الجمعة، 26 سبتمبر 2008

ليلة واحدة مع حسن ومرقص






حسن ومرقص فقط



ارتبطت النجومية بصناعة السينما، فأينما وجدت هذه الصناعة كانت النجومية هى
المدخل للنجاح التجاري، حتى أن صناعة السينما نفسها ارتبطت بصناعة النجم، كما
حدث فى هوليوود والسينما العالمية الأخرى، وأيضا فى سينما كان لها الصدى
المحلى المتميز كما فى السينما الهندية والسينما الأرجنتينية وكذلك التركية
وغيرها.

لم تكن النجومية جديدة أيضا على السينما العربية، وفى كثير من الأحيان كانت
مظهرا ايجابيا، لكن النجم بمفرده لا يمكنه أن يقف وحده، فإذا لم تكن هناك
القصة الواضحة والمعالجة الجيدة ولم تتوفر العناصر السينمائية المكملة، فقد
يحدث العكس وتصبح النجومية مظهرا سلبيا، ليس من الناحية الفنية فقط ولكن من
الناحية التجارية أيضا.

النجم وحده

من الأفلام التى انتجت فى مصر أخيرا وكان الاعتماد الرئيسى فيها على النجم
والنجم وحده يمكن أن نشير إلى أشرطة محمد سعد مثل "كركر – اللى بالى بالك"،
كذلك توجد أفلام أخرى، تظهر وتختفى بحسب نجاح وانتشار هذا النجم وعدم انتشاره
أو تراجع اسمه.

يمكننا أن نذكر أيضا مثالين، قدمتهما شركة "غودنيوز" فى مصر وهى التى تحاول
أن تنتج أفلاما من النوع الضخم مقارنة بالانتاجات الأخرى، كما حدث فى فيلم
سابق لها وهو "عمارة يعقوبيان".

إن المثالين هما "ليلة البيبى دول – وحسن ومرقص" فقد اعتمد كل فيلم منهما على
صورة النجم بالدرجة الأولى، مع وجود رسالة واضحة لكل شريط لها طابع أخلاقى
مباشر أو يمكن القول بأن الانتاج من الأفلام الهادفة، مع اختلاف تقديرنا لهذا
المعنى وعدم وضوحه أصلا.

الفيلم الأول "ليلة البيبى دول" هو آخر سيناريو كتبه الراحل عبد الحى أديب،
ولقد حاولت الشركة أن تكرّم هذا السينارست، فانتج أصحابها وهم أبناء عبد الحى
أديب هذا السيناريو، وأخرجه الابن عادل أديب الذى سبق له أن قدم شريطا معروفا
وهو "هيستيريا" لكنه لم يعترف بشريطه وربما أكمله غيره على مستوى المونتاج
وبالتالى من الصعب الحكم على تجربة هذا المخرج، حتى لو كان فى جعبته أكثر من
شريط واحد.

الدعاية أولا

وبحسب طريقة الشركة، الدعاية هى الأساس وهى المنطلق، وتبدأ هذه الدعاية
بالنجوم أولا، ثم بعد ذلك الدعاية الإعلامية على مستوى البث الفضائى وكذلك
الصحف والمجلات، بالإضافة إلى حفلات العرض الخاصة فى مهرجان كان السينمائى عن
طريق تأجير قاعة خاصة لعرض الفيلم والدعوة إلى أكثر من حفلة للتعريف بالانتاج
السينمائى للشركة، وبمعية النجوم طبعا مهما كثر عددهم.

فى هذا الفيلم يوجد عدد كبير من النجوم، محمود عبد العزيز ونور الشريف ومحمود
حميدة وليلى علوى وغادة عبد الرازق، من مصر، سلاف فوخراجى وجمال سليمان من
سوريا، ومن لبنان نيكول سابا، بالإضافة إلى علاء غانم وعزت أبو عوف ومحمود
الجندى وجميل راتب وأحمد مكي.

كل هؤلاء

وعندما يجتمع كل هؤلاء فى فيلم واحد، فذلك يعنى أن هناك تغطية واضحة على شيء
ما. وبالفعل هناك تغطية على ضعف القصة واختلال السيناريو وعدم وجود موضوع
واضح يقوم عليه الفيلم.

إن الفكرة بسيطة جدا، تتمثل فى وجود شخصية تدعى حسام، يعيش فى أمريكا وزوجته
سميحة تعيش فى مصر، ولا نفهم سببا لذلك، فلماذا لم تلتحق به أو يلتحق بها؟
ولكن المهم أنه مصاب بمرض عدم الانجاب ولذلك استفاد من وجوده فى امريكا عاملا
فى السياحة للتردد على مصحة طبية، لكى يعود إلى مصر مع وفد سياحى أو اقتصادي،
وبالتالى يقابل زوجته ولكن ليوم واحد أو ليلة واحدة، ولا ندرى سببا لذلك
أيضا، ولكن وكما تقول الأحداث فالوفد الأمريكى يبيت ليلة واحدة فى القاهرة
فقط وهو مرتبط به أما الزوجة فقد باعت الشقة وسكنت مع أسرتها، ولذلك حجز
لزوجته سكنا فى فندق الوفد، لكى يتمكن من تحقيق حلم الانجاب الذى ينتظره مع
زوجته بوجود طفل ينتظره منذ أمد طويل.

الزوجة ليس لها أهل فى الصورة، وكذلك الزوج، فهما فردان يقعان فى مشكلة ولا
يقف معهما أحد، ومثل أكثر الافلام، فإن هناك شخصية بلهاء موجودة دائما، وهذه
المرة تعمل ضمن الأسرة المشرفة على حركة الوفد، وهو يحل مشكلة عدم وجود غرف
كافية بالتخلص من غرفة حسام وكذلك غرفته وصديقته التى تعمل معه والذى يتزوجها
فجأة فى نهاية الفيلم.

هكذا يصبح هم الزوجين أن يجدا مكانا خاصا بهما ليحققا حلم الانجاب، ولكن دون
فائدة، وهنا يمكننا أن نتذكر شريطا ساذجا للمخرج نجدى حافظ أنتج فى سوريا من
قبل القطاع الخاص وكان بعنوان "شقة للحب" بطولة محمد عوض وماجدة الخطيب، لكن
الفرق كبير بالطبع من الناحية التقنية والابهارية، حيث نجد أن هناك عدة خطوط
تتقاطع، الخط الأول لحسام الذى اشترى فستان نوم لزوجته وذلك هو المعنى الذى
يعبر عن ليلة البيبى دول. هناك أيضا عوضين وهو زميل دراسة سابق ورجل وطنى
تحول إلى أحد الزعامات فى التنظيمات السرية العسكرية وانتقل إلى أمريكا وعاش
فترة فى العراق وتعرض للتعذيب وصار فاقدا لرجولته، وكذلك فقد صديقته ليلى
عندما تعرضت لمداهمة دبابة من اسرائيل وهى تقف مع الحق الفلسطيني.

حقيقة ضائعة

إن عوضين يسعى لتدمير الفندق الذى يقيم فيه الوفد الأمريكي، ولكنه يفقد
ببساطة آلة التحكم فى القنابل "بكل بساطة" وعندما يوصله صديق قديم "شكري" إلى
قلب المدينة يكون قد استلم حقيبة حسام بالخطأ، حيث الفستان الأبيض القصير هو
البديل لهذا "الريموت كنترول".

إن السائق شكرى هو صديق للطرفين، ينتقل بينهما، ويمنح شقته لصديقه حسام،
ولكنه يموت بيد عوضين عندما أزال البطاريات من الريموت كنترول وأفشل عملية
التفجير. تتداخل الفروع ولا توجد قصة محددة، وكلما ذكر اسم وجدنا أنفسنا أمام
مشاهد للتذكر بلا هدف واضح، حتى أن هناك مشاهد لتذكر مآسى اليهود فى
الهولوكست بصورة قريبة جدا من فيلم "قائمة شندلر" ولا يوجد أى مبرر لذلك، وكل
لحظات التذكر هى إضافة ضعيفة لتأكيد خلفيات خارج نطاق القصة الأصلية، مع
العلم أن القصة الأصلية بناؤها ضعيف لا يقوم عليه شريط واضح.

هناك خطب ومناقشات حول القضية الفلسطينية والمحافظين الجدد وضياع الحق
الفلسطينى والظلم الأمريكى الصريح بوقوف أمريكا مع اسرائيل بشكل مستمر، إن
الفيلم لا يحتمل كل ذلك، ولا يحتمل كثرة الشعارات كما أنه يدخل بالحوار إلى
مناطق شائكة فيها الكثير من السطحية والمباشرة، كما فى الحوار بين محمود
الجندى ونور الشريف حول العراق، وكذلك حوارات ليلى علوى مع غيرها من
المعارضين لها، ومن الطبيعى ألا يفهم المشاهد شيئا عن هذا الوفد الأمريكي،
الذى يضم بالصدفة قائدا سابقا لسجن أبو غريب وهو جنرال عجوز لا يصلح للخدمة
العسكرية "جميل راتب" ولقد كان سببا ليس مباشرا للاعتداء على عوضين عندما قبض
عليه فى العراق، وبالتالى فإن عوضين سيعمل على الانتقام منه عندما يجده
بالصدفة فى القاهرة، لكنه يتردد فى آخر لحظة ويدخل فى اشتباك مع قوات الأمن
المصرى بقيادة أحد الضباط "محمود حميدة" والذى يظهر وكأنه عسكرى أمريكي. يفشل
حسام فى اللقاء بزوجته، ويجبر على العودة إلى أمريكا، غير أنه فى آخر لحظة
يقرر عدم السفر والبقاء مع زوجته من أجل الطفل المنتظر.

أسلوب كوميدي

يسير الفيلم مع حسام بطريقة كوميدية، ولكن مع الشخصيات الأخرى يسير بشكل
عادي، ويغلب على أداء محمود عبد العزيز الشكل الكاريكتورى حيث المبالغة فى
التعبير المفتوح، وأجواء الفيلم ربما لا تسمح بهذا النوع من التعبير، مع
التصريح ببعض البساطة التى تصور وكأن الطفل لابد أن يأتى من ليلة واحدة، وأن
الرمز "الفستان الأبيض" هو الذى سوف يحل كل المشكلات، وأن الانجاب هو الحل،
والغريب أن أبطال الفيلم جميعا عجزة، بداية من حسام إلى عوضين، إلى شكرى الذى
يعيش وحيدا رغم أنه قد تجاوز سن الشباب، إن الطفل هو حلم عند هؤلاء الشخصيات
بما فى ذلك الشخصيات النسائية. الفيلم أيضا من حيث الموسيقى يقدم فى كل مشهد
شيئا مختلفا، من أغنية لأم كلثوم أثناء اللقاء الحميمى وهى صورة مكررة، ومع
وجود أغان أجنبية وأغنية تعبيرية فى النهاية للمطربة روبي.

كما سبقت الإشارة فإن الفيلم فيه فراغ واضح، ولم تجد إضافة المشاهد الكبيرة،
لأنها جاءت بلا مبرر، ولا أظن أن هناك رجوعا للخلف مثل الذى قدمه الفيلم إلا
فى الأفلام ضعيفة المستوى، والتى تدعى الفيلم بأنه قد ابتعد عنها بخطوات
واسعة عن طريق الاستفادة من النجوم والتركيز عليهم.

لا يستطيع النجم أن يكون فاعلا إلا إذا رسم دوره ضمن إطار فيلم متكامل،
والرهان على النجوم وحدهم لا يصل بنا إلى فيلم مقنع، مهما كانت النوايا حسنة
ومهما كان الواقع ساخنا والأحداث حية، فالمهم أن تكون المشاهد كذلك داخل فيلم
سينمائى وليس خارجه.










































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































ليست هناك تعليقات: