الثلاثاء، 23 سبتمبر 2008

خارج اطار السينما __ الزمن والرواية ___ قراءة فى كتاب




بناء الزمن فى الرواية المعاصرة

قليلة هى الكتب التى تعنى بمعالجة بنية الزمن فى الأدب بشكل عام والرواية بصفة خاصة، وستبقى فى ذاكرة القارىء بعض الكتب اليتيمة والتى صدرت منذ سنوات ولم تزل الى حد الآن هى المراجع العربية فى هذا الموضع من تلك الكتب يمكن أن نذكرها كتاب (تيار الوعى فى الرواية الحديثة) والذى ترجمه محمود الربيعى عام 1975، وكذلك كتاب "الزمن فى الأدب" ترجمة أسعد مرزوق عام 1972 ومن الكتب التى تعالج موضوع الزمن بشكل عام كتاب كولن ولسون والذى كان بعنوان (فكرة الزمان عبر التاريخ) وقد ترجمه فؤاد كامل عام 1992. وكتاب (التطور مخالف) لهنرى برجسون 1984 هناك ولا شك كتب أخرى تلامس فكرة الزمن وفى الأدب الروائى على وجه الخصوص، ولكنها كتب قليلة من الناحية النقدية النظرية والتطبيقية بسبب صعوبة التعرض لمثل هذا الموضوع الذى يتشابك مع الفلسفة وعلم النفس ويتداخل معهما.

وهذا الكتاب الذى نستعرض بعض محتوياته يدخل ضمن هذا السياق، فهو يبحث فى موضوع الزمنى وبينته فى الرواية المعاصرة، ولذلك جاء العنوان (بناء الزمن فى الرواية المعاصرة) لمؤلفه الدكتور مراد عبد الرحمن مبروك، وربما كان الكتاب اقرب الى الرسالة الأكاديمية العلمية، مع بعض التحويرات الإضافية، التى تسمح بأن يكون الكتاب فى متناول القارىء العام والمتخصص، رغم أن نوعية الموضوع لا يتوقف عندها الا من كان يتعامل مع النقد والقراءة النقدية التطبيقية والنظرية.

صدر الكتاب عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وضمن منشورات مكتبة الأسرة وفى حجم متوسط يقارب 200 صفحة، وبالطبع جاء سعر الكتاب زهيدا، غير أن الغلاف كان مسطحا، وهو عبارة عن لوحة تخطيطية لبعض الكتب المتراكمة على بعضها وبلون واحد أزرق يغطى كل الغلاف، وقد اتضحت عدم الدقة فى الرسم والسرعة فى الانجاز، الذى لا يعطى لجوهر الموضوع حقه، مهما قلنا بأن البساطة والطباعة غير الفاخرة هى القاعدة التى تؤدى الى انتشار الكتاب الرخيص الثمن؛ فالواقع أن نوع اللوحة المختارة ومستواها الفنى هى المشكلة وليس باقى الجوانب الفنية والتقنية.

افتتاحية الكتاب: ـ

تقول افتتاحية الكتاب والتى عنونها المؤلف باسم (المفهوم) بان الزمن المقصود والمستهدف للدراسة هو الزمن الادبى أو الزمن الروائى، ولكن لا يعنى ذلك أن الدراسة سوف تقتصر عليه فقط، لأنه يتماشى مع المفهوم الفلسفى والنفسى للزمن.

ولعل افتتاحية الكتاب تحاول ان تعرف الزمن بمعناه المتعدد، ولاسيما عند برجسون فى تصويره للزمن النفسي أى ذلك الزمن المعطى مباشرة فى الوجدان، وبتركيز أكثر على مفهوم الزمن عند برتراند رسل فى ربطه للوجدان بالخبرة والذاكرة، وكذلك منظور القديس اوغسطين الذى يركز على الاختبار اللحظي، فيحدث ذلك التقارب الذى افرز رواية تيار الوعى، حيث يشكل التذكر ملمحا بارزا، فهو أحد المقومات السياقية الرئيسية فى تشكيل رواية تيار الوعى عالميا.

اما السبب المباشر فى تقارب مفهوم الزمن النفسي عند برجسون من المفهوم الأدبي فيرجع الى الاعتماد على الحالات الشعورية والنفسية، من حيث الاقتران ليس بالوجدان المباشر، بل أيضا بالديمومة، التى يعبر عنها التتابع والتغيير، وابلغ تعبير عن ذلك كتابات فرجينيا وولف وبروست.

هنا يبدو واضحا أن المؤلف يعيد تركيب بعض الأفكار المعلن عنها فى العلاقة بين الرواية ومفهوم الزمن، حيث يخلص الى القول بان الذاكرة والديمومة تعدان الأداتين اللتين يتفق حولهما الزمن النفسى والفلسفى للأدب، فإذا كانت الديمومة هى التدفق المستمر للزمن، فإن الذاكرة ليست سوى مستودع أو خزان للمسجلات والآثار الثابتة للأحداث الماضية يشبه السجلات المحفوظة فى الطبقات الجيولوجية.

غير أن الفكرة الرئيسية التى لم يتوسع المؤلف فى شرحها تتمثل فى تصور برجسون حول (التداخل الدينامى) أن العلاقة المتفاعلة بين الزمن والذات، وهو ما يفرز لنا مدى التركيز على الترابطات الزمنية التى لا يتم ترتيبها بانتظام فى الرواية، مما يعنى كسر العلاقة بين السابق واللاحق كما تكشف عنها الأحداث فى الطبيعة.

ومن جانب يلخص مؤلف الكتاب بعض الآراء بطريقة جيدة، وخصوصا تلك الآراء التى عبر عنها اتجاه تيار الوعى الممثل فى الروائى "الان روب عزييه" الذى طرح مفهوم زمن القراءة أو المشاهدة، وكذلك ميشيل بوتور الذى قسم زمن الرواية الى ثلاثة أزمنة وهى: زمن الكاتب وزمن الكتابة وزمن المغامرة.

كذلك الأمر بالنسبة لجان ريكارديو الذى حلل الزمن الى محورين:

الأول زمن السرد والثانى زمن القصة.

ويرى المؤلف أن الشكلانيين الروس لم يختلفوا فى نظرتهم الى الزمن الروائى على من سبقهم، من حيث التركيز على (المتن الحكائى) وهو المجموع الذى يوصل الأحداث فيما بينها والتى يتم أخبار القارىء بها، رغم أن مفهوم المبنى الحكائى لدى الشكلانيين هو أكثر تعقيدا لارتباطه بصيرورة الأحداث واستجابة لظاهرها الشكلى والواقعى.

أما زمن الحكى، فهو زمن السرد أو المدة الزمنية لقراءة العمل، وهو المفهوم الذى تطور الى نظرية القارىء فى الأدب.

ولا يتوقف المؤلف كثيرا عند آراء بعض الكتاب مثل تودروف وجيرار جنيت واميل بنفنست لأنهم اعتمدوا على تراكيب لغوية تصلح للغة معينة دون غيرها، وبذلك لم يحاول المؤلف ان يتقرب من المستويات الشكلية الموحدة أو الأنماط التى تجمع كل تعبير لغوى، وربما اعتبرنا ذلك أمرا طبيعيا الآن موضوع الكتاب يتوقف عند تيار الوعى فى الرواية ولا يتجاوز ذلك.

قبل أن يشرع المؤلف فى تطبيق تصوراته لمفهوم الزمن على الروايات التى اختارها، يلخص محاوره الى أربعة اتجاهات وهى: الترتيب الزمنى أولا، ويقصد بذلك دراسة السابق واللاحق، ثم التتابع الزمنى، ويعنى به دراسة الحركية الزمنية فى اقترانها مع الحالات الشعورية، مثل قراءة القفز الزمنى والتوافق الزمنى والتوقف الزمنى، وكل ذلك يلخص الاتجاه الثالث.

الاتجاه الرابع وهو التوافق الزمنى لمجالاته المتعددة، فالأحداث قد تأتى مفردة أو متعددة أو نمطية.

أخيرا الاتجاه الرابع ويقصد به التعبير عن جدلية الزمن والذات أو التعبير بالدلالة الزمنية.

يقول المؤلف: "نظن أن هذه الأربعة هى التى تحدد مستويات التشكيل الزمنى فى رواية (تيار الوعى) وقد وقع اختيارنا على بعض الروايات التى تجسد أنماط تيار الوعى فى المرحلة من 1967 ـ 1994) من حيث التكنيك والتنوع الفنى والمرحلي والبيئي للكتاب، وأهم هذه الروايات (سكر مر) 1969 لمحمود عوض عبد العال، ورواية (هل رأيتهم يحلمون؟) 1978 لوليد إخلاصي ثم رواية (رحيل البحر) 1983 لمحمد عز الدين التازى ورواية (محطة السكة الحديد) 1985 لادوار الخراط ورواية (وسيمة تخرج من البرح) 1986 لليلى عثمان ورواية (ضوضاء الذاكرة الخرساء) 1994 لحمدى البطران.

مقومات التشكيل الزمنى: ـ

يطرح المؤلف الدكتور مراد عبد الرحمن مبروك ثلاثة عوامل اعتبرها هى مقومات التشكيل الزمنى وهى: ـ المقومات الاجتماعية والمقومات السيكلوجية والمقومات اللغوية.

الأولى تستجيب لما حصل فى العالم من متغيرات بسبب التطور التقني، حيث صار الزمن منتجا ماديا، له أهمية فى إنتاج السلع للربح والاستهلاك ومن هنا جاء قلق الإنسان على الزمن لأن كل ثانية تمر لها ثمن، كما أن الخبرات تقاربت فى آن واحد، وصار من الممكن استباق الزمن وفى نفس الوقت استحضار الماضى فى مجتمعات متقاربة، فضلا عن التوتر الاجتماعي للفرد بسبب شعور الفرد بانه ضئيل أمام الزمن، وصارت الذات، كما يقول المؤلف لها قيمة سلعية "بدلا من كونها منعما عليها بقيمة فى حد ذاتها يصبح للذات قيمة تقنية مثل الأداة والسلعة".

هذا المعطى مطلق فى شموله الانسانى، ولكن الرواية العربية تتصف بان الفرد فيها يسترجع الماضى بعذوبة، ومن ذلك العودة الى الطفولة، إنه الماضى الأليف "فى مقابل اهتراء الواقع الحياتى الآنى الذى تعيشه الذات، بعد ان أدركت اختلال معايير حاضرها ومستقبلها.

فى نفس الوقت نجد أن الذات فى الرواية العربية قد تأثرت بالحضارة المعاصرة، فتمردت على الماضى من حيث اختيار طريقة التعبير الشكلية، ومن خلال مجريات أحداث الأعمال الأدبية.

أما بالنسبة للمقومات النفسية، فقد استعير من النظريات السيكلوجية ما يسمى بمجرى الشعور بكل تكويناته، مثل التداعى النفسي والمونولوج الداخلى ومنطق الصور.

ومن جراء تأثر كتاب الرواية العربية بالزمن النفسى، نجد أن الرواية المعاصرة "كثيرا ما تعتمد على المناجاة النفسية وعلى التداعى النفسي الحر للمعانى والمونتاج الزمانى والمكانى والمونولوج الداخلى المباشر وغير المباشر.

وأثناء حديثه عن المقومات اللغوية يلقى المؤلف نظرة حول أفكار (جون لا ينز) فى الموضوع ويقابلها مع وجهة نظر (أميل بنفنست) ويخلص الى القول بوجود مفهومين للزمن، اعتماد على المقوم اللغوى، الأول الزمن الفيزيائى للعالم ويقصد به "الزمن اللامتناه الذى يستشعره الإنسان من خلال أحاسيسه ومشاعره الداخلية، أى ذلك المختلف من إنسان الى آخر، بحسب هواه ونمط حياته الداخلية".

الثانى، هو زمن حدثى وهو الذى (يقاس بتتابع الأحداث فى الواقع) ويمكن أن نصل الى خلاصة تتصل بالقراءة اللغوية لمفهوم الزمن من خلال أطروحات (أميل بنفنست) بالدرجة الأولى ومؤداها:

"على الرغم من ان كل الأحداث الزمنية تعد ماضية بالنسبة للحظة السرد الانية. الا اننا سنحتكم الى الزمن الطبيعى للأحداث فى الرواية، فما وقع حدوثه على لسان الراوى يعد ماضيا، وما لم يقع بعد يعد مستقبلا، وفى كل الأحوال تسرد هذه الأحداث الماضية والمستقبلية فى اللحظة الانية أو فى الزمن الحاضر"

مفاهيم الدلالة الزمنية: ـ

الفصل الأول من الكتاب يعنى بالترتيب الزمنى ويقصد به فى سياق الرواية استحضار الماضى فى زمن الحضور الاستحضار، وتداعى المستقبل فى زمن الحضور ـ الاستباق، أي أن هناك مستويين: السوابق الزمنية واللواحق الزمنية.

يطبق المؤلف هذا المفهوم على الروايات التى حددها، وهى روايات متنوعة من مصر وسوريا والمغرب والكويت ويستخدم الجداول والرسوم البيانية لتبيان ما توصل إليه عن طريق اختيار النصوص الدالة على الترتيب الزمنى، من حيث تحديد الفصل الروائى والنص الدال والتتابع الزمنى، والصيغ اللفظية الروائية، بما فيها من ماض وحاضر ومستقبل، فضلا عن المسار الزمني والأنماط السردية، ثم المدلول السياقى للنص.

ان الجداول الإحصائية والأشكال الهندسية تؤدى الى خلاصات ونتائج يوردها الكاتب، لكن الإطار الاكاديمى الذى يحاصر الكتاب، لا يعطى فرصة للقارىء العام أن يصل الى نفس النتائج، بل إن القارىء المختص نفسه قد لا يتفق مع الكاتب فى النتائج التى توصل من خلال المقدمات المطروحة.

نفس الأمر ينطبق على الفصل الثانى الذى يطبق فيه الكاتب مفهوم التتابع على نفس الروايات وبنفس الطريقة الإحصائية. غير أن الفصل الثالث الذى يسميه الكاتب التواتر الزمني، ويقصد به الاعادات وتكرار الأحداث الرئيسية والفرعية داخل النص، هذا الفصل يقدم بطريقة إنشائية خالية من أسلوب الجدولة، لأن التكرار محدود فى الغالب.

وهنا لابد من الملاحظة بأن استقطاع المشاهد داخل النصوص يعد أساس عمل الكاتب، فالروايات المختارة جميعا، تتحول الى مقاطع كاملة، ثم تتقارب هذه المقاطع بحسب طريقة الجمع أو الإحصاء أو استنتاج المعنى.

وبالطبع يتطلب كل ذلك، جهدا كبيرا ولاسيما فى الفصول الأولى.

(الفصل الثالث يظهر واضحا وخصوصا بالنسبة للاستنتاجات التى تحاول أن تقترب من مقاصد الكاتب، وهو أمر يكاد يبتعد عن مجالات النقد الأدبى وجمالياته.

الفصل الرابع والأخير هو أفضل فصول الكتاب وهو يعنى بمفهوم الدلالة الزمنية، ويقصد بها "الأبعاد الإيمائية التى يعبر عنها التشكيل الزمنى فى الرواية، وتتمثل فى صراع الذات والزمن، وفى الديمومة الزمنية، وعدمية الذات، ويرجع الى مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية والنفسية".

بنفس الطريقة فى الاستقطاع والتركيب والاستنتاج، يمضى الكاتب قدما فى التعامل مع الزمن الروائى، مع بعض الاضافات التى ترتبط بالعلاقة المتفاعلة بين الذات الزمن، مثل الاقتراب من المغزى الصوفى، ومحاولة تفسير التناص الذى تكشف عنه الروايات جميعا، والكشف عن بعض الدلالات السياسية المرتبطة بأزمة الفرد داخل كل رواية، واشتباك هذا الفرد مع الجماعية والتى يسميها الكاتب الانا الجماعية بدون توضيح مباشر لهذا المصطلح.

خلاصات وتعريفات: ـ

فى آخر مراحل الكتاب (بناء الزمن فى الرواية المعاصرة) يصل المؤلف الى الخاتمة، وهى إعادة ترتيب لأفكار الكتاب لنصل الى مجموعة من النقاط هى كالاتى: أولا تعريف الزمن الروائى، وهو المستهدف من تحديد المفاهيم الخاصة بالزمن، بحيث يكون كالاتى: ـ صيرورة الأحداث الروائية المتتابعة وفق منظومة لغوية معينة تعتمد على الترتيب والتتابع والتواتر والدلالة الزمنية، بغية التعبير عن الواقع الحياتى المعيش، وذلك من خلال جدلية الذات والزمن او الديمومة الزمنية وعدمية الذات،

ثانيا: التركيز على عدد من المقومات والتى تضافرت لخلق تشكيلات متعددة فى رواية تيار الوعى، وكذلك اعتماد هذه الرواية على الترتيب الزمنى المختل أو غير المنتظم، وفى هذا الصدد لم يهتم الكاتب كثيرا بتأثر الروايات قيد البحث والدراسة بالروايات العالمية التى سارت فى نفس السياق وشكلت مؤثرا أدبيا فاعلا وحتى فى حال عدم تحقق هذا المؤثر العالمى، ينبغى الإشارة إليه مع توضيح الأسباب، مع العلم بأن الروايات العربية يمكن أن يكون لها نفس الدور، وخصوصا بعض الأعمال الأدبية المنتجة فى الستينيات.

ثالثا: الاعتماد على السوابق الزمنية أي الأحداث الماضية التى يسترجعها الراوى، وكذلك الاعتماد على اللواحق الزمنية وهى الأحداث المستقبلية التى يستبقها الراوى وهو فى اللحظة الانية للسرد، بما فى ذلك السيطرة على المسار الزمنى للرواية، من حيث التوقف الزمنى والقفز الزمنى والتوافق الزمنى، ورصد هذا الا يتم بمعزل عن الحدث الروائى.

رابعا: ـ اعتماد رواية تيار الوعى على التواتر الزمنى "الذى يعنى بالعلاقة بين العملية السردية للحدث والتشكيل الزمنى من حيث التواتر المفرد والتكرارى والنمطى.

وإذا كان التواتر المفرد واضحا، وكذلك الأمر بالنسبة للتكرار فى السرد، فان التواتر النمطى يشوبه بعض الغموض، فيما قدمه الكاتب من اختيارات، وهى يعنى على أية حال "حالة التكثيف السردى للزمن الطويل الممتد، الذى تشعر به الذات، لكن السارد يختزله فى العملية السردية فى تعبيرات أو جمل موجزة ومكثفة".

خامسا: ـ لا شك أن الجدلية القائمة بين الذات والزمن تشكل البعد الفني الأهم فى رواية تيار الوعى، حيث تصطدم الذات مع الواقع الذى حولها فتشعر بالانكسار والضياع وتتلاشى مثل القطع الصغيرة والوقائع المتفرقة التى يعبر عنها الخواء الحياتى.

من جانب آخر، مؤثر الديمومة الزمنية على طبيعة الواقع المعيش وفى الجانب السيكولوجى على وجه التحديد، فتشعر الذات بانها عدمية أمام الأحداث اللامتناهية.

هذه أهم معالم الكتاب والتى حاولنا توضيحها ببعض الإيجاز، حيث أن موضوعات الكتاب يصعب اختصارها، بسبب اقتران الأدب فيها بالفلسفة وعلم النفس.

من جانب آخر ربما يطرح أكثر من سؤال حول نوعية الروايات التى اختارها الكتاب، فلم نجد توضيحا عن سبب هذا الاختيار، فهى روايات متوسطة القيمة وهى لا تكاد تعبر عن الموضوع المطروح، كما أن كل التقسيمات المطروحة لا تجد لها روايات معينة تعبر عنها، ومن هنا نقول بأن الروايات الخاصة بالتتابع الزمنى تختلف كليا عن غيرها فى روايات الترتيب الزمنى، وكذلك الأمر بالنسبة لروايات التواتر الزمنى، وبالطبع لا يمكن لرسالة أكاديمية أن تجمع وتغطى كل ما يمكن ان تطرحه مقدمات المؤلف، لكن الأسئلة تبقى قائمة.

فى كل فصل هناك هوامش خاصة به، وفى آخر الكتاب هناك تجميع للمراجع التى تمت الاستفادة منها بشكل مباشر، وهى مراجع عربية على الأغلب، ومراجع انجليزية قليلة.

لا يمكن اعتبار الكتاب من كتب النقد الأدبى الضيقة رغم الجانب التحليلى الذى سيطر عليه، والسبب اختفاء المذهب أو الاتجاه النقدى، فمن الصعوبة بمكان القول بان الكتاب يتوخى الاتجاه البنائى أو النفسى أو اللغوى، لأنه اتجاه مفتوح، يصعد ويهبط، جامعا لمعارف كثيرة اغلبها له علاقة بعلمى النفس والاجتماع، وفى ذلك بعض الايجابية.

ومما يضاف الى ايجابيات الكتاب الأسلوب الواضح والمعبر الذى توخاه المؤلف، وبذلك وصلت المعلومات التى طرحها الى القارىء، رغم صعوبة تناول هذه الموضوعات وصعوبة التعبير عنها.

ليست هناك تعليقات: