخراج
نصر المحروس وهو يصور قصة لاعب كرة قدم يفشل فى تحويله الى لاعب كبير ويعمل
سائق تاكسي ليتورط في جريمة قتل ثم تعلن براءته في النهاية.
ليست هناك مزايا خاصة بالمطرب تامر حسني، فافلامه بعيدة عن الرومانسية ولا
يمكن اعتباره النموذج العاطفي المطلوب، ولذلك يصعب اعتبار أفلامه غنائية،
لأنه من النادر أن يقوم بدور المطرب فعليا. كما أنه ليس هناك منافس فعلي له
من المطربين إلا المطرب مصطفى قمر الذي نجح في تقديم عدد من الأفلام، ربما
كانت أكثر نجاحا من افلام المطرب تامر حسني، ومن الطبيعى أن نجد صعوبة في
مقارنة هذه الافلام جميعا بالافلام الغنائية المعروفة لبعض المطربين من
الجيل القديم، مثل فريد الاطرش وعبد الحليم حافظ ومحمد الكحلاوي ومحمد
فوزي، ولا نقول محمد عبد الوهاب أو مأمون الشناوي أو كارم محمود وغيره، ذلك
أن الأغنية قد صارت لها طبيعة خفيفة وهي تؤكد على فكرة الرقص اولا وأخيرا.
كما انها بعيدة عن الاحداث والتفاصيل الفعلية لقصة الفيلم.
كما قلنا، ورغم كل شيء فإن الجمهور يقبل على مثل هذه الافلام من شاكلة عمرو
وسلمى، وهي أفلام لا تبقى في الذاكرة، لأنها تنته عندما تضاء أضواء الصالة،
ويظل البحث عن الفيلم التالي هو الاختيار الأهم، وهذه الصورة الجديدة فى
تلقى الافلام والتعامل معها تبقى من الظواهر التي تحتاج الى تحليل ودراسة
لفهم الآليات التي تتحكم في ظاهرة الفرجة اجتماعيا واقتصاديا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق