الكبارية بين الداخل والخارج
مرة أخرى يتجدد التعامل مع فكرة تعدد الشرائح الاجتماعية فى السينما المصرية، وهذه المرة من خلال فيلم بعنوان "كباريه" انتاج نهاية 2008، والذى مازال يعرض حاليا فى بعض الاقطار العربية، يعتمد الفيلم على وحدة المكان الجامع للشخصيات، كما ظهرت سابقا فى بعض الانتاجات السينمائية العربية، ونذكر منها على سبيل المثال فيلم "بين السماء والارض" لمخرجه صلاح أبو سيف وفيلم ميرمار لمخرجه كمال الشيخ، وايضا فيلم القطار لمخرجه احمد فؤاد. اما فكرة الشرائح الاجتماعية نفسها وتنوعها، فقد قدمتها السينما فى مصر فى عدة افلام، القليل منها ناجح، ونذكر من ذلك على سبيل المثال فيلم "سهر الليالي" لمخرجه محمد خليفة. فيلم الشرائح: - أن أهم متطلبات فيلم الشرائح الأجتماعية والنماذج البشرية المتعددة أن يكون له أساس ينطلق منه ويعود إليه. وعلى الأرجح، يكون ذلك مكانا معينا يجمع العديد من الشخصيات، له دلائل خاصة وميزات معينة، أو يكون الحدث هو الموضوع الذى يجمع الشخصيات، كما فى فيلم "المذنبون" لسعيد مرزوق. أو أن يلتقى الحدث بالمكان كما فى فيلم "البداية" لصلاح أبو سيف. ان الأمثلة بالنسبة للسينما الأمريكية والأوروبية كثيرة جدا، وينطبق ذلك بصورة أوضح عندما يكون الفيلم مقتبسا عن مسرحية تعتمد على مكان واحد. ولا يمنع ذلك من وجود بعض المشاهد الخارجية القليلة. رغم ذلك فإن المعاجلة الفنية تبقى هى الأهم، ولاسيما وأن هذه النوعية من الأفلام لها طبيعة فكرية وثائقية، وهو أمر يتطلب قدرات معينة لم تستطع السينما العربية ان تتعامل معها بشكل جيد، فكانت النتيجة تقديم بعض الأفلام التى لها طابع السرعة، رغم الطموح الكبير الذى ارتبط بها.
من الافلام الاخيرة المعتمدة على فكرة تعدد الشرائح الاجتماعية، فيلم "كباريه" لمخرجه "سامح عبد العزيز" وهو مخرج قدم بعض الأفلام الناجحة تجاريا مما يتعاش مع متطلبات سوق التوزيع، بصرف النظر عن المستوى الفنى، وفى ذلك، أفلام مثل: درس خصوصي 2005 حسن طيار 2007، احلام الفتى الطايش 2007. وكلها تندرج ضمن سياق الافلام الخفيفة، غير متقنى الصنع، بحيث لم تلفت اليها الانتباه، بل اعتبرت احيانا فاشلة تجاريا رغم اعتمادها على بعض نجوم الغناء والتمثيل، لذلك، عندما قدم هذا المخرج "فيلم كباريه" كان الأمر نسبيا، بعيدا عن كل التوقعات، مقارنة بكل معطيات الافلام السابقة. ليست القضية مجرد تركيز على تعدد الشرائح الاجتماعية، ولكن يتداخل الفيلم مع أفلام أخرى تناولت مسألة الجماعات الدينية المتطرفة فى زاوية من الزوايا فقط، ونقصد بذلك طريقة الاعداد لعملية تفجير قصد بها المكان الذى تجتمع فيه الشخصيات. وهنا لابد من الذكر بأن كاتب الفيلم هو أحمد عبد الله، والذى قدم الكثير من الأفلام الناجحة تجاريا وعلى المستوى الكوميدى، مثل اللمبي وكركر ويا انا يا خالتي وصباحو كذب وهناك أفلام أفضل قليلا مثل "فول الصين العظيم، الناظر صلاح الدين"، وأطن انها المرة الاولى التى يقترب منها الكاتب من القضايا الدرامية ذات الطابع الاجتماعى المتداخلة مع قضايا أخرى، كما حدث فى فيلم "كباريه". مكان مميز: - إن الكباريه هو المكان الذى تلتقى فيه الشخصيات، وهو مكان عمل يومي. له أجواء متميزة، يتردد عليه بعض الناس كل ليلة. غير انه اجتماعيا يلقى عزلة وربما ينبذ اجتماعيا. لذلك فهو بالنسبة للعاملين فيه يعنى شيئا ما، بينما خارج ذلك، يعنى أشياء مختلفة بحسب وجهة النظر السائدة. إن المكان يشكل مجرد وسيلة لكسب العيش، ولكنه ايضا يحقق الربح الوفير لمن يملكه، بل هو يسمح بالكثير من الترفيه المرتبط بالعمل، وكما تقول "ليلى، جومانة مراد" والتى تعمل ليلا بهذا المكان، بأنها تستطيع أن تفعل مالا تستطيع أن تفعله فى اماكن أخرى. نعم هناك شخصيات ذات مستوى اجتماعى متفاوت، بعضها يصل الى درجة الفقر أو الافلاس، وبعضها متوسط المستوى. إلا القليل منها يكسبون الكثير، وهم جميعا يعانون من ازدواجية الشخصية، حيث يعد المكان "الكباريه" مصدر رزق فقط، بصرف النظر عن دلالته الاخلاقية والاجتماعية. وربما كانت هذه الفكرة الاخيرة هى مصدر نجاح الفيلم، إذ ليس هناك تجريم للشخصيات أو محاولة الاختصاص منها لمجرد أنها تعمل فى مكان له شبه معينة، ولكن بالطبع لا يجعل الفيلم نوعية العمل بالكباريه مجرد عمل عادى، والمعالجة تستفيد من طبيعة المكان ونوعيته لتنقل الصراع بين الشخصيات الى صراع فكرى واخلاقي متداخل التركيب. ربما كانت نقطة الضعف الفنية أن العناية باعداد المكان نفسه "الكباريه" لم تكن كما ينبغى، لكنه يعد مقبولا فى اطار التصوير الداخلى لبعض الافلام المنتجة فى مصر. حيث طبق موقع التصوير بدا واضحا من خلال الديكورات والتفصيلات الأخرى، مثل عدد الطاولات والكراسى القليل، والزواية الصغيرة التى يغنى فيها المطرب، وحركة الراقصة المحدودة. ورغم أن الكثير من الأفلام المصرية قد اعتدت على ابراز الملهى بحضور مطرب أو فرقة أو راقصة، إلا أن الجانب التقنى فى تصوير الملاهي يعد محدودا جدا، حتى انه يمكن القول بأن بعض الافلام القديمة كانت أفضل، كما فى "الرجل الثانى" لعز الدين ذو الفقار. سوف نلحظ بأن مكتب صاحب الكباريه "فؤاد حامد" يكاد يكون مفصولا وكأنه فى مكان آخر. الأمر نفسه ينطبق على مكان "دورات المياه" حيث مكان "خميس" شقيق صاحب الكباريه، وأظن أن الاهتمام بالمكان كان ضرورة تفرضها مجريات الأحداث، رغم أن الجهد المبذول كان مقبولا. مناطق متباعدة:- يتركز الحدث الدرامى فى عدة مناطق متباعدة، أهمه الصراع الذى يدور بين شقيقين "فؤاد وخميس" الأول انتزع كل شىء من الثانى وسيطر على الكباريه محل الصراع، بسبب فقدان خميس لرجله اثناء دفاعه عن المحل. ربما كانت هذه الصورة هى أفضل ما فى الفيلم. إذ تستدعى ظروف العمل فى مصر هذه الاماكن ان يتم التعامل مع ما يفرضه الواقع فقط. وعندما تحول خميس الى شخص أعرج، صار مجرد عامل فى دورات المياه، ليصبح بعد ذلك أقرب الى المتشرد الهامشى وضحية من ضحايا الملهى الليلي عندما يشتد الصراع ويتعاظم التنافس بين الأفراد. فى مقابل ذلك، هناك "فؤاد" الأخ الكبير الذى يعيش حالة من الازدواجية، يفرضها عليه المجتمع، إنه يتصرف وكأنه رجل مهنة فقط، يعمل فى الكباريه، لكنه لا يشرب الخمر ولا يتعاطى المخدرات. بل لديه مشاغل دينية، يعبر عنها بسماعه للمدائح والأذكار، وهو ايضا ينوى التوجه الى العمرة، ويقضي وقته احيانا وهو يرتدى الجلابية البيضاء، فلا يكاد يدخل الصالة الرئيسية الا نادرا.
يمكننا القول بأن الازداوجية هنا كانت مراوغة، لأن الشخصية مركبة، تحمل معها عدد من التناقضات فى داخلها وخارجها، رغم أن المنطق الشكلي الذى تتحدث به الشخصية صحيح وسليم فى ظاهره لأنه لا يختلف عن تاجر المخدرات الذى يتظاهر بالورع والتقوى. بالاضافة الى الشخصية المركبة "فؤاد" أجاد السيناريو تصوير شخصية الفتاة "ليلى" والتى نراها فى بداية الفيلم تقوم بغسل أمها وكأنها تودعها الى الموت، رغم أنها تنوى العودة ليلا الى البيت ومعها الدواء المطلوب، والشخصية تقودنا الى شخصية أخرى "فرعون". إنه فتوة الملهى وخطيب ليلى تقريبا. واثناء ذلك نتعرف على فتاة تدعى "بوسى" أرسلت الى "ليلى" من قبل طرف ثالث، والفتاة هنا من الشخصيات المتكررة، حيث تتعرض الى الاعتداء من قبل زوج أمها، وتتعرض الى الغواية ايضا من قبل أطراف أخرى، ولا يبقى أمامها الا العمل فى الكباريه نحن ايضا ننتقل الى بيت آخر "بيت أم حبشى" وهى عراقية مستقرة بالقاهرة وتعمل فى مجال توزيع الاغانى، والاخيرة قامت بدورها الممثلة هالة فاخر بامتياز شديد.
ظاهر وباطن
هناك شخصيات أخرى مكملة لفكرة تعدد الشرائح الاجتماعية، ومن ذلك مثلا شخصية "شعلان" وقد قام بأدئها فتحى عبد الوهاب، وهو متطوع منتمى الى جماعة دينية، تنوى تفجير الكبارية. ومثلما تخرج الكاميرا لتتبع بعض الشخصيات نجدها ايضا تصور مكان هذه الجماعة، بحضور أميرها "محمود الجندى" حيث توجد مباراة للفوز بما تسميه الجماعة "الشهادة" ويشير الفيلم الى وجود شخصية أخرى مستعدة للقبول بالدور الذى سيتولاه شعلان. ومثلما تتظاهر معظم الشخصيات بعكس حقيقتها، مثل فؤاد مثلا، وليلى التى تخفى طبيعة عملها عن أمها وعن أهل حارتها حتى اللحظات الأخيرة، فإن شعلان يتظاهر بأنه مجرد زبون يتردد على الكباريه لكى يكون ذلك مقدمة لتفجيره. والواقع أن الفيلم يقف موقفا سلبيا ازاء الكثير من الاحداث، فالكاميرا هنا محايدة وحائرة ولا تجد المعالجة منقذا إلا عن طريق شعلان نفسه الذى يتغير موقفه فى اللحظات الاخيرة ويرفض فكرة التفجير، وفى ذلك ملمح ايجابي مهم. لكن الأمر لا يمكنه أن يقف عند هذا من الحيادية السلبية. هناك شخصيات أخرى جانبية ودرامية فى نفس الوقت، شخصية فرعون مثلا "محمد لطفى" هو أحد المحاربين فى حرب 1973 وفقد صوته فقط فى الحرب، ولقد دفعته الظروف الى العمل فتوة للملهى الليلي، ولسان حاله يطالب بالتعويض، ثم نجده وقد انهار أمام سطوة رجال آخرين، فيفقد عمله بعد ان انهزم وصار مثل خميس، علامة من علامات الضعف والتراجع. شخصية درامية اجتماعية تقليدية أخرى، إنه سيد "قام بالدور علاء مرسى" وهو مجرد عامل بسيط يجمع النقود التى يرميها الزبائن فى الملهى، ورغم كثرة هذه النقود إلا أنه فقير وهو يحتاج لدفع مصاريف تعليم ابنته، والشخصية غلب عليها طابع الميلودراما ولم تظهر بأعتبارها بشرا. والحقيقة أن هناك شخصية خارجية، ليس لها علاقة بالملهى، وهو "صابر" والذى يتعرض الى مضايقات فى الخارج واعتداءات من الشارع، ويفقد بالتالى المبلغ الذى كان ينوى تسليمه الى سيد، ويضيف الفيلم بعض الخصوصيات. إذ تقطع له رجله بعد حادثة سيارة أصيب فيها. ويمكن القول بأن هذه الشخصية هى أضعف الشخصيات رغم نجاح الممثل فى الأداء حيث يمكن ازالة بعض مشاهدها دون أن يتأثر سياق الفيلم.
أطراف متصارعة:-
ايضا هناك شخصية أخرى لصيقة بالملهى، وهى شخصية المطرب "بلعومى" والتى شخصها بنجاح الممثل خالد الصاوى، حيث نجده على علاقة بامرأة عراقية مستقرة بالقاهرة وتعمل فى مجال انتاج الاغانى، ورغم أنها لم تعرف العراق، إلا أنها تتعاطف مع المآسى داخل العراق. وهى وجه فيه ازدواجية مركبة ايضا. فى نفس الوقت يعيش المطرب حالة من الغيرة المستمرة من مطرب جديد بدا يعمل فى الملهى وهو أبو السعود "أدوارد" عندما يحاول مدير الملهى الاستفادة منهما سويا غير أن المجريات تدل على أن المطرب الجديد هو صاحب الافضلية، وخصوصا وأن شركات الاسطوانات قد بدأت تراهن عليه، فى حين يفشل المطرب السابق فى تحقيق أى نجاح متميز رغم وقوف المنتجة العراقية معه واصداره لفيديو كليب جديد لم يحقق نجاحا واضحا. فى نفس الوقت تطالبه زوجة المطرب بالطلاق، حيث ترفض عمله فى الملهى وترفض نقوده من هذا المصدر، والزوجة هنا تمثل رديفا للحالة الدينية المسيطرة على الفيلم من جميع وجوهها. ان هذا المطرب "بلعومى" يتصرف بعصبية فى نهاية الفيلم ويستخدم السلاح للتخلص من المطرب الجديد، بعد أن أشتد أوار المنافسة. يحتوى الفيلم على عدد كبير من الاغانى، ومن الصعب القول بأنها خارج السياق، فهى من متطلبات المكان، وخصوصا وأن الأحداث الفعلية داخل الفيلم قليلة، وهناك مشاهد زائدة يمكن التخلص منها. ومن جانب آخر تستخدم الأغنية لجذب الجمهور، ويمكن أن نذكر بأن هناك أغنية تعبر عما يحدث فعليا فى أجواء الملاهى وما تنتجه شركات الاغانى، ونقصد بذلك الأغنية المزدوجة بين العامية والقصيدة، وذلك بقصد ارضاء نوعية معينة من الزبائن، ومن ذلك مثلا الزبون الخليجي الذى حاول أن يقترب من الفتاة الصغيرة "بوسى" فرفضته فى البداية وهربت الى خارج الملهى لتجد بأن الاختلاف بين الأمكنة شكلي فقط، وربما كان الملهى أرحم ولذلك عادت إليه من جديد فى مسار غير مرسوم بشكل جيد. شخصيات متناقضة:- "علام" أو أحمد بدير، هو ايضا شخصية أخرى تعمل فى الملهى الليلي، ويجعله الفيلم رجلا ليصنع منه شخصية مركبة، جعلته الظروف المادية يعمل فى المكان وبمرتب كبير مقارنة بغيره من الاماكن. هذه الشخصية يلتقى بشعلان، بعد أن أفرط الثاني فى الشراب لأول مرة ولم يتمكن من تفجير الحزام الناسف الذى يرتديه داخل ملابسه. تلتقى الشخصيتان، فيجدها علام فرصة لكى يدعوه ببعض كلمات، لربما اعتاد أن يقولها كلما وجد الفرصة سانحة، وبالطبع تسرع الفيلم بجعل الكلام مقنعا، أن يترك العمل فى هذا المكان ويبحث عن غيره ولو بمرتب صغير، ولكن بدا واضحا ومن طريقة الممثل فتحى عبد الوهاب أن هناك مراوغة وابتسامة شاحبة تقود من حالة الى أخرى بهذا كان الوحيد الناجي من الانفجار هو علام الذى يترك المكان مقتنعا. وكما قلنا فإن الفيلم يحتوى على شىء من التسرع، فهذه الشخصية اقتنعت بكل سهولة ومن مجرد كلمات جاءت بالصدفة والحقيقة أن الفيلم يفكر فى الأمر من جانب آخر، ذلك أن اقتناع شخصية ما بالحوار يلغي تماما أسلوب التفجير، ويجعله مرفوضا، ولذلك وقف شعلان بعدما أحس بتأثير الكلمة فى الطرف الآخر رافضا أن ترسل الجماعة شخصا بديلا ليقوم بالتفجير، بل وقف ضد زميله من نفس الجماعة محاولا أن يمنعه، وربما كان هذا أفضل ما فى خلاصة الفيلم.
تمر السيارة وهى تحمل رفاق الأم على المكان الذى تعمل فيه ليلى، لتعرف الأم ولو بعد فوات الأوان أن ابنتها قد اختارت أن تكون فتاة ملهى. هناك جانب مليودرامي فى الفيلم. كما ان العامل "سيد" قد قرر سرقة المال ليمنحه لابنته بينما صاحب المحل يسعى للقيام بالعمرة فى اليوم الموالى. أما الفتاة فقد دخلت الملهى بحثا عن غطاء ترتديه لتواكب جثمان امها الى المقبرة بصرف النظر عن الزمن والموعد القابل للانتظار. كما أن الأخ خميس مطرود وهو يقضى ليلته الأخيرة فقط. ان الشخصيات تدخل وتخرج من الملهى. رمزيا وفعليا والفارق بين الحياة والموت مجرد ساعات قليلة. لقد وقع الانفجار والذى صور بطريقة جيدة، كان من الممكن أن تكون أفضل من ذلك، واللحظة هنا يمكن أن تكون محايدة. حيث تصمت المشاعر حسبما يشير الفيلم بما يتضمنه من حوار ومشاهد. ان لحظة الحياد هنا سلبية بالطبع، فهؤلاء الناس يستحقون الشفقة، بصرف النظر عن مكان عملهم، وما الملهى الا مكان من الأمكنة العامة مثل غيرها، بدون تقييم اخلاقى مباشر وقع فيه الفيلم بحكم المواقف وطبيعة الشخصيات المختارة. ان الحديث يطول حول الاختيار الرمادي بين الدين والدنيا، حيث تحول تفجير الملهى الى مجرد خبر يبث فى القنوات التلفزية وبصيغة رسمية تدعو الى الاستقرار وعدم الانفعال، فنحن ازاء تفجير سببه ماس كهربائي عارض، وكأننا نقول بأن الأمر يدخل ضمن نطاق القضاء والقدر وهو كذلك فعلا، ولكن ذلك يعنى أن الخيوط مقطوعة مع تلك الجماعات الدينية أو ان هناك من يتستر عليها. لقد احتوى الفيلم على شخصيات كثيرة، وربما رفع التمثيل من مستوى الفيلم، وخصوصا بعض الممثلين مثل صلاح عبد الله فى دور فؤاد وفتحى عبد الوهاب فى دور شعلان وماجد الكدوانى فى دور خميس وهالة فاخر فى دور ام حبش وخالد الصاوى فى دور بلعومى ومحمد لطفى فى دور فرعون وأحمد بدير فى دور علام وجومانة مراد فى دور ليلى. بالاضافة الى ممثلين آخرين كانوا اضافة مهمة رغم عدم أهمية أدوارهم دراميا، ومن ذلك العريس الذى تقدم له المنشاطات بشكل مستمر، وهو فى غير حاجة إليها. ربما استفاد هذا الفيلم من فيلم "كازينو" لمارتن سكورسيزى، لكنه يسير نحو اتجاهات أخرى لها طابع اجتماعى وميلودرامى، وهذا ما يحسب للفيلم. الأمر الذى يقود الى القول بأن كباريه بكل ايجابياته وسلبياته، يعد من أهم الافلام المصرية المنتجة فى السنوات الاخيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق