السينما الهندية... مظاهر وظواهر ودلالات
ليس هنك من إنتاج يمكنه أن ينافس إنتاج هوليوود، إلا الإنتاج السينمائى فى الهند، بصرف النظر عن المستوى الفنى أو اتساع الانتشار والتوزيع، وسيطرة فكرة العالمية المقترنة بالإنتاج السينمائى فى هوليوود دون غيرها من دول العالم.
على مستوى الكم فاق الإنتاج السينمائى فى الهند غيره من انتاجات العالم، حتى انه وصل حينا الى رقم كبير تجاوز الألف فيلم سنويا، وهو رقم لم يصله أي بلد آخر.
كلف هذا الإنتاج ـ قرين المحدودية من حيث القبول الجماهيرى فهو لا يتناسب الا مع شريحة معينة من الجمهور، حيال الميلودراما والغناء والرقص وباقى التفاصيل الشعبية المرتبطة بدول آسيا أو شبه القارة الهندية تحديدا.
وإذا كان التساؤل حول طبيعة هذا الإنتاج وخصوصياته يبقى قائما، فإن السينما الهندية قد افرزت أيضا ملامح مختلفة للسينما جاءت مع انتشار شهرة بعض المخرجين أمثال ميرنال سن وساتيا جيت راى وغيرهم. ولكن الطابع العام المسيطر يحاول ان يقترب من الجمهور العادى، فتنجح السينما الهندية أحيانا وتفشل فى بعض الأحيان، فى ظروف متباينة، أصبحت تتطور، حتى صارت هذه الظروف أشبه بالطوق الذى يرتبط بمشكلات اقتصادية كبيرة تتحكم فيها دوائر المال والأعمال التجارية السرية وغير السرية.
بدايات:
عرفت الهند السينما منذ البدايات الأولى لاختراعها، فقد عرض الأخوان لوبير أول أفلامهما فى بومباى عام 1896 ومع سنة 1913 جاء أول فيلم هندى من اعداد منتج ومخرج اسمه د.ج فالك، ولقد كان الفيلم أسطوريا يستند على الميتولوجيا الهندية، وكذلك جاءت باقى الأفلام، وبفضل بعض الشركات الخاصة تم إنتاج أفلام تاريخية صامتة أفرزت بعض النجوم ومنهم (سولوشانا وغورا).
ولقد استندت هذه السينما فى بداياتها على تقاليد التمثيل الهندية القديمة التى قدمت بواسطة تقنية غربية حديثة.
هذه الخاصة، خاصية ارتباط السينما الهندية بالثقافة الشعبية، وجدت منذ البداية واستمرت بعد ذلك، وخصوصا الاقتران بالمسرح المدنى المعتمد على الدراما السنسكريتية المحدودة الانتشار كما أن المسرح الجوال كان له الدور الكبير فى تقديم العروض الأجنبية المشتركة التى خدمت الجانب الاعلانى وطريقة تحصيل لتذاكر وترغيب الجمهور فى حضور العروض.
أما ما هو مهم فهو ارتباط العروض المسرحية الهندية بالغناء والرقص على المسارح الحديثة ـ أول مسرح بني عام 1776 فى بومباى ـ وعلى المسارح الشعبية، وانتقال ذلك الى السينما وبلغات مختلفة الانجليزية والأوردية والمارنية والهندية، بالإضافة الى ما قدمته البنغال من أفلام غنائية شبيهة بالمسرحيات السنسكريتية وربما الكلاسيكية المستندة على أعمال شكسبير.
لقد كانت المسرحيات القديمة تحتوى على الرقص والغناء الذى يتقاطع مع السرد، وكذلك جاءت الأفلام بعد ذلك، وكانت تلك المسرحيات تعتمد أيضا على تقديم المعجزات الخارقة فى شكل فواصل متقطعة، وكذلك جاءت الأفلام بنفس الطريقة الموغلة فى إبراز الطقوس الدينية.
صوت وصورة:
تبنت السينما الهندية منذ بداياتها الأولى الأسلوب الهوليوودى الكلاسيكى خصوصا وأن العروض الأجنبية قد كانت مسيطرة بما فى ذلك الأفلام القادمة من الاتحاد السوفيتى وأوروبا، الى أن دخل بعض الممثلين ممن عملوا فى انجلترا وألمانيا مجال الإنتاج فتأسست أول شركة للتوزيع (مسارح مادان) عام 1902 ثم صارت تنتج أفلاما هى فى الأصل مسرحيات، اعتمدت على أنواع درامية هى الميتولوجيا والتاريخ والخدع السينمائية.
أما الأفلام الناطقة فقد جاءت على أنقاض تراث موسيقى كبير كان يستفاد منه أثناء عزف الموسيقى بمصاحبة الأفلام المعروضة، وكان أول فيلم هندى ناطق فعليا قد أنتج عام 1931، ولم يكن فيلما واحدا ولكن عددا من الأفلام، وكان الأهم هو الملحمة الكبيرة التى أعيدت بعد ذلك وهى (ديفداس) إنتاج 1935.
لقد تطورت الاستوديوهات الى شركات كبيرة مستخدمة لغات مختلفة فى الأفلام التى تنتجها ومنها الأوروبية والبنغالية والبنجابية، بالإضافة الى أفلام ناطقة بأكثر من لغة وخصوصا بعد إضافة لغة أخرى وهى "الهندية الأوروبية".
بعد ذلك تأسست الشركات المنتجة بشكل مباشر مثل (شركة برابهات) التى قدمت افلاما ذات طابع اجتماعى وتاريخى وكان فيلم (سانت توكاراما) 1936 من أهم الافلام الهندية وكان الانتاج يميل الى نوعية الافلام الموسيقية.
أما شركة بومباى فقد نجحت فى مرحلتها الطويلة (1934 ـ 1954) فى تقديم أفلام اجتماعية ايضا مثل "القدر" 1943، وفيلم "الفتاة العفيفة ـ 1936" وقدمت الشركة ايضا نجوما معروفين مثل ديليب كومار وكمال امروهى اما (مسارح كالكوتا الجديدة) فهى شركة واستوديو كبير تخصص فى الافلام البنغالية المعتمدة على الأدب والمسرح
هذا بالاضافة الى شركات أخرى تتنافس جميعا على تقديم أفلام ناطقة بلغات مختلفة مثل شركة (ارديشير ـ شركة ساغار ـ شركة منيرفا) وبشكل عام كان الفيلم الاجتماعي هو المسيطر مع اختراع الصوت فى السينما.
إن المقصود بالفيلم الاجتماعى هو الفيلم الذى يعالج القضايا المعاصرة، وفى الغالب بشكل اصلاحى اجتماعى، والمعنى يقترب فى توجهه الى الحركات الأدبية والفكرية المعاصرة المنشغلة بقضايا المجتمع نقديا واصلاحيا.
والفيلم الاجتماعى مقدمات حضرت فى السينما الصامتة ومنها ما يعرف بالفيلم الاجتماعى الاسلامي الذى يدور داخل اطار الجماعة الاسلامية ويستخدم اللغة الاوردية، وكذلك قصص الحب المحتشمة واحيانا الغزل الاوردى.
ولم يستمر النوع السابق طويلا، بينما استمر النوع الثانى والمتمثل فى سينما (المحب المخلص) والتى ترجع الى العصور الوسطى، عندما يتم التعبير عن الاخلاص فى الحب بواسطة الاغانى الجاهزة التراثية ذات الطابع الاقليمي المعتمدة على اللهجات العامية ومرجعيات الطبقات الدنيا.
مراكز مهمة: ـ
لعل بومباى هى أهم مراكز السينما الهندية، وخصوصا فى البدايات، بحكم أنها المدينة الأهم والأكثر سكانا، وكانت لغة الافلام هى الاوردية، ولذلك كان من يتحدث بها هو الأكثر مهارة وعملا، ولكن عندما حدث الانقسام بين الهند والباكستان عام 1947، تراجعت اللغة الاوردية واستخدمت اللغة الهندية مع زيادة فى عدد البنغال والذين استقروا ايضا فى مدينة دلهي وطبعوا السينما بطعابهم المحلى. وكان التركيز على نظام النجوم لجذب الجمهور، وهو النظام الذى ارتبطت به السينما الهندية، فكان معظم النجوم الذكور من البنجاب للمواصفات الخاصة التى تؤهلهم دون غيرهم للنجومية، ولعل النموذج المثالى لذلك هو الممثل المخرج (راج كابور).
ولكن الطفرة بالنسبة للسينما الهندية جاءت فى الاربعينيات والخمسينيات، مع ظهور شركات للانتاج المستقل التى استخدمت وسائل الدعاية لدعم الاقبال الجماهيرى الواسع، بوجود افلام بها الرقص والغناء والميلودراما والتنوع والتلاعب بالعواطف والامزجة والمشاعر، ومع استخدام النجوم النسائية والرجالية، وصلت الافلام الهندية لذروة نجاحها التجارى وكذلك الفنى ولا ننسى أن سانيا جيت راى قد ظهر فى تلك الفترة بفيلمه الأول (أغنية الطريق) عام 1957 ولكن بدعم من مؤسسات رسمية.
واذا اعتبرنا بان الاتجاه العام يسمح بتدخل الدولة الهندية رسميا وحكوميا من خلال تقليد بعض التجارب فى العالم التى تتسم ببعض الاتجاهات الاشتراكية فى تلك الآونة، فإن استفادة الدولة من السنيما الهندية كان كبيرة ولاسيما فيما يتعلق بالضرائب العالية التى يتم تحصيلها من دور العرض ورخص التصوير والخصومات التى تنتج عن العقود الرسمية، وهو أمر لم يسمح الا بأرباح قليلة يجنيها المنتج، ازاء جهود تطال عشرات الافلام المقدمة فى السنة الواحدة.
وعلى مستوى التنفيذ والقرارات والتشريعات، فإن أول معهد سينمائى فى الهند تأسس عام 1961 وأضيف اليه الارشيف السينمائى ايضا. وقبل ذلك بسنة واحدة تأسست شركة داعمة لتمويل السينما رأسمالها حكومى، وفى عام 1973 تأسست مديرية المهرجانات السينمائية التى انجزت مهرجان نيو دلهى السينما أولا وبعض المهرجانات الاخرى.
واقعية أم واقعيات: ـ
هناك رأى نقدى يقول بأن السينما الهندية تتغير كثيرا، وان اصابها تغير، فهو تغيير بطىء وغير جذرى، ولكن لا يمنع ذلك من القول بأن السينما الهندية قد شهدت تغييرات كثيرة، موضوعية وشكلية. التصقت بالحركية السياسية حينا ومتغيرات الواقع الاجتماعى الذى ألزم وجود واقعية عامة تتبناها الدولة الهندية ثم واقعية أخرى لها علاقة مباشرة بالطبقة الوسطى، وواقعية أخرى متحركة بين الايدلوجيا والجماليات الفنية.
وربما كانت (جمالية الحشد) هى الظاهرة الأهم المرتبطة بالمتغيرات الجديدة فى بداية الثمانينات، والتى اقترنت بوجود العنف بصوره المختلفة، مع كوميديا بسيطة لرجل واحد يستعرض قدراته كما حدث بالنسبة للنجم (جوفيندا) أو بعض الافلام الرومانسية قرينة الطبقة الوسطى الحاملة لصوره الفقر فى مواجهة الغنى.
وكل ذلك قد تم من خلال سيطرة مطلقة لشكل الرومانسية فى اطارها العائلى وليس الثنائى وهو ما صدرته اقطاعيات الطبقة الوسطى فى الهند.
ولقد كان للتلفزيون الدور الرئيسيى فى الاتجاه نحو هذه الرومانسيات الجادة، وايضا افلام العنف، لأنه لا يقدمها وانما يقدم صورا اخرى حافظ عليها ونقلها بطرق مغايرة وهذا ما قاد الى وجود بعض التغيير على قصص الحب العاطفية، التى صارت خالية من الرومانسية الغنائية، واتجهت الى تغليب الطابع الجماعى الراقص والعواطف الساخنة ومشاهد الحب الاكثر تصريحا مما سبق عرضه فى عقود ماضية وهو تغيير الغاء مبدأ يقوم على عدم عرض القبلات على الشاشة.
ومن الظواهر الجديدة التى ظهرت بعد عام 1900 انتشار افلام اقتربت موضوعاتها من شمال الهند وأهمها افلام المخرج (مانى رانتام) وافلام اخرى من التاميل، ثم ارتباط الشبكة المالية بافراد العصابات ومجموعات غسيل الأموال، وبالتالى فإن السينما الهندية قد صارت سينما أخرى، رغم أن المشاركات الخارجية قد زادت بوضوح شدبد، وأفلام المهرجانات قد أعلنت عن حضورها بشكل فردي، وقد أسهم فى ذلك وجود وجوه من السينما الهندية فى خارج الهند، ومن أصعب ما يمكن الاقتراب منه عالم الانتاج والتوزيع فهو أحد الغاز السينما الهندية، اذ ان الارقام الكبيرة لا تساوى شيئا مقارنة بانتاجات هوليوود مثلا، ولكن النجم دائما هو أول من يستفيد، بالاضافة الى وكالات الدعاية وهناك دائما حالة من التوجس والمجازفة وكل فيلم ينتج، لأن الجمهور قد اقترب من عوالم أخرى ولم تعد دار العرض هى الوحيدة مكان التسلية.
الخيال النرجسي: ـ
لابد لأى متابع للاشرطة الهندية بأن يلحظ تلك الواقعية التى يتسم بها الانتاج، أو على الأقل بعض هذا الانتاج، وسوف تبقى افلام مثل (ماسح الاحذية ـ ابن الهند ـ من أجل ابنائى) صورة متميزة لهذه الواقعية، والتى نقل جانبها الشكلى من السينما العالمية، كما بدت فى بعض الافلام الامريكية والايطالية، وخصوصا الواقعية الجديدة، لكن هذه الواقعية لها علاقة مباشرة بتوجهات بعض الحركات الثقافية فى الهند مثل حركة جمعية مسرح الشعب الهندى، وهى الحركة التى استند عليها المخرج "بيمال روي" فيما قدمه من أشرطة جماهيرية.
نعم يرى بعض النقاد بأن الميلودراما المطروحة سينمائيا بالنسبة للنموذج الهندى تثير السخرية فىأكثر الاحيان، فهى ميالة الإثارة العواطف بطريقة مبالغ فيها. ولكن هناك من يقبلها، انها تراجيديا ذات زمن طويل تتصف بالغلو فى ابراز الحبكة ورسم الشخصيات، وتبلغ فيها المشاعر الأوج، لأن المطلوب هو استنهاض الوظائف العاطفية للشخصية، وليس مجرد استعراض الطريقة التى تعيش بها وعلاقتها بالظرف والاجواء التى حولها؟.
يقول بعضهم بأن الميلودراما بحاجة لأن تقرأ مجازا حتى نفهم تركيزها النموذجى على العائلة، والمعاناة من الخير، حيث يبدو النموذج لا حول له ولا قوة أمام المرض والانهيار العائلى وسوء التفاهم والحب المدان والخصم هو دائما نذل له علاقة بالعائلة.
أما الصدف والنهايات السعيدة والوفيات المتكررة، فهى لوازم ضررية لا غنى عنها.
ان الجمهور وهو يتابع هذه الميلودراما بامكانه التغلب على اساليب الحياة المعاشة وبكل ما تحتويه من لا معنى وتفصيلات الحياة المتشظية.
ولذلك نجد أن اللغة هى أساس هذه الافلام التى تسمح بتدفق الاحاسيس فى الحوار الانفعالى وفى الاغانى الطويلة الراقصة حتى أن هناك تعبيرات تحضر فى معظم الافلام ويحفظها الجمهور عن ظهر قلب.
ان الميلودراما فى صورتها الهندية تستخدم ايضا اللقطات المقربة وذلك بقصد زيادة حدة التأثير العاطفى واعلاء صورة النجم بشكله الظاهرى.
"إن المظهر الخارجى للعواطف يتصاعد عبر استخدام تلك الخصائص، مثل العواطف والاماكن النائية والتقديم الرمزى لمشاعر الشخصية الداخلية ومن شأن هذه الصفات الميلودرامية أن تغير النظرة الكاملة للفيلم".
الجاذبية وانواعها: ـ
إن الجاذبية هى الهدف المعلن للافلام الهندية، فهى تعمل على أن تكون جذابة فى سردها واستعراضها الفنى وتصويرها الاحتفالات والاسواق والاطار الجماعى للحشود، ولكن سرعان ما يتم الغاء كل ذلك بقصد التخفيف من الواقعية الوهمية.
من اشكال الجاذبية، تلك الاعمال البطولية الفردية الخارقة والتضحيات المثالية وأنواع من الخرافة والاسطورة.
وبتفصيل أكثر سوف نجد فى الفيلم الهندى كل المشهيات المطلوبة، مثل مواقع التصوير والأزياء ومشاهد الحركة وحضور النجوم والأغنية الراقصة وبعض الفواصل الكوميدية والحوارات المثيرة، ولكن هذه الخصوصيات كانت ايضا من عوائق ازدهار الفيلم الهندى ومازالت.
ولا يمنع ذلك من محاولة ادراج السرد الشعبى فى هذه الجاذبية كما حدث فى أعمال المخرج غورودوت والمخرج براساد.
وبالطبع انتجت المؤسسات الرسمية بعض الافلام المختلفة فى نمط الجاذبية والواقعية، ولكن العودة تبدو طبيعية الى تقليدية الفيلم الهندى بكل ما تحتوى عليه من حركة ورقص وتكرار للاغانى، وتقديم بعض مشاهد الخدع والكوميديا وتعتبر افلام مثل (قمر أكبر انطونى) عام 1977 وكذلك (نصيب) وزبيدة 2001.
وبتوسع أكثر فإن النجم فى الفيلم الهندى هو أهم مظهر للجاذبية، وهو ينظر إليه (باعتباره يجسد الملامح المحورية فى الوجود الانسانى وصورته تمنح التقدير والاستقرار بوصفهما مركزا للاهتمامات الثقافية والتاريخية السائدة) ولا شك أن النجم هو حصيلة شخصية الواقعية وما يقوم به من أدوار على الشاشة، وهو بالتالى يمكنه أن يلخص القيم الاخلاقية والاجتماعية والايدلوجية، اعتمادا على تقنيات الاندماج والتماهى والاستجابات التى تتكون احيانا خارج التجربة السينمائية نفسها.
ان نظرية النجم ربما تكون واحدة، لكنها فى السينما الهندية تعتمد على ما تطرحه الصور من معان كأنها ايقونات لها دلالة محلية، وهى ترتكز على مفهوم الجمال أولا ثم مفهوم الرغبة ثانيا، ولا يتحقق ذلك الا من خلال التكرار.
ان النجم صورة وليس واقعا ولذلك تستخدمه وتدعمه وسائل الاعلام بكل انواعها من المجلة الى التلفزيون الى استخدام مجالات الوسائط الحديثة بكل انواعها.
ويمكن اعتبار النجم الهندى (اميتاب باتشان) هو النموذج لصورة النجم فى السينما الهندية شكلا وتعبيرا ومضمونا.
الرقص بعد الغناء: ـ
يمكن ان يقال الكثير حول موسيقى الافلام الهندية اذ تعتبر مشاهد الاغانى من أهم المزايا الفنية، رغم أن هناك من يرى بأن هذه الموسيقى شعبية وليست لها قيمة فنية كبيرة.
وبشكل عام فإن مشاهد الاغانى تبدو واضحة من خلال مشاهد الركض بين الشجر أو حول المياه وفى الحدائق وكذلك فى المناسبات الخاصة، لقد عرف المنتجون أهمية عنصر الاغنية وقد عمل المخرجون كثيرا من أجل الانسجام بالسرد وعلاقته بالاغنية، وتكون الاغنية فى بعض الاحيان جزءا من الفيلم عندما تكون الشخصية هى المغنى والراقص والفتاة الرفيقة.
ايضا يمكن ان تكون الاغنية شعبية أو تغنى على المسرح، ولكنها قد لا تكون منطقية فى وضعها السردى، فهى دخيلة وعلى الأكثر تعبيرية.
ان الاغنية لها تلميحات وايحاءات لا يمكن الاشارة اليها فى الحوار، وخصوصا وانها تمثل مرحلة الراحة من تتابع احداث الفيلم، ولكن الاغنية قد تكون مكملة للفيلم واحيانا خارج سياقه.
فى العادة هناك مطربون محترفون هم من يغنى ويقوم الممثل بتحريك الشفاه فقط، ولعل الاغنية فى الافلام الهندية هى الأقرب لكن تكون (فيديو كليب) فهى تصور احيانا فى مكان ويتم استكمالها فى مكان آخر بعيد، وخير مثال على ذلك اغنية (حبيبتى) من فيلم القلب المجنون انتاج عام 1997.
هناك بعض الاستثناءات الخاصة بالاغنية فى الافلام الهندية، ومنها أنها اغانى افلام تباع فى الاسواق وتوزع الآن على القنوات الفضائية، كما أن الموسيقى التصويرية تباع ايضا قبل عرض الافلام، والموسيقى لها وضعية افضل من حيث التنفيذ والقيمة الفنية.
جاذبيات أخرى: ـ
لابد من الاشارة بأن الاغنية والموسيقى والرقص الهندى التقليدي هم أنواع من الاضافات لا يتوقف عليها نجاح الفيلم على وجه التحديد، ولكن هناك اعتبارات أخرى مثل الخدع البصرية والمؤثرات الخاصة وفنون الكوميديا التى برع فيها بعض الممثلين مثل (جونى ودكر) قديما وجونى ليفر فى العقود الاخيرة، ولا يقدم الممثل الكوميدى فى العادة الا الادوار المساعدة فقط، فمن النادر ان يكون بطلا كوميدياومن المستغرب أن التمثيل الكوميدى يقتصر على الرجال دون النساء.
هناك وكما سبق وأشرنا، تطور تقني فى مجال صناعة الافلام الخيالية والاسطورية ويقوم على فن الخدع البصرية، فالاشرطة الهندية المعاصرة تجيد استعمال وسائل التنكر والتعامل مع الحيل، ولاسيما فى افلام الحركة، ولكن من الصعب القول بوجود افلام للخيال العلمى فى الهند لأن الجمهور لا تعنيه هذه النوعية من الافلام كثيرا.
مهما قيل اذن عن عناصر الابهار والجاذبية التى يتحلى بها الفيلم الهندى، فمن المؤكد بأنه يرتبط بنوعية معينة من الجمهور، ولذلك لم تلق الافلام الهندية النجاح الواسع فى اوروبا وامريكا الا عند الجالية الهندية أو بعض الجماعات الاخرى القريبة من ذلك مثل الباكستانية والماليزية والاندونيسية وغيرهم من سكان المنطقة الآسيوية.
وتعد المنطقة العربية بجمهورها الميال الى الميلودراما والافلام الغنائية من المناطق المستهلكة للفيلم الهندى ولكن فى حدود معينة، لأن هناك الكثير من السلبيات المرتبطة به والتى لا يمكنها ان تكون بديلة عن عوامل الجاذبية التى سبق طرحها، ولكن الافلام الهندية بصيغتها التى تم التعبير عنها باسم "بوليوود" استنادا الى ما تتجه بومباى من افلام، تبقى مجالا للدراسة، ليست النقدية السينمائية فقط، ولكن من مستويات أخرى سيسيولوجية واثنوغرافية، وهى فضاء واسع للبحث فى العلاقة الحوارية بين السينما والجمهور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق