الاثنين، 29 سبتمبر 2008

· من الأشرطة التاريخية الدينية ------- ظهور الاسلام



من الأشرطة التاريخية الدينية

ـ ظهور الإسلام

رغم أن السينما العربية قد بدأت مبكراً نسبياً ، إلا أن الانتظار قد طال حتى جاءت سنة 1951 لتقترن بإنتاج أول شريط ديني متكامل .

إنه شريط " ظهور الإسلام " لمخرجه إبراهيم عزالدين ، المعتمد على كتاب " الوعد الحق " للدكتور طه حسين الذي نشر سنة 1950 ، وكان الكتاب محاولة قصصية لكتابة التاريخ الإسلامي بالتركيز على بعض الشخصيات ، وبالأخص شخصية " عمار بن ياسر " ، ومما أضاف للكتاب أبعاداً درامية مشجعة الخلفية الاجتماعية والثقافية التي تتحرك من خلالها الشخصيات ، والتي جعلت المخرج الجديد القادم من أمريكا يختاره لكي يكون الأساس لعمله السينمائي الأول وهو أيضاً عمله الأخير مخرجاً ومنتجاً .

إن شريط " ظهور الإسلام " قد شكّل البداية الفعلية للشريط الديني ، بعد تجارب في الشريط التاريخي قامت بها السينما المصرية ، وبسبب هذا الشريط واعتماداً عليه تكررت الكثير من المشاهد التي عرفها الجمهور بعد ذلك حتى أنها تشابهت وتداخلت بسبب الأحداث المتكررة التي صاحبت ظهور الرسالة المحمدية ، ومن ذلك مثلاً : التركيز على إبراز وضع العرب قبل الإسلام وفي قبيلة قريش تحديداً ، وإظهار العادات السلبية والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي متمثلاً في وجود طبقة من العبيد تشترى وتباع ، بالإضافة إلى جفاف الحياة وعدم وجود مثل عليا نبيلة يتطلع إليها الأفراد وسط انتشار عبادة الأصنام ، وكل تلك الجزئيات والتفاصيل التقط الشريط بعض جوانبها ، مما جعله يقترب من كتاب " الوعد الحق " مسقطاً بشكل أو بآخر البعد الدرامي للموضوع .

في جانب آخر من الشريط ، تم التركيز على بداية انتشار الدين الإسلامي ، وخصوصاً عند العبيد من الضعفاء ، وما حدث بسبب ذلك من تعذيب سادة قريش لهؤلاء العبيد ، كما حدث لعمار بن ياسر الشخصية شبه الرئيسية في الشريط ، وكذلك بلال الحبشي وغيره من الشخصيات ولقد اظهر الشريط بشكل واضح المواجهة بين بلال بن رباح وأمية بن خلف ، ومواجهات أخرى حادة مع ابي جهل ، مع اهتمام خاص ببعض الأدوار على حساب أخرى ، وذلك لكي لا تظهر الحاجة إلى تقديم شخصيات معينة مثل عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق وعلي بن طالب ، وهي الشخصيات التي ليست هناك موافقة لظهورها على الشاشة .

والواقع أن معظم الأشرطة الدينية التي جاءت بعد شريط " ظهور الإسلام " قد نسخت عنه معظم المشاهد المذكورة من حيث كيفية التقديم ، ومن ذلك الاهتمام بكيفية تحرر بلال الحبشي ومشاهد التعذيب بصفة عامة بل إن مشهد تسلق بلال للمئذنة في المدينة وشروعه في إشهار الأذان الأول ظل متكرراً بنفس الطريقة في أكثر من شريط بعد ذلك وما أكثر أهمية هو أن طريقة بناء الديكورات قد صارت شكلاً منقولاً من هذا الشريط في أغلب الأشرطة التي تتشابه معه في الأحداث .

من أهم ما يميز شريط " ظهور الإسلام " تناوله لسيرة بعض النساء المسلمات ممن اخلصن للدعوة الإسلامية ، وخصوصاً سمية زوجة ياسر بن عامر وسهيلة بنت سهيل وكذلك الأميرة الحبشية زوجة رباح وجميعهن من الضعفاء الذين ركز عليهم الشريط ، وربما كان ذلك من أهم خصائص شريط ظهور الإسلام .

وبشكل عام ومع استمرار الأحداث الخاصة بالهجرة ثم الصراع مع سادة قريش وفتح مكة ، وصل الشريط إلى نهايته معتمدا على الراوي الذي يتدخل أحياناً لشرح بعض الأحداث ، وخصوصاً المعارك الحربية التي لم يهتم بها الشريط بشكل جيد .

أما عن الحوار فقد كتبه وصاغه الدكتور طه حسين ، ولذلك جاء مليئاً بالاستشهادات القرآنية والنقاشات المطولة ، بالإضافة إلى افتتاحه للشريط بمقدمة صوتيه اقترنت بالتحية والتقدير لهذه التجربة ، وربما كانت هذه إضافة تجارية ساعدت على انتشار الشريط والذي قيل بأن افتتاحه كان رسمياً وبنجاح لافت للنظر استمر لما يزيد عن ثمانية أسابيع متتالية .

كما أنه عرض ببعض البلاد الإسلامية ، ومما تذكره الصحف بأن الجمهور كان يكبر ويهلل داخل القاعة ، وأن المشاهدين اندونيسيا كانوا يخلعون أحذيتهم قبل دخولهم للقاعة التي تعرض الشريط .

يبقى التقييم النقدي للشريط في خلق الأحداث الصحفية ، لأن الاستقبال العام الجيد قد غطى على كل الأحداث والتفاصيل ، وبسبب عدم عرض الشريط بصورة منتظمة بعد ذلك ، فقد اعتبر النقد المرتبط به في نفس الدرجة من التهليل والذي لا يمكنه أن يخفي الضعف الواضح من الناحية الدرامية والتقنية وكذلك الدرامية ، رغم الجهد المبذول في التصوير داخل أستوديو مصر وفي الأماكن الخارجية وجهد التمثيل الواضح ولا سيما عند ممثلين مثل عماد حمدي وأحمد مظهر وكمال ياسين وتوفيق الدقن والممثلة المصرية كوكا .

لقد كلّف الشريط بضعة آلاف من الجنيهات المصرية وقدمت له مساعدات من أطراف عامة وخاصة وتمت الاستفادة من مدير التصوير الأمريكي ( والترهاجوب) ، ورغم أن المخرج قد وجد تشجيعاً كبيرا من قبل الجميع واشترى بعض الآلات الجديدة لاستخدامها في أعماله القادمة إلا أنه توقف عن ممارسة النشاط السينمائي لاعتبارات كثيرة ، بعضها له علاقة بالأحداث السياسية في مصر ولم يعرف أنه قد دخل في أيه مشروعات إنتاجية سينمائية في داخل مصر أو خارجها ، وظل شريط " ظهور الإسلام " هو الشريط الأول والأخير له .

هناك تعليق واحد:

biologie يقول...

شكرا لكاتب المقال
أين يمكنني مشاهدة فيلم ظهور الإسلام
هل هو موجود على الأنترنيت؟؟؟؟