الخميس، 12 مارس 2009

المخرج وودى الن فى فيلم جديد






شخصيات بين العسل والرماد



في عام 2002قدم المخرج وودي الن فيلما بعنوان (نهاية هو ليوود) وتدور أحداثه حول مخرج ينجز فيلما جديدا بعد طول انتظار، لكنه يصاب بالعمئ المؤقت أتناء تصوير الفيلم، فيتحايل إلى أن ينهي فيلمه الذي يرفض من قبل تنركة الإنتاج بشكل نهائي.

رغم ذلك فإن المخرج هذا (فال ما كسمان) ينظر إليه علئ أنه عبقري في فرنسا بعد نجاح فيلمه في إحدى المهرجانات الفرنسية بباريس، حيت يؤدي الجدال الفكري والتركيز علئ المبالغات في التأويل إلى اعتبارات لم تكن موضوعة سلفا لذلك، وما كان لها أن تتحرك لولا سيطرة النزعة الذهنية الفكرية في فرنسا.

بصرف النظر عن إيحاءات ألفيلم وبعدها عن الصواب والنزعة الصد امية التي تسيطر أحيانا علئ المخرج وودي الن. إلا أنه من السهل تفهم ربط نجاح الفيلم داخل الأحدات بعاصمة منل باريس وبمواطنين فرنسيين. ومن الصعب تصور أن يكون البديل هو لندن أو برلين أو مدريد.

إن كل ذلك ليس جديدا علئ الفن والأدب فشكسبير منلا انتقل بأحدات مسرحيته روميو وجولييت إلى إيطاليا، حيت يمكن للحب أن يكون حيويا وملتهبا ورومانسيا، وهو أيضا قد انتقل بمسرحية (عطيل) إلى المغرب لكي يكون للغيرة حضور قوي وفاعل، باعتبارها العنصر المحرك لأحدات المسرحية.

في فيلمه الجديد (فيكي كرستينا برشلونة) 2008 يسير وودي الن علئ نفس المنوال. إنه ينقل أحدات فيلمه إلى مدينة برشلونة الإسبانية تحت أجواء صيفية ساخنة وشمس متوسطية لافحة، قادرة علئ النفاذ إلى داخل الشخصيات والتأنير فيها وفي أحاسيسها وانفعالاتها، فتجعلها أقرب إلى التقلب والاضطراب.

لقد تعامل المخرج وودي الى مع أكنر من مدينة أوروبية، بعد أن ترك نيويورك وما نهاتن مؤقتا . وها هي أحدات بعض أفلامه تجري في أوروبا كما في (كاسندوا دريم، سكوب، نقطة المباراة وغيرها من الأفلام)، وليس ذلك بغريب لأن أفلام المخرج ناجحة عموما داخل أوروبا أكنر من نجاحها في أمريكا.

هذه المرة اختار برشلونة، ربما لنفس السبب المذكور، وربما لأسباب أخرى، ذلك أن الخلفية المكانية لها أهمية خاصة في أفلام المخرج، وكما في العنوان الحآلي،فإن اسم المدينة اقترن بالتنخصيتين الرئيسيتين (فيكي، كرستينا).

ربما لا مجال لسرد الأحدات فنحن إزاء سارد يروي الحادثة، كما وقعت، وبالطبع يسردها من وجهة نظره، فهو طرف تالت غير التنخصيتين وغير المخرج نفسه، وأظن أن اختيار السارد والتركيز عليه لنسمع القصة من خلاله مسألة لها علاقة بانسحاب المخرج واختفاء وجهة نظره.الا ان دلك مجرد فرضية فقد اعتبرت أفلام وودي الن جزءا من تجربته الذاتية أوهي انعكاس لجل أرائه وأفكاره. وحتئ وإن أراد عكس ذلك، فهو الموصوف دائما بأنه المخرج المؤلف، ولعل ذلك إحدى مميزاته.

في هذا الفيلم (فيكي كويستينا، برشلونة) أراد أن يضع ستأرا بينه وبين الأحدات ولا أقول حاجزا، فاختار صوتا ثالثا يروي التفاصيل. وما أكثر الأفلام هذه الأيام التي تعتمد علئ السارد وأظن أن التوفيق قد جانب هذا الفيلم في اعتماده علئ هذا السارد فالكلام كثير وآلتدخلات أكثر، والصوت غير معبر أو مؤثر. وفي المجمل لا نكاد نجد مبررا لهذا السرد، إلا إذا قدم بمبررات أخرى، ربما كانت أفضل وأبلغ وهو أمر يرجع إلى النهاية- نهاية الفيلم- حيت تعد القصة وكأنها أمثولة أو تجربة تستحق أن تروى لكل السامعين، فهل هي كذلك؟

إن الفيلم، كما هو (فيلم صورة) اعتمد علئ استعراض أمكنة المدينة المتعددة بكل ميزاتها، وفي هذه الحالة فإن السرد الكلامي لا يمكنه أن يجاري جمالية

برشلونة التي استعرضها الفيلم، تماثيل ومطاعم وشوارع ولقاءات خارجية كثيرة

بدعوة من الأقرباء تحضرفيكي ومعها صديقتها كويستينا إلى برشلونة لتمضية الصيف(يوليووأفسطس) وتقيم مع هؤلاء الأقرباء (جودي ومارك). ونفهم من خلال السرد والحو ار داخل الفيلم أن فيكي تنوي إعداد أطروحة دراسية حول الثقافة الكاتا لونية فالقضية ليست مجرد تمضية صيف فقط، وهذا يعني أن فيكي فتاة جادة وثابتة ومسار حياتها واضح، وخصوصا عندما نعلم أنها مخطوبة من رجل أعمال (جود) وزواجهما قريب التنفيذ. والاتصال بين الخطيبين، يدل علئ استقرار هذه الشخصية واتزانها.

الشخصية الثانية هي

الصديقة(كريستينا) ليست لديها حرفة معينة، لكنها وكما جاء في الحو ارصانعة أفلام مبتدئة، أنجزت فيلما قصيرا، وهي شقراء في مقابل صديقتها السمراء، والسينما العالمية التقليدية تفرق بين الشقراء والسمراء، إلا عند وودي الن.

لقد خرجت كويستينا مؤخرا من تجربة حب أحبطتها، وجاءت لتنسئ ما سبق وتفتح صفحة جديدة، فهي بذلك مندفعة وعاطفية وتتوق إلى تجارب غير معروفة أو مألوفة. ليس لديها أي شيء حاسم فكل شيء قابل للتغيير والتبدل.

إن فيكي تكاد تتناقض مع كويستينا، فلننظر ماذا فعلت بهما برشلونة.

تتعرف الفتاتان علئ شخصية ثالثة، وهو خوان انطونيو غونزالو، هو رسام مسكون بمزاج الإبداع الفني وتقلباته، فيه اندفاع وبحت عن التجديد وربما المغامرة، تنشد إليه في البداية كويستينا في معرض للرسم بعيون زرقاء مغوية وهي تدعوة بهما لتدفعه إلى المبادرة بدعوتهما لقضاء عطلة الأسبوع في مدينة أوقيديو القريبة. علئ أن تكون العلاقة في إطار عاطفي وجسدي، ثنائية أو ثلاثية. ومن الطبيعي أن تتردد فيكي في الاستجابة، وأحيانا تبا در بالرفض، بينما تقبل كويستينا بهذه المغامرة فهي من نفس الطينة تقريبا، لكن النتيجة واحدة، قبول الطرفين بالرحلة مع هذا المندفع المغامر والرسام الذي يستخدم الطائرة العمودية

السريعة المتقلبة، بدلا من السيارة البطيئة والمستقرة.

مازالت الفتاة فيكي في ترددها حتئ بعد الوصول إلى الفندق، وهي ترتبط

بخطيبها باتصالات هاتفية متتالية، بينما توشك كويستينا أن تندفع في علاقة معه في الفندق، فهي لا تنتظر إلا أن يقوم بإغوائها حتئ لا تحضر من تلقاء نفسها. ولكن.. تشكو كويستينا من القرحة وبسبب الإفراط في الشراب تصاب بما يشبه العدوى وترقد بسبب

ذلك في الفرا ش.. لتتاح الفرصة أمام التنخصيتين المتناقضتين للتقارب من خلال التعرف علئ بعضهما أكنر، وكذلك زيارة (والد خوانا انطونيو في بيته المنعزل. والوالد هنا نراه أيضا صورة أولية لابنه، فهو شاعر لا ينشر شعره في كتب لموقف معين، وهو عاطفي، يفضل العزلة ويتحدت عن الزوجة السابقة لابنه بشىء من الانفعال والانجذاب.

ربما ما شد كويستينا أكنر إلى خوان انطونيو، ما ذكرته المضيفة جودي عنه من تهور واندفاع محسوب وحول ضربه لزوجته السابقة، وأيضا تهور تلك الزوجة ومحاولتها قتله وسريان هذه الإشاعة بين الجميع.

في تلك الليلة، استمعا كل من خوان انطونيو وفيكي إلى القيتار الاسباني الذي يتناسب في هدوء إيقاعه مع مزاج

وعواطف فيكي، والتي تجد نفسها قد استجابت لعلاقة سريعة جسدية

وعاطفية مع خودن انطونيو، ولا سيما أنها قد أظهرت بعض الإشارات الدالة علئ استجابتها، ومن ذلك التظاهر بقطع الاتصال مع خطيبها ولو إلى حين.

لا شك في أن هذه الخواطر التي يتبنا ها الفيلم ويفسدها السارد أحيانأ بكنرة التدخلات هي من أفكار وودي الن المتكررة، حيت لا يمكن التخطيط للحب ووضعه في إطار معين. والعلاقات تأتي دائما بشكل غير متوقع، ولذلك وقعت فيكي المترددة الصارمة في لحظة معينة تتحكم فيها الصدفة، أو يمكن القول بأنها استسلمت بكل سهولة من حيت لا تتوقع، فما لا يريده الإنسان في لحظة معينة، يبخت عنه مشوقا في لحظة أخرى، إنها تداخلات تشتبك مع تساؤلات لها علاقة بالإبداع ورتابة الواقع ومحاولة الخروج دائما من دائرة المتكرر.

وبسبب هذا الارتباك كان موضوع الشريط القصير الذي قالت كويستينا بأنها قد أنجزته حول لماذا لا نستطيع تعريف الحب؟

ان الفيلم شيق وممتع بشخصياته المتعددة والخلفية المكانية الزاهية، واعتماده علئ التصوير الخارجي في أغلب المشاهد، مع الاستفادة من آلموسيقئ الاسبانية قدر الإمكان.

كما أن ألوان الفيلم مشرقة وحادة، فالشخصيات تظهر ما بداخلها بسرعة وتكشف عن نفسها بسرعه اكثر. وأظن أن هدا الفيلم هو الأفضل مقارنة بأفلام المخرج الأخيرة وخصوصا أنه يحتوي علئ حوار سريع متدفق. فيه الكثير من الذكاء، رغم النزعة الذهنية والفكرية التي تسيطر عليه أحيانا، فهو حوار الاعتذار والتبرير وخصوصا أن كل التنخصيات تبحت عن معادلة نفسها، وهي تسقط أولا

ثم تقبل علئ تبرير سقوطها.

يبدأ الفيلم من جديد بعد العودة إلى برشلونة، فخوان انطونيو يبخت عن كويستينا فقط، وبذلك اعتبرت فيكي أن ما حدت لها هو مجرد تجربة مؤقتة عليها أن تنساها بسرعة، وعندما طالبت خوان بأن ينسئ ما حدت بسهولة، أجابها بأن قلبه متعلق بكريستينا وأنها (فيكي) مخطوبة ولها حياتها الخاصة وهو لا يريد أن يفسد عليها ما ترغبه لنفسها من هدوء واستقرار.

تبدأ كرستينا علاقة عاطفية وجسدية مع انطونيو وفي بيته وبين لوحاته القديمة ورسوماته الجديدة.

أما فيكي فإنها تستقبل خطيبها الذي كان قد اقترح أن يكون هناك زواج في برشلونة وحفلة كبيرة بعد ذلك في نيويورك وهي توافق دائما لأنها تريد الاستقرار. إنها تسير بحسب ترتيبات عقلها فتعمل في نفس الوقت علئ تعلم الاسبانية، وتكاد تشعر أحيانا بأنها قد تسرعت في اتخاذ قرار الزواج.

يبدو لنا أحيانا أن نصف الفيلم الأول هو مجرد مقدمة لما سيأتي لاحقا، وأظن أن الأمر كذلك فعلا، فها هي الزوجة القديمة التي أشار إليها الفيلم في البداية تظهر من جديد. ففي إحدى الليالي يتم الاتصال بخوان انطونيو ويتم إخباره بأن زوجته الأولئ قد حاولت الانتحار ببلع أكبر كمية من الحبوب، وقد تم اسعافها وهي تحتاج إلى مزيد من الراحة، ولا مكان لها إلا بيت انطونيو، وخصوصا أن علاقة هذه الزوجة مع صديقها المهندس قد انتهت با لفشل.

تدعئ الزوجة ماريا وهو اسم شعبي متعارف عليه في اسبانيا منل خوان

انطونيو وهي عندما تعود إلى بيتها القديم تجد نفسها امرأة زائدة وإضافية، فقد احتلت البيت امرأة أخرى(كريستينا).

إنها تتحدت بالاسبانية كنيرا، لكنها تجيد الانجليزية وهي ليست منل والد انطونيو العجوز الذي يجيد الاسبانية فقط، ويفسر ذلك إبداعيا بأن اللغة الأخرى تضعف مقومات اللغة الرئيسية الشعرية.

يطلب منها انطونيو أن تتحدت بالانجليزية بحكم وجود كويستينا، لكنها

وكما يقدمها الفيلم تندفع نحو المزيد من العنف اللفظي والمواجهة بصورة لا تعرف التردد.

إن اندفاع ماريا شبه المجنون يرتبط بمهنتها أو إبداعها، فهي رسامة أيضا ولقد حاولت قتل انطونيو لأنه سيندفع في علاقة عاطفية مع فتاة أخرى، إنه الاندفاع الإبداعي المشترك لهذا يمكن القول بأن فيلم (فيكي كويستينا برشلونة) يعالج بالدرجة الأولئ فكرة الإبداع واالانجاز الفنى

ليس جديدا إذن أن يرتبط الحب بالإبداع والمعنى هنا يقصد به الفقدان وليس الاكتفاء، حيت تسيطر رغبة (الانتشاء) علئ خوان انطونيو، وهي رغبة تفترض اللوعة والمرارة في الحب، وهي الحافز للإبداع، وبذلك تبدو الحاجة إلى ماريا الزوجة السابقة مسألة مهمة، لأنها ملهمة يمكنها أن تكمل عملية الإبداع الفني عند الرسام. وهو أمر تحتاج إليه هي نفسها باعتبارها رسامة.

أما رغبة (التوازن) فهي تقتل الإبداع، لأن الحاجة فيها إلى تغليب العقل اولا.

لقد أعطى الفيلم صورة عن رغبة الانتشاء (كريستينا) وصورة أخرى عن رغبة التوازن (فيكي) بشكل مباشر (سمراء وشقراء) لكن وودي الن يخلط الأوراق ويحدت التبادل غير المتوقع علئ اعتبار أن كل شيء عابر وعلينا أن نقتنص لحظة الحب بسرعة من هذا العابر.

إن الزوجة ماريا هي تعبير أيضا عن رغبة الانتشاء (الديونيزوسي) فيها شيء من جنون الإبداع ورغم ذلك فالحاجة إليها مهمة بالنسبة إلى الفنان.

في الفيلم مشهد دال علئ ذلك، عندما يقوم التلاني بنزهة خارجية، تلتوي يد خوان انطونيو، وبينما تكون كويستينا مرتبكة في طريقة المداواة، تمد إليه الزوجة السابقة (ماريا) يد المساعدة بسرعة عن معرفة سابقة وخبرة واضحة. وبالتالي تشعر كريستينا وبعد أيام بأن هذه العلاقة الثلاثية لا يمكن أن تستمر، فالحاجة إلى مصدر الإبداع هي الأبقئ، وهي كريستينا دخيلة علئ حياة الفنانين، ويكفي أن تشعر بأنها غير مبدعة، رغم جودة

صورها وحسن استعمالها للكاميرا،نعم يحاول الزوجان السابقان أن يدخلا كويستينا إلى حياتهما المشتركة، فيعدا لها معملا لتحميض الصور. إن الغاية هي أن يجعلا هذه الفتاة الثالثة في دائرة الإبداع التي يعيشانها،ولكن الدائرة لا تتسع إلا لاتنين فقط (المبدع والملهم) والثالث عليه أن يغادر بصفة نهائية، وهذا ما حدت لكريستينا التي عادت إلى باريس تم نيويورك.

يسير الفيلم باتجاه أخر بالنسبة إلى الفتاة فيكي التي صارت متزوجة، إلا أنها، وبحكم طبيعتها لا تستطيع أن تنسئ ارتباطها العاطفي وكذلك الجسدي بخوان انطونيو، ومن أجل ذلك يعود السيناريو إلى المرأة المضيفة (جودي) التي تقيم علاقة عاطفية مع أحد الأصدقاء، وعندما تلحظ فيكي ذلك تخبرها بأنها لم تعد تحب مارك زوجها أو أنها تحبه ولكنها لا تغرم به. وعندما تبرر هذه المرأة سلوكها يكاد المشناهد يستمع لوودي الن نفسه وهو يتلعثم بكلمات التردد وتقديم التفسيرات والتبريرات المقنعة من وجهة نظره فقط في أكثر من فيلم من أفلامه.

لاشك ان وودى الن يلعب بالكلمات ومعانيها

ستكون فيكي صورة مستقبلية من جودي، ستكون منلها، ولذلك يدعوها إلن أن تعيش حياتها منذ الآن، ويكاد الأمر يسير علئ نفس المنوال، يتقلب مزاج الفنان مرة أخرى ويعيش مغامرة عاطفية وجسدية جديدة، لتبدأ قصة فيكي وخوان انطونيو من جديد،إلا أن الزوجة السابقة تدخل مرة أخرى في الدائرة، مستخدمة السلاح الناري هذه المرة لتحاول قتل غريمتها الجديدة وفعلا تصيبها إصابة سطحية، كافية لجعلها تغادر البيت بلا عودة.

ترحل الصديقان وتعودان إلى مكانهما السابق لتعيشا حياتهما من نقطة البداية، وفي نفس الوقت، يسيطر الجنون الفني علئ كل من خوان انطونيو وماريا، فهما بسبب لوعة الحرارة المتوسطية ولوعة الإبداع يتصر فان بما يرضي الناظر من بعيد، لكن الحافز يسبق هواهم وهو الكفيل باستمرار الإبداع، حتئ لو كانت هناك لحظات مبعترة يبدو فيها الحب

المؤقت السريع هو الأهم

.

إن أجمل ما في الفيلم الحوار الذي كتبه وودي إلن نفسة، وبالتالي فهو حاضر أحيانا بأفكاره في بعض الشخصيات، مثل حضوره في شخصية الأب (والد خوادن انطونيو) الذي يتوفرعلئ قدر من انتقاد البشر وأحيانا كرههم، وهي الفكرة المسيطرة علئ وودي الن باستمرار، حتئ لو كان لا ضرورة لها، وهو حاضر في شخصية جودي وتبريراتها المتواصلة، وحاضر بصورة أوضح في شخصية خوان انطونيو الذي يركز علئ الإنجاز الفني والاقبال على التجارب الجديدة وفى نفس الوقتالاكثار من الشكوى وتقديم المبررات.

لا يمكن اعتبار هذا الفيلم تحفة فنية، لكنه من أفضل أفلام المخرج الأخيرة وخصوصا أنه قد عرف كيف يقترب من الجمهور وكان للخلفية المكانية الدور الواضح بما فيها من صور وموسيقى وأماكن للتجمعات العامة، حيث لا نجد

الأفراد وهم معزولون، بل في تداخل وتشابك اجتماعي واضح.


إذا انتقلنا إلى التمثيل، من الطبيعي أن يعتمد المخرج علئ ممثلين أسبان، ولا سيما في الدورين الرئيسيين (خوان انطونيو وماريا)، حيث يتضح جنون الإبداع في السلوك الحياتي والظاهري للأفراد. ومن هنا كان اختيار الممثل الاسباني جافيير بارديم في الدور الرئيسي، وهو الممثل الذي اشتهر بفيلم البحر في الداخل، ونال سنة 2008 أوسكار أفضل ممثل مساند عن دوره في فيلم (لا مكان للعجائز) ولكن في هذا الفيلم ورغم النتيجة الإيجابية إلا أنه كان فاقدا لجاذبيته المعتادة فلم يشعرك أبدا بأنه رسام، مع عدم وجود مشاهد للتعامل مع الرسم أصلا، ومن جانب أخر فإن بنيلوبي كروز كانت هي الأفضل، في تمردها وحضورها واقترابها من لحظات الجنون الإبداعي وسلوكها الغريب، ولذلك نجدها قد فازت بأوسكار أفضل ممثلة مساندة عن هذا الدور بشخصية ماريا 2009 ‏. والأمر نفسه ينطبق علئ الممثلة سكار ليت جونسون، وهي الممثلة التي قدمها المخرج في أكثر أفلامه الأخيرة، ولكن ما زال دورهافى ضائع فى الترجمة هو الأبرز وهو لا يقارن رغم ذلك بدورها في هذا الفيلم بتقديم شخصية كويستينا.

تبقى الممثلة (ربيكا هال) وهي الأهم في هذا الفيلم، وهي الأفضل رغم أنها الأقل شهرة مقارنة بغيرها وهي التي اشتهرت ببعض الأدوار كما في فيلم بريستيج والبداية عشرة.

إن شخصية (فيكي) التي قامت بها هي الأكثر عمقا في الفيلم، وهي تلجأ إلى البساطة في التعبير، وكانت فى مشاهد الحيرة بين إلغاء وتنفيذ الزواج، ناجحة إلى أبعد الحدود، وشخصيتها كما نعرف مطالبة بأن تكون ذات رأي حاسم وفي نفس الوقت سريعة الاستجابة لعواطفها المتغيرة.


في الفيلم هناك شخصيات متعددة أكثرها تبحث عن الصواب عندما تخطئ، وتبحث عن الخطأ عندما تصيب، وبين هذا وهذا يبقى الإبداع هو الهاجس الذي يرتكز عليه الفيلم باعتباره مدخلا صالحا لمعالجة كل الأخطاء التي تم اقترافها من قبل شخصيات تعيش بين حالة التوازن واللاتوازن، أو بالأصح شخصيات تعيش بين العسل والرماد



ليست هناك تعليقات: