الثلاثاء، 9 سبتمبر 2008

بنية الافلام وأنماط السينما



حول أساليب الكتابة للسينما

الجمهور بين بنية الافلام وأنماط السينما


لم يضع المشرفون على سلسلة الفن السابع تعريفا بمؤلف الكتاب رغم أنه يقول عن نفسه بأنه يملك عدة سيناريوهات نفذت فى أمريكا، وبالتالى فهو الأقرب الى تأليف هذا الكتاب "الكتابة السينمائية على طريقة الأمريكية".

في عنوان جانبى نجد ملحقا للعنوان دراسة مقارنة وبالطبع المقارنة لابد أن تكون بين الطريقة الامريكية فى الكتابة وباقى الطرق والاساليب الأخرى.

يضع الكاتب اللبنانى جورج دافيد القصة السينمائية فى المقام الأهم، فهى التى يحرص الجمهور على متابعتها، وهى السبب الرئيسى فى ارتباط الناس بالسينما وتعلقهم بها. "بعد اكتشاف التصوير المتحرك انبهر الناس بهذا النوع الجديد من الفنون، ولكن القصة هى التى تخرج الناس من بيوتهم وتدخلهم القاعة المظلمة، وهى التى تضع الملايين كل يوم من مختلف الاعمار وكافة شرائح المجتمع أمام شاشة التلفزيون، وهى التى تدفعهم الى المكتبات لشراء كتاب يقرأونه متشوقين لأن يعيشوا الحلم بعيدا عن الحياة الواقعية وايقاعها الممل".

هذا الاهتمام بالقصة نفسها باعتبارها (حدوثة) هو المدخل لهذا الكتاب الذى يبدو وكما يقول المؤلف قد اختير لكي يكون موجها لمن يريد أن يتعلم كتابة القصة على الطريقة الامريكية.

يتكون الكتاب من أربعة اقسام، بالاضافة الى مقدمة قصيرة، وهذه الاقسام ليس لها عناونين محددة، بل توجد عناونين داخلية لموضوعات كثيرة داخل كل قسم ـ لكن الكتاب يبقى من النوع الصغير (128 صفحة) مقارنة مع كتب أخرى من نفس السلسة ذات الحجم المتوسط فى عمومها.

يعود الكاتب الى البداية، بداية الكتابة فيتحدث عن الأنواع السينمائية المتعارف عليها فى الانتاج الامريكى، وهى كثيرة، وتشمل أفلام الاثارة والحركة والموسيقى والرومانسى والافلام البوليسية والتاريخية والنفسية والدينية والكوميدية، وهناك تفريعات أخرى مثل أفلام الجريمة والفضاء والرسوم المتحركة والرعب والرحلات والخيال العلمى والغناء وغيرها.

وقياسا على ذلك فقد وجدت بعض الأنواع المقابلة لكل ذلك فى السينما العربية وهى قليلة ومنها الافلام الاستعراضية الرومانسية والتاريخية والسياسية والاجتماعية والحربية والكوميدية وغيرها.

هيكلة الأفلام

يتحدث الكاتب عن التصميم القصصي المتعارف عليه والذي يعد مجالا مصطنعا لبناء الهيكل العام للقصة، فكل نوع يحتاج إلى تصميم معين ، ومن أنواع التصاميم المتعارف عليها: تصميم الحب وتصميم النجاح وتصميم السندريللا وتصميم الرجوع وتصميم الانتقام وتصميم التغيير وتصميم التضحية وتصميم العائلة.

وأول ما يمكن ملاحظته في هذا الصدد عدم ذكر الأمثلة مع كل تصميم ولاسيما بالنسبة للسينما العالمية، أما السينما العربية فيذكر بعض الأمثلة منها.

وفي باب التقسيمات والشروحات يضيف مؤلف الكتاب أهمية العناصر الرئيسية لكل فيلم وهي الكتابة "الكاتب" ثم الانتاج والإخراج.

تتداخل الموضوعات في هذا الكتاب، فمع التركيز على فكرة الكتابة بالصورة، وأهمية القصة مقارنة بالعمليات الأخرى ومنها الانتاج والإخراج يسلط المؤلف ضوءا على فكرة التتابع أو التسلسل ويتم تعريفه كالآتي:

"التسلسل هو مشاهد قصيرة أو طويلة تتسلسل بطريقة تمكن المشاهد من استنتاج ما يقصده الكاتب دون أن يقول شيئا، وبتوضيح آخر يقول:

"من واجب الكاتب أن يسيطر على تفكير المشهد ويقود مخيلته بأسلوب ذكى، يجره الى التفكير بما يريده الكاتب أن يفكر به".

وإزاء كل ذلك يضرب المؤلف بعض الأمثلة لتوضيح فكرة التتابع فى التصوير بحيث تكون المشاهد متصلة ولها معنى كبير، رغم أنها فعليا قد تكون غير متصلة.

إن التتابع هو فن السرد، أما المشهد فهو يساعد على فهم القصة. يقول المؤلف: "إن المشهد هو عبارة عن قصة صغيرة له بداية وقلب ونهاية كما في القصة، ومن الممكن أن تكون له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالفيلم أو القصة ككل أما التتابع أو التسلسل فهو تسليط الضوء على الحدث المهم بالنسبة للقصة كلها".

وفي هذا الإطار فإن المؤلف ينجح في تقديم أمثلة للدلالة على أهمية المشهد، ويختار على سبيل المثال الفيلم الأمريكي "معركة البراميل" ومن الأفلام العربية فيلم "أفواه وأرانب".

ولا يخلو الكتاب من نصائح مباشرة، وهي واضحة ومسيطرة ويتم التوسع فيها أحيانا لكي تكون مشروحة أمام القارئ.

في القسم الثاني يتم التركيز على مهمة الكاتب من خلال عرض نماذج من الأفلام الأمريكية التقليدية مثل: لورنس العرب، الموت بالقوة، روكي، الحكم.

ويتوسع المؤلف جورج دافيد في توضيح أهداف كاتب قصة الفيلم فيراها متجسدة في أربع نقاط وهي: فكرة القصة – خلق الشخصيات – بناء القصة – البناء الدرامي.

فرادة وتميز

إن الفكرة ربما تكون صعبة بسبب عملية البحث عن الفرادة والتميز، ولذلك لابد لها من أن تحتوي على بعض العناصر ومنها: الأصالة – البطل – الدافع – العقدة – الحل، وقبل كل ذلك وجود عدد من القصص الفرعية التي تخدم القصة الاصلية، ويستشهد المؤلف بعدد من الافلام، ومنها عندما يطير الدخان ـ روكى ـ الموت بالقوة، افواه وارانب.

ولا يتوسع الكاتب كثيرا فى شرح العناصر المذكورة، ولكن يمر عليها سريعا حيث يمكن للقارىء العادى أن يستوعبها وهذه ميزة جيدة للكتاب لأنه موجه الى القارىء العادى.

ربما كانت العناصر المختارة كلها مهمة، غير أن عنصر (الدافع) هو الواضح الذى يرتهن عليه نجاح أى شريط، فمهما أكدنا على أهمية البطل أو الشخصية الرئيسية يبقى الدافع هو الأساس المحرك لكل حدث، فالدافع الداخلى أو الخارجى هو الذى يعطى للاحداث جاذبية وحركية لا تتوقف الى حين الوصول الى العقدة.

ومصطلح العقدة هذا متعدد المعانى، لأنه يتداخل مع فكرة العائق والهدف ويرتبط احيانا بالشخصية الرئيسية نفسها "على بطل الفيلم مواجهة المصاعب التى تعيقه عن الحصول على هدفه، وهنا تغلق العقدة أو الموانع التى يبتكرها الكاتب فى وجه البطل. هذه الموانع هى التى تعطى البطل قيمته المعنوية وكذلك تعطى قيمة للهدف.

ويأتى هذا فى أفلام الحركة. أما فى افلام الميلودراما، فالعقدة مختلفة نوعا ما".

هناك ايضا موضوعات أخرى مكملة لما سبق طرحه بخصوص أنواع الفكرة مثلا والتى يرى المؤلف أنها تنقسم الى فكرة بسيطة وفكرة قوية ومؤثرة، وهو يسمى ذلك بالمفهوم العالى والمفهوم البسيط، والمعنى حسب التقدير العام للقراءة، أن الفكرة يمكنها ان تكون عميقة ويمكنها أن تكون غير عميقة، ولكن فى هذا الصدد لا يضرب المؤلف امثلة كثيرة لتوضيح هذا الرأى، رغم وجود افلام تعبر عن كل ذلك، وعنما نعلم بأن هوليوود تهتم بالقصة المؤثرة الواضحة بينما نجد سينمات أخرى وخصوصا السينما الفرنسية وبعض السينمات الأوروبية تميل الى عرض الفكرة بشكل بسيط بحيث لا يبدو الهدف واضحا، ولكن تتقدم الاحداث على مستوى افقى وليس عموديا وفى ذلك لم يقل المؤلف الكثير، رغم أنه قد سار على طريق جيدة فى تقديم المعلمومة البسيطة للقارىء.

أما قراءة الشخصيات فهى مكملة لبناء الفيلم، ومن الطبيعى أن يتطرق كتاب الى السينما فى هوليوود الى فكرة البطل لأنه من العناصر الفاعلة والمؤثرة، لأنه يحرك الأحداث.

ومن جانب آخر يتوقف المؤلف طويلا أمام الكيفية التى ترسم بها الشخصية، ويستفيد كثيرا من بعض الأفلام ومنها تحديدا فيلم لورنس العرب، وبوجود بطل الفيلم (اللورد لورنس) الذى قام بتجسيده الممثل (بيتر اوتول) والذى اكتسب بواسطة السيناريو عدة مواصفات داخلية تمكنه من الحركة والانفعال، مع وجود شكل خارجى وصفات ذات طبيعة شكلية مناسبة.

البطل المضاد

ان المقاومة ـ وهى الفكرة المكملة لموضوع البطولة في الفيلم، فهى العقبة التى على بطل الفيلم نجاوزها لكى يصبح بطلا فعليا. "ان للبطل هدفا واضحا أو مهمة واضحة، ويجب أن يكون هنالك عوائق ومنافسة من قبل شخص آخر أو ظروف توقفه أو تؤخره فى الوصول الى هذا الهدف، وفى الافلام الدرامية، حيث المشاكل اجتماعية أو نفسية يكون العائق نفسيا أو اجتماعيا، كما فى فيلم (حتى لا يطير الدخان) وفيلم (أفواه وأرانب).

ومن الناحية العملية فان العائق يمكن ان يكون المقاومة نفسها، وهو ايضا قابل للتجسيد فى صورة المنافس أو الخصم للبطل، فلا بطولة بدون منافسة، سواء اكانت واضحة أو غير واضحة، فردية أو جماعية.

الشخصية والتحولات: ـ

اننا نقول (بان الشخصية المقاومة لا تقل أهمية عن الشخصية الرئيسية. أى البطل، فالمواجهة بين الشخصيتين تخلق الدراما خطرا وحيدا وتساؤلات ومشاكل مقنعة وفى نفس الوقت تعطى شخصية المقاومة قوة دفع للفيلم، وتعطى القصة عنصر الاثارة المطلوب".

يصل التبسيط فى الكتاب الى نهايته القصوى ويصبح مظهرا سلبيا يصر عليه المؤلف كثيرا، وخصوصا وهو يعيد ويكرر الافكار داخل الكتاب، حتى تظن للوهلة الاولى بأن موضوعات الكتاب قد تراكمت بصياغة مباشرة وبلا مراجعة أو تمحيص. مع الوضع فى الاعتبار بأن الأمثلة المختارة ليست نموذجية اذ يصر المؤلف على اعتبار بعض الأفلام لوحدها هى المرجعية، فى حين أن السينما لتلك اللنماذج الراقية من خلال بعض المخرجين التقليديين فى هوليوود وخارجها.

اما التحول فى الشخصية، فهو عنصر يمكن ملاحظته فى أفلام كثيرة، لأن أى شخصية تتعرض لمتغيرات بعد تجربة أو أكثر، وبالتالى تنتقل من طور الى آخر، ويصل التصعيد مداه فى نهاية الفيلم.

ومن الملاحظات المهمة فى كيفية تركيب الشخصية سينمائيا القول بأن الشخصية ينبغى أن تكون حية وبشرية لها عواطفها الانسانية، لكى تكون مقنعة، وبذلك فالمجرم ليس بالضرورة ان يكون مجرما فى كل شىء، والأفضل أن يكون انسانا عاطفيا ومرحا لكى يكون مقبولا.

ينطبق ذلك على شخصية البطل (فالافضل أن تكون غير كاملة، بل بها عيوب ونواقص، ويسوق المؤلف ملاحظة حول فيلم (سوبر مان) حيث لا يظهر أنه قوي دائما، بل يصيبه الضعف بمشاهدته لحجر (الكريبتونايت).

تبقى بعض الاضافات الأخرى المرتبطة بالشخصية، ومن ذلك ضرورة توفر الصراع الداخلى المحرك وهو يختلف عن الدافع، حيث أن لكل قصة سببا، والسبب عادة موجود داخل الانسان، وهو الذى يحرض الشخصية على التحرك نتيجة لصراع داخلى موجود داخل كل شخصية مهما كان نوع الصراع الخارجى الذى يدور بين الشخصيات جميعا.

الاسباب والحوافز: ـ

يمكن القول اذن بأنه يجب أن يكون للبطل شعور خارج اطار دوره الفعلى أو المهني، حتى يمكن ان يكون هناك دافع شخصى، وبالتالى صراع داخلى، كما يمكن للبطل المضاد أو الخصم صراع داخلى، كما يمكن للبطل المضاد أو الخصم صراع داخلى، كما يمكن للبطل المضاد أو الخصم صراع داخلى، وهذا ما يجعل من القصة أكثر اثارة وتشويقا وأدعى للقبول من خلال المنطق الداخلى للفيلم.

هناك نصيحة أخرى فرعية، وتختص بذلك الكاتب الذى يرغب فى الكتابة للسينما على الطريقة الهوليودية، وجوهرها يقوم على فكرة ربط القصة بوجه معين، يمكن العودة اليه فى كل الظروف، وهذا الوجه يمكن أن يكون ممثلا أو شخصا معينا آخر، وليس شرطا أن تكون الكتابة بذلك مرتبطة فعليا بذلك الوجه، ولكنه مجرد حافز على الكتابة، يقودها نحو توجهات وتفريعات جديدة، مع استمرار تدفق الحدث.

يتم تطرق فى القسم الرابع من الكتاب الى ما يسميه المؤلف: "بالملحقات" وأهم عنصر فيها "الحوار" والذى ينبغىأن يسير مع الشخصيات بحيث تبدو حقيقية، بما يدفع الى تحسين مجريات الاحداث فى القصة، أما أهداف الحوار فهى كثيرة ومنها الاعلان عن الشخصيات وابراز معالمها وكذلك اظهار العواطف ثم تحريك القصة الى الامام وطرح المعلومات والتحضير لما هو قادم وتلخيص القصة وغير ذلك من الأهداف.

من الملحقات المهمة التى ينبغى ان يركز عليها كل كاتب للسينما، إن يكون الحوار معبرا عن الشخصية (الحوار مقابل الشخصية) لأن كل شخص يتحدث بما يتوافق مع شخصيته فى الفيلم.

ورغم جودة الملحوظات التى يطرحها المؤلف، ولاسيما مع نهاية الكتاب لا أنه لا يتوسع فيها في الوقت الذي ينبغي فيه أن يستطرد وأن يقدم بعض الشواهد الدالة من السينما العالمية للتوضيح.

ومن ذلك مثلا التنويه إلى أهمية الكتابة السينمائية بطريقة المشهد العام بحيث لا يتدخل كاتب السيناريو أو القصة في التفاصيل، ويترك الجزيئات إلى المخرج. إن هذا النوع يساعد على شيئين، أولهما ابتعاد الكاتب عن التفاصيل والتركيز على مضمون القصة، والثاني يتيح لمخيلة المخرج أن تأخذ حصتها في عملية الإخراج.

نهايات متنوعة

من الأفكار المهمة، التركيز على النتيجة أو النهاية، وبالطبع يميل مؤلف الكتاب إلى النهايات الإيجابية، لأن النمط الهوليودي يتميز بها كثيرا. أما التركيز في القصة نفسها فهذا موضوع آخر، لأنه خلال صفحات السيناريو ينبغي ألا تحيد القصة عن هدفها وتجري وراء قصص أخرى فرعية، بل ينبغي أن يتم استغلال كل صفحة من أجل هدف واضح ومحدد.

وبالنسبة لاختيار البداية فهي مسألة مهمة، لأنه ليس بالضرورة أن تكون بداية الفيلم هي نفسها بداية أحداث القصة، بل اختيار نقطة حاسمة هو الأفضل، ويذكر المؤلف فيلم "غاندي" الذي بدأ من نقطة معينة ليست هي بداية القصة الفعلية، بالنسبة لتطور شخصية غاندي.

ومع التنبيه إلى مسألة اختيار عنوان الفيلم وكذلك الأسماء الخاصة بالشخصيات، فإن الأهم أن الكتاب يقدم طريقة تطبيقية لكتابة السيناريو.. ولكن في مرحة متأخرة وبدون توسع وهو نقص كان يمكن تلافيه، وذلك بتخصيص فصل تطبيقي خاص بالجانب العملي للسيناريو.

قبل نهاية الكتاب يجمع المؤلف بعض النصائح مثل العادة ويمكن تلخيصها في أهمية أن يكون الاختيار جيدا وقريبا من قلب الكاتب وأن يكون على مهل وأن تتم مشاركة الآخرين فيه، مع تصحيح الأخطاء وتقبل النقد والوضع في الاعتبار بأن الإنسان هو الأساس الأول لكل كتابة، مع محاولة الابتعاد عن القضايا الجماعية الكبيرة، لأن الوصول إلى معالجة هذه القضايا لا يتم إلا من خلال الإنسان الفرد.

ومع وجود الترفيه المرتبط بالفن، فإن العبرة من الفيلم ينبغي أن تكون غير مباشرة مع عدم مواجهة الجمهور بدروس وخطب لها رسالة واضحة، إذ من المفضل الابتعاد عن استعمال الفن بهدف توصيل رسالة ما بشكل مباشر في الحياة لأن الاثنين مختلفان ولا يكمل أحدهما الآخر، وهنا نذكر بأن الكثير من الأفلام التي تحمل طابع الرسالة لا تلقى حضورا.

فن وتجارة

رغم الأفكار الجيدة التي يطرحها هذا الكاتب "الكتابة السينمائية على الطريقة الأمريكية" إلا أن صاحبها يبدو متأثرا بالنمط التقليدي لسينما هوليوود ، والجانب التجاري بالنسبة إليه هو الأهم، وهذا فعلا ما يردده حول بعض الأفلام ومن ذلك ما قاله حول المخرج "أوليفر ستون" والذي اعتبره مخرجا فاشلا من الناحية التجارية، فالفن والتجارة لا يلتقيان حسب رأيه، رغم ذلك فإن هناك أفلاما كثيرة نجحت على المستويين الفني والتجاري، "إن الإبداع هو روح الفنان، والمال هو روح التجارة".

يجب على الكاتب دائما التوفيق بين الاثنين، بمعنى آخر، هل يكتب الكاتب شيئا لإرضاء نفسه، وفنه وروحه، أم يكتب شيئا قد يرضي المشاهد أو المنتج بهدف المال؟" إن ذلك موقف صعب كما يقول المؤلف ، لأن الفن والمال لا يلتقيان، وهنا تجدر الملاحظة بأن من مهام المؤلف البحث عن العامل المشترك الذي يؤكد الجانبين الفني والتجاري، وذلك من خلال البحث في نوعية معينة من الأفلام ذلك بعضها في أجزاء الكتاب وتفاصيله، ومن ذلك مثلا فيلم "صوت الموسيقى أو فيلم العراب وغيره".

إن الكتاب كما ظهر لنا هو من نوعية الكتب التي تعمل على توضيح عملية الكتابة للسينما للقارئ، وهو ليس كتابا مختصا بالسيناريو، لكنه أقرب إلى ذلك، ويمكن أن نسمي هذا الكتاب باختصار من خلال عنوان مبسط وهو كيف نكتب للسينما؟ لكن الكتاب رغم ذلك لا يخدم الجانب التطبيقي ويكتفي بالنصائح النظرية المباشرة.

من آخر الأفكار أو العناصر التي يشير إليها الكتاب "المعالجة السينمائية" ويقصد بها تلخيص السيناريو في صفحة، وهذه مسألة مهمة حسب رأي الكاتب ، لأنها تعمل على توضيح الفكرة، وهي صورة مصغرة للفيلم، ومن جانب آخر فهي تساعد على تقديم الفيلم إلى مؤسسات الإنتاج التي تطلب معالجة قصصية قبل قراءة السيناريو.

ومع تقديم بعض التمارين حول القصة بواسطة أسئلة تطرح ويتسم البحث من خلالها عن أجوبة ، فإن نهاية الكتاب قد جاءت بوضوح جديد، لم يطرحه المؤلف من البداية، ويقوم على الاختلاف بين الكتابة للتلفزيون والكتابة للسينما ويتسرع المؤلف كثيرا في هذا الموضوع، لأن محوره يتطلب كتابا آخر، وخصوصا أن هناك أمثلة كثيرة مختلفة كان يمكن الاستعانة بها، وليست الأمثلة التي يأتي على ذكرها المؤلف سريعا، إلا شواهد متواضعة، فلا يمكن الحكم على المسلسلات التلفزيونية عامة من خلالها، كما أن المؤلف يستخدم كلمة "يجب" في مجال الكتابة وكأن هناك قوانين وأحكام ثابتة وصارمة لابد منها، بينما لا تكون الكتابة إلا مسألة نسبية لها ظروفها الخاصة، ولو كانت من خلال سيناريو للسينما أو التلفزيون.

إن أهم ميزة في هذا الكتاب أنه بسيط ويلخص الكثير من الأفكار، لكنه مكتوب على عجل، وبالتالي لا يكاد يحقق الفائدة المرجوة منه، كما أن عنوانه قد جاء واسعا وشاملا، وهو لم يدخل إلى صميم الفيلم الأمريكي من ناحية البناء الفني والأنماط الشكلية والطريقة التي يتعامل بها مع الجمهور وبالتالي معرفة الأسباب التي جعلت الفيلم الهوليوودي مسيطرا ، مع وجود نماذج أخرى خارج نطاق هذه التقليدية، كانت تحتاج إلى القراءة، لتأكيد وجودها أولا ودعم السيطرة المطلقة للسينما التقليدية الأمريكية وباقي السينمات التي تحاول تقليدها.

ليست هناك تعليقات: