رحلة الخلاص فى سفر الأيام الستة
هناك الكثير من الافلام التى تركزعلى طابعها الانسانى، وتمضى بعيدا فى التعامل مع الرسالة الانسانية بمعناه العاطفى والوجدانى، وهذه الافلام ينظر اليها الكثيرون على أنها اقرب الى الميلودراما، أو أنها تعلن عن مباشرتها العاطفية لكسب الجمهور والتأثير فيه، ولذلك فهى تعد دائما من أفلام الدرجة الثانية أو الثالثة.
لكن رغم كل ذلك فهذه النوعية عن الاشرطة لا تموت، بل تبقى مؤثرة ويتعامل معها الجمهور والنقاد على أنها ذات فاعلية خاصة تخاطب العواطف البشرية والبعد النفسى الذاتى والجماعى، وخصوصا اذا كان القالب الفني الذى يحوى موضوعاتها يتناسب مع التطور الفنى للسينما، ويستفيد من المتغيرات الحديثة، ويراهن على الوصول الى الجمهور بالطريقة المناسبة.
نزعة انسانية: ـ
ان السينما فى جنوب افريقيا تكاد تقترب من هذا الطرح، فمعظم الافلام التى اشتهرت بها هى من هذه النوعية الانسانية ذات الطابع الاجتماعى، والتى لا تغفل معالجة القضايا بالدرجة الأولى فى اطار من السيطرة المحلية الواضحة، والارتفاع بالفيلم الى الجانب الانسانى الذى يتواصل مع الجمهور العالمى.
بين الحين والآخر يأتى شريط جيد من جنوب افريقيا، من ذلك مثلا شريط (الحمقى) لرمضان سليمان وشريط (الطبل) لزولا ماسيكو وشريط (الغبار الأحمر) لديرك هوبر وشريط (الأمس) الذى رشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم اجنبى 2004 ولم يفز بها، وفاز بها شريط (تسوتسي) فى العالم النامى وهو لمخرجه (جافين هود).
لقد اعتمد شريط (تسوتسي) على رواية للكاتب المسرحى (أتول فوقارد) من جنوب افريقيا، مع بعض التغييرات والاضافات، حيث دارت أحداث والوقائع الفعلية فى الخمسينيات ونشرت الرواية فى الستينيات، ولقد شهدت جنوب افريقيا متغيرات كثيرة، كان لابد أن تنعكس على مجريات الفيلم، فقد اختفى الصراع بين البيض والسود، أو على الأقل اختفى بشكله الظاهرى، ومع تراجع نظام التمييز العنصرى فى جنوب افريقيا، فإن اختيارات الفيلم قد سارت نحو آفاق جديدة أساسها العلاقة المتناقضة والمتقابلة الفقر والفنى والصحة والمرض وحياة الشوارع وحياة المدينة الحديثة وغير ذلك من المتناقضات التى ركز عليها وأبرزها شريط (توتسى).
فى نهاية الشريط المذكور، يطلب البوليس من تسوتسى أن يرفع يديه الى أعلى معلنا عن تسليم نفسه لقوة البوليس التى تحاصره، وفعلا يرفع يديه، ومع صورة مقربة تخفى باقى الخلفية، يبدو تسوتسى وكأنه يحلق أو يكاد، فاليدان جناحان مفتوحان الى أعلى، يتجاوز عن طريقهما الواقع الميئوس منه الى فضاء حالم بالتغيير، الذى ينبىء بالخروج من الكابوس الاجتماعي للجريمة والعنف.
نجاح الفيلم: ـ
لكن لماذا وضع الشريط نفسه فى هذا المنظور؟
وبطريقة أخرى ما اٍباب نجاح هذا الشريط وأسباب حصوله على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي لسنة 2005 ثم نجاحه فى مهرجانات أخرى فى عام 2006 وخصوصا ما يتعلق بالنجاح الجماهيريخارج جنوب أفريقيا؟
لا يمكن اعتبار اسم المخرج سببا رئيسيا، لأن (جافين هود) لم يخرج الا القليل من الأشرطة فى جنوب افريقيا وخارجها، وأشهر أفلامه (الرجل العاقل 1999) ومشاركته كمساعد مخرج فى الشريط الامريكى "قوة الدلتا" كما أنه أخرج شريطا ناجحا باسم (فى الصحراء والبرية ـ 2001).
أيضا لا يحتوى الفيلم على ممثلين من نوع النجوم، حيث يكاد بطل الفيلم (برسلى شويناغى) يمثل للمرة الاولى، وهو ما ينطبق على باقى الممثلين عدا الممثلة (تيرى فوتو) التى قامت بدور مريم والممثل (ايان روبرتس) الذى قام بدور الكابتن سميت.
والحقيقة أن اللمسة الانسانية العاطفية غير المبالغ فيها هى السبب المباشر فى الترحيب الجماهيرى والنقدى بهذا الشريط فى حدود الانتاج السينمائى الممكن فى جنوب افريقيا. كما أن استخدام الطفل الرضيع باعتباره الاداة التى تنقل توتسى من مرحلة الى أخرى، كان استخداما غير مستهلك فنحن نعلم بأن السينما وقبلها الأدب الروائى والفن السردى عموما قد تتعامل مع هذه النوعية من العقد الدرامية، حيث نرى الاشرار يتحولون الى أخيار بمجرد المرور بتجربة أو رحلة تسمح لهم بهذا الانتقال من حالة الى أخرى.
إن هذا ما حدث للصبي المراهق توتسي، وأنه صبى الشوارع، والكلمة تعنى المجرم أو قاطع الطريق، حيث لا يعرف باسمه الحقيقى. فى النصف الأولى من الشريط نجده فى خانة الاشرار، ثم مع بداية النصف الثانى يحدث التحول التدريجي، من الواقع القاسي الصعب الاحتمال الملوث بالجريمة والقتل البارد، الى واقع افتراضى جديد، مختلف، فعليا لا يتم، لأن توتسى سيودع السجن، لكن نفسيا وداخليا هناك حالة من التغيير تصيب هذا الشخص، عبر عنها الشريط بمشهد ارتفاع اليدين محلقة الى أعلى رغم انهما فعليا يعبران عن واقع الاستسلام الكامل.
يبدأ الفيلم بمشهد يظهر فيه بعض الفتية وهم يقامرون بمبالغ بسيطة، حيث ندرك أنهم على الارجح لا يعرفون الجمع والطرح ويخطئون فى حساب المبالغ المالية الصغيرة.
وهذه العصابة الصغيرة "بوسطن وبوتشر وآب" يرأسها توتسى والذى نراه يقف لوحده ويواجه الكاميرا معلنا عن نفسه وعن تفرده وتميزه.
هناك خلفيات كثيرة يقدمها الفيلم، منها تلك الاعلانات الكثيرة عن الدعوة لتجنب مرض الايدز، ثم مجريات الحياة فى مدينة كبيرة مثل جوهانسبرج من خلال تتبع ما تقوم به هذه العصابة الصغيرة، وينقل الينا الفيلم عملية اعتداء وسرقة فى وضح النهار فى احدى القطارات، عندما يقتل أحد الاشخاص بقصد السرقة، ويترك وحيدا فى مقصورة القطار ويلوذ الباقى بالفرار.
رحلة تسوتسي: ـ
هذه العملية، ربما كانت الأخيرة فى رحلة تسوتسي، فعلى اثرها مباشرة دخل فى نقاش مع رفاقه ولاسيما بوطسن الذى حاول أن يكون مدرسا ولكنه فشل فى الامتحان، بينما كان توتسى صبيا لا يعرف ما هى المدرسة وبالتالى لا يعرف معنى كرامة الشخص، ومعنى الخجل من القيام بعمل معين خاطىء أو مقيت، ورغم أن هذا المعنى قد جاء فى الفيلم عرضا، إلا أنه شكل باعث للتغيير، وكان بوسطن هو المفتاح لذلك، لأنه الوحيد المتعلم فى العصابة والذى اعتبر أن العصابة قد ذهبت بعيدا فى ممارسة الشر والقتل وأنه لا يستطيع أن يحتمل ذلك، وهو أمر جعل تسوتسي يدخل فى مواجهة مع هذا الغريم الاخلاقى، وبالتالى الفرار بمفرده بعد الاعتداء عليه نحو جهة غير محددة ليجد نفسه قد انتقل الى الضفة الاخرى من المدينة.
مكانيا ينقسم الفيلم الى قسمين.. الأول مناطق الفقراء والهامشيين وسكان أكواخ الصفيح، حيث السرقة والجريمة والاختطاف وقلة الماء وفقدان الاضاءة وحياة التشرد.
القسم الثانى لا يبتعد كثيرا، فهو على بعد مسافة فاصلة فارغة، نجد على أثره العمارات الشاهقة والمدينة الحديثة والانوار اللامعة من بعيد، ثم الدارات الفخمة المسيجة، وها هو تسوتسي يقف أمام احدى هذه الدارات، ثم يقرر أن يسرق سيارة المرأة التى تترجل منها أمامه، بعد أن فشلت فى فتح الباب الكبير بواسطة الروموت كنترول "لتقرع الجرس، بينما ينهمر المطر بغزارة وحيث أن موتور السيارة يعمل فقد حاول تسوتسي قيادتها والهروب بها، وعندما حاولت المرأة أن تعترضه، أطلق النار عليها من مسدس يهددها به.
هذه التفاصيل تأتى بطريقة متلاحقة، لكن لا أحد يضع لها مخططا واضحا، ولهذا تتوقف السيارة فى منتصف الطريق، وعندما نعود بالذاكرة سوف نجد أن أحد رفاق الشارع يسخر من زعيم العصابة الصغيرة بسبب فششه فى قيادة السيارة وعدم تعلمه لهذا الأمر مثلما فشل فى تعلم أى شىء آخر.
الفيلم يقدم مبررات اذن، من خلال السيناريو، لايقاف السيارة وتركها، لكن صوت الطفل الرضيع المنبعث من الكرسي الخلقى يقلب الاوضاع، حيث يقرر أن يأخذ تسوتسي الطفل معه فى كيس بضائع وجده داخل السيارة، وبهذا تبدأ الأحداث الفعلية للفيلم.
عودة الى الخلف: ـ
هناك تفاصيل مرتبطة بالطفل الرضيع وهو الضيف الجديد الذى يستقبله تسوتسي، فهو يعمل على تنظيفه ولفه بورق الجرائد ويمنحه الحليب المعلب، ولكن لا جدوى من كل ذلك، ومن هنا تأتى فكرة أن يسلمه لامرأة يلمحها من بعيد وهى تحمل الماء ومعها طفل رضيع ايضا، ويجبرها تحت تهديد السلاح على ارضاع الطفل ثم تقترح ان تقوم بتنظيفه بالماء وتغيير ملابسه.
اللقاء بين تسوتسي والمرأة المرضعة مريم يسمح بتقديم بعض التفاصيل عن حياة تسوتسي، ويستغل فترة الارضاع ليعود تسوتسي الى الخلف، الى أمه المصابة بمرض الايدز والى ابيه القاسي الذى يمنعه من الاقتراب منها، وهو الأب الذى يقتل كلب المنزل الصغير، مما يجبر تسوتسى للهرب من البيت لينسى اسم دافيد ويصبح اسمه (تسوتسى)، ورغم أن فكرة قتل الكلب تبدو مكررة فى الافلام، فهى استعارة من هوليوود ربما لا تكون معبرة عن عجرفة الاب فعليا، لكنها نقطة انطلاق نحو عدم عودة توتسى الى بيتهم، ليصبح ابن الشارع والقاتل الذى لا يرحم، والذى لا يتردد ولا يكترث بضحاياه وليس لديه أية مشاعر ود تجاه الآخرين.
بل لا يكاد ينفعل أو يتأثر بما حوله، ولقد ركز الشريط على فكرة حرمان الابن من أمه لتكون مبررا لكل ما يقوم به تسوتسي.
وينجح الفيلم فى مشاهد الاعادة للخلف (فلاش باك) وخصوصا لتلك المشاهد السريعة التى يعدو فيها تسوتسي بحيث يظهر وهو صغير فى حالة هرب ايضا مثلما هو فى زمن سريان احداث الشريط.
تسوتسى هو ابن الضواحى المهمشة، ويعيش فى القسم الأكثر فقرا، يرسله الفيلم الى القسم الآخر، الذى يعيش فيه الاغنياء، ولا تجدى الاسوار المسيجة فى تقديم الحماية، ولا تنفع الوسائل التقنية الحديثة فى دعم الفاصل بين القسمين، فتسوتسي يخترق ذلك ويعود معه طفل رضيع من ربوع الاغنياء الى الضواحى الهامشية للفقراء.
ان الأمر اذن غير مستقر وليست هناك أية ضمانات، فمهما كانت الجدران العازلة قوية، يمكن اختراقها لأن هناك دوائر الفقر والعوز والحرمان تعيش قريبة، وهى بامكانها ان تكون مؤثرة، ليس فقط على الحاضر، بل على المستقبل وهو الطفل الرضيع.
خطاب فنى مباشر: ـ
لا شك أن الفيلم يحتوى على خطاب مباشر، فيه اشارة الى أماكن الخطورة التى ربما لا ينظر اليها بأهمية، اذ لا يكفى أن يصنع الاغنياء سياجات حول أنفسهم لضمان راحتهم، إن الأمر فى حاجة الى أن تكون الرؤية أوسع والحماية أكثر شمولا.
لا يقدم الفيلم الصراع على أنه بين البيض والسود، كما فعلت الرواية فى أصلها، بل يجعل الصراع بين السود أنفسهم، ولهذا كانت العائلة (جون ـ بومبلا) من السود الاغنياء، وكان تسوتسي وعصابته من السود، ولا يوجد الا ضابط شرطة وحيد أبيض وضع ليكون أقل انفعالا فى تعامله مع أفراد العصابة.
هناك بعض التشابه بين هذا الفيلم "تسوتسى" وافلام أخرى، ومن ذلك الفيلم البرازيلي (مدينة الرب) بتركيزه على العنف الاجتماعي وتتبع مرجعياته.
لكن التشابه يبدو شكليا فقط، لأن الفيلم يقترب كثيرا من فيلم آخر وهو (البرتقالة الميكيانية) 1971 لمخرجه ستانلى كوبيرك، وخصوصا فيما يتعلق بتعامله مع العنف، فالمقدمة واحدة، اذ يبدأ كلا الفيليمن بجريمة قتل موجهة ضد شخص من قبل جماعة، ثم هناك امراة الحانة التى يزورها رجالات العصابة وتستقبلهم هى سلبيا وايجابيا، ثم هناك ايضا السرقة المنزلية التى تم استبدالها بسرقة الطفل بدون قصد، ايضا تعود العصابة الى نفس البيت السابق، وفى الفيليمين ويتم القبض على الزعيم فى نهاية الفيلم. كما أن المرأة العجوز المهددة، تساوى الأم التى فقدت رضيعها وأصابها الشلل النصفى.
رغم كل ذلك فإن خط كل فيلم يختلف ايضا عن الثانى ولاسيما اختلاف شخصية اليكس عن تسوتسي .
حالة من التغيير: ـ
يصبح تسوتسى مسؤولا عن طفل رضيع، أشعره ذلك بمأساته السابقة، بطفولته، بأمه التى فقدت ابنها، ان تسوتسي هنا قد تلبسته حالة أمه، فصار الطفل الرضيع من ممتلكاته التى لا يستطيع احتمال فقدها، وهو أمر فيه شىء من الشرود والوهم لكنه وفى البداية كان كذلك فعلا لذلك رفض تسليم الطفل للمرأة المجاورة له لكى تعتنى به.
يبدأ تسوتسى بحالة التغيير التدريجي، فيترك العصابة، ويختفى العنف من طريقه، بل يستدعى صديقه بوسطن المجروح الى بيته لينأى به عن اتباع طريق الجريمة.
وبغرض الحصول على بعض المال لتقديم العون لصديقه بمساعدته لدخول امتحانات التعليم، وكذلك للصرف على الطفل الرضيع، يلجأ تسوتسى مع عصابته الى نفس الفيلا، ونفس الأسرة، الأب جون والأم المشلولة "بوملا" لسرقة المال، ولكن نحن لا نرى تسوتسى يسرق المال، بل يسرق حليب الطفل وينظر بحيرة الى ألعاب الطفل فى غرفته الصغيرة.
هنا نشعر بأن سرقة الطفل كانت بدافع آخر، فلقد اراد عن قصد ابعاد الطفل عن أمه، مثلما أبعدت أمه عن طفلها. إنه يعيد نفس التجربة تقريبا، وعندما نعود الى فكرة الفاصل بين الاغنياء والفقراء نجد أن القصد هو تكرار نفس المعادلة. الأم المريضة تفقد طفلها "تسوتسي" لأنها مريضة بالايدز والسبب الفقر والضعف والاهمال، والأم الغنية تفقد طفلها ايضا، وتصبح هى ايضا أما مشلولة. لقد وضعت الاسرتان على نفس المستوى.
ان الفيلم قد سار ببطء نحو التحول، فلم يصبح تسوتسي شخصا ايجابيا بالكامل الى درجة المثالية، بل هو قد سار فى طريق مغاير لطريقه السابق. إنه على مشارف التغيير فقط، وهو أمر قد دفعه للتأثر بكلام المرأة المرضعة، وبالتالى الاندفاع نحو تسليم الطفل لأمه. لقد توقف عن تعذيب الآخرين، بل إنه يدخل فى مواجهة مع الشر فهو يقتل صديقه بوتشر عندما هم بقتل الزوج جون عند سرقتهم للفيلا.
عودة الطفل: ـ
ورغم ان مشهد القتل هذا قد جاء غير مبررا، إلا أنه يدخل فى سياق انقلاب تسوتسى على حياته السابقة، فهو شخصية حادة ومندفعة لا تعرف التردد، ومن السهل أن يحول هذا الاندفاع نحو وجهة أخرى.
يقرر تسوتسي تسليم الطفل ويذهب به الى البيت يزوره لثالث مرة بعد أن مر ومعه الطفل الرضيع على المنطقة الفاصلة والتى عاش بها تسوتسى نفسه لمدة طويلة، فى الانابيب الكبيرة المهملة التى تجمع الأطفال المشردين انتقل بعدها الى كوخ علوى حقير. إن الطفل الرضيع من هذه الزاوية هو مشروع طفل مشرد ايضا، رغم انه من الاثرياء، ولولا التراجع المبرر فى شخصية تسوتسى لصار الأمر كذلك فعلا.
يبدو واضحا أن أهم مشهد فى الفيلم، هو لحظات التطهر التى عاشها توتسي وهو يراقب ارضاع الطفل، فعلاقته بهذه الأم هى التى قادته الى التغيير، فهى ترفض المال الذى جمعه، عندما فر مع صديقه بالسيارة المسروقة من اسرة الطفل الرضيع، ثم باعها ليمنح المال لغيره، بل هو يضعه أمام الرجل العاجز الذى حاول الاعتداء عليه فى البداية بدون رحمة، ثم إن الأم مريم هى التى توحى اليه بتسليم نفسه واعادة الطفل الى أمه.
فى مشهد آخر يتساءل تسوتسي عن الالعاب البسيطة المعلقة فى بيت المرأة المرضعة، وهى قطع مدلاة من أعلى بخيوط رقيقة، يراها مجرد قطع مكسورة، بينما هى فى الوجه المقابل ذات ألوان لامعة وبراقة تجذب أنظار الطفل الصغير، ان تسوتسى بلا طفولة حقيقية، لا يعرف معنى اللعب، وهو بهذا المعنى يحتاج الى هذا الطفل ليملأ الخواء الذى يستقر داخله إن بيت المرأة مرحلة وسط بين كوخ تسوتسى والفيلا.
هى رحلة بستة أيام وفى اليوم السابع يسلم تسوتسى نفسه الى مصيره بعد ان ودع رفاقه، ورغم الاضطراب الذى سيطر عليه حتى اللحظات الاخيرة، الا انه يقبل أن يكون قربانا لأمل منتظر.
انه فيلم جيد ولا شك، يتعامل مع الجمهور عاطفيا وبشحنة من موسيقى البوب الجنوب افريقية ومواقع تصوير مختارة بعناية، كانت شواهد على مدينة سويتو المشحونة بالالم والأمل وبكل ما فيها من سلبيات واجابيات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق