الاثنين، 2 مارس 2009

تاريخ السينما الروسية --مراجعة لكتاب -



كتاب يؤرخ للسينما الروسية


تاريخ السينما الروسية» كتاب يؤرخ، كما يدل عنوانه، للسينما الروسية

ولمسارها التطوري منذ بداياتها الأولى وتبعا للحقب الزمنية المتعاقبة

بالتناظر مع المسار السياسي الروسي وصولا إلى الثورة. وتشير مؤلفته بريجيت

بومير بداية أن روسيا، وتحديدا في موسكو وسان بطرسبورغ، شهدت في عام 1896

أول عرض سينمائي في تاريخها. وقد كان ذلك للعمل الذي أنجزه الأخوان

«لوميير» الفرنسيين، مخترعا من السينما.

وفي نفس تلك السنة جرى إنجاز أول عمل سينمائي «وثائقي» من قبل فنيين أوفدهم

الأخوان لوميير من أل «تصوير» تتويج نيكولا الثاني في الكرملين. وفي ذلك

السياق أيضا عرفت موسكو وبعض المدن الروسية الكبرى الصالات السينمائية

الأولى. ويتم التأكيد في التحليلات المقدّمة في الكتاب على الدور الكبير

الذي لعبه علماء روس كبار مثل «دوبدك وتمتشنكو وتشيبيتين» في البحث عن سبل

تطوير وتجديد الصناعة السينمائية الروسية في بداياتها. بل وتتم الإشارة إلى

أن مثل هذه الجهود «العلمية» سبقت الإنجاز الذي حققه الأخوان «لوميير» في

فرنسا.

وكان «هواة» سينما قد أنجزوا بعض الأفلام الصغيرة قبل أن تعرف فرنسا ذلك.

بكل الحالات عرفت السينما الروسية منذ بداياتها الأولى نجاحا جماهيريا

كبيرا مما ساهم في زيادة عدد شركات صناعة الأفلام السينمائية وشركات

توزيعها على خلفية البحث عن المردودية والكسب المالي. ويُنقل عن تولستوي

قوله في عام 1908: «سوف ترون أن هذه الآلة الصغيرة سوف تؤدي إلى قيام ثورة

في حياتنا».

وقد تركّز النقد الموجّه لتلك الأفلام على أنها من أعمال «المخيلة»

و«الفانتازيا» في السواد الأعظم منها وليس بينها سوى قلّة قليلة تتعرض

لأحداث واقعية أو تنقل بأمانة ما يجري. وفي مثل ذلك السياق برز دور

«الكسندر درانكوف» الذي كان يعمل مصورا في مدينة سان بطرسبورغ كمراسل لعدة

صحف روسية وأجنبية من بينها صحف فرنسية وانكليزية. وقد أعلن أنه سوف ينخرط

في عالم الصناعة السينمائية حيث بدأ «انخراطه» بجملة من الإعلانات في مختلف

وسائل الإعلام أكّد فيها أنه سوف يقدّم على الشاشة «مواضيع حياتية وأحداثا

روسية ومشاهد من مدن ومناظر طبيعية».

في عام 1908 جرى إنجاز أول عمل فيلم سينمائي قصير من قبل فلاديمير

روماشكوف. وكان ذلك بمبادرة من «درانكوف» الذي أراد أن يتصدّى للهيمنة

الفرنسية في عالم السينما وأراد إنتاج أفلام روسية. كانت الأغلبية الساحقة

من المواضيع التي جرى التطرق لها تخص شخصيات شعبية أو مواضيع تاريخية. وفي

نفس الفترة تقريبا نشط تيار آخر مثّله عدد من السينمائيين من أمثال

«تشاردينين» و«كوتزتسوف» الذين صبّوا اهتمامهم الرئيسي على تحويل أعمال

المبدعين الروس الكبار من أمثال تولستوي ودوستويفسكي وغوغول إلى أعمال

سينمائية هؤلاء السينمائيون غادروا بأغلبيتهم روسيا عند اندلاع الثورة

البلشفية عام 1917 وتوجهوا إلى فرنسا.

الشركات الأجنبية العاملة في مجال الصناعة السينمائية اعتبرت الأمر بمثابة

تحدٍ حقيقي وقامت شركة «باتي» الفرنسية بإنجاز 22 فيلما سينمائيا قصيرا تحت

عنوان عريض هو «روسيا المتنوعة». بالمقابل أنجزت مجموعة «درانكوف» 17 فيلما

عن روسيا أيضا وفاق نجاحها ما كانت قد عرفته الأفلام الأجنبية المنافسة.

وكانت الأسرة «الإمبراطورية» قد أعلنت عن تأييدها ودعمها للمنتج الروسي

«الوطني» الذي نجح أيضا في أن يكون أول من قام بـ «تصوير» ليون تولستوي

سينمائيا بمناسبة بلوغه الثمانين من العمر. وقام درانكوف أيضا بعرض أفلامه

في «هامبورغ» وعيّن ممثلا له في العاصمة الفرنسية باريس من أجل الإشراف على

توزيع الأفلام التي تنتجها مجموعته.

وإذا كان «درانكوف» هو الرائد الأول في ميدان الصناعة السينمائية الروسية،

فإن آخرين لم يتأخروا عن ولوج هذا الميدان، وفي مقدمتهم «الكسندر

خانجونكوف»، المثقّف «الموسكوفي» الكبير. ولقد أنجز عدة أفلام كان أكثرها

نجاحا الفيلم التاريخي «الدفاع عن سيباستوبول عام 1911 والذي دعمه القيصر

نيكولا الثاني من أجل إنجازه وشاهد الفيلم في »عرض خاص» قبل عرضه على الجمهور.

تلك الأفلام الأولى كان لها مكانة خاصة في صياغة ثقافة سينمائية روسية. وقد

شكّلت الأساس الذي قامت عليه فيما بعد السينما السوفييتية التي تعود ولادتها

فعليا إلى عام 1919 حيث أصدر لينين قرارا بتأميم الصناعة السينمائية

القيصرية. ولينين كان شديد الاهتمام بالسينما وهو صاحب الكلمة القائلة:

«السينما هي الأكثر أهمية بالنسبة لنا بين جميع الفنون». لكن السينما

السوفييتية كانت حكاية أخرى.

أفلام الخيال

من الظواهر التي يتم التركيز عليها في فترة بدايات السينما الروسية هي

بدافع البحث عن مشاهدين جدد في أفق زيادة الربح ظهر عدد من «عارضي» الأفلام

السينمائية المتجولين الذين كانوا ينتقلون بآلاتهم «البدائية» إلى المعارض

والبلدات الكبيرة والصغيرة ليعرضوا أفلامهم على الجمهور. كانت تلك الأفلام

عامة حتى عام 1907 هي من صناعة بلدان أوروبية غربية، خاصة فرنسا، وكانت مدة

عرضها تتراوح بين 8 و16 دقيقة وتعالج مواضيع متنوعة «من صنع الخيال غالبا».

المؤلفة في سطور


بريجيت بومير، أستاذة في جامعة بريستول. كانت أنجزت دراساتها الفلسفية في

معهد سانت انتوني بجامعة اكسفورد وتخصصت بالمجال الثقافي عامة وبالسينما

والمسرح الروسيين بشكل خاص. من كتبها: «نيكيتا ميخالكوف: بين الحنين

والنزعة القومية» و«ثقافة البوب: روسيا» و«روسيا والاتحاد السوفييتي». ولها

العديد من الدراسات حول السينما ما بعد الستالينية ضمنها كتاب: «الإعلام

الروسي ما بعد السوفييتي».


الكتاب : تاريخ السينما الروسية

تأليف: بريجيت بومير

الناشر: بيرغ بوبليشر - اكسفورد- 2008

الصفحات: 320 صفحة

القطع: المتوسط

A history of russian cinema

Brigit Beumers

Berg Publishers - Oxford- 2008

320 P.

ليست هناك تعليقات: