الجمعة، 22 مايو 2009

فيلم "كباريه": المكان الذي لا يتسع للجميع


الكبارية بين الداخل والخارج

مرة أخرى يتجدد التعامل مع فكرة تعدد الشرائح الاجتماعية فى السينما المصرية، وهذه ‏المرة من خلال فيلم بعنوان "كباريه" انتاج نهاية 2008، والذى مازال يعرض حاليا فى بعض ‏الاقطار العربية، يعتمد الفيلم على وحدة المكان الجامع للشخصيات، كما ظهرت سابقا فى بعض ‏الانتاجات السينمائية العربية، ونذكر منها على سبيل المثال فيلم "بين السماء والارض" ‏لمخرجه صلاح أبو سيف وفيلم ميرمار لمخرجه كمال الشيخ، وايضا فيلم القطار لمخرجه احمد ‏فؤاد.‏ اما فكرة الشرائح الاجتماعية نفسها وتنوعها، فقد قدمتها السينما فى مصر فى عدة افلام، ‏القليل منها ناجح، ونذكر من ذلك على سبيل المثال فيلم "سهر الليالي" لمخرجه محمد خليفة.‏ فيلم الشرائح: -‏ أن أهم متطلبات فيلم الشرائح الأجتماعية والنماذج البشرية المتعددة أن يكون له أساس ‏ينطلق منه ويعود إليه. وعلى الأرجح، يكون ذلك مكانا معينا يجمع العديد من الشخصيات، ‏له دلائل خاصة وميزات معينة، أو يكون الحدث هو الموضوع الذى يجمع الشخصيات، كما فى فيلم ‏‏"المذنبون" لسعيد مرزوق. أو أن يلتقى الحدث بالمكان كما فى فيلم "البداية" لصلاح أبو ‏سيف.‏ ان الأمثلة بالنسبة للسينما الأمريكية والأوروبية كثيرة جدا، وينطبق ذلك بصورة أوضح ‏عندما يكون الفيلم مقتبسا عن مسرحية تعتمد على مكان واحد. ولا يمنع ذلك من وجود بعض ‏المشاهد الخارجية القليلة.‏ رغم ذلك فإن المعاجلة الفنية تبقى هى الأهم، ولاسيما وأن هذه النوعية من الأفلام لها ‏طبيعة فكرية وثائقية، وهو أمر يتطلب قدرات معينة لم تستطع السينما العربية ان تتعامل ‏معها بشكل جيد، فكانت النتيجة تقديم بعض الأفلام التى لها طابع السرعة، رغم الطموح الكبير ‏الذى ارتبط بها.‏

من الافلام الاخيرة المعتمدة على فكرة تعدد الشرائح الاجتماعية، فيلم "كباريه" لمخرجه ‏‏"سامح عبد العزيز" وهو مخرج قدم بعض الأفلام الناجحة تجاريا مما يتعاش مع متطلبات سوق ‏التوزيع، بصرف النظر عن المستوى الفنى، وفى ذلك، أفلام مثل: درس خصوصي 2005 حسن طيار ‏‏2007، احلام الفتى الطايش 2007‏. وكلها تندرج ضمن سياق الافلام الخفيفة، غير متقنى الصنع، بحيث لم تلفت اليها الانتباه، بل ‏اعتبرت احيانا فاشلة تجاريا رغم اعتمادها على بعض نجوم الغناء والتمثيل، لذلك، عندما ‏قدم هذا المخرج "فيلم كباريه" كان الأمر نسبيا، بعيدا عن كل التوقعات، مقارنة بكل ‏معطيات الافلام السابقة.‏ ليست القضية مجرد تركيز على تعدد الشرائح الاجتماعية، ولكن يتداخل الفيلم مع أفلام ‏أخرى تناولت مسألة الجماعات الدينية المتطرفة فى زاوية من الزوايا فقط، ونقصد بذلك ‏طريقة الاعداد لعملية تفجير قصد بها المكان الذى تجتمع فيه الشخصيات.‏ وهنا لابد من الذكر بأن كاتب الفيلم هو أحمد عبد الله، والذى قدم الكثير من الأفلام ‏الناجحة تجاريا وعلى المستوى الكوميدى، مثل اللمبي وكركر ويا انا يا خالتي وصباحو كذب ‏وهناك أفلام أفضل قليلا مثل "فول الصين العظيم، الناظر صلاح الدين"، وأطن انها المرة ‏الاولى التى يقترب منها الكاتب من القضايا الدرامية ذات الطابع الاجتماعى المتداخلة مع ‏قضايا أخرى، كما حدث فى فيلم "كباريه".‏ مكان مميز: -‏ إن الكباريه هو المكان الذى تلتقى فيه الشخصيات، وهو مكان عمل يومي. له أجواء ‏متميزة، يتردد عليه بعض الناس كل ليلة. غير انه اجتماعيا يلقى عزلة وربما ينبذ ‏اجتماعيا. لذلك فهو بالنسبة للعاملين فيه يعنى شيئا ما، بينما خارج ذلك، يعنى أشياء ‏مختلفة بحسب وجهة النظر السائدة.‏ إن المكان يشكل مجرد وسيلة لكسب العيش، ولكنه ايضا يحقق الربح الوفير لمن يملكه، بل هو ‏يسمح بالكثير من الترفيه المرتبط بالعمل، وكما تقول "ليلى، جومانة مراد" والتى تعمل ليلا ‏بهذا المكان، بأنها تستطيع أن تفعل مالا تستطيع أن تفعله فى اماكن أخرى. نعم هناك شخصيات ‏ذات مستوى اجتماعى متفاوت، بعضها يصل الى درجة الفقر أو الافلاس، وبعضها متوسط المستوى. ‏إلا القليل منها يكسبون الكثير، وهم جميعا يعانون من ازدواجية الشخصية، حيث يعد المكان ‏‏"الكباريه" مصدر رزق فقط، بصرف النظر عن دلالته الاخلاقية والاجتماعية.‏ وربما كانت هذه الفكرة الاخيرة هى مصدر نجاح الفيلم، إذ ليس هناك تجريم للشخصيات أو محاولة ‏الاختصاص منها لمجرد أنها تعمل فى مكان له شبه معينة، ولكن بالطبع لا يجعل الفيلم نوعية ‏العمل بالكباريه مجرد عمل عادى، والمعالجة تستفيد من طبيعة المكان ونوعيته لتنقل الصراع ‏بين الشخصيات الى صراع فكرى واخلاقي متداخل التركيب.ربما كانت نقطة الضعف الفنية أن العناية باعداد المكان نفسه "الكباريه" لم تكن كما ‏ينبغى، لكنه يعد مقبولا فى اطار التصوير الداخلى لبعض الافلام المنتجة فى مصر.‏ حيث طبق موقع التصوير بدا واضحا من خلال الديكورات والتفصيلات الأخرى، مثل عدد ‏الطاولات والكراسى القليل، والزواية الصغيرة التى يغنى فيها المطرب، وحركة الراقصة ‏المحدودة. ورغم أن الكثير من الأفلام المصرية قد اعتدت على ابراز الملهى بحضور مطرب أو فرقة ‏أو راقصة، إلا أن الجانب التقنى فى تصوير الملاهي يعد محدودا جدا، حتى انه يمكن القول بأن ‏بعض الافلام القديمة كانت أفضل، كما فى "الرجل الثانى" لعز الدين ذو الفقار.‏ سوف نلحظ بأن مكتب صاحب الكباريه "فؤاد حامد" يكاد يكون مفصولا وكأنه فى مكان آخر. ‏الأمر نفسه ينطبق على مكان "دورات المياه" حيث مكان "خميس" شقيق صاحب الكباريه، وأظن ‏أن الاهتمام بالمكان كان ضرورة تفرضها مجريات الأحداث، رغم أن الجهد المبذول كان مقبولا.‏ مناطق متباعدة:-‏ ‏ يتركز الحدث الدرامى فى عدة مناطق متباعدة، أهمه الصراع الذى يدور بين شقيقين "فؤاد ‏وخميس" الأول انتزع كل شىء من الثانى وسيطر على الكباريه محل الصراع، بسبب فقدان خميس ‏لرجله اثناء دفاعه عن المحل.‏ ربما كانت هذه الصورة هى أفضل ما فى الفيلم. إذ تستدعى ظروف العمل فى مصر هذه الاماكن ‏ان يتم التعامل مع ما يفرضه الواقع فقط. وعندما تحول خميس الى شخص أعرج، صار مجرد عامل ‏فى دورات المياه، ليصبح بعد ذلك أقرب الى المتشرد الهامشى وضحية من ضحايا الملهى الليلي ‏عندما يشتد الصراع ويتعاظم التنافس بين الأفراد.‏ فى مقابل ذلك، هناك "فؤاد" الأخ الكبير الذى يعيش حالة من الازدواجية، يفرضها عليه ‏المجتمع، إنه يتصرف وكأنه رجل مهنة فقط، يعمل فى الكباريه، لكنه لا يشرب الخمر ولا يتعاطى ‏المخدرات. بل لديه مشاغل دينية، يعبر عنها بسماعه للمدائح والأذكار، وهو ايضا ينوى ‏التوجه الى العمرة، ويقضي وقته احيانا وهو يرتدى الجلابية البيضاء، فلا يكاد يدخل ‏الصالة الرئيسية الا نادرا.‏

يمكننا القول بأن الازداوجية هنا كانت مراوغة، لأن الشخصية مركبة، تحمل معها عدد من ‏التناقضات فى داخلها وخارجها، رغم أن المنطق الشكلي الذى تتحدث به الشخصية صحيح وسليم ‏فى ظاهره لأنه لا يختلف عن تاجر المخدرات الذى يتظاهر بالورع والتقوى.‏ بالاضافة الى الشخصية المركبة "فؤاد" أجاد السيناريو تصوير شخصية الفتاة "ليلى" والتى ‏نراها فى بداية الفيلم تقوم بغسل أمها وكأنها تودعها الى الموت، رغم أنها تنوى العودة ‏ليلا الى البيت ومعها الدواء المطلوب، والشخصية تقودنا الى شخصية أخرى "فرعون". إنه ‏فتوة الملهى وخطيب ليلى تقريبا. واثناء ذلك نتعرف على فتاة تدعى "بوسى" أرسلت الى ‏‏"ليلى" من قبل طرف ثالث، والفتاة هنا من الشخصيات المتكررة، حيث تتعرض الى الاعتداء من ‏قبل زوج أمها، وتتعرض الى الغواية ايضا من قبل أطراف أخرى، ولا يبقى أمامها الا العمل ‏فى الكباريه نحن ايضا ننتقل الى بيت آخر "بيت أم حبشى" وهى عراقية مستقرة بالقاهرة ‏وتعمل فى مجال توزيع الاغانى، والاخيرة قامت بدورها الممثلة هالة فاخر بامتياز شديد.‏
ظاهر وباطن
هناك شخصيات أخرى مكملة لفكرة تعدد الشرائح الاجتماعية، ومن ذلك مثلا شخصية "شعلان" ‏وقد قام بأدئها فتحى عبد الوهاب، وهو متطوع منتمى الى جماعة دينية، تنوى تفجير ‏الكبارية. ومثلما تخرج الكاميرا لتتبع بعض الشخصيات نجدها ايضا تصور مكان هذه الجماعة، ‏بحضور أميرها "محمود الجندى" حيث توجد مباراة للفوز بما تسميه الجماعة "الشهادة" ويشير ‏الفيلم الى وجود شخصية أخرى مستعدة للقبول بالدور الذى سيتولاه شعلان.‏ ومثلما تتظاهر معظم الشخصيات بعكس حقيقتها، مثل فؤاد مثلا، وليلى التى تخفى طبيعة ‏عملها عن أمها وعن أهل حارتها حتى اللحظات الأخيرة، فإن شعلان يتظاهر بأنه مجرد زبون يتردد ‏على الكباريه لكى يكون ذلك مقدمة لتفجيره.‏ والواقع أن الفيلم يقف موقفا سلبيا ازاء الكثير من الاحداث، فالكاميرا هنا محايدة ‏وحائرة ولا تجد المعالجة منقذا إلا عن طريق شعلان نفسه الذى يتغير موقفه فى اللحظات الاخيرة ‏ويرفض فكرة التفجير، وفى ذلك ملمح ايجابي مهم. لكن الأمر لا يمكنه أن يقف عند هذا من ‏الحيادية السلبية.‏ هناك شخصيات أخرى جانبية ودرامية فى نفس الوقت، شخصية فرعون مثلا "محمد لطفى" هو أحد ‏المحاربين فى حرب 1973 وفقد صوته فقط فى الحرب، ولقد دفعته الظروف الى العمل فتوة للملهى ‏الليلي، ولسان حاله يطالب بالتعويض، ثم نجده وقد انهار أمام سطوة رجال آخرين، فيفقد ‏عمله بعد ان انهزم وصار مثل خميس، علامة من علامات الضعف والتراجع.‏ شخصية درامية اجتماعية تقليدية أخرى، إنه سيد "قام بالدور علاء مرسى" وهو مجرد عامل ‏بسيط يجمع النقود التى يرميها الزبائن فى الملهى، ورغم كثرة هذه النقود إلا أنه فقير وهو ‏يحتاج لدفع مصاريف تعليم ابنته، والشخصية غلب عليها طابع الميلودراما ولم تظهر ‏بأعتبارها بشرا.‏ والحقيقة أن هناك شخصية خارجية، ليس لها علاقة بالملهى، وهو "صابر" والذى يتعرض الى ‏مضايقات فى الخارج واعتداءات من الشارع، ويفقد بالتالى المبلغ الذى كان ينوى تسليمه الى ‏سيد، ويضيف الفيلم بعض الخصوصيات. إذ تقطع له رجله بعد حادثة سيارة أصيب فيها. ويمكن ‏القول بأن هذه الشخصية هى أضعف الشخصيات رغم نجاح الممثل فى الأداء حيث يمكن ازالة بعض ‏مشاهدها دون أن يتأثر سياق الفيلم.

أطراف متصارعة:-

ايضا هناك شخصية أخرى لصيقة بالملهى، وهى شخصية المطرب "بلعومى" والتى شخصها بنجاح ‏الممثل خالد الصاوى، حيث نجده على علاقة بامرأة عراقية مستقرة بالقاهرة وتعمل فى مجال ‏انتاج الاغانى، ورغم أنها لم تعرف العراق، إلا أنها تتعاطف مع المآسى داخل العراق. وهى وجه ‏فيه ازدواجية مركبة ايضا.‏ فى نفس الوقت يعيش المطرب حالة من الغيرة المستمرة من مطرب جديد بدا يعمل فى الملهى وهو ‏أبو السعود "أدوارد" عندما يحاول مدير الملهى الاستفادة منهما سويا غير أن المجريات تدل ‏على أن المطرب الجديد هو صاحب الافضلية، وخصوصا وأن شركات الاسطوانات قد بدأت تراهن ‏عليه، فى حين يفشل المطرب السابق فى تحقيق أى نجاح متميز رغم وقوف المنتجة العراقية معه ‏واصداره لفيديو كليب جديد لم يحقق نجاحا واضحا.‏ فى نفس الوقت تطالبه زوجة المطرب بالطلاق، حيث ترفض عمله فى الملهى وترفض نقوده من هذا ‏المصدر، والزوجة هنا تمثل رديفا للحالة الدينية المسيطرة على الفيلم من جميع وجوهها.‏ ان هذا المطرب "بلعومى" يتصرف بعصبية فى نهاية الفيلم ويستخدم السلاح للتخلص من المطرب ‏الجديد، بعد أن أشتد أوار المنافسة.‏ يحتوى الفيلم على عدد كبير من الاغانى، ومن الصعب القول بأنها خارج السياق، فهى من ‏متطلبات المكان، وخصوصا وأن الأحداث الفعلية داخل الفيلم قليلة، وهناك مشاهد زائدة ‏يمكن التخلص منها.‏ ومن جانب آخر تستخدم الأغنية لجذب الجمهور، ويمكن أن نذكر بأن هناك أغنية تعبر عما يحدث ‏فعليا فى أجواء الملاهى وما تنتجه شركات الاغانى، ونقصد بذلك الأغنية المزدوجة بين العامية ‏والقصيدة، وذلك بقصد ارضاء نوعية معينة من الزبائن، ومن ذلك مثلا الزبون الخليجي الذى ‏حاول أن يقترب من الفتاة الصغيرة "بوسى" فرفضته فى البداية وهربت الى خارج الملهى لتجد ‏بأن الاختلاف بين الأمكنة شكلي فقط، وربما كان الملهى أرحم ولذلك عادت إليه من جديد فى ‏مسار غير مرسوم بشكل جيد.‏ شخصيات متناقضة:-‏ ‏"علام" أو أحمد بدير، هو ايضا شخصية أخرى تعمل فى الملهى الليلي، ويجعله الفيلم رجلا ‏ليصنع منه شخصية مركبة، جعلته الظروف المادية يعمل فى المكان وبمرتب كبير مقارنة بغيره من ‏الاماكن. هذه الشخصية يلتقى بشعلان، بعد أن أفرط الثاني فى الشراب لأول مرة ولم يتمكن من ‏تفجير الحزام الناسف الذى يرتديه داخل ملابسه.‏ تلتقى الشخصيتان، فيجدها علام فرصة لكى يدعوه ببعض كلمات، لربما اعتاد أن يقولها كلما ‏وجد الفرصة سانحة، وبالطبع تسرع الفيلم بجعل الكلام مقنعا، أن يترك العمل فى هذا المكان ‏ويبحث عن غيره ولو بمرتب صغير، ولكن بدا واضحا ومن طريقة الممثل فتحى عبد الوهاب أن ‏هناك مراوغة وابتسامة شاحبة تقود من حالة الى أخرى بهذا كان الوحيد الناجي من الانفجار ‏هو علام الذى يترك المكان مقتنعا. وكما قلنا فإن الفيلم يحتوى على شىء من التسرع، فهذه ‏الشخصية اقتنعت بكل سهولة ومن مجرد كلمات جاءت بالصدفة والحقيقة أن الفيلم يفكر فى ‏الأمر من جانب آخر، ذلك أن اقتناع شخصية ما بالحوار يلغي تماما أسلوب التفجير، ويجعله ‏مرفوضا، ولذلك وقف شعلان بعدما أحس بتأثير الكلمة فى الطرف الآخر رافضا أن ترسل الجماعة ‏شخصا بديلا ليقوم بالتفجير، بل وقف ضد زميله من نفس الجماعة محاولا أن يمنعه، وربما كان ‏هذا أفضل ما فى خلاصة الفيلم.

تمر السيارة وهى تحمل رفاق الأم على المكان الذى تعمل فيه ليلى، لتعرف الأم ولو بعد فوات ‏الأوان أن ابنتها قد اختارت أن تكون فتاة ملهى. هناك جانب مليودرامي فى الفيلم. كما ‏ان العامل "سيد" قد قرر سرقة المال ليمنحه لابنته بينما صاحب المحل يسعى للقيام ‏بالعمرة فى اليوم الموالى. أما الفتاة فقد دخلت الملهى بحثا عن غطاء ترتديه لتواكب جثمان ‏امها الى المقبرة بصرف النظر عن الزمن والموعد القابل للانتظار. كما أن الأخ خميس مطرود ‏وهو يقضى ليلته الأخيرة فقط.‏ ان الشخصيات تدخل وتخرج من الملهى. رمزيا وفعليا والفارق بين الحياة والموت مجرد ساعات ‏قليلة.‏ لقد وقع الانفجار والذى صور بطريقة جيدة، كان من الممكن أن تكون أفضل من ذلك، واللحظة ‏هنا يمكن أن تكون محايدة. حيث تصمت المشاعر حسبما يشير الفيلم بما يتضمنه من حوار ‏ومشاهد. ان لحظة الحياد هنا سلبية بالطبع، فهؤلاء الناس يستحقون الشفقة، بصرف النظر عن ‏مكان عملهم، وما الملهى الا مكان من الأمكنة العامة مثل غيرها، بدون تقييم اخلاقى مباشر ‏وقع فيه الفيلم بحكم المواقف وطبيعة الشخصيات المختارة.‏ ان الحديث يطول حول الاختيار الرمادي بين الدين والدنيا، حيث تحول تفجير الملهى الى مجرد ‏خبر يبث فى القنوات التلفزية وبصيغة رسمية تدعو الى الاستقرار وعدم الانفعال، فنحن ازاء ‏تفجير سببه ماس كهربائي عارض، وكأننا نقول بأن الأمر يدخل ضمن نطاق القضاء والقدر وهو ‏كذلك فعلا، ولكن ذلك يعنى أن الخيوط مقطوعة مع تلك الجماعات الدينية أو ان هناك من يتستر ‏عليها.‏ ‏ لقد احتوى الفيلم على شخصيات كثيرة، وربما رفع التمثيل من مستوى الفيلم، وخصوصا بعض ‏الممثلين مثل صلاح عبد الله فى دور فؤاد وفتحى عبد الوهاب فى دور شعلان وماجد الكدوانى فى دور ‏خميس وهالة فاخر فى دور ام حبش وخالد الصاوى فى دور بلعومى ومحمد لطفى فى دور فرعون وأحمد ‏بدير فى دور علام وجومانة مراد فى دور ليلى.‏ بالاضافة الى ممثلين آخرين كانوا اضافة مهمة رغم عدم أهمية أدوارهم دراميا، ومن ذلك ‏العريس الذى تقدم له المنشاطات بشكل مستمر، وهو فى غير حاجة إليها.‏ ربما استفاد هذا الفيلم من فيلم "كازينو" لمارتن سكورسيزى، لكنه يسير نحو اتجاهات أخرى ‏لها طابع اجتماعى وميلودرامى، وهذا ما يحسب للفيلم. الأمر الذى يقود الى القول بأن ‏كباريه بكل ايجابياته وسلبياته، يعد من أهم الافلام المصرية المنتجة فى السنوات الاخيرة.‏

ليست هناك تعليقات: