الأربعاء، 1 أكتوبر 2008

بيت الله الحرام-----------شريط دينى تاريخى





• من الأشرطة التاريخية الدينية
بيت الله الحرام
يشير هذا الشريط إلى مدى الصعوبة التي يمكن نفرّق بها بين الشريط الديني والشريط التاريخي ، إذ يمكن اعتبار هذا الشريط تاريخيا ، رغم أنه يتعامل مع مكان مقدس بالنسبة للمسلمين وهو الكعبة ( بيت الله الحرام ) . وفي جميع الأحوال فإن المنطلق الأساسي الذي اعتمد الشريط عليه هو ما ورد في سورة الفيل من آيات خمس : قال تعالى ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل . ألم يجعل كيدهم في تضليل . وأرسل عليهم طيراً أبابيل . ترميهم بحجارة من سجيل . فجعلهم كعصف مأكول ) صدق الله العظيم .
ولذلك كان الراوي وكانت المقدمة الطويلة التي تجعل من أبرهة طاغية يصل إلى الحكم عن طريق الاستيلاء على حق غيره وبالغش والخداع .
أما مبررات غزو مكة وهدم الكعبة فيوضح الشريط بأنها غنية بالذهب ولذلك جاء أحد التجار منها وهو محمل بكل ثمين ليقع في قبضة أبرهة ورجاله ، وهذا أحد الدوافع فقط ، أما الدافع الرئيسي فلأن الكعبة تجمع العرب وتوحدهم ، وهذه الأسباب تبدو مجرد كلمات فقط ، حيث أن السبب الحقيقي يتمثل في بناء أبرهة لمكان يسمى " القليس " لكي يرضى النجاشي ملك الحبشة وبغرض أن يهجر العرب الكعبة ويتحولون إلى حجاح القليس ، ولكن دون فائدة مما جعله يفكر في هدم الكعبة.
لقد أطال الشريط في وصف مرحلة ما قبل التوجه نحو الكعبة ، وخصوصاً وأن الاستعداد ولذلك قد تم بطريقة ارتجالية ، فهو ـ أبرهة ـ لا يعرف الطريق إلى مكة ، وهو أيضا يقود جيشاً به العديد من الراقصين والراقصات ، وهو أيضا شخصية شريرة في كل ما يقوم به من تصرفات .
ولعل القصة العاطفية المضافة بلا مبرر واضح إلى الشريط توضح جانباً من عدم المسؤولية ، فالشريط يحتاج إلى قصة عاطفية أحيانا من جانب درامي الذي يخدم الأحداث ، لكن أن تكون القصة مجرد لعبة يسترضى بها المنتج لكي يجد دورا لزوجته ، مثلما حدث في هذا الشريط ، فذلك يعنى أن الضعف قد بدأ يتسرب للشريط ومن المعروف بأن المنتج محمود سمهان قد أنتج الشريط لمجرد أن تلعب زوجته الدور الرئيسي فيه ، وهذا ما حدث فقد لعبت دور زهرة ابنه أبرهة التي تحب أحد الشخصيات المصطنعة وهي " نوفيل بن حبيب "
إن من عوامل الضعف الأخرى في الشريط ذلك الحوار المطول الذي يجري على لسان الشخصيات ، ورغم أن لغة الشريط هي الفصحى إلا أن الحوار قد أعد لكي يخفي العجز في الصورة ، إذ أن معظم المشاهد لا تظهر بشكل واضح ، وخصوصاً الرئيسية منها ، ويستمر الشريط في تقديم الأحداث والوقائع الجانبية إلى أن يصل إلى الختام ، فيقدم عدداً من المشاهد مصوراً فيه محاولة هدم الكعبة وبطريقة بسيطة وبدائية ، رغم التوفيق النسبي في مشهد الطيور التي تحوم حول الكعبة والمعتمد على الخدع المستخدمة بآلة التصوير .
من المشاهد الضعيفة أيضاً والمكررة ، ذلك المشهد الطويل الذي عبر عن رحيل سكان مكة إلى الجبال خوفاً من بطش أبرهة ، وهو مشهد يتصف بالبطء والجمود ولا يعبر عن مستوى السينما كما وصلت إليه في مصر في تلك الآونة ، وعموماً هناك بطء في إيقاع الشريط رافق الغناء الحزين ، والاعتماد على ممثلين جيدين تماماً عن التعبير السينمائي ولا سيما أن الملابس غير متقنة الصنع وهناك فراغات في المشاهد وعدم الاستفادة من الصحراء بشكل واضح ومميز ، حيث بدت المساكن متناثرة ولا يكاد يوجد مركز للأحداث ، كما هو متعارف عليه في بناء ديكورات الأشرطة .
لقد أضاف الشريط حكايات جانبية ، من ذلك مثلاً كما قلنا قصة التاجر الذي وهب ماله إلى أبرهة ، ثم قصه الفتاة زهرة والتي رحلت مع أبيها أبرهة لكي ترى ما سوف يفعل ، ثم الشخصية الدخيلة نوفيل ، بالإضافة إلى شخصية الأم التي تضحى بابنتها الصغيرة لكي لا تخبر أبرهة بالطريق المؤدي إلى الكعبة .
أيضاً يقدم الشريط بعض الفرسان الذين يسميهم المقاومة وبعد ذلك يختفون تماماً تاركين أبرهة لوحده يتقدم بجنوده وفيله الوحيد إلى الكعبة ولا سيما بعد أن تراجع سيد قريش " عبد المطلب " عن المواجهة بسبب ضعف أهل مكة .
إن نهاية القصة معروفة من حيث توالي الأحداث ، فقد عجز جيش أبرهة عن التقدم إلى الكعبة بقدرة الله تعالى ، وبالطبع يصعب تصور وجود شريط عربي الإنتاج والإمكانات له القدرة على الإقناع في هذا الجانب ، غير أن الضعف يتسلل أيضاً إلى استخدام الأسلحة وطريقة ركوب الخيل ، بل إن مشاهد الكعبة في ذاتها غير مقنعة فما بالك بالطريقة غير المعروفة التي سيتم بها الهدم .
لاشك أن هذا الشريط يعبر عن الكثير من الضعف الفني والتقني وهو لا يتناسب مع الإمكانات التي حققتها السينما العربية في تلك الأثناء من خلال تقديم الكثير من الأشرطة التاريخية المعروفة مثل أمير الانتقام وعنتر وعبلة ( أبيض وأسود ) وكذلك الشريط التاريخي المعروف " لاشين " أما من الناحية الموضوعية الدرامية ، فقد ظهرت معظم الشخصيات وهي أقرب إلى الإسلام قبل أن يظهر الإسلام ، فمعظم هذه الشخصيات تتحدث عن أن القادم مستقبلاً هو الأفضل بما في ذلك الشخصيات البسيطة التي لا تتعامل مع الدين إلا في حدود ضيقه ، بل إن الشريط لم يقترب من عبادة الأصنام وبعض العادات القديمة السلبية وهذا يدل على ضعف إخراجي واضح .
من الصعب أن يبقى في ذاكرة المشاهد ما يستحق أن يلفت الانتباه بما في ذلك التمثيل الذي ظهر بصورة ضعيفة لأن الجهد لم يبذل من أجل العناية بالممثل ، مثلماً لم يبذل للعناية بباقي عناصر الشريط ، رغم توفر المادة الدرامية التي تسمح بالنجاح ، سواء اعتبرنا هذا الشريط تاريخيا أو دينياً .

ليست هناك تعليقات: