الثلاثاء، 16 سبتمبر 2008

سينما تبحث عن داثها كتاب للناقد عدنان مدانات




عندما تبحث السينما عن ذاتها:ـ

اشكاليات فى الهوية والخصوصية والتقنية الحديثة

"سينما تبحث عن ذاتها" هذا هو عنوان الكتاب الجديد للناقد السينمائى عدنان مدانات والذى قدم للمكتبة العربية عددا من الكتب النقدية فى مجالات السينما المتعددة، ولكن أكثر الكتب اقترابا من هذا الموضوع هو ذلك الكتاب المطبوع من عشرين سنة وهو (بحثا عن السينما)، فالسؤال النقدى يطرح نفسه مجددا من خلال متابعة قضايا السينما ومناقشة افلامها للوصول الى اطروحات نظرية يتم دعمها بواسطة اسئلة مرة أخرى وبشكل مختلف.

نقد نظرى: ـ

هذا الكتاب يدخل ضمن سياق النقد النظرى للسينما، ونقصد بذلك النقد الذى يعالج مفاهيم واشكالات تمس جوانب معينة من السينما العربية تحديدا، ليس باعتبارها فيلما معينا أو مخرجا معينا، ولكن باعتبار أن هناك سينما افرزت الكثير من القضايا المتشابكة من خلال مسيرتها، وهذه القضايا تحتاج الى معالجة فكرية، بصياغة ترتبط بالثقافة على وجه العموم، ومجمل العلاقات الثقافية التى تتداخل مع هذه السينما، ومن هنا تأتى فكرة (السينما الثقافة) والتى يعتبرها بعضهم ذات طابع مبسط وربما شعبى لانهم النخبة الثقافية كثيرا، غير أن الانتاج السينمائى العالمى قد دلل على مقاربة السينما لعلم الاجتماع وعلم الجمال وكذلك الاثنوغراقيا وربما السياسة والتراث القومى والوطنى واحيانا الدين والتاريخ ومشكلات الواقع والفرد.

هذا الكتاب (سينما تبحث عن ذاتها) من كتب النقد النظرى التى تعالج قضايا فكرية لها علاقة بالسينما وكذلك موضوعات أخرى مرتبطة بها، أى مناقشة القضايا الكلية والانطلاق منها نحو التفاصيل الجزئية، بايراد الشواهد الدالة، وحتى الافلام التى ترد فى مثل هذا النوع من النقد ينظر اليها على أنها قضايا عامة تمس الاطار المشترك للسينما العربية بدون الدخول فى تفصليات تطبيقية، رغم أهمية هذه التفاصيل.

الموضوع الأول جاء بعنوان (السينما العربية والوعى القومى.. العوائق والطموح) وهذا الموضوع ينتمى الى نوعية من الكتابات التى شاعت لفترة طويلة، فى اطار البحث عن هوية للسينما العربية فى مطلق البحث عن هويات متعددة للفنون والآداب بشكل عام.

والموضوع المطروح يناقش امكانية اسهام السينما فى صياغة الوعى القومى، وفى هذا الصدد فإن الكاتب يرى ضرورة تحديد ما هى السينما التى نعنيها عند طرح هذه القضية وما هى نوعيتها، ذلك أن السينما الأمريكية على سبيل المثال، عالمية تكاد تكون خارج اطار الحواجز اللغوية والعرقية والقومية، بينما السينمات الصغيرة تحاول أن تتشبث بهذه القومية والهوية، والسبب فى هذا الاختلاف يعود الى طبيعة السينما نفسها، ذلك أنها ظاهرة عالمية معقدة لأنها مركبة من مجموعة فنون وآداب سابقة، وهى لها قواعدها وقدراتها التعبيرية، وهى تقنية متطورة ومتغيرة، كما انها تعكس الواقع بنظام من الاشارات الواقعية والرمزية، والأهم ارتباط السينما بالاوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية والقوانين التى تخضع لها هذه الاوضاع.

ويشير الكاتب بأن الوعى وتشكيله يقوم على فكرة أن السينما تصنع حلولا ثقافية عامة، لأن زواية النظر ليست سياسية عند الاشارة الى مصطلح الوعى القومى، بل له تداخل بالايديولوجيا والتكوين الاجتماعى والوعى الجمالى والفني.

يختصر الكاتب ذلك فيقول وهذا يعنى أن هذه على السينما أن تتعامل مع الوعى القومى باعتباره وعيا شاملا، ويعنى أن على السينما أن تجيب على مسألة الاصالة والمعاصرة ومسألة الحداثة والتراث بطرقها الخاصة ربما يتلاءم مع تركيبتها".

تقنية وخصائص: ـ

ان السينما نشأت بفضل التقدم التقنى وليس بالاعتماد على خصائص محلية وتراث ثقافى لأى دولة من الدول انها انتاج صناعى أولا، ثم جاءت باقى الخصائص الأخرى فى مرحلة لاحقة.

لقد بدأت السينما فى أوروبا فى فرنسا تحديدا مع أول عرض عام 1896، ولكن الطبيعة الاقتصادية وظروف الأسواق والتوزيع، وربما التطور التقنى، كل ذلك جعل من هوليوود هى المركز والباقى اطرافا، رغم ذلك فإن اوروبا ثقافيا متميزة ولها خصائصها الثقافية المنعكسة على السينما، وهذا أدى الى افراز اتجاهات سينمائية متعددة مثل الموجة الجديدة فى فرنسا والواقعية الجديدة فى ايطاليا أو المدرسة التعبيرية فى المانيا وغير ذلك من الاتجاهات، والتى شملت اختلافات أخرى وصلت فى مرحلة معينة الى مستوى الصراع الايديولوجى، كما حدث فى الصراع الذى انطلق بين الاتجاه الرأسمالى والاتجاه الاشتراكى فى عقود سابقة.

وعند الحديث عن السينما العربية وعملاقتها بالوعى القومى، يختار الكاتب بعض ما كتبه النقاد فى مجال علاقة بالسينما العربية بالقومية واهوية ومن هؤلاء النقاد: سمير فريد وعبد الحميد حواس ومحمد نور الدين أفايه وهاشم النحاس وسيد سعيد وصلاح ذهني وعلى شلس وكمال رمزى وغيرهم.

ومن الواضح أن كتاب (الانسان المصرى على الشاشة) الصادر عن هيئة الكتاب فى مصر عام 1986 هو أساس ما يعرضه الناقد عدنان مدانات من آراء للنقاش تمس قضية الوعى القومى من الناحية الفنية.

وأهم فكرة يمكن أن تقال فى هذا الصدد إن الصورة المنقولة سينمائيا للمواطن فى بدايات السينما العربية تلخص النقل الكامل للصورة المستوردة من الخارج، فالمواطن شكله وملابسه عربية، ولكن تقاليده وسلوكه وأفعاله ليست كذلك، ولقد كان ذلك فى البدايات الاولى، ثم تطور الأمر واختلف قليلا مع سيطرة البرجوازية المصرية بتأسيس "ستوديو مصر" وهذا يعنى أن السينما تابعة حينا ومتخلفة فى أحيان أخرى الا فى حالات نادرة.

وهذا يعنى أيضا أن التخلف قد انعكس على السينما منذ التأسيس فهى غائبة عن الوعى ومعبرة عن اللهو بمعنى العام الذى يغيب القضايا المهمة، وهى سينما لا تعبر عن رأيه قضية تهم المجتمع، ويدخل الكاتب بعد ذلك فى مجال طرح الاستثناءات وهى قليلة، ويعتبر أن باقى السينماءات العربية الجيدة هى نماذج وتجارب فردية لا تصل الى مستوى التأثير فى الحركة الثقافية المعاصرة.

والموضوع الذى يطرحه الناقد عدنان مدانات، يعتمد على اقتباسات كثيرة ومناقشة بعض الاطروحات فى مجال معالجة قضية الهوية والاصالة والمعاصرة وعلاقتها بالوعى الفردى والقومى. ولكن بمنظور عمومى مطلق.

ومن الطبيعى أن تتم مناقشة بعض الانتاجات العربية، ومنها طبيعة الافلام التاريخية العربية وهو موضوع يكاد أن يكون مستقلا، وكذلك الأمر بالنسبة للافلام العربية التى عالجت قضايا التراث فى محاولة منها لايجاد شكلا فنيا له هوية معينة، كما حدث بالنسبة للسرد وارجاعه الى المقامة والرواية الشفهية، وكذلك المسرح والفن التشكيلى.

اشكالات مصطنعة: ـ

كما قلنا فان الاطروحات التى عالجها الناقد تعود الى ما افرزته الثقافة العربية من اشكالات مصطنعة، ومنها فكرة البحث عن الهوية والخصوصية والتى لم تعد من الموضوعات الرئيسية لأنها مجرد افتراض فكرى ليس له اساس حقيقى يقوم عليه، فالهوية خلاصة لما ينتجه الفرد داخل المجموع والخصوصية مسألة ابداعية اولا واخيرا.

هناك موضوع آخر يعالجه الناقد عدنان مدانات فى كتابه وهو بعنوان "اسئلة الهوية فى السينما العربية" وهو موضوع متعلق بما سبق ذكره من آراء سابقة، ولكن الاسلئة المطروحة من جديد تفتقد فعاليتها لأن السينما ليس لها جذور ثقافية فى العالم أجمع وليس فى الثقافة العربية فقط.

ويقتبس الكاتب بعض الآراء لمناقشتها، ومن ذلك ما كتبه الناقد منير السعيدانى من تونس حول اشكالية الجمالية فى السينما العربية، والمقصود اعتبار السينما مجرد طفرة صناعية وفنية، ولكن كان لابد للعرب من التقاطها وبالتالى الترويج لها، أى أن الاعتبارات لم تكن فنية أو جمالية وابداعية، ولكنها تجارية وصناعية.

ومع كل ذلك فإن المنظور العالمى للسينما قد بدأ بالصناعة والعلم والتجارة، والسينما لا تختلف فى الوطن العربى عن غيرها من البلاد مثل الهند والارجنتين وتركيا وغيرها.

يحاول الكاتب أن يجيب عن سؤال سبق أن طرح أكثر من مرة وفى أكثر من مكان وزمان، وهو، بماذا تتميز بدايات السينما العربية؟

بالنسبة للسينما فى مصر، فإن البدايات ومع بعض الاهتمام الذى ابداه الاقتصادى (طلعت حرب) والذى يعد خطة ايجابية، فإن الملمح العام يقوم على الاقتباس من الافلام الأجنبية أو الأعمال الأجنبية بصفة عامة، بل وصل الأمر الى النماذج الأوروبية والامريكية، مع تنويع استثنائى احيانا فى الانتاج يعتمد على الروايات المصرية مثل رواية "زينب" أو تقديم بعض الأعمال المتأثرة باتجاهات خارجية، كما فى السوق السوداء.

والأمر نفسه ينطبق على السينمات العربية الأخرى، ولكن بدرجة أقل. هذا بالنسبة للمرحلة الأولى.

أما المرحلة الثانية فهى الواقعية، والتى جاءت بفعل المتغيرات الاجتماعية وتأسيس معاهد ومدارس متخصصة وكان الرواد هم صلاح أبو سيف ويوسف شاهين وتوفيق صالح.

هناك اتجاه آخر يبدو واقعيا، ولكنه ايضا ينقل بشكل معين ومدروس من الخارج، ونقصد بذلك افلام شادى عبد السلام وتأثره الواضح بالمخرج الايطالى بازولينى.

يقول الناقد فى كتابه: "يعتبر بعض النقاد السينمائيين العرب أن السينمائى المصرى الوحيد الذى سعى لصنع سينما ذات هوية هو المخرج الراحل شادى عبد السلام خاصة فى فيلمه الروائى القصير" (شكاوى الفلاح الفصيح) وفيلمه الروائى الطويل (المومياء).

لكن التجربة الفنية لهذين الفيلمين لا تعكسان فى الحقيقة أى شكل تراثي، بقدر ما تبدو شكليا وأسلوبيا أقرب الى السينما التى ميزت السينمائى الايطالى بازولينى، خاصة من حيث بناء المشهد والتكوين داخل الكادر، منها الى الشكل التراثي الفنى الخاص بالحضارة الفرعونية موضوع الفيلمين".

ويعتبر الناقد أن محاولات التجديد فى السينما العربية ذات طابع تقني لأن هدفها هو الاستفادة من التكنيك العالمى، بينما الموضوع يكون محليا أى أن هناك فاصلا بين التقنية والموضوع، وهذا أمر فيه تصنع، لأن الوضع الطبيعى أن يكون هناك تناسق بين التقنية العالية والموضوعات المحلية، كما حدث عند المخرج أكيرو ساوا، وبعض أفلام امريكا اللاتينية والهند وغيرها.

استعراض سريع: ـ

ويستعرض الناقد بعض السينمات العربية ومميزاتها فى الجزائر والمغرب وتونس وفلسطين وسوريا، من حيث التركيز على ما يعرف بسينما المؤلف أو تقديم أفلام ذات طابع تراثي، ولكن المبالغة فى الصياغة الفردية أو استعراض التراث دون دلالة واضحة، جعل التجارب القليلة دون المستوى المطلوب.

ويكرر الناقد هنا بعض المقولات فى تسرع واضح، حيث يعتبر أن التجارب المستعرضة للتراث العربى فى السينما العربية ذات طابع فلكلوري تهدف الى جذب المشاهد الغربى.

وهذه التجارب تكون احيانا مجرد تقديم ما هو تاريخي باعتباره تراثا أدبيا سرديا، ورغم عدم وضوح أفكار الناقد فى هذا الصدد، وعدم مناقشته للفكرة باستفاضة، إلا أنه ينقل آراء اعتاد النقاد على ترديدها من باب جمع أكبر عدد من سلبيات السينما العربية ولكن يصل المؤلف الى نتيجة واضحة، حيث يعتبر أن سؤال الهوية الخصوصية فى السينما العربية، سؤال مستحيل وفرضية غير قابلة للتحقق، وان الأهم هو وجود تيارات ومدارس ناشطة تستجيب لمناقشة قضايا الفرد والمجتمع.

ينتهى المؤلف من مناقشة بعض القضايا الكلية ليدخل فى صلب عملية السينما فى شكل مقالات متتالية، تعتمد على الخبرة النظرية واستنتاجات لها علاقة بتجارب السينما فى العالم.

داخل وخارج الجغرافيا: ـ

من هذه الموضوعات نقرأ ما يأتى: داخل الجغرافيا أم خارجها... السينما الوطنية واشكالية الانتاج المشترك، والمناقشة المطروحة تتعدى قضية الانتاج العربى الشمترك سينمائيا الى علاقة الممول الاجنبى بالافلام العربية التى يسهم فى انتاجها، وهذا من الظواهر الواضحة فى العقدين الاخرين، ولاسيما بالنسبة لبعض السينمات فى مرحلة معينة مثل فلسطين وتونس والمغرب ولبنان والجزائر وبعض الافلام فى مصر.

ان المشكلة تبدأ بافتراض أن الممول الخارجى أو الاجنبى يفرض نوعية معينة من الانتاج ويصر على وجود مشاهد تلبى له حاجة يستجيب لها المتفرج العربى ولكن المؤلف يطرح الموضوع بطريقة أخرى فمثل هذه الآراء السابقة قد لا تكون صحيحة، والأهم هو طرح السؤال من جانب آخر، وأساسه... هل يخدم الانتاج المشترك والتعاون الخارجى قضية السينما العربية ويخدم مصلحة التأسيس لسينما محلية قلب وقالبا؟

لا شك أن السينما الوطنية الفعلية، بصرف النظر عن كونها بديلة أو غير ذلك، تتطلب أن يخرج الرأس المال من الداخل وليس الخارج وأحيانا يكون هذا الداخل محليا وليس عربيا. وهذا تحقق فقط فى الانتاج التجارى الذى يعتمد على السوق، ولكن فشلت كل المقولات الاخرى أو لم تحقق اغراضها.

يقول المؤلف: "ولكن، مثلما فشل السينمائيون فى تحقيق السينما البديلة، فشلوا ايضا فى تحقيق البديل عنها، أى السينما الوطنية، وتسبب هذا، مع الأيام، فى التوقف عن محاولات البحث الجماعية عن سينما جديدة، أى البحث عن حلول جماعية.

وهكذا بدا السينمائيون، كل على حدة، فى البحث عن حلول فردية خاصة لقد كانت احدى مشكلات الانتاج المشترك العربى الأجنبى المشكلة الاخلاقية واحيانا السياسية، ولكن البحث عن التمويل كان دائما هاجسا لكل سينمائى.

وهذا البحث يؤدى الى الدخول فى مغامرات لها عواقب سلبية، ولكن على المستوى الفكرى الذى يغطيه الجانب الفني والتقنى، ولهذا السبب وهذا ما لم يقله المؤلف خدم الانتاج المشترك الأجنبى السينما العربية كثيرا ولو بشكل مؤقت، ولقد عبر الكاتب عن ذلك بقوله: "هذه القضية، فى الحقيقة، لا يمكن أن تكون فردية أو أن تلقى مسؤوليتها على عاتق السينمائيين، فهى قضية ثقافية حضارية وطنية عامة، يجب ان تلقى مسؤوليتها بالدرجة الاولى على عاتق المؤسسات الثقافية الوطنية الرسمية منها والخاصة فى الدول العربية، والتى يجب عليها أن تعى الأهمية القصوى لوجود سينما محلية وطنية الطابع".

التقنية والسينما المستقلة: ـ

من بين المقالات التى تتعرض لقضايا مستجدة ما كتبه المؤلف حول السينما المستقلة فى الوطن العربى، وهى تسمية عامة، استوردت من السينمات العالمية، ولذلك مس المصطلح بعض الغموض، كما يقول الكاتب، وبالطبع كان لتطور التقنية الحديثة تأثيرا فى خروج سينما لا تعتمد على الموازنات الكبيرة ويمكن ان تعرض فى بعض الاماكن الخاصة والمهرجانات المحدودة.

والمؤلف لا يذكر نماذج من هذه المهرجانات العربية أو الافلام المستقلة ويكتفى بعرض القضية بشكل عام، رغم ان الموضوع لا يكاد يصل الى مستوى القضية العامة.

يعود المؤلف الى مناقشة قضية الفولكلور فى السينما العربية (ولكن بشكل سريع، ويعيد ذكر بعض النماذج من السينما العربية التى تتهم بأنها تبحث عن العين الأجنبية بعرضها للفولكلور العربى، ومن الافلام المذكورة (عرق البلح ـ الهائمون ـ صهيل الجهات ـ اللجاة ـ نوة ـ بس يا بحر ـ عرس الزين ـ الايام.. الايام ـ العاصفة ـ المومياء ولكن المؤلف لا يذكر بعض الافلام الأخرى ويخلص الى أن عرض الفولكلور من الظواهر العالمية، عند جان روش مثلا، وعند روبرت افلاهرتى وغيرهم.

والمهم أن كل فيلم ينبغى أن ينظر اليه على حدة ولا توضع كل الافلام فى اتجاه واحد، حتى ولو كان هذا الاتجاه له طابع فولكلورى وفيما يسميه "صغائر التقنيات" فى السينما العربية، يركز المؤلف على الجوانب التقنية التى لا يتم التركيز عليها، ومن ذلك الماكياج وتصميم الملابس وتسجيل الصوت وغير ذلك من المهن التى يمكنها أن ترفع من مستوى الفيلم ويمكنها ان تصيبه بالضعف.

الماضى والحاضر: ـ

لا شك أن هناك قضايا أخرى يتعرض لها الكاتب، ومن الواضح أن المقالات فى عمومها تسير نحو أن تكون صحفية سريعة لها أهميتها من ناحية ولكنها لا تعرض الموضوع بشكل موسع ومن أوجه مختلفة ويقل فيها ذكر الشواهد الا فى حدود ضيقة.

تتوالى المقالات السينمائية، وبنفس المواصفات، حيث تبرز معالجة القضايا من جانب نظرى، مثل الموضوع الخاص (بالسينما العربية الجماهيرية والبنية المستهلكة) وكذلك موضوع (الثقافة السينمائية والاعلام العربى.. حصاد نصف قرن من التراجع) ويبدو واضحا أن المقارنة بين الماضى والحاضر رأى المؤلف اينما تستقر لمصلحة الماضى من حيث الاهتمام بالسينما والثقافة السينمائية وهو رأى متسرع نسبيا، لأن الظروف الجديدة قد خلقت اهتماما بالسينما من نوعية مختلفة. ولاسيماوأن الاهتمام قد سار بشكل افقى وليس رأسيا كما هو فى السابق، حيث نجد أن القاعدة الاساسية المهتمة بالفن السينمائى قد اتسعت، رغم الملاحظات التى قد توجه اليها ونوعية ثقافتها الاستهلاكية المتربطة بنوعية العصر.

يتناول الناقد عدنان مدانات ايضا بعض القضايا المتعلقة بالجمهور وعلاقته بقاعات العرض ولاسيما الشعبية منها، وكذلك صراع الاجيال فى السينما المصرية، كما أن هناك مناقشة لقضية الاقتباس عن بعض الاعمال الروائية العربية، وايضا ما يسميه الناقد مرجعية الابداع بين نص السيناريو والفيلم.

أما الدراسة الأهم فى الكتاب فهى بعنوان (السينما ممارسة اجتماعية وهذه الدراسة تتعرض لمناقشة أفكار كثيرة لها علاقة بالفرق بين الابداع الأدبى والابداع السينمائى، تم محاولة فهم الجمهور المتلقى فى السينما وكيفية التعامل معه، ثم قضية ارتياد دور العرض وانحسار هذه العملية فى الوقت الحاضر لحساب طرق واساليب أخرى للعرض.

وكان لابد للكاتب أن يتناول القضية التى يفرضها الواقع الحالى، ونقصد بذلك دراسة العلاقة بين السينما والفيديو وما يمكن أن يكون عليه المستقبل فى ظل التطورات التقنية الحديثة.

ويمكننا ايضا أن نجد عنوانين متكررة احيانا مثل القول بالارتهان الى رغبات الجمهور والدوافع الشعبية المتعلقة بالافلام الشعبية، ثم النظر الى سينما الايهام بالواقع وغيرها من العنوانين.

من الطبيعى أن تنال السينما المصرية اهتمام الكاتب الرئيسي، فهو تفرض معظم الموضوعات المثارة، رغم أن المؤلف يعيش فى الاردن وبالتالى فعلاقته بالسينما انما تأتى من خلال المهرجانات السينمائية وكذلك عروض نادى لجنة السينما بمؤسسة شومان الذى يرأسه بالاردن ولكن لا شك أن هذا الابتعاد عن مركز السينما العربية قد منح موضوعات الكتاب أبعادا أخرى بعيدة عن الجزئيات والنظرة الشخصية الضيقة والاعتبارات الخاصة، وهى ظواهر يعانى منها حاليا النقد السينمائى فى البلاد العربية.

ان الكتاب يمتاز بحسن الديباجة والرصانة وهو اضافة قدمتها سلسلة الفن السابع الصادرة عن مؤسسة السينما فى سورية.

ليست هناك تعليقات: